سواءٌ أكان بسبب معاملته اللطيفة والثابتة تجاه ليتيسيا، أم لحرصه الشديد على ألا يجعلها تنتظره طويلًا رغم انشغالاته الكثيرة.
عند الثالثة بعد الظهر، وهو وقتٌ مناسبٌ تمامًا لشرب الشاي، أرسل إيمريك أحد خدّامه ليطلب مِن ليتيسيا أنْ تأتي إلى غرفة الاستقبال.
كانت ليتيسيا تقرأ كتاب تعليم الرقص، ظنًّا منها أنَّ تثبيت النظريّات في ذهنها قد يساعدها لاحقًا، وما إن تلقّت الدعوة حتى أسرعت في تجهيز نفسها ونزلت إلى غرفة الاستقبال، تحمل في يدها بطاقةٍ تهنئة بالعام الجديد.
“سينيور!”
“أهلاً بكِ.”
“عامٌ سعيد! أردتُ أن أُقدّم لكَ هذه البطاقة صباحًا، لكنّك لم تكُن موجودًا.”
أخذ إيمريك البطاقة وهو يبتسم باعتذار.
“آه، يبدو أنّكِ جئتِ عندما ذهبتُ إلى إنتيرا لأجل تنظيف المنطقة احتفالًا بالعام الجديد. شكرًا على البطاقة.”
“إنتيرا؟”
“إنّها منطقةٌ جبليّة فيها مستنقعات ضخمة ووحوشٌ شيطانيّة.”
اتّسعت عينا ليتيسيا بعد سماع ذلك.
يا إلهي، لقد ذهب لمواجهة الوحوش الشيطانيّة في أوّل يومٍ من العام الجديد.
‘هل يكون هذا هو الإخلاص اللازم ليصبح الإنسان حاكمًا لمنطقةٍ ما؟’
“سينيور، بدأتُ أشعر بإعجابٍ شديدٍ بك. أنت دائمًا ما تتّهمني بإدمان العمل، لكن يبدو أنّك أسوأ منّي.”
“هاهاها، لا تبالغي. كفى مدحًا، تعالي إلى هنا.”
وعندها لاحظت ليتيسيا وجود بعض الغرباء في غرفة الاستقبال، إلى جانب العاملين في بيت الدوق.
أحسّت ببعض الحرج، فهي قد تحدّثت مع دوق غارسيا، إيمريك، بشكلٍ مفرط في الألفة أمام أناسٍ غرباء.
“لقد وصلت الأزياء الرسميّة التي سنرتديها غدًا في حفلة رأس السنة.”
“آه…”
ومرّةً أخرى، كان إيمريك يهتمّ بأمورٍ لم تنتبه لها ليتيسيا.
“شكرًا جزيلًا، لم يخطر ببالي أبدًا.”
“بما أنّني أنا مَن قدّم الطلب، فمِن واجبي أن أتحمّل المسؤوليّة.”
ابتسم لها إيمريك وهو يجيب، ثم أشار بعينيه نحو أصحاب متاجر الأزياء الذين كانوا مطأطئي الرؤوس حتى تلك اللحظة.
عندها فقط رفعوا رؤوسهم وتحدّثوا.
“نشكر سموّ دوق غارسيا الموقّر والآنسة لوبيز على استقبالنا. أنا داليا، صاحبة متجر آتييه، ويشرّفني أن أكون مسؤولةً عن تصميم أزياء سموّكما لحفلة رأس السنة.”
عندما تراجعَت داليا وموظفوها جانبًا، ظهرت الأزياء على تماثيل العرض.
كان زيّ إيمريك أبيض ناصعًا كالثلج، بما يتوافق مع ذوقه الثابت، أمّا فستان ليتيسيا فكان ذهبيًّا قريبًا من لون عينيها.
نُقش زيّ إيمريك بخيوطٍ ذهبيّة، أمّا تطريز الفستان فقد تمّ بخيوطٍ فضيّة، مما جعلهما يبدوان كزيٍّ مزدوجٍ واضح المعالم.
“…إنّه جميلٌ فعلًا!”
اقتربت ليتيسيا من التمثال ولمست أطراف الفستان. كان الملمس ناعمًا وسلسًا إلى درجةٍ جعلتها تتخيّل شعور ارتدائه بشوق.
كما أنّ الفستان أظهر لمعانًا غامضًا وجميلًا حسب زاوية النظر، بفضل نثر مسحوق الأوبال من الدرجة الممتازة على القماش، وتزيين الخطوط البارزة بزهورٍ صغيرة من الألماس المنحوت.
“هل تودّين تجربته؟”
خرج إيمريك أوّلًا من غرفة تبديل الملابس وقد ارتدى زيّه.
خلافًا لملابسه اليوميّة التي كانت تحوي عادةً درجات الأحمر، فقد أضاف هذا الزيّ لمسةً من الذهبي الفاتح والدافئ، مما أضفى عليه مظهرًا أكثر رقةً ودفئًا.
قالت ليتيسيا بلهجةٍ شبه معترضة، وقد بدا عليها بعض التجهّم الخفيف.
أجابها إيمريك بابتسامةٍ مشرقة.
“جيرارد يفتقر إلى الحسّ الجمالي قليلًا. ثمّ إنّ شريكتي ليست هو، بل أنتِ، طالما أعجبكِ الزيّ فهذا يكفيني.”
دخلت ليتيسيا إلى غرفة تبديل الملابس لتجربة الفستان، ترافقها موظفة من المشغل وماريانا للمساعدة.
كان الفستان مناسبًا تمامًا لمقاسها دون الحاجة إلى تعديل، وذلك بفضل دقّة ماريانا وميل في قياس المقاسات.
“سأضع بعض المكياج البسيط حتى تتخيّلي كيف سيكون شكلكِ غدًا.”
وضعت موظفة المشغل ظلًّا ذهبيًّا حول عينيها، ودهنت شفتيها بلونٍ مرجاني، في حين صفّفت ماريانا شعرها على شكل نصف رفعة مستخدمةً دبّوسًا ذهبيًّا جلبته موظفة المشغل.
“آنستي، أذكر أنّ هناك زينة شعر في أحد أدراج منضدتكِ تناسب هذا الفستان تمامًا. إذا ارتديتها غدًا، ستكونين في غاية الجمال.”
“لكنّكِ الآن أيضًا رائعة.”
خرجت ليتيسيا أخيرًا من خلف الستار، فنهض إيمريك من مقعده مباشرة.
“أنا لم أرتدِ مثل هذا الفستان المترف من قبل… هل أبدو غريبة؟”
بالرغم من وجود بعض الفساتين الذهبيّة في خزانة الملابس التي جهّزها إيمريك، لم تكن ترتديها بسبب بريقها اللافت الذي لم يكن يناسب الأيّام العاديّة.
اقترب منها إيمريك بهدوء، خطوتين… ثمّ أمسك بيدها ورفعها ليطبع قبلةً خفيفة على ظاهرها.
نظراته الواضحة لم تُخفِ مشاعره، بحيث كان من السهل على أيّ شخصٍ ملاحظتها.
“أنتِ جميلةٌ فعلًا.”
“هاه، شكرًا حتى وإن كان مجرّد مجاملة.”
“لكنّها ليست مجاملة. أن يكون لي شريكةٌ بهذا الجمال، دون أيّ شرط، يبدو وكأنّه حلم. لو كان هناك ملكُ شياطين، لقدّمتُه مهرًا لكِ.”
ضحكت ليتيسيا وموظفات المشغل على كلامه اللطيف والمبالغ فيه، إلّا أنّ جيرارد لم يضحك.
لأنّه يعرف أنّه لم يكن يمزح.
‘هل جميع كبار السحرة هكذا؟ يريد تقديم ملك شياطينٍ هديّةً لحبيباتهم؟ يا للجنون.’
على أيِّ حال، بات الزيّان الرسميّان للحفلة جاهزَين، ولم يبقَ سوى خوض المعركة الحقيقيّة.
***
بعدما تأكّدت من ملاءمة الفستان بالأمس، ظنّت ليتيسيا أنّ لديها متّسعًا من الوقت للاسترخاء بعد الغداء قبل حفلة المساء في الطابق الأوّل.
لكنّ ماريانا ومييل كان لهما رأيٌ آخر.
“آنستي، إلى الحمّام فورًا!”
ما إن هضمَت الغداء قليلًا، حتى دفعتاها إلى داخل الحمّام.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 43"