أطلقت ليتيسيا آهة إعجابٍ عندما وصلت إلى مكان اللقاء مع أعضاء الفريق.
حتى حفلات العشاء في منزل الدوق كانت مختلفةً بالفعل. فقد تم حجز هَذهِ الحانة، المزينة بذوقٍ رفيع، بالكامل هَذا المساء فقط مِن أجل تجمعٍ يضم خمسة عشر شخصًا.
“مرحبًا، كارينا. هَذهِ هي المرة الثانية، أليس كذلك؟”
“يبدو أنْ رفاق جيرارد هم الوحيدون الذين لَمْ يأتوا بعد.”
“على الأرجح لأنهم يدورون في الخارج.”
في داخل الحانة، كان دييغو، الذي تسلق الجبل مع ليتيسيا مِن قبل، قد وصل أولًا مع أعضاء فريقه.
“أوه، بيير. كيف حالك؟”
“بخير. لكن، ما الذي جرى تحت عينيكَ؟”
“آه، لقد عملتُ ليلتين إضافيتين هَذا الأسبوع. لا بأس، سأشربُ الليلة وأنام جيدًا غدًا.”
قسم البرج الأحمر والإدارة الداخلية. رغم اختلاف الأقسام، بدا أنهم يعرفون بعضهم جيدًا، وكانت الأجواء ودية.
“هل هَذهِ هي العضوة الجديدة؟ تشرفتُ بلقائكِ. أنا أوسكار.”
“مرحبًا، أنا ليتيسيا. أرجو أنْ أكون عند حُسن الظن.”
“بما أنكِ ضيفةُ الشرفٍ اليوم، فعليكِ أنْ تشربي بعض الكؤوس، لا بأس بذَلك؟”
“آه، في الواقع… لا أعرف قدرتي على الشرب.”
أجابت ليتيسيا بابتسامةٍ محرجة.
لأنها نشأت وهي ترى والدها المدمن على الكحول، ووالدتها التي وإنْ لَمْ تكن مدمنة، كانت تستمتع بالشرب، فقد أصبحت تكرهُ الكحول. باستثناء النبيذ الذي يُقدّم مع الطعام، لَمْ تكُن قد شربت الكحول مِن قبل.
‘كان عليَّ أنْ أتدرّب مسبقًا.’
“أوه، إذًا عليكِ أنْ تكوني حذرةً قليلًا.”
قال أوسكار ذَلك ثم نظر خفيةً إلى دييغو وأضاف:
“ذَلك الرجل طيبٌ جدًا، لكنهُ يحب الشرب كثيرًا… لكن لا تقلقي، لَن يُجبركِ أحد، فقط أشربي بقدر ما تستطعين.”
“نعم، فهمت.”
وهَكذا، علمت بحقيقةٍ جديدة.
في قصر الماركيز دوبون، كانت ليتيسيا في موقع سيدة القصر، لذا رغم لقائها المُتكرر بالإداريين، لَمْ تتح لها فرصةُ الاستماع إلى الأحاديث الشخصية.
أما الآن، فكانت تستمتعُ بلقاء أشخاصٍ مختلفين، والتحدث معهم، والتعرّف عليهم تدريجيًا.
في هَذهِ الأثناء، كان هُناك شخصٌ أضاءت عيناه وهو يرى ليتيسيا تعترفُ بأنها لا تعرف قدرتها على الشرب.
‘أنا مِن النوع الذي يُجيد الشرب نوعًا ما.’
نظر رانديل إليّها بعينين مُتقدتين.
‘اليوم سأجعلُ الليلة مليئةً بالحماس.’
منذُ اليوم الأول لعملها، شعرت ليتيسيا بشيءٍ مِن النفور تجاه رانديل، فحاولت أنْ تُبقي مسافةً بينهما وتتصرف بحذرٍ كي لا تمنحهُ سببًا للانتقاد، ولكن للأسف، لَمْ تنجح جهودها.
لأن رانديل كان يزداد كرهًا لها مع مرور الوقت.
‘هي دخلت مُباشرةً، وتم إرشادها بكُل راحة، وتعلمت عملها بسرعة.’
بينما هو لَمْ يكُن له مَن يُرشده كزميلٍ أكبر، واضطر أنْ يشق طريقهُ بصعوبةٍ مِن خلال التجارب والأخطاء.
حتى رودريان، الذي عادةً ما يكون باردًا تجاهه، كان يلتصق بليتيسيا ويدّعي أنه يُرشدها بينما يتحدثُ معها كثيرًا، وكان هَذا يثيرُ استياءه.
‘حتى السيدة ميتيلونا، بعد أنْ كبرت في السن، يبدو أنها فقدت حُسن النظر في الناس.’
رؤية ليتيسيا وقد نالت الاعتراف بسرعةٍ مِن كارينا وبيلوس وغيرهم مِن أعضاء الفريق، وكذَلك مِن الساحرين التابعين لقسم الإدارة، بل وحتى لفتت أنظار شخصياتٍ بارزة مثل دوسيانا العتيقة، وميتيلونا نائبة رئيس البرج، كانت تثير حنقه.
‘كل هَذا يُمكنني التغاضي عنه. لكن ما لا يُحتمل حقًا هو……’
علاقتُها الغامضة مع إيمريك.
‘ما الذي فعلته أمام السيد إيمريك لتبدو كالثعلبة الماكرة؟!’
ذاك الرجل الذي يتمتع بالجمال، واللطف، والمهارة السحرية الفائقة، فضلًا عن نقاء النسب كونه الوريث الشرعي لعائلة الدوق غارسيا… كيف يُمكنه أنْ يقع في حُب تلكَ المرأة التافهة؟
كان رانديل قد أجرى تحقيقًا بسيطًا، فعلم أنْ ليتيسيا تنتمي إلى عائلة بارون متواضعةٍ تُدعى لوبيز، وأنها أصبحت سيدة قصر الماركيز دوبون بالحظ، ثم طُردت منه بعد ارتكابها فعلةً شنيعة.
‘لكن إنْ كانت لا تعرفُ قدرها وتطمح لأن تُصبح دوقة غارسيا…….’
فسيكون ذَلك كارثةً على إيمريك، بل وعلى الغرب بأسره.
“مرحبًا، أنا ليتيسيا لوبيز. سبق أنْ التقيتُ ببعضكم مِن قبل بمحض الصدفة، وهناك مَن ألتقيه لأول مرةٍ اليوم. سررتُ بلقائكم جميعًا، وأرجو أنْ أكون عند حُسن ظنكم. سأبذل قصارى جهدي!”
لَمْ تكُن معتادةً على هَذا النوع مِن اللقاءات، لذا بدا وكأنَّ نبرة صوتها ارتجفت قليلًا في نهايتها، لكنها كانت تحيةً مقبولة على ما يبدو.
تصفيق، تصفيق، تصفيق!
شعرت بالامتنان للوردريان وبيير اللذَين صفّقا بحرارة، كما شكرت في قلبها مِن انحنوا لها بإيماءة ترحيب.
“سمعتُ أنها قد نالت بالفعل تقييمًا جيدًا في البرج الأحمر. أليس كذَلك، رئيسة الفريق كارينا؟”
“صحيح. إنجازاتها سريعةٌ ودقيقة، وتتمتعُ ببديهةٍ عالية، لذا نتوقّع منها الكثير مستقبلًا.”
نظراً لاتساع الطاولة، اكتفى الجميع بملامسة الكؤوس بخفة مع الجالسين إلى جانبهم.
لامست ليتيسيا كأسها مع كارينا ولوردريان، وبدأت بما أنه البداية بنوعٍ خفيف، فارتشفت رشفةً مِن نبيذٍ مختلف. كان الطعم الحلو مع المرارة الخفيفة غير سيئ.
“خذي كأسًا، ليتيسيا. لقد بذلتِ جهدًا في التكيّف بسرعة.”
“آه، شكرًا لكَ، سيد راندل.”
“ليتيسيا، كأسي أنا أيضًا!”
وبينما كانت تتلقى كأسًا بعد الآخر مِن زملاء الفريق، تولّى دييغو زمام المبادرة بعد أنْ أنهى جيرارد كلمته الافتتاحية المُعتادة بسلاسة.
“هيا، إنْ كنّا سنشربُ فقط، فما الفرق بين هَذا وبين الشرب وحيدًا؟”
قال دييغو وهو يفرك يديه، فانقسم الحضور بين مَن هزوا رؤوسهم رفضًا، ومَن لمعت أعينهم ترقبًا.
طَق!
رمى دييغو صندوقًا باتجاه جيرارد وكارينا، كان يحوي أوراق لعب.
“سحب الجوكر. الجميع يعرف القواعد، صحيح؟”
“نعم!”
“ومَن لا يعرف، فليرفع يده بلا خجل! نشرحُ له بكل لطف!”
تتضمن أوراق اللعب الـ٥٤ ورقتي جوكر يرتديان زي المهرّج. في أغلب الألعاب تُستخدم هَذهِ الورقة لقلب الموازين، لكن في لعبة “سحب الجوكر” الأمر مختلف. مَن يحتفظ بورقة الجوكر حتى النهاية هو الخاسر.
“نبدأ كل فريقٍ على حدة، ثم يتواجه الخاسرون لاختيار ‘الخاسر الأعظم’! وسأقدّم له كأسًا خاصًا مِن الكحول صنعتُه بنفسي!”
رفع دييغو كأسًا خاصًا بدا أنه ثلاث مرات أكبر مِن الكأس العادي.
‘أوه، إذا شربتُ كأسًا كهَذا، فسأتهاوى فورًا.’
ارتعشَت كتفا ليتيسيا قليلًا وهي تُحدّق في الأوراق الموزّعة بعناية عدا واحدةٍ مِن أوراق الجوكر. مَن يملك ورقتين أو أكثر بنفس الرقم يُمكنه التخلص منها.
“هَذهِ وتلكَ، يُمكنني التخلص منهما.”
بينما تخلّص الآخرون مِن ٤ إلى ٦ أوراق على الأقل، كانت ليتيسيا تملك ورقتين فقط يمكنها التخلص منهما. يبدو أنْ الحظ لَمْ يكُن حليفها في الجولة الأولى.
‘لكن على الأقل لَمْ أحصل على الجوكر.’
“لنبدأ مِن لوردريان، وندور باتجاه عقارب الساعة.”
نظرت ليتيسيا إلى الأوراق التي في يد لوردريان.
“هل أملك الجوكر، أم لاااا؟”
“هممم…”
“إذا اخترتِ هَذهِ البطاقة، قد تندمين لاحقًا؟”
لَمْ تكُن طبيعة لوردريان الثرثارة مفيدةً في هَذهِ الحالة.
وبما أنْ هَذهِ اللعبة تتطلب الحظ والحدس معًا، حدّقت ليتيسيا في وجه لوردريان المتبسّم ثم اختارت بطاقة.
آه، تبًا.
لقد كانت الجوكر.
حاولت ليتيسيا الحفاظ على ملامحها، لكن زملاء الفريق المتمرّسين في هَذهِ اللعبة أدركوا ما حدث على الفور.
ظهرت على وجه كارينا، التي كان عليها أنْ تختار واحدة مِن أوراق ليتيسيا، ملامحُ التردد.
فهي لَمْ تكُن قويةً في الشرب، ولَمْ ترغب في أنْ تكون الخاسرة.
“هَذهِ.”
وعندما تأكدت مِن البطاقة التي سحبتها، تنفّست الصعداء بصمت، ثم قدّمت بطاقاتها إلى بيير.
“اختر جيدًا.”
وبما أنْ كارينا لا تملك الجوكر، لَمْ يكُن يهمّ كثيرًا ما ستسحب، لكنها قالت كلمات ذات مغزى.
آه، إذن مثل هَذهِ المهارات مطلوبة في هَذهِ اللعبة.
راقبت ليتيسيا زملاءها وهم يتناقلون الأوراق، وبدأت تدرك بعضًا مِن خبايا اللعبة، لكنها كانت قد تأخرت قليلًا في التخلّص مِن بطاقة الجوكر.
فكارينا، التي أيقنت أنْ ليتيسيا تملك الجوكر، كانت تختار أوراقها بتركيزٍ شديد.
“لقد أنهيتُ، أنا أول مَن ينتهي!”
أخيرًا، تخلّص راندل مِن كل أوراقهِ، وبقيت ليتيسيا حتى النهاية، فكانت خاسرة فريق الإدارة في البرج الأحمر. ويبدو أنْ خاسر فريق الإدارة الداخلية قد تم تحديده سريعًا كذلك.
ضحكت امرأةٌ ذاتُ شعرٍ رمادي باستياء وهي تنظر إلى ليتيسيا.
“نعم، هَذهِ أول مرةٍ أشارك في ألعابٍ كهَذهِ تتعلق بالشرب…”
وعلى عكس فرق الإدارة في البرج الأحمر والداخلي، حيث تحدّدت النتيجة بسرعة، كانت لعبة فريق الشؤون الخارجية لا تزال مشتعلةً. فبحكم طبيعة عملهم، كان كلٌ منهم يرتدي قناعًا أو اثنين على الأقل، لذا كانت المنافسة حامية.
“سيد جيرارد، ألا تندم على اختياركَ لهَذهِ الورقة؟”
وكانت نتيجة المواجهة النفسية بين جيرارد وغانيل هي فوز الأخيرة.
“كما هو متوقع مِن قائد فريق الشؤون الخارجية، تتحمّل المسؤولية بنفسكَ، أليس كذلك؟”
“اصمت، دييغو.”
بدا جيرارد منزعجًا قليلًا بصفتهِ الخاسر في فريقه والمضطر للمشاركة في الجولة الثانية، لكن مِن سيتوجب عليهما اللعب ضده، أيِّ ليتيسيا وإيميلي، كانتا في حالٍ أكثر توترًا.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 34"