1
في السنة الخامسة من حكم الإمبراطورة أناستازيا، ساد القصر الماسي حيث تقيم هدوءٌ غير مألوف.
الخادمات اللاتي كان من المفترض أن يكنّ منشغلات، والطهاة الذين كان عليهم تحضير الطعام…
الجميع غادروا، تاركين القصر خاليًا. بقيت أناستازيا وحدها في القصر تحدّق في المرآة.
تحت التاج الفاخر، تتدفق خصلات شعرها الذهبية اللامعة بغزارة. عيناها الخضراوان اللتان كانتا يومًا مشرقتين كعيني فتاة، بدتا الآن واضحتي التعب.
الحياة في القصر التي ظنّتها ستكون رائعة، لم تمنحها سوى إرهاق لا حدّ له. رفعت يدها لتمسح وجهها المتعب، عندما فجأة…
*طق طق*
“هل ما زال أحد هنا؟”
فتحت فمها متسائلة. بعد لحظات، دخل من الباب وجهٌ تعرفه جيدًا.
“بريانا!”
نهضت أناستازيا بفرح لتحيتها. بريانا، ابنة عمها، كانت الشخص الوحيد في هذا القصر الوحيد الذي يمكنها أن تفتح قلبها له.
“هل ردّ العم بالرسالة؟”
أظهرت بريانا تعبيرًا محرجًا بعض الشيء بينما نشرت ورقة بيضاء.
[نعم. قال إنه سيساعد جلالة الإمبراطورة في المحكمة.]
أخيرًا، شعرت أناستازيا بأنّ صدرها قد انفرج بعد أن كان مغلقًا.
“هاه… حسنًا، هذا يكفي.”
انهارت على الكرسي.
كانت تحب الإمبراطور.
رغم أن كاسيوس لم يكن يمتلك مؤهلات الحاكم العادل، إلا أنها أرادت أن تكون بجانبه لمساعدته ليصبح حاكمًا جيدًا. لكنّ يبدو أن النصيحة الصادقة أصبحت سمًّا. مع مرور الوقت، ابتعد عنها أكثر فأكثر. تضاءل الحب الذي كان بينهما، ولم يبقَ سوى زواجٍ بالاسم فقط. ظنّت أن الصداقة التي جمعتهما ستبقى حتى لو تلاشى الحب، لكنها أصبحت مجرد عائقٍ بالنسبة له.
صنع أدلةً زائفةً واتهمها بالخيانة. بسبب ذلك، وجدت أناستازيا نفسها الآن على حافة الهاوية. لو دفعها أحدٌ قليلًا، لسقطت في الهاوية.
“لكن إذا ساعدني العم…”
ربما سيكون لديها فرصة في هذه اللعبة. هكذا فكّرت أناستازيا.
* * *
اقتحم فرسانٌ مسلحون الغرفة، وأحاطوا بالطاولة التي تجلس عليها أناستازيا. تقدّم قائد الفرسان نحوها وانحنى.
“أمرنا جلالة الإمبراطور بإحضار جلالتكم إلى قاعة المحكمة فورًا.”
قطبت أناستازيا حاجبيها. بمجرد أن انتهى قائد الفرسان أوستن من كلامه، حاول فارسان الإمساك بذراعيها، لكنها صفعتهما بقوة.
“كيف تجرؤون على لمس جسدي؟ ألا تخجلون؟!”
ثم نظرت إلى أوستن.
“إذا كانت هناك أوامر إمبراطورية كما تقول، فسأتبعها. لكن هل هناك أمرٌ يسمح بلمسي؟”
“… لا.”
“إذن سأمشي بنفسي.”
تحركت أناستازيا بخطواتها الخاصة. تراجع أوستن جانبًا ليفسح لها الطريق، لكن فجأة…
“…!”
حاولت بريانا أن تقف في طريقها، ثم ركعت على ركبتيها. بريانا، التي ولدت صامتة، لم تستطع سوى هز رأسها يائسة.
“ابتعدي!”
أخرج أوستن سيفه ووجهه نحو عنقها.
“أوستن، اخفض سيفك.”
سارعت أناستازيا لحماية بريانا، وأمسكت بكتفيها لترفعها.
“بري، لا تقلقي. لن يحدث شيء. لا أعرف ما قد يحصل لك، لذا ارجعي إلى قصر الكونت بسرعة. فهمتِ؟”
رغم كلام أناستازيا، استمرت بريانا في هز رأسها بينما تنهمر دموعها.
* * *
“كاسيوس…”
كان كاسيوس ينظر إليها بابتسامةٍ متعالية.
“هل أنتِ الإمبراطورة أناستازيا نفسها؟”
“أنا أناستازيا أديلايد، نعم.”
“ليست التهم الموجهة إلى جلالتكم واحدة أو اثنتين، لذا فالمحكمة تُعقد على عجل.”
قلب القاضي الأوراق بينما يستمر.
“في وقتٍ يعاني فيه الاقتصاد الإمبراطوري من عدم الاستقرار، كان على الإمبراطورة أن تكون قدوةً في الزهد، لكنها عاشت حياة البذخ والإهمال، مما أثار سخط الكثيرين.
كما أنها لم تؤدّ واجبها كابنةٍ تجاه الإمبرطة الأم التي ما زالت على قيد الحياة، بل ارتكبت الفجور بإدخال رجالٍ إلى قصرها يوميًا لترتكب الفحشاء.”
استمر القاضي في سرد التهم، ثم رفع رأسه لينظر إليها.
“هل تعترفين بجرائمك؟”
“لا، لا أعترف بأي منها.”
أجابت أناستازيا بحزم.
لم تكن أي من هذه الاتهامات صحيحة. فكيف لها أن تدخل رجالًا إلى قصرها؟ إنها حكايةٌ سخيفة.
“بينما يدخل النساء إلى غرفة الإمبراطور كل يوم، الرجل الوحيد المسموح له بدخول قصر الإمبراطورة هو زوجها! أي نوع من الافتراء هذا؟”
أرادت أن تقول ذلك، لكنها كتمت غضبها. كانت في موقفٍ خطير للغاية، ولا يجب أن تتفوه بأي كلمةٍ قد تُستخدم ضدها.
“إذن سنستدعي الشهود.”
لكن تعابير وجهها تغيرت تمامًا عند سماع كلمة “شهود”. كيف يوجد شهود في هذه المحكمة المزيفة؟
* * *
“يا لكِ من امرأةٍ تستحقين الموت!”
طار حجرٌ كبيرٌ ليصيب رأسها. تبعته إهاناتٌ لا تحصى.
“كنا حمقى لنصدق أنكِ منقذتنا!”
“كيف يمكن لأمرأةٍ فاجرةٍ مثلها…؟!”
لم يظهر العم الذي وعد بمساعدتها في المحكمة. كل من صعد إلى منصة الشهود كانوا مستعدين لاتهامها. بعض الوجوه مألوفة، وبعضها غريب، لكن لا أحد في المحكمة كان مستعدًا لسماع كلمتها. أمام هذه المسرحية المعدة مسبقًا، لم يكن بوسع أناستازيا فعل أي شيء.
وهكذا، حان يوم إعدامها.
رغم منظر المقصلة اللامع المرعب، لم يخرج منها سوى ضحكةٍ مريرة.
حتى عائلتها التي أحبتها قد تركتها منذ زمن. بعد أن قُتل والدها وأمها، ودُمّرت عائلتها بأكملها، أمر كاسيوس بإعدام أخيها.
“كيف تجرؤ على قتل ابني… ابني!”
يبدو أنها كانت أمًا فقدت طفلها. ربما كانت هذه واحدة من الجرائم الكثيرة التي نُسبت زورًا إلى أناستازيا.
لإرسال أناستازيا إلى حتفها، قتل كاسيوس الكثيرين وألصق بهم التهم.
بعد أن صرخت باسم ابنها لفترة، انفجرت في البكاء. أصبح دموعها الغاضبة شرارةً زادت من غضب الحشود.
رغم أن الفرسان كانوا يقفون حول أناستازيا، لم يحاول أي منهم إيقاف الحشود.
فجأة، صرخ أحدهم:
“انظروا، إنه جلالة الإمبراطور!”
تحوّلت كل الأنظار من أناستازيا إليه.
“جلالة الإمبراطور!”
ركع جميع الفرسان حول أناستازيا تحيةً للإمبراطور. بدأ الحشد بالركوع واحدًا تلو الآخر.
جميعهم… باستثناء أناستازيا.
ظلت واقفةً بشموخ حتى وقف الإمبراطور أمامها على منصة المقصلة.
“سأمنحكِ فرصةً أخيرة لتعترفي بجرائمك.”
عندما تحدث كاسيوس بصوتٍ متسامح، لم يتمالك الحشد تأوهات الإعجاب.
“أن يمنح مثل هذه الرحمة لمجرمةٍ شريرة…”
بدا أن الجميع تأثروا بتصرفه، وانتظروا رد أناستازيا، متوقعين لحظةً ساحرةً تعترف فيها المجرمة بذنبها أمام إمبراطورها الرحيم.
لكن…
“أوه، هل فقدت عقلك؟”
بصقت أناستازيا في وجه كاسيوس.
“ذنبي الوحيد هو ترك وحشٍ مثلك يعيش على هذه الأرض.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"