“من علّمكِ إخراج القوة السحرية؟” 

لم تستطع لوسيليا إخفاء حماسها، فتحدثت بصوت مرتفع مفعم بالنشاط: 

“لم يعلمني أحد. بصراحة، نجاحي الآن كان بالكاد ليحدث! لقد تمنيتُ ذلك بشدة! تمنيتُ أن أُختار من فرقة النخبة! بذلتُ كل قوتي، حتى شعرتُ أن رأسي سينفجر!” 

مدّت لوسيليا ذراعيها عاليًا فوق رأسها، رسمت دائرة كبيرة لتعبر عن مدى صعوبة ذلك. 

“على أي حال، يبدو أن رغبتي الشديدة قد نجحت!” 

هيهيهي، ضحكت لوسيليا وهي تتعرق بغزارة، مبتسمة بسعادة. 

لكن بعد أن انتهت من كلامها، ظل إلڤادين وريات صامتين. 

شعرت لوسيليا بالقلق فجأة. 

‘ما هذا الجو؟’ 

هل يعقل أنهما يعيدان التفكير ويريدان التراجع عن اختيارها؟ 

‘لا… إنه رب عائلة الدوق الأكبر، لن يكون متقلبًا لهذه الدرجة، أليس كذلك؟’ 

لكن كلما طال صمت الرجلين، ازداد قلق لوسيليا. 

‘في النهاية، ماذا أعرف عنه؟ ربما يكون أكثر تقلبًا من أي شخص آخر.’ 

لقد قال إن قوتي السحرية تافهة من قبل. 

‘ماذا لو تراجع فعلًا؟ ماذا لو لم يأخذني؟!’ 

أسرعت لوسيليا لإضافة المزيد من الكلام: 

“أنا، أنا جيدة جدًا في تحريك هذه القوة، أقصد القوة السحرية، داخل جسدي! إخراجها إلى الخارج صعب قليلًا، لكن إذا علّمتموني، سأتقنها بسرعة!” 

الحرارة الخفيفة التي تنتشر حول القلب، حركة تلك الحرارة عبر الأوعية الدموية، وإرسال الكمية المطلوبة بدقة إلى المكان المطلوب. 

شرحت لوسيليا بالتفصيل كيف تستطيع تحريك القوة السحرية داخل جسدها. 

لكنهما ظلا صامتين. 

‘هل هذا لا يكفي؟’ 

إذن… 

“في الحقيقة، أنا أيضًا جيدة جدًا في غسل الملابس! كنتُ أغسل ملابس والدي البديل بنفسي! حتى لو تجمد النهر، لا يهم! أنا جيدة في كسر الجليد! أوه، ولا أتناول الكثير من الطعام! وجبة واحدة كل يومين تكفيني! و… صحيح، أستطيع النوم في أي مكان طالما هناك مأوى من المطر والريح! أنا جيدة أيضًا في تنظيف روث الخيل، والتنظيف بشكل عام! أستطيع التكيف في أي مكان تتركونني فيه، لذا…” 

نظرت لوسيليا إلى إلڤادين بحذر وتابعت: 

“…خذوني إلى قصر الدوق الأكبر، من فضلكم. سأفعل كل شيء لضمان ألا تندموا على اختياري.” 

أليس كذلك…؟ نظرت لوسيليا إلى إلڤادين بعينين مليئتين بالتوسل. 

“……”

“……”

عندما التقت عيناها بعيني إلڤادين، تجعّد حاجباه بشكل طفيف للغاية. 

كانت تلك التغييرات في تعبيره دقيقة لدرجة أن ريات وحده لاحظها. 

أبعد ريات نظره عن إلڤادين ونظر إلى لوسيليا. 

‘ما هذه الطفلة… ماذا تفعل؟’ 

القوة السحرية هي قدرة فطرية، لكن ليس كل من يولد بها يصبح ساحرًا.

فالوصول إلى مستويات مختلفة يعتمد على الطباع الفطرية، والمثابرة، والصبر، والجهد. 

‘الأهم من ذلك هو الشعور بالقدرة الكامنة داخل الجسد أولًا.’ 

لكن لوسيليا، التي أمامه، كانت قريبة من الكمال. 

أدركت بمفردها أن قدرتها هي القوة السحرية، واستطاعت إخراجها واستخدامها. 

‘لا يبدو أنها تدرك مدى روعة هذا الأمر…’ 

هي لا تعرف كيف تستخدم قوتها السحرية بعد، لكن مع تعليم وتدريب عائلة الدوق الأكبر… 

‘عندما تبلغ سن الرشد، لن يكون هناك ساحر يضاهيها.’ 

عند هذه الفكرة، شعر ريات بقشعريرة في ظهره. 

الطفلة التي كانت مشبوهة ومثيرة للريبة منذ لحظات بدت الآن كعامل قد يغير قواعد العالم في لحظة. 

‘حتى عندما رأيتُ الأمير الصغير لأول مرة، لم أشعر بهذا.’ 

صحيح أن الأمير الصغير الذي يستخدم الهالة لا يُقارن بـ لوسيليا التي تمتلك القوة السحرية. 

فجأة، استقرت نظرة ريات على معصم لوسيليا النحيل داخل كمها القصير. 

‘…ما هذا.’ 

مع تلاشي الحذر، بدأ يرى الأشياء بوضوح. 

سبب اضطرار الطفلة لمغادرة قرية ميل والتسلل إلى عربة الدوق الأكبر، كلامها عن الاختباء لأجل البقاء على قيد الحياة. 

يدان ومعصمان كأنهما عظامٌ فقط، وآثار جروح وكدمات تمتد من أطراف الأصابع إلى المعصم. 

على الرغم من أنها خفت مع الزمن، إلا أنها لم تكن جروحًا ناتجة عن السقوط أو الاصطدام. 

‘إذا كانت الأماكن المرئية بهذا الحال، فكيف بالأماكن غير المرئية؟’ 

وكيف جُوّعت لتصبح مجرد جلد وعظم؟ 

قرر ريات أن عليه التحقق من بيئة لوسيليا بدقة أكبر. 

كح، كح، سعل ريات ليصفي صوته وسأل لوسيليا: 

“أنتِ من قرية ميل؟ مع هذه القدرة، لماذا لم تظهري في الميدان؟ لو ظهرتِ، كنتِ ستخضعين لاختبار فرقة النخبة أمام الجميع.” 

كان شكًا منطقيًا.

لم يكن هناك سبب لعدم الظهور في الميدان ما لم يكن هناك هدف آخر. 

أجابت لوسيليا وهي تخفض زاوية عينيها بحزن: 

“إذا تحققتم، سترون أن اسمي ليس مدرجًا حتى في القائمة. لم يكن معترفًا بي كجزء من القرية.” 

“….…”

روت لوسيليا قصتها بهدوء. 

كيف عاشت مع جدتها في كوخ في الجبل شمال القرية، وليس داخل ميل، وكيف كان أهل القرية يسمون جدتها ساحرة. 

ثم، 

“قبل عام، توفيت جدتي، وقام أهل القرية بإجراء قرعة، فأصبح لي والد بديل.”

ارتعش حاجبا ريات. 

“مهلًا، تقولين إنهم اختاروا وصيًا بالقرعة؟” 

“نعم. لم يرغب أحد في تبنيّ. كانوا يقولون إنني طفلة مشؤومة ربتها ساحرة. لكنني بخير، أنا لستُ ضعيفة لأتأثر بمثل هذا الكلام!” 

“…….”

تجعّد جبين ريات. 

‘كيف تتحدث عن مثل هذه القصة وكأنها قصة شخص آخر؟’ 

كان من الواضح لأي شخص أنها عاشت
حياة تعيسة. 

كيف يمكن لطفلة عاشت تلك الحياة أن تكون بهذا الهدوء؟ 

كانت مختلفة بالتأكيد عن الأطفال الذين رآهم من قبل. 

تحدثت ببرود عن قصة مأساوية تثير الشفقة، حتى أمام نظرة إلڤادين الحادة. 

دون أن ترتعش خوفًا أو تذرف الدموع. 

‘هل كان هناك طفل يستطيع النظر إلى سمو الدوق الأكبر بهذا الثبات؟’ 

لا، لم يكن هناك.

ولن يكون هناك في المستقبل أيضًا.

عادة، لا يستطيع الأطفال حتى النظر إلى وجه إلڤادين، بل يشعرون بضيق التنفس أو يفقدون الوعي بسبب هالته. 

‘هل هي جريئة، أم أنها بلا أي تفكير؟’ 

لكن بالنظر إلى فهمها العميق للقوة السحرية، لا يمكن أن تكون غبية. 

‘حسنًا، العباقرة عادة ما يكونون غريبي الأطوار بطريقة ما.’ 

أبعد ريات نظره عن لوسيليا ونظر إلى إلڤادين وقال: 

“سيدي، هذا يعني أنه لا يوجد وصي سيوافق على ذهاب الطفلة إلى قصر الدوق الأكبر.” 

رد إلڤادين وهو ينظر إلى لوسيليا بهدوء: 

“بعبارة أخرى، لا حاجة حتى للحصول على إذن.” 

“هذا صحيح.” 

“ومع ذلك، لا ضرر من التأكد. أرسل إدموند إلى قرية ميل مجددًا.” 

كان إدموند قائد فرقة النخبة، معروفًا بخبرته في التعامل مع مثل هذه الأمور لتجنب أي نزاعات. 

“التأكد لن يضر. سيكون مزعجًا إذا ظهر أحدهم لاحقًا يطالب بالطفلة.” 

رد ريات على كلام إلڤادين: 

“حاضر، سيدي. سأتأكد من ألا تحدث أي مشكلة في اجراءات أخذ الطفلة.” 

أومأ إلڤادين برأسه قليلًا بدلًا من الرد. 

* * * 

“لا تقلقي، يا صغيرتي. تذكري دائمًا ما كنتُ أقوله، أنتِ طفلة ثمينة جدًا.” 

الأرض تحت قدميكِ سترشدكِ إلى الطريق الصحيح،

والريح التي تمر بكِ ستجعل خطواتكِ خفيفة،

والماء الجاري سيروي عطشكِ، والنيران الشرسة ستأخذ غضبكِ بعيدًا.

“أنتِ الطفلة الوحيدة القادرة على احتضان العالم.” 

لذا، لا تقلقي بشأن أي شيء، وعيشي كما تريدين. 

“….…”

فتحت لوسيليا عينيها ببطء بعد أن كانت نائمة بعمق. 

شعرت وكأن صوتًا عذبًا كان يتردد في أذنيها حتى تلك اللحظة، لكنه تبدد كالفقاعات عندما فتحت عينيها. 

‘كأنني سمعتُ شيئًا.’ 

لكن، مثل الصوت الذي تبدد، لم تتذكر ما قيل. 

‘كان يتحدث عن الماء والنار أو شيء من هذا القبيل…’ 

مهلًا؟ 

رمشت لوسيليا بعينيها وتوقفت عن التفكير عندما لاحظت سقفًا غريبًا.

‘أين أنا؟’