حين أنهكت ليتيا ضوضاءُ واقعها المرهق،
لم تُخفِ افتتانها بفكرة أن تُلقى في عالَم لعبتها المفضّلة.
[زوز: باختصار هي أنتقلت الى عالم اللعبة وبقت مندهشة.]
بل لعلّها كانت الأجدر بالمديح، لأنّها لم تختر روايةً تراجيديّة ولا لعبةً غارقةً في الدماء، بل لعبةً رومانسيّة تنبض بالسكينة والشفاء.
كانت البداية فاتنة حقًّا.
أن تقع في حبّ بطلك المفضَّل داخل عالَمٍ تعرفه عن ظهر قلب، كان ذلك الحلمَ رائع يتحقق!
لم يكن في اللعبة وحوشٌ ولا ظلالٌ ولا نهاياتٌ مأساويّة، بل فردوسٌ من الطمأنينة… إلى أن انبثقت تلك الرسالة اللعينة من النظام.
[ تهانينا! لقد بلغتِ 70% من مؤشّر التعلّق.
اختاري النهاية التي ترغبين بها:
1. النهاية المأساوية (Dead Ending).
2. النهاية السعيدة (Happy Ending).
مُلاحظة: في حال اختيار النهاية السعيدة، سيُعاد اللاعب إلى عالَمه الحقيقي مباشرةً بعد انتهاء اللعبة.]
صرخت ليتيا وهي تضرب جبينها بيدها في ذهول:
“ماذا؟ لعبة علاجٍ عاطفيّ… لكن يُحرَّم فيها الوقوع في الحبّ؟!
كأنْ يُمنَع الزبون من تناول الطعام في مطعمٍ فاخر!”
كانت القاعدة بسيطة في الظاهر: العب، استمتع، شاهد بطلك، ثمّ انعم بنهايةٍ سعيدة وعد إلى واقعك.
لكن لو أنّ الحياة تمضي بتلك البساطة…
لقد وقعت في الفخّ الأكبر.
وقلبُها المسكين أُسر تمامًا بـ “سيدريك إدْوين”.
كانت علاقتها به تمضي بانسجامٍ تام، بلا عقبةٍ تُذكر.
لكنّ وقوعها في حبّه كان الخطيئة الكبرى، الممنوعة من النظام نفسه.
“كيف أعود إلى عالمي وأترك سيدريك؟ بصراحة، من دون سيدريك لا معنى لعودتي أصلًا…”
حياتها الواقعيّة؟ رتيبة حدّ الألم.
خمسة أيّام عملٍ مكرورة، من التاسعة إلى السادسة، براتبٍ ضئيلٍ لا يكفي سوى لدفع فواتيرٍ وضَرائبَ تمتصّ روحها.
أيّ حياةٍ هذه تُسمّى عاديّة؟! ما لم تُخفَّف أيّام العمل إلى أربعة، فليس ثمّة سببٌ يجعلها تشتاق العودة.
كانت كلّ مدّخراتها مجموعةً من البضائع التذكاريّة (الغودز) التي اشترتها بدافع عشقها للعبة،
لكنّها الآن أمام “سيدريك” الحقيقي، فبِمَ تنفعها تلك الأشياء؟
“لو علم أصدقائي بما جرى، لقالوا: ابقي هناك إلى الأبد ولا تعودي أبداً.”
تنفّست بعمقٍ ثمّ همست بابتسامةٍ واهنة:
“حسنًا… لا بأس، كلّ ما عليّ هو أن أتجنّب النهاية السعيدة، أليس كذلك؟”
ثمّ ضغطت بإصرارٍ على زرّ النهاية.
“هل أنتِ جادّة، أيتها البشريّة؟”
“طبعًا، أيّها النظام العزيز.”
أجابت بثقةٍ وهي تمسح أنفها بظهر كفّها.
وبعد صمتٍ قصيرٍ انبثقت أمامها شاشةٌ ضخمة مضيئة.
“تمّ اختيار النهاية المأساويّة.
النهاية السعيدة مرفوضة.
لن أعود إلى العالم الحقيقيّ… ولو متُّ.”
التعليقات لهذا الفصل " 0"