الفصل الخامس
جناحان عريضان ولون أحمر، لكنه في النهاية مجرد سحلية.
بينما كانت سيسيليا تحدق إلى الأسفل بذهول، صرخت السحلية نحوها، أو بالأحرى أصدر صوتًا هزيلًا.
“أوه هو! أنا الآن في عامي الـ141 وأعتبر عضوًا محترمًا من عشيرة التنين الناري!”
للحظة شعرت سيسيليا بتوقف تفكيرها، فالتنانين لا تبلغ سن الرشد حتى تصل إلى الألف عام.
بمعنى آخر، عمر الـ141 يعادل تقريبًا ثلاث سنوات في عمر البشر.
“ميجينا … هل كانت تحت سيطرة تنين عمره ثلاث سنوات فقط؟”
السحلية، أو بالأحرى سيد السحر ميجينا، بدا وكأنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن أفكارها، وصاح بصوت عالٍ موجهًا كلامه إلى سيسيليا.
“ناكرة للجميل!، أنقذتك من موت محقق، وعلمتكِ، فهل جزائي أنكِ الآن تحاولين تدمير هذا البلد؟”
لم تستطع سيسيليا إلا أن تدافع عن نفسها.
“تدمير؟!، كل ما فعلته هو إلحاق بعض الأضرار بالشبكة الدفاعية…”
“أضرار؟ أضرااار؟”
بدأ جسد السحلية يرتعش وتحول إلى لون أرجواني.
“لم تكتفي بتدمير الشبكة الدفاعية بالكامل، واستنزفت كل طاقتي السحرية، بل وحاولتِ قتلي أيضًا، وتقولين إنها أضرار؟!”
“…؟”
للحظة شعرت سيسيليا بالذهول، كانت تسمع لغة البشر بوضوح، لكن ما كان يقوله التنين لم يكن منطقيًا بالنسبة لها.
“ماذا فعلتُ… بالضبط؟”
هذا لم يكن منطقيًا، فقد كانت تتعلم طوال الوقت في برج الحماية كيفية التحكم في طاقتها السحرية.
كانت تتفوق على باقي المتدربين بفارق كبير، لدرجة أن معلمها برانتو كان الوحيد القادر على مواكبتها، لكنها لم تشعر أبدًا أن هناك شيئًا غريبًا في ذلك.
برانتو كان قد أخبرها أنه شاهد حالات مثل حالتها مرات لا تحصى من قبل.
بل، حتى الأمور التي كان يمكن لزملائها المتدربين أن يتجاهلوها، لم يكن برانتو يغض النظر عنها أبدًا.
“لم أستخدم حتى ربع الطاقة السحرية التي أستخدمها أثناء التدريب!”
بدأت سيسيليا تشعر بظلم كبير، حتى لو كان التنين الذي يحكم المكان يبلغ ثلاث سنوات فقط، كيف لها أن تتخيل أن كل شيء سينهار بمجرد استخدام السحر البسيط؟.
“لقد انتهيت! كل شيء ضاع، مملكة ميجينا ستنهار!، هه، ههواااااا!”
غطى التنين وجهه بجناحيه وبدأ في البكاء بصوت عالٍ.
“آه، اممم…”
فتحت سيسيليا فمها بحذر.
“لم يكن لدي أي نية لقتلك، كما أنني لا أريد تدمير ميجينا.”
توقف بكاء التنين للحظة، وتحول لون جسده إلى أرجواني.
“كلامك هذا… سهلٌ عليك قوله…!”
“سأساعدك أيضًا في إصلاح شبكة الحماية.”
“هل تظنين أن الأمر كله متعلق بشبكة الحماية؟، نحن جميعًا على وشك الموت بسبَبِك، أنا وميجينا كذلك! آه، المسكين جيمس… كان يصنع لي كريمة البروليه كل يوم…”
“كريمة بروليه؟، تبدو لذيذة.”
تذوقت سيسيليا ريقها، الطعام في برج السحر كان دائمًا صحيًا للغاية، وسماع أسماء الأطعمة الدنيوية جعل لعابها يسيل.
“لم يعد لها وجود!، بسببك!”
“لماذا؟”
“لأن الإمبراطور رينيك سيهاجم ويقتل الجميع!”
ساد صمت ثقيل.
فتحت سيسيليا فمها ثم أغلقته مرة أخرى، متكررة، وفي لحظة شعرت وكأن صاعقة ضربتها وفهمت كل شيء.
من هو الذي يطاردها؟.
الإمبراطور رينيك.
لماذا كانت ميجينا تتعاون مع الإمبراطورية؟.
لأن الإمبراطور رينيك هددهم بالسيطرة على ميجينا إذا لم يسلموها.
“يا إلهي…”
تمتمت سيسيليا بصوت منخفض، ليرد عليها التنين بانفعال.
“أخيرًا تفهمين، نعم، بسببكِ أنت، سنموت جميعًا!”
“هل الأمر بهذا السوء؟”
كان سحرة ميجينا أقوياء، حتى لو هاجمت الإمبراطورية، لن تكون معركة من جانب واحد.
“يبدو أنكِ لا تفهمين شيئًا على الإطلاق.”
أطلق التنين تنهيدة عميقة وكأنه غير مصدق.
“ذلك الرجل… الإمبراطور رينيك، يستطيع قتلي.”
“…؟”
رمشت سيسيليا بعينيها.
أن يتمكن إنسان عادي من قتل تنين؟.
على الأقل، بقدر ما تعرفه سيسيليا، فإن الإمبراطور رينيك لم يكن سوى شهواني عادي بلا أي قوى خاصة.
كانت سلطته وحسب، ونسبه، هما ما يخوّلانه التحكم بمصير مواطني الإمبراطورية.
لو واجه تنينًا بجسده العاري، لتحول إلى رماد في لحظة.
“كنت أستهين به لمجرد أنه إنسان لا يجيد السحر… لكنه وضع سيفًا على رقبتي وهددني!”
“لكن السيف لا يقتلك، أليس كذلك؟”
فالتنين ليس كائنًا يسهل قتله.
حتى لو ألقت سيسيليا تعويذة تفوق قوة التنين، فإن ذلك قد يضعفه فقط ولكنه لن يقتله.
“يبدو أن هذا هو حاله الآن…”
أطلق التنين تنهيدة غضب.
“ماذا تعرفين أنتِ!، لم تختبري ذلك بنفسك، ذلك الإنسان قد أبرم عقدًا مع الشيطان!”
في تلك اللحظة، اجتاح سيسيليا شعور قوي لا يمكن وصفه.
أقرب إلى الغضب من الخوف.
وأقرب إلى الخوف من الغضب.
“كنت أعتقد أنني أصبحت قوية أخيرًا…”
ولكن أن يكون كل ذلك بلا جدوى؟.
لم يكن بإمكانها التنبؤ بحدوث أمر كهذا.
لطالما كانت هناك محاولات لاستدعاء الشياطين للحصول على قوى هائلة في التاريخ.
نظريًا، يمكن أن يمتلك المستدعي قوةً تضاهي تنينًا بالغًا، مما جعله أمرًا مغريًا للغاية.
لكن جميع من حاولوا ذلك فقدوا حياتهم، وكانت آخر محاولة معروفة قبل خمسين عامًا.
لكن أن يصل الأمر إلى أن يبرم إمبراطور عقدًا مع شيطان…؟
“لابد أن هناك شيئًا حدث له.”
فهو يمتلك السلطة بالفعل بما يكفي.
لم يكن هناك سبب له ليخاطر بحياته بهذه الطريقة.
التنين، الذي كان في حالة من الذعر، لم يبدو أنه قد فكر في هذه الحقيقة.
تابعت سيسيليا حديثها ببطء.
“لهذا، أردتم تسليمي إذًا.”
لقد فهمت الأمر.
ربما كانت ستفكر بنفس الطريقة لو كانت في موقف التنين، فبمجرد أن يسلم شخصًا واحدًا، يمكنه حماية وطنه بالكامل، بل وحياته أيضًا.
عضت سيسيليا شفتها.
مهما كانت قدرات الساحرة العظيمة، فإن قهر الشيطان مستحيل، خاصةً إذا هرب إلى إمبراطورية رينيك التي أصبحت معقل الشيطان الآن، فقد كان ذلك بمثابة تسليمها للشيطان.
“ربما كان هذا هو هدفه الأساسي.”
سواء تم القبض عليها في ميجينا أو في رينيك، لن يشكل ذلك فرقًا بالنسبة للإمبراطور.
بينما كانت سيسيليا غارقة في التفكير.
“نعم… هذا صحيح. هذا هو الأمر!”
رمشت سيسيليا بعينيها، بدا صوت التنين وكأنه مليء بالنشوة.
“أنتِ… يمكن أن تقتلي ذلك الإنسان!”
فكرت سيسيليا، مسكين هذا الصغير، يبدو أنه جنّ من الضغط.
***
كانت أبراج القصر الإمبراطوري العالية، التي تتحدى زرقة السماء، تهتز بشكل جماعي، تبادل جنود النخبة الذين يحرسون القصر في إمبراطورية رينيك نظرات قلقة.
لم تكن الهزات الأرضية الخفيفة غريبة، إذ كانت تحدث بشكل منتظم، لكن كل فرد إمبراطوري كان يحمل داخله خوفًا من قدوم زلزال كبير.
دوّي هائل تردد صداه فجأة، مما جعل جميع من في القصر، من جنود وخدم، يهرعون للفرار في خوف.
لكن، قبل أن يظهر في المشهد، ظهرت امرأة بشعر فضي بارد يلمع كالثلج تحت ضوء القمر.
كانت امرأة ذات جمال لا يُنسى، يحيط بها هالة زرقاء مبهرة.
شعر الجميع بحدسهم أن هذه المرأة الرقيقة هي السبب وراء اهتزاز القصر كله.
كان هناك تنين صغير ملتف حول معصمها، لكن أحدًا لم يعره اهتمامًا.
“ماذا تفعلون!”
صرخ القائد الذي بالكاد استعاد وعيه.
“رتبوا الصفوف فورًا، يمكننا صد هؤلاء الأشرار من ميجينا!”
ابتسمت المرأة بسخرية واضحة على وجهها.
“أشرار ميجينا؟، من الواضح أن الإمبراطورية هي التي هددت أولئك الذين أرادوا العيش بسلام، يا لكم من وقحين.”
رفعت يدها، فوجد الجنود أنفسهم عاجزين عن الحركة، وكأن أجسادهم قد شُلّت بالكامل، حتى ألسنتهم تصلبت، فخيّم الصمت.
الجندي الوحيد الشاب الذي لم يتأثر بشلل الحركة استلقى أرضًا راجيًا.
“أرجوكِ، ارحميني!، سأفعل أي شيء!”
مرت دقيقة بدت وكأنها أبدية للجميع.
ثم فتحت المرأة فمها بوجه لا يظهر أي تعبير.
“أوصلوا هذه الرسالة إلى الإمبراطور.”
كانت نبرة صوتها قوية وباردة كحد السيف المشحوذ.
“لقد عادت سيسيليا كريس التي كان يتوق إليها.”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"