ربّتت سيلا على يدها بلطف، مطمئنة إياها أن الأمر لا بأس به، لكنها ما لبثت أن بدأت تُفرغ سيلًا من الأسئلة التي كانت تكتمها أثناء الانتظار.
“مييل، مييل! إذًا، ماذا قال سموه؟ ولماذا جاء أساسًا؟“
“هم؟ لماذا جاء؟ جاء ليقدم طلبًا لبرج السحر طبعًا.”
“حقًا؟ لكن هذا يختلف عن كلام السيد شولاين.”
تمتمت سيلا وهي تميل برأسها متفكرة.
“لماذا؟ ماذا قال شولاين؟“
“قال إن هناك أجواءً غريبة بينك وبين سمو ولي العهد… وإنه من المحتمل أن تصبحي زوجته يومًا ما!”
“ماذااا؟!”
اندهشت مييل بشدة.
حتى وإن كان شولاين أشهر من يهوى تضخيم الشائعات في البرج، لكن أن تصل المسألة إلى “زوجة ولي العهد“؟! هذا مبالغ فيه جدًا.
كان الأمر مجرد إشاعة عارية عن الصحة. فبادرت مييل بشرح الأمور بسرعة:
“إنه مجرد سوء فهم! لقد أتى فقط لأنه أعجب بسرعة إنجازي المرة الماضية، فأراد أن أكلف بالأمر مجددًا. ولو كان يعرف جيك جيدًا، لكان أوكل الأمر إليه بدلًا مني. لكنه سبق أن تعامل معي، ولهذا شعر بثقة كافية لاستدعائي.”
“حقًا؟ لا يبدو الأمر كذلك.”
ورغم كل ما شرحته مييل، لم تبدُ سيلا مقتنعة تمامًا.
فلم يكن أمام مييل سوى أن تتابع شرحها…
“ثم إن سموه لا يحب برج السحر أساسًا. فقط يحتاج إلى أدوات سحرية للترجمة استعدادًا للتجارة الدولية القادمة، ولهذا السبب جاء.”
“…لكن لأمر كهذا لم يكن مضطرًا للحضور بنفسه. أظن أنه جاء لرؤيتك يا مييل. حدسي يقول ذلك.”
“هاي! لا تقولي هذا، لا يوجد سبب يدفعه للمجيء لرؤيتي شخصيًا.”
“بل يوجد! أعتقد أنه أحبك من النظرة الأولى!”
قالت سيلا ذلك بنظرات واثقة، إلا أن مييل لم تصدقها.
“أحبني؟ سيلا، ألا تعرفين ما يُقال عن سمو ولي العهد؟“
“أعرف، يقولون إنه لا يهتم بالنساء. لكن ألا تتذكرين كيف أن الكونت لوفنت تزوج امرأة وقع في حبها من أول نظرة؟ كل شيء ممكن! ثم إنك يا مييل لطيفة وجميلة وذكية ومجتهدة ومحبوبة. من السهل أن يقع أحدهم في حبك.”
اكتفت مييل بالاستماع لمديح سيلا بصمت.
في الواقع، لم تكن كلماتها بعيدة عن الحقيقة.
فهي تعترف أن شكلها لا بأس به على الإطلاق. قد لا تكون “جمالًا أسطوريًا“، لكنها بالفعل جميلة.
أما بالنسبة للكفاءة… حسنًا، قد يكون الأمر نسبيًا، لكنها ساحرة على أية حال، وهذا يكفي.
وبالنسبة لشخصيتها… لا تدري، لعلها جيدة؟
“على أية حال يا مييل، إن أصبحتِ وليّة العهد لا تنسي أمر صداقتنا، اتفقنا؟“
“توقفي عن التوهم. لن يحدث هذا أصلًا. وحتى لو افترضنا جدلًا أن سموه أحبني، فأنا لن أقبل بأن أكون وليّة العهد.”
“هاه؟ لماذا؟ هذا منصب تحلم به كل نساء الإمبراطورية!”
ذهلت سيلا من رفضها القاطع، فمنصب وليّة العهد كان غاية كل امرأة في الإمبراطورية، فكيف تفكر مييل في رفضه؟!
لكن مييل لم تُجب، واكتفت بتحويل نظرها نحو نافذة العربة.
فبالنسبة لها، الفرضية برمتها لا تستحق التفكير.
أن يقع ولي العهد في حبها؟ يا له من هراء.
ثم إنها لم تكن تنوي البقاء في الإمبراطورية طويلًا.
كل ما كان يدور في ذهنها هو….سهول مترامية، نباتات خضراء، غروب ساحر، ونسيم عليل…
بمعنى آخر، كانت أفكارها مشغولة كليًا بروعة الطبيعة واتساعها.
سواء كان ولي العهد أو حتى سيد البرج، لم يكن أي منهما ضمن دائرة اهتمامها.
كل ما كانت تتمناه هو:
‘آه… ليتني أبدأ رحلتي في أقرب وقت.’
* * *
حين شقّت الخيول الستة طريقها في قلب الصحراء، ارتفعت سحب من الرمال في الأفق.
كان جايد يحدق في العربة الملكية بنظرات حادة.
‘تبًا…’
كان الغضب يتآكله.
من بين كل البشر، لماذا اختار ولي العهد فجأة أن يهتم ببرج السحر؟!
والأسوأ، أنه بدا مهتمًا بمييل تحديدًا من بين جميع السحرة.
ولي العهد كان دائمًا شوكة في حلقه، فماذا دهاه الآن؟ ولماذا مييل بالذات؟!
صحيح أن مييل كانت مخلصة له، لكن الأمر لم يكن يبعث على الارتياح.
فها هو ولي العهد يحاول الآن استمالة من ستكون تلميذته بحق.
في البداية، لم يكن جايد ينوي التنصت على حديث مييل وولي العهد.
كان فقط يريد أن يُلقي نظرة سريعة على الوضع ويعود.
لكن ما إن وقف أمام باب غرفة الاستقبال، حتى وجد نفسه مشدودًا إلى الحديث داخلها.
وسرعان ما لاحظ أن سلوك ولي العهد كان غريبًا للغاية.
كان يتحدث عن الجزر بطريقة سخيفة وغير منطقية.
وبدا بوضوح أنه يحاول التحدث معها بأي طريقة كانت.
ولحسن الحظ، ردّت مييل بحزم وبرود:
‘لا، لا أحبه. بل أكرهه بشدة.’
كادت هذه الجملة الحاسمة أن تُفلت ضحكة من فم جايد دون أن يشعر.
وزادت ابتسامته حين استمعت أذناه إلى سلسلة من الردود القاطعة التالية…
‘صحيح، لكن إن كان الجزر يُستخدم فقط لإضافة المذاق الحلو، فلا بأس. أما إن وُضع في الأطعمة المالحة، فلا أطيقه.’
لا شك أن ولي العهد قد فوجئ حينها.
فهو لا يعرف شخصيتها حق المعرفة، فكيف لا يُفاجأ؟
بالطبع، حتى جايد لم يكن يعرف مييل معرفةً تامة.
لكن على الأقل، كان يعلم جيدًا كيف تتحدث عادةً وكيف تتصرف.
وكان من المؤكد أن برود مييل في الحديث سيُربك ولي العهد ويدفعه للتراجع.
لكن المفاجأة أنه أصبح أكثر إصرارًا!
وفي النهاية، لم يعد بإمكان جايد أن يحتمل، فاقتحم غرفة الاستقبال.
لم يكن ينوي أبدًا الدخول في جدال مع ولي العهد.
كان يظن أن الأمر سينتهي بمجرد أن يطلب هو بنفسه تولّي المهمة بدلاً من مييل، وسينسحب ولي العهد.
لكن ولي العهد لم يتنازل عن موقفه، وانتهى الأمر بأن أوقع جايد نفسه في موقف مخجل أمام مييل.
أن يرى التلميذ أستاذه يتجادل… يا له من أمر معيب.
“تبـــًا.”
كم كان ذلك مزعجًا، لدرجة أن مييل تركت المكان غاضبة.
حتى لو كان لديها موعد مسبق، فكيف تغادر من دون أن تُلقي تحية الوداع لا على سيد البرج ولا على ولي العهد؟
‘آه…’
لقد فقد هيبته كمعلم بلا شك. وكان الأمر سخيفًا حتى من وجهة نظره هو.
وقد كان قد عاهد نفسه ألّا يدخل في جدال كهذا مجددًا بعد ما جرى أمام الإمبراطور سابقًا.
لكن ما حدث قد حدث، ولا مجال لتداركه الآن.
كل ما يمكنه فعله هو أن يُحضّر جيدًا لحصته التعليمية الأولى.
* * *
‘آه… أشعر بالنعاس.’
كانت مييل تشعر بالخمول.
فقد قضت وقتًا طويلاً في الينابيع الساخنة مع سيلا، وشعرت أن كل توتر عضلاتها قد زال تمامًا.
استلقت مييل على السرير وأغمضت عينيها بهدوء، لكن سرعان ما فتحتهما فجأة.
‘لا! لا يجب أن أنام!’
فاليوم كان موعد أول حصة دراسية مع معلمها.
ورغم أن حالته كانت غريبة، إلا أنه أصرّ بنفسه على بدء الدروس.
ومهما بدا مجنونًا، يظل سيد البرج.
ولا يمكنها أن تتأخر أو تتغيب عن أول درس له!
لكنها كانت متعبة لدرجة أنها شعرت وكأنها ستموت من النعاس.
‘عليّ أن أنهض.’
قفزت مييل من السرير دفعة واحدة.
كان لا يزال هناك متسع من الوقت قبل بدء الدرس.
لكن لو بقيت مستلقية، فمن المؤكد أنها ستغفو، لذا كان من الأفضل التوجه إلى مكان الدرس مسبقًا.
خرجت مييل من غرفتها بخطى هادئة، وكانت تنوي أن تطلب من فووك أن يُعد لها شيئًا يساعدها على الاستيقاظ.
وعلى غير المتوقع، كان المطعم مزدحمًا.
توقعت أن يكون خاليًا تقريبًا نظرًا لتأخر وقت الغداء، لكنها وجدت أكثر من عشرة أشخاص.
لحسن الحظ، كانوا منشغلين بطعامهم، مما يعني أنها لن تضطر للانتظار.
“فووك!”
“أوه، مييل! لقد جئتِ. هل أنتِ جائعة؟“
“لا، فقط… هل يمكنك تحضير مشروب أو شاي يُذهب النعاس؟ من دون قهوة من فضلك.”
“حسنًا حسنًا. انتظري قليلاً.”
بعد أن طلبت، ألقت مييل التحية على بعض السحرة الذين تعرفهم، ثم جلست في ركن هادئ من المطعم.
وسرعان ما وصل مشروب بارد.
كان شايًا يحتوي على مادة منبّهة.
ما إن شربت رشفة حتى انتشر الإحساس البارد في فمها.
بدت نكهته وكأن فيها نعناع ولكنها كانت مختلفة قليلاً.
ظلت تتأمل في الكوب وهي تحاول تمييز الطعم.
وفي تلك اللحظة…
“مييل!”
“آه، سيد شولاين!”
دخل شولاين لتوّه إلى المطعم ونادى عليها.
يا للصدفة الجميلة!
كانت تود التحدث إليه منذ فترة، لكن انشغاله الدائم حال دون ذلك.
اقتربت منه بحذر، ثم همست بصوت خافت:
“سيد شولاين، أريد أن أحدثك بشيء.”
“هم؟ ولماذا تهمسين هكذا؟“
“أرجوك، اجلس أولاً هنا.”
أمسكت به وأجلسته في ركن بعيد.
كان بينهما وبين السحرة الآخرين مسافة كافية تتيح لهما الحديث بأمان.
ومع ذلك، خفضت صوتها أكثر، تحسبًا لأي مفاجأة.
“سيد شولاين.”
“نعم؟“
“رجاءً، لا تفزع مما سأقوله.”
حذّرته مييل مسبقًا، كي لا يُصاب بالصدمة.
أومأ شولاين برأسه، وأصغى لها باهتمام.
“أظن أن معلمي قد جُنّ تمامًا.”
_______
ترجمة : سنو
فتحت جروب روايات في التيليجرام يمديكم هنيك تقرأو الروايات بدون نت🌟!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"