كانت القديسة الصغيرة محبوسة في زنزانة تحت الأرض، لا يُقدّم لها سوى الخبز اليابس والماء، ومع ذلك، حين يحتاجون إليها، كانوا يزينونها بالحلي الفاخرة والملابس الجميلة.
وكان عليها أن تبتسم دومًا أمام المؤمنين، وإذا لم تفعل، كانت تتعرض لتوبيخ الكهنة.
‘أن يُعامَل طفل هكذا… هذا تعذيب!’
لم تستطع مييل إخفاء صدمتها وهي تتابع تلك الذكريات.
الكهنو في الكنيسة الكبرى جلبوا الطفلة بذريعة أنها إرادة الحاكم، ثم عاملُوها معاملة قاسية.
واستمر هذا الحال حتى بعد أن كبرت.
كانت تتعرض للعنف طوال مراحل نموّها.
وبينما كانت تُضرب كل يوم، كان عليها أن تبتسم وتستخدم قواها متى طُلب منها ذلك.
‘هل هذه هي القوة المقدسة التي تمتلكها؟’
لقد كانت قوة القديسة أعمق وأنقى من تلك التي لدى البابا.
هذه القوة شفت العديد من الناس، وجعلت الكثيرين يؤمنون.
وكانت هذه الطفلة هي القديسة مارينا.
لكن ورغم كل ذلك، لم تحسِّن الكنيسة من معاملتها لها، حتى بعدما بدأت تفقد قواها.
‘وما زاد الطين بلّة أن الأمر لم يقتصر على بعض الكهنة فقط، بل حتى البابا نفسه كان مشتركًا معهم…’
حتى البابا الحالي كان واحدًا من أولئك.
ربما لم يُشارك مباشرة في الإساءة، لكنه تغاضى عنها، بل وأحيانًا نظر إليها بازدراء.
‘كيف يمكن لمن يدّعي الإيمان أن يكون بهذا القبح؟’
راحت مييل تعض شفتيها وتتابع الذكريات.
ثم بدأت تفهم السبب.
لقد كانوا يحسدون الطفلة التي وُلدت وهي تحمل بركة الحاكم.
‘لأنهم لم يُختاروا منذ الولادة، شعروا بالنقص والغيرة… ولهذا أساؤوا إليها.’
كل الأذى الذي تعرّضت له القديسة كان نابعًا من مشاعر الحسد والدونية.
‘ثم… حدثت النهاية.’
وصل اليوم الذي فقدت فيه القديسة جميع قواها، ومعه، انقطعت نبوءات الحاكم غافيلون تمامًا.
لم تعرف السبب بدقة، لكن بعد مرور عدة أشهر من توقف النبوءات، قامت الكنيسة بطردها.
أعطوها بعض المال وملابس بسيطة، وطلبوا منها الرحيل.
‘لابد أنها عادت إلى مسقط رأسها… إلى ساينت سنو.’
عادت القديسة إلى موطنها منهكة ومكسورة.
‘وماذا عن فيرهون بعد ذلك…؟’
تابعت مييل قراءة ما بقي من ذكريات التمثال.
ومع انقطاع النبوءات من غافيلون، اتخذوا قرارًا صارمًا.
‘نُغلق الحدود.’
كان ذلك بأمر من البابا ليفيرو.
لقد فعل ذلك حتى لا تنتشر الأخبار بأن قوة فيرهون بدأت بالضعف.
‘أغلقوا الحدود وأخفوا حقيقة غياب النبوءات عن العالم الخارجي…’
تظاهروا بأنهم ما زالوا على تواصل مع الحاكم، لكن الحقيقة أن غافيلون قد غادرهم بالفعل.
لم تعد هناك نبوءات، ولا ظهرت أي من المقدسات.
‘بدون المقدسات، لا يمكن إنشاء كهنة أو فرسان مقدّسين…’
كما توقعت مييل، منذ خمسة عشر عامًا لم تُنتج الكنيسة أي كهنة أو فرسان جدد.
‘هذا مستحيل! لا يمكن أن يكون الحاكم قد تخلى عنا!’
أنكر البابا والكهنة أن غافيلون قد هجَرهم، لكنهم اضطروا للاعتراف بذلك مع مرور الوقت.
‘هل تخلّى عنا؟ لا، سيعود إلينا يومًا ما.’
آمن ليفيرو بعودته، لكن رغم مرور السنوات، لم يظهر أي أثر للحاكم أو نبوءاته.
‘هل حقًا تخلّى عنهم؟’
لكن حين رأَت مييل ما فعلوه، فكرت حتى لو كانت هي الحاكم، لما سامحتهم.
‘ربما الحاكم نفسه فقد الأمل في البشر… وربما ما فعلوه بالقديسة كان السبب.’
أومأت مييل برأسها ببطء.
ربما كان ظنها في محله.
وعندها، انتهت ذكريات التمثال.
“مييل، ماذا رأيتِ؟”
سألها كوسيليكو الذي كان مستقرًا بهدوء على كتفها، فأجابته:
“رأيت ذكريات محفورة في التمثال، عن القديسة والكنيسة الكبرى.”
“أي نوع من الذكريات؟”
“الكنيسة اختطف القديسة وهي ما تزال رضيعة، ثم ظلوا يعذّبوها حتى غادرت المكان.”
“…ماذا؟ يعذّبون القديسة؟!”
“نعم. يبدو أنهم حسدوها لأنها وُلدت بقوة مقدسة. ولم يحدث من قبل أن وُلدت قديسة تحمل هذه القوة منذ ولادتها.”
تابعت مييل شرحها بهدوء:
“القديسات السابقات لم يظهر لديهن النور المقدس إلا فجأة في طفولتهن، أما مارينا، فقد تنبأ بقدومها البابا نفسه قبل ولادتها.”
“…فهمت.”
أومأت مييل برأسها وقالت:
“الذين حسدوها بسبب قوتها قاموا بإيذائها.”
عضّت شفتيها مجددًا وقالت:
“أن يرتكب تلك الأفعال أشخاص يزعمون أنهم يخدمون الحاكم… أمر فظيع.”
“…صحيح. ويبدو أن ما فعلوه هو ما جعل غافيلون يتخلى عنهم.”
“حقًا؟ إذاً، فالحاكم موجود فعلاً…”
“بصراحة، لم أكن أؤمن بذلك، لكن بعدما رأيت الذكريات… اقتنعت. حين كانت القديسة على قيد الحياة، كانت النبوءات تنزل على الكنيسة، وكانت المقدسات تظهر.”
كانت أنواع النبوءات التي رأتها مييل مختلفة، نبوءات عن كوارث قادمة في فيرهون، أو حكم تساعد في رخائها…
لكن كل هذا بدأ يتلاشى كلما زاد التعذيب الواقع على القديسة.
“أشعر بقوة أن الحاكم فقد إيمانه بالبشر ورحل. هذا الشعور كان واضحًا.”
“قد تكون محق، لقد كانت قديسة قوية، ولا شك أنها كانت محبوبة من الحاكم.”
“صحيح. وإذا كانوا قد عذّبوا شخصًا بهذا القرب من الحاكم… فمغادرته لهم ليست أمرًا غريبًا.”
أومأت مييل برأسها غارقة في التفكير.
لقد آمنت أخيرًا بوجود الحاكم، وعرفت ماضي القديسة.
“أجبت عن كثير من الأسئلة، لكن يبقى سؤال آخر…”
نظرت إلى العصا التي كانت في يدها.
“لماذا هذه هنا؟ كنت أظن أن السوار هو الكنز… الأمر محيّر.”
“هممم، وأنا كذلك. لكن في كل الأحوال، من الجيد أننا وجدناه.”
“صحيح، هذا مريح فعلًا.”
ابتسمت مييل ابتسامة خفيفة.
“ثم، بفضل الظروف، حتى لو خرجت طاقة والدي من الكنز، لن يلاحظ أحد.”
ففي الأعلى، كان البابا وجايد وتوروي في خلاف حاد، لذا لن يلاحظوا أي طاقة سحرية تصدر من الكنز.
“بالمناسبة يا كوكو، لدي سؤال…”
كانت تحدّق في العصا حين مالت برأسها، فمال الطائر الصغير أيضًا مقلدًا حركتها.
“ما هو؟”
“ألم يكن يُقال إن في فيرهون يوجد كنز يُسمى روح القديس؟”
اتسعت عينا كوسيليكو عند سماعه السؤال.
“صحيح! هذا يعني… هناك كنزان في هذا المكان! تذكرت الآن! بعدما عادت إليّ طاقة كاريلادين.”
“ماذا؟! حتى أنت لم تكن تعرف؟”
“نعم، لم أستطع تذكّره. لكن في كل الأحوال، من الجيد أننا حصلنا على أحدهما.”
“إذاً، الكنز الآخر هو ذلك السوار على الأغلب.”
تمتمت مييل، وتذكرت كيف كانت العصا متحجّرة قبل أن تلمسها، وكيف أن السوار في الأعلى يشبهها في الشكل.
—
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 113"