في تلك اللحظة، هل كان ما تبدّى أمام عينَي ليريوفي شريطًا من ذكريات حياتها الماضية؟
أوّل ما لاح في ناظريها كان ابتسامة أختها النقيّة الصافية، التي لم ترَها إلا بعد عودتها إلى الماضي.
للحظاتٍ عابرة، مرّت في ذهنها ذكريات الأوقات غير المرحب بها التي قضتها مع أشخاصٍ من الماضي، ثمّ تلاشت تلك الذكريات، مدفوعةً برائحة الدمّ المنبعثة من التراب الجاف.
وأيضًا، الأمنية التي لم تتحقق بعد، والتي تركتها في الغابة السوداء الممطرة…
‘لا، لا يمكن!’
صاحت ليريوفي في صمتٍ داخليّ.
‘لا يمكنني أن أموت هكذا…!’
المعجزة التي يصعب لقاؤها مرّةً واحدةً في الحياة، لم تكن لتأتي مرّتين.
لذا، كان عليها أن تفعل شيئًا بنفسها، بقوتها الخاصّة.
حتّى لو فشلت وتحطّم جسدها إلى أشلاء، فذلك بالتأكيد أفضل من أن تموت موتًا عبثيًا كالكلاب!
و فجأةً..!
اندلعت قوّة سحريّة من نواة المانا غير الناضجة، ممّا تسبّب في ألمٍ صادم لم تجربه ليريوفي من قبل.
الصوتُ داخل رأسها صرخ بشيءٍ ما، لكنّه لم يصل إلى أذنيها.
لحسن الحظ، كانت المانا التي تحرّكت بغريزةٍ أسرع من تفكيرها العقليّ.
لكنّها، التي عاشت حياتها تُسمى بالعاجزة و نصف الساحرة دون أن تستخدم سحرًا حقيقيًا يومًا، افتقرت إلى الخبرة الكافية لتحويل النظريّات السحريّة التي تعرفها إلى واقعٍ ملموس.
بدأت المانا، التي فقدت السيطرة ولم تجد مسارًا، تتفجّر وتهيج بعشوائية.
لكن في اللحظة التي كادت فيها دائرة السحر غير المكتملة أن تتلاشى كالدخان، استطاعت ليريوفي أن تمسك بقوّتها السحريّة المتقلّبة، فبدأت تتحرّك مجدّدًا في مسارٍ محفوفٍ بالمخاطر.
كأنّها، في لاوعيها، تبحث عن أفضل طريقةٍ لتنجو بحياتها.
تردّد الزمكان في انسجامٍ مع تلك القوّة، فتشوّه بهدوء.
وفي اللحظة التالية، توقّف النسيم الذي كان يلامس جسد ليريوفي، كما لو كان وهمًا.
توقّفت أوراق الكروم المحترقة، التي كانت ترفرف في الهواء، عن الحركة وهي تلامس خدّها الشاحب.
في تلك اللحظة، ساد الصمت على الأرض. كأنّ العالم كان في فراغٍ غريب.
في المشهد المتجمّد، بدت وجوه مجموعة جايد المشوّهة من الرعب كلوحةٍ محبوسةٍ في إطار.
حتّى الفتى ذو الشعر الفضيّ، الواقف أمامها، بدا ككائنٍ محنّط، متجمّدًا مع ثيابه وشعره المتطاير.
وحدها ليريوفي، كأنّها الكائن الوحيد الذي سُمح له بالتنفّس فوق الأرض، كانت حيّةً، نابضةً بالحياة في واقعٍ منفصلٍ عن الواقع.
-قواص!
لم يدم هذا الحدث الغريب سوى لحظةٍ قصيرة، كومضة عينٍ أو اثنتين.
لكنّ ذلك كان كافيًا لتفادي السحر الذي أُطلق نحوها.
تبعه وميضٌ كالصاعقة، ضرب هدفه بدقّةٍ فائقة.
كما لو أنّ حشرةً تعرّضت لأشعّة الشمس الحارقة وتلاشت دون أثر، ماتت مجموعة جايد دون أن تصدر صرخةً واحدة.
كان سحر الفتى مثاليًا، لكنّ النتيجة لم تكن كذلك.
“هل أفلتِ؟”
جاء صوتٌ مليءٌ بالشكّ موجّهًا إلى ليريوفي، التي كانت ملقاةً على الأرض، ممسكةً بصدرها وتتلوّى من الألم.
“كيف؟”
مالت رأس الفتى قليلاً، كأنّه عاجزٌ عن فهم سبب هذه النتيجة غير المتوقّعة.
“لا أفهم. كرّري هذا مرّةً أخرى، هيّا.”
ثمّ أُطلق سحرٌ عنيفٌ بشكلٍ وحشيّ نحو ليريوفي مجدّدًا.
“آه… أخ…”
هذه المرّة أيضًا، نجت ليريوفي بصعوبةٍ من السحر.
كان الألم مروّعًا، كأنّ نواة المانا التي أُجبرت على العمل قد تحطّمت إلى غبار، لكنّها ظلّت على قيد الحياة.
“لم أرَ حركتكِ هذه المرّة أيضًا. لا يبدو أنّه سحر انتقال.”
أخيرًا، لامست قدم الفتى الأرض.
“هل هذا هو سحركِ الخاص؟ إنّها تركيبة مانا لم أرَها من قبل. كيف فعلتِ ذلك؟”
اقترب منها حتّى صار على بُعد خطوة، ونظر إليها بعينين خاليتين من أيّ دفء، كأنّها حشرةٌ أو جماد.
حينها اشتعلت شرارة العاطفة الخافتة داخل ليريوفي.
“أنا… لن أموت…”
في اللحظة التالية، برقت عينا الفتى لأوّل مرّة بنورٍ واضح عندما رأى وجه ليريوفي.
كان يتوقّع أن تكون تبكي خوفًا أو يأسًا أو ألمًا، لكنّها، على العكس، كانت تنظر إليه بنظراتٍ ملتهبة بعيونٍ خاليةٍ من الدموع.
“لن أموت بعد، أيّها الوغد اللعين!”
-تشيك
حينها غُرز خنجرٌ في قدم الفتى.
كان الخنجر، الذي سقط من يد جايد عندما كانوا داخل الدودة.
كانت المسافة بين ليريوفي والفتى قريبةً جدًا، لكن ليس إلى درجةٍ تجعله عاجزًا عن تفادي الهجوم.
ومع ذلك، لم يرَ الفتى اللحظة التي طعنته فيها ليريوفي.
رغم أنّه لم يُبعد عينيه عنها لحظةً واحدة، بدا الأمر كما لو أنّ شخصًا ما اقتطع الزمن و أوقفه، فلم يدرك ما حدث إلا بعد أن انتهى كلّ شيء.
لو لم تكن ملقاةً على الأرض و عاجزةً عن الحركة، هل كان بإمكانها طعن قلبه؟
نظر فيلكياس إلى ليريوفي بعينين غريبتين، كأنّه يرى كائنًا نادرًا لأوّل مرّة.
لكنّ نظرته لم تكن مجرّد استكشاف، بل كانت كمن يريد تمزيق لحمها وكشف عظامها وتفحّص أحشائها بدقّةٍ مهووسة و معرفة أسرارها.
كانت عينا ليريوفي بلونٍ بنفسجيّ يشبه سماء الفجر قبل بزوغ نجمة الصباح.
(تذكروا أن الصوت نادى ليري بساحرة الفجر قبل لا ترجع بالزمن)
النور القويّ المتوهّج فيهما بدا كأنّه سيحرق كلّ شيءٍ حولهما، بل وسيحرقها هي أيضًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات