بعد حوالي عشرين دقيقة ، “سيدي السلف ، انتهيتُ من الترتيب”

 

أطلّ آرون برأسه من خلف جبل الأوراق الضخم.

 

“آه! رائع ، عمل جيد. انقلي الأوراق إلى مكتب الدوق. المهام اللاحقة سيعطيكِ إياها الدوق مباشرة”

 

“آه ، حسنًا”

أخيرًا سأقابل الدوق.

 

حاولتُ تهدئة قلبي النابض بقوة. لقد تم توظيفي كسكرتيرة للدوق ، و إذا استمررتُ بالتوتر هكذا في كل مرة أراه ، سأصاب بانهيار عصبي.

 

بصرف النظر عن التوتر ، كنتُ متحمسة أيضًا. ما نوع الشخصية الوقحة التي سيريني إياها اليوم؟

 

‘أرجوكَ ، علمني المزيد اليوم ، سيدي الدوق!’

 

طقطق—! 

طرقتُ على باب المكتب بحماس ، لكن لم يأتِ رد.

 

فتحتُ الباب بحذر و ألقيت نظرة إلى الداخل.

 

‘غير موجود.’

 

كما هو متوقع ، كان المكتب قاحلًا.

مكان مخصص للعمل فقط.

 

لم يكن هناك حتى صورة عائلية شائعة على المكتب ، ولا أثر للأذواق الشخصية.

 

بينما كنتُ أضع كومة الأوراق على المكتب ، لفتت انتباهي رائحة مألوفة.

 

كان هناك بخار يتصاعد من إبريق الشاي ، مما يعني أن الدوق غادر منذ وقت قصير.

 

‘لكن أوراق الشاي … تُركت لتنقع لفترة طويلة جدًا.’

 

ليس للفخر ، لكنني اعتدت على تحضير الشاي لعَمي كثيرًا.

 

‘لو قدمتُ شايًا كهذا لعَمي ، لكان قد عاتبني قائلاً إنني أفتقر إلى صفات السيدة الراقية ولا أعرف أساسيات فن الشاي.’

 

بعد تفكير لمدة خمس ثوانٍ حول ما إذا كان هذا تدخلًا ، قررتُ إعادة تحضير الشاي.

 

إدارة ما يدخل فم الرئيس جزء من واجبات السكرتيرة ، أليس كذلك؟

 

‘انتهى’

 

نظرتُ بارتياح إلى الشاي المحضر بشكل مثالي بلون ذهبي ، ثم نظرتُ إلى الساعة مرة أخرى.

 

‘لكن لمَ لا يأتي …؟’

 

هل سأضطر إلى التخلص من الشاي الذي أعددته؟

 

بينما كنتُ أتجول في المكتب دون هدف ،

‘آه ، غبار’

 

عندما رأيتُ الغبار على إطار النافذة ، تحركت يدي تلقائيًا.

لا يوجد هنا عمّ يعاتبني على عدم إشرافي على الخادمات بسبب عدم التنظيف.

 

بعد إزالة بعض حبات الغبار المزعجة ، عادت عيناي إلى الساعة.

 

‘… متى سيأتي حقًا؟’

 

بينما كنتُ أقف بإحراج في مكتب الدوق الخالي ، “لمَ الباب مفتوح؟ سيدي ، لدي تقرير هنا … آه ، الآنسة فيوليت!” 

 

دخل آرون المكتب و رآني فاتسعت عيناه.

 

“يبدو أن سيدي لم يعد بعد؟ آسف ، لقد جعلتكِ تنتظرين طويلًا. يبدو أن الاجتماع يطول ، لذا أعطيني الأوراق و استريحي قليلاً. سأتولى الأمر مؤقتًا”

 

“آه ، حسنًا! ها هي”

سلمتُ كومة الأوراق إلى آرون بسرعة.

 

عندما فحص الصفحة الأولى ، بدا آرون متعجبًا.

 

“همم؟ الآنسة فيوليت؟ هذا …”

توقف آرون عن الكلام و أصدر صوتًا غريبًا.

 

“إيه”

 

ماذا؟

 

“إييه؟”

 

ما الخطب!

ارتجفت يداه و هو يقلب الأوراق واحدة تلو الأخرى.

 

ارتجف قلبي معه.

 

‘ليس هناك خطأ ما ، أليس كذلك؟’

 

كانت هذه أول مهمة في يوم عملي الرسمي ، و أردتُ أن أؤديها جيدًا.

 

اليوم ، تركتُ بيبي في المنزل ليستريح ، مما زاد من قلقي.

 

“الآنسة فيوليت ، هذه …”

نظر آرون إليّ مرة وإلى الأوراق مرة ، متلعثمًا.

 

“كم من الوقت استغرق ترتيبها؟”

 

“حوالي عشرين دقيقة …”

 

أجبتُ بتوتر ، فتمتم آرون بشكل محموم ‘عشرون دقيقة ، عشرون دقيقة …’

 

“حسنًا ، الآنسة فيوليت ، اذهبي إلى غرفة الاستراحة و استريحي. يمكنكِ التجول في البرج أيضًا”

 

“ماذا؟”

 

“كح ، كح. لدي شيء يجب مناقشته مع سيدي على انفراد. سأستدعيكِ إذا احتجناكِ”

 

“آه … حسنًا! فهمت”

 

شعرتُ بشيء من عدم الارتياح ، لكن لا يمكنني معارضة أوامر سلفي.

 

أومأتُ بسرعة و غادرتُ المكتب.

 

* * *

 

صرير—!

فتح كايين باب المكتب بوجه متصلب.

 

كان جبينه الجميل ، المنحوت كالعاج ، مشوهًا بالتعب و الضيق.

 

عندما دخل المكتب الهادئ ، توقف لحظة.

 

‘ما هذا؟’

شعر بشيء غريب.

 

شعور غامض لا يمكن تحديده بدقة جعله ينظر حوله.

سرعان ما أدرك مصدر الإحساس.

 

‘إنه نظيف بشكل غير عادي اليوم’

 

كان هناك دائمًا غبار في الأماكن غير الملحوظة مثل إطارات النوافذ أو بين الرفوف.

 

على الرغم من أنه كان مزعجًا ، كان متعبًا جدًا ليستدعي الخدم للتنظيف ، فتركه.

 

لكن اليوم ، كان كل شيء يلمع كمنزل عرض.

 

‘هل جاء عامل تنظيف جديد؟’

 

من كان ، فإن روح الاحترافية لديه تروق له.

 

مع هذا التفكير ، جلس كايين بعمق في كرسيه و ارتشف رشفة من الشاي.

 

‘همم؟’

 

توقفت يد كايين في الهواء مع كوب الشاي.

 

هل كان طعم الشاي بهذه النظافة من قبل؟

ذاب تعب مزعج مع الرائحة المنعشة و العميقة.

 

استرخى جبين كايين المتصلب دون وعي.

في تلك اللحظة ، سمع خطوات تقترب بسرعة من بعيد.

 

“سيدي! لقد وصلتَ أخيرًا!”

 

نظر كايين بعدم رضا إلى آرون الذي جاء مهرولًا.

 

“لمَ لا تتدحرج بدلاً من ذلك؟ سيكون أسرع”

 

“سيدي، الأمر يتعلق بالآنسة فيوليت ، التي تم توظيفها كسكرتيرتكِ المباشرة!”

 

عند ذكر هذا الاسم ، تذكر كايين ما حدث بالأمس.

طريقتها في التحدث بلغة الإمبراطورية بطلاقة و عيناها المتلألئتان.

 

كانت ذكرى لافتة ، سماع كلام إنسان في برج السحر المليء بنقيق القرود.

 

“ما الذي فعلته الوافدة الجديدة؟ هل تسببت في مشكلة بالفعل؟”

 

بشكل أساسي ، كانت ثقة كايين في البشرية تقترب من الصفر.

 

حتى فريجيا ، التي بدت ذكية بما فيه الكفاية ، لم تكن استثناء.

 

“مشكلة؟ لا ، ليس هذا! انظر إلى هذا!”

 

وضع آرون كومة سميكة من الأوراق فجأة.

رفع كايين حاجبًا.

 

“هذا الصباح ، طلبتُ من الآنسة فيوليت ترتيب هذه الأوراق تصاعديًا. كانت مختلطة بشكل فوضوي!”

 

كانت تقارير حساب كتلة العناصر مرتبة من الأخف إلى الأثقل.

 

كان هذا أسهل بكثير من ترتيبها حسب ترتيب التجربة.

 

“استغرق الأمر من فريجيا عشرين دقيقة فقط لحساب كل هذه المعادلات و ترتيبها حسب القيم! عشرون دقيقة فقط!”

 

نفث آرون بحماس مثل وحيد القرن.

 

“مع استعادتها لجميع الأوراق في ليلة واحدة أمس ، لا شك أن عقلها استثنائي!”

 

“همم”

فرك كايين زاوية الأوراق بحركة كسولة.

 

بالتأكيد.

كان أداءً مختلفًا عن القرود الذين يتقاضون رواتب عالية و يتسببون في مشكلة يوميًا.

 

“و سيدي ، هنا. نتائج التحقيق عن الآنسة فيوليت كما أمرتَ”

 

قدم آرون تقريرًا بوجه جاد.

 

“كما ترى ، خلال سنواتها في الأكاديمية ، كانت الآنسة فيوليت طالبة بائسة بالكاد تجنبت الرسوب و كانت تتبع خطيبها فقط”

 

كان هذا تصريحًا كان سيجعل فريجيا تبكي لو سمعته.

هز آرون رأسه.

 

“لا يعقل. شخص بعقل استثنائي كهذا بالكاد يرسب في اختبارات الأكاديمية؟ سيدي، أعتقد أن هناك سرًا مخفيًا هنا”

 

“سر؟”

 

خفض آرون صوته بوجه جاد: “أليس من الممكن أن الآنسة فيوليت كانت تخفي عبقريتها طوال هذا الوقت؟”

 

وافدة جديدة عبقرية تخفي قوتها.

حدق كايين في آرون بعيون ضيقة.

 

هل جُن مساعده ، الذي كان يقرأ الروايات الخيالية في أوقات فراغه ، أخيرًا؟

 

“هل ركل حصان رأس الوافدة؟ لمَ تفعل شيئًا غير مجدٍ كهذا؟”

 

“كما تعلم ، لا يزال من الصعب على النساء الحصول على الاعتراف في الإمبراطورية. ربما حاولت تحقيق طموحها من خلال مساعدة زوجها على النجاح؟ وفقًا للتحقيق ، دعمت خطيبها كثيرًا”

 

أومأ آرون بنفسه كما لو أنه مقتنع بكلامه.

 

“لكن يبدو أن خطيبها كان وغدًا كبيرًا. لذا ، بعد أن قررت أنه لم يعد يستحق ، تركته و توظفت كسكرتيرتكَ ، سيدي!”

 

“لمَ بالضرورة سكرتيرتي؟”

 

“لأنه ، بالطبع!—”

 

صرخ آرون بوجه متحمس: “—لقد وقعَت في حبّكَ ، سيدي!”

 

“ماذا؟”

 

توقفت يد كايين ، التي كانت تفرك جبينه بضيق ، فجأة.