كان يتوقع أن يرى غرفة مليئة بأسِرّة مرصوصة، وربما بعض الأراجيح القماشية. فالقلعة بدت مكاناً متحضّراً، لذا ظنّ أنهم سيملكون على الأقل مراتب قش داخل هياكل خشبية، إن لم يكن شيئاً أفخم.
لكن ما كان داخل المراتب لم يكن أغرب من طريقة ترتيب الغرفة نفسها. كانت الغرفة دائرية، كأنها ذات يوم كانت تخص الملك آرثر ومائدته المستديرة التي يتساوى عندها الجميع.
لكن بدلاً من مائدة مستديرة يجتمعون حولها للنقاش أو الطعام، كان هناك منصّة مرتفعة.
تشبه تماماً المنصّة التي جلست عليها الصبية تتناول العشاء في القاعة، باستثناء أن هذه عليها قفص.
قفص يعود لفرقة سيرك قديمة قُطعت عجلاته، لكن الزخارف الخشبية الفاقعة بقيت، وقد طُلي حديثاً. كان من الواضح أنه صُمّم لأسد بلا أنياب أو لغوريلا. أما الآن، فهناك سرير داخل القفص وُضع في المنتصف تماماً بحيث لا يستطيع أحد لمس ساكنه حتى لو مدّ ذراعه عبر القضبان.
“هل تنام الفتاة هناك بالفعل؟” قال لياندر بدهشة.
قهقه ستوكينغ. “نعم. وهذا ما يجعلنا جميعاً على حافة الجنون. فلو اخترنا النوم هنا، فمن المستحيل تقريباً الحصول على نوم جيّد. وليس هناك أسرّة أخرى في عنبر النوم المشترك. الأولوية للصبيان الأصغر سناً، والمكان يزداد ازدحاماً كل يوم. لم أرَ فتاة تتردد إلى هذا الحد من قبل. تستحق صفعة تهزها. إن لم يعجبها أحد، فلتخلع الفستان وتغادر…” وتوقف عن الكلام فجأة.
“أليس لديها مكان تذهب إليه… مثلكم؟” سأل لياندر.
“لا أعرف من أين يجلبون الفتيات بالضبط. صعب أن أتصور أن ظروفهن أفضل من ظروفنا. فكرة إخراجها من القلعة وحدها غير واردة، لكن لا بد أنهم يفعلون شيئاً للفتيات مثلها. كنت سأجعل القرار بيد الرجال، لكن…”
توقف ونظر إلى مجموعة رجال أشداء دخلوا لتوّهم.
تقدموا فوراً وحجزوا الأسرّة الأقرب إلى القفص. لم يقترب أحد منها قبلهم كانت بوضوح الأفضل.
“سيقتل بعضهم بعضاً ليكون أحدهم الرجل الذي يفوز بها؟” قال لياندر مكمّلاً الفكرة.
“هذا… و…” قال ستوكينغ وهو يخفض صوته،
“لا يمكن أن أجبر أي فتاة على الهرب مع أحدهم إن لم تكن هي راغبة.”
ضحك لياندر ضحكة ساخرة. “ما أسماؤهم؟”
“ذاك في المنتصف أُغرايت. نذل حقيقي. اللذان بجانبه فاري و كو. وعلى الطرف الآخر ديفون…”
“لا داعي أن أعرف أسماء الجميع” قال لياندر رافعاً يده.
“آه صحيح” قال ستوكينغ وهو يكتم ضحكة. “فأنت لن تكون هنا بعد غد.”
ضحك لياندر أيضاً، لكن ضحكته كانت خاوية… ليس لأنه لم يجدها مضحكة، بل لأنه كان منشغلاً بمراقبة الرجال الذين احتلّوا الصف الأمامي.
فرؤية الجندي تختلف عن رؤية غيره. لم يكونوا عديمي الخطر، لكنهم لم يكونوا من النوع الذي يقتل معاشه.
ومع ذلك، بإمكانهم ضرب رجل من الخلف أفضل من معظم الرجال. كان عليه أن يبقى حذراً.
التفت إلى ستوكينغ مبتسماً ابتسامة واسعة تخفي كل شيء. فلو نظر أحد عميقاً في عيني لياندر، لعدّ خطوط الموت التي تخفيها.
من الأفضل أن يبتسم ابتسامة كبيرة تُغرق عينيه في المرح، حتى لا يعلم أحد أنه لو حمل رمحاً، فلن يحتاج حصاناً ليكون آلة حرب.
ساد الصمت حين دخلت الصبية الغرفة.
رغم أنها لا تزال ترتدي الفستان الأحمر، بدا واضحاً أنها مستعدة للنوم. كان شعرها الطويل مضفوراً في ضفيرتين، وتضع قلنسوة نوم طويلة تنسدل خلف ظهرها وتنتهي بطرّافة ذهبية تشبه ذيلاً ثالثاً.
كان وجهها وردياً لامعاً قليلاً بعد غسله. رفعت طرف فستانها بقبضتها عند خصرها كي لا يجرجر ذيله على الأرض، فكشف ذلك قدميها. كانت ترتدي خفّين رماديين لكل منهما كرة صوفية صغيرة على الأصابع.
قليل من كاحلها ظهر أيضاً، مما جعلها تبدو أصغر وألطف بكثير من الإيحاء الذي كانت يفرضه صدرها المكشوف قليلاً عند فتحة العنق.
“أنت وصلت الآن فقط. قل إنك لا ترغب فيها.” همس ستوكينغ.
“أرغب. ولهذا سأغادر معها غداً ليلاً. كيف أصل إليها؟”
“تصل إليها؟ هي التي ستكلمك… إن أرادت. هذا هو الطريق الوحيد الآن. محاولة تجاوز أولئك الستة عمل انتحاري.”
صعدت الصبية درجات المنصّة، وفتحت باب القفص بخفة ريشة. دخلت، أغلقت الباب، ثم أدخلت أصابعها داخل عنق فستانها وسحبت مفتاحاً ذهبياً. أقفلت الباب، ثم ببطء شديد، أعادت المفتاح إلى مكانه داخل صدرها المكشوف.
كان الذئاب يلهثون.
كل رجل كان ذئباً.
حتى لياندر كان يبلع ريقه.
كما قالت السيدة الشبح، لا يمكن أن يستمر هذا. يجب أن تغادر. بعد لحظات، سيحاول الرجال تحطيم القفص. كان مصنوعاً لحمايتها منهم، لكنها لا يمكن أن يحميها إن هاجمها الجميع. الوضع يتأزم. وسيبلغ ذروته قريباً.
لم يبقَ أمام لياندر إلا يوم واحد.
أُعطي اليوم ليستريح، وليجعل الجميع يصدقون أنها في يوم واحد… وقعت في غرامه لدرجة أنها هربت معه. ليس لأجلها فهي ستُختطف على أي حال بل لأجل الرجال حين يكتشفون غيابها.
ولأن لياندر لا يستطيع أن يفعل شيئاً الآن، أشار إلى سرير قرب ستوكينغ وقال
“وهل هذا شاغر؟”
“الأقرب إليها هو الأفضل. ثم الصف الثاني. وبعدها أفضل الصفوف هي الأقرب إلى الباب للهواء النظيف. وهذا لك، يا رجل” قال ستوكينغ وأشار إلى سرير قرب سريره في إحدى الحلقات الوسطى.
“ممتاز” قال لياندر، ثم رمى نفسه على السرير.
بعد أسبوع في غابة سبيكنت , كانت المرتبة جنة.
عانق الوسادة. فهو نادراً ما نام بواحدة كان يضع رأسه داخل خوذته حتى لا يدخل الندى والحشرات أذنيه.
كان عليه أن يفكّر في خطّة. ماذا سيحدث لو جعل تلك الصبية الصغيرة تقع في حبه فعلاً؟
بعد دقيقة واحدة فقط… أصبحت هي وسادته في حلم دافئ ناعم، أحلام لا تطرق عادة رؤوس الرجال الذين اعتادوا تقطيع الآخرين.
يتبع…
🦋——————–🦋
سبحان الله وبحمده 🍒
سبحان الله العظيم🍒
استغفر الله واتوب اليه 🍒
تمت الترجمة بواسطة لونا 🎀
*حسباتي على الواتباد ، هيزو مانغا ، رواياتي :luna_aj7
التعليقات لهذا الفصل " 4"