وهكذا بدأ يومنا هذا…
منذ الصباح الباكر، كان طريق الأطفال إلى الروضة أكثر صخبًا من المعتاد.
فعلى غير العادة، لم يكن الأطفال وحدهم في العربات، بل رافقهم آباؤهم وأمهاتهم أيضًا.
“يرجى النزول بحذر! سيدتي هناك، لا تدفعي العربة الأمامية!”
“الرجاء إدخال الأطفال أولًا!”
“أبنتي الحبيبة ! لا تنسي حقيبتكِ!”
عند مدخل الروضة، ساد الازدحام والفوضى.
تحدثت إحدى الأمهات بحزم إلى ابنها الصغير:
“يجب أن تكون أنت، فيليت. لا أحد سواكَ !”
أما والد طفلة أخرى، فقد عانقها بشدة وقال بتوسل:
“هيليانا، إن أصبحتي أنتِ، فلن يكون لدي أمنية أخرى. لقد تخلفت عن اجتماع النبلاء لهذا اليوم فقط لأرى هذه اللحظة… هاه؟!”
وفجأة، اتسعت عينا الرجل في دهشة، وكأنه رأى مشهدًا لا يصدق.
ماذا؟ هل أرى خطأ؟ لماذا هو هنا؟ ألم يكن من المفترض أن يكون في الاجتماع؟!
صرخ الرجل بصدمة:
“جلالتكَ!”
إمبراطور الإمبراطورية، الذي يعد قلب اجتماع النبلاء، كان يقف أمامه في روضة الأطفال!
ولكن بدلاً من إعطاء أي توضيح، نظر الإمبراطور نورث إلى أخيهِ ماكسيون بغرور وقال بكلمات قاطعة:
“إنه لكَ. دون أي شك.”
في تلك اللحظة، ابتسم يوهان برقة لأخته الصغرى، ميرين، وقال:
“أتمنى أن تفعلي ما تحبين، ميرين.”
أما كايدن، فكان مشغولًا بمسح أنف أخية بانتايد.
“بانتايد، لا تأكل مخاطك.”
بالنسبة لشخص غريب، كان المشهد صادمًا بحق.
الإمبراطور، قائد فرسان المعبد، والدوق… ثلاثة من أعظم رجال الإمبراطورية يجتمعون في مكان واحد!
لكن بالنسبة للآباء الحاضرين، لم يكن الأمر غريبًا على الإطلاق. بل كانوا يهزون رؤوسهم بتفهم.
بالطبع، لا بد أنهم سيحضرون. من يستطيع أن يلومهم؟
وكما يحدث كل عام، ابتسمت المعلمة إيفينا بهدوء ورفعت صوتها بلطف:
“سنبدأ الآن باختيار أدوار المسرحية السنوية للفصل الأول.”
“وووووااااه!”
تصفيق حار!
جلس الأطفال على مقاعدهم الصغيرة وهم يضحكون بسعادة، يصفقون بكل براءة، حتى دون أن يعرفوا تمامًا ما الذي يجري.
المهم أن المعلمة قالت شيئًا، وهذا بحد ذاته يستحق التصفيق!
لكن في الجهة الأخرى، حيث يجلس الآباء…
“يجب أن تكون ابنتي البطلة.”
“لا، يجب أن يكون ابني هو البطل.”
وجوههم الجادة، النظرات المتصلبة، الجو المشحون… كان الاختلاف واضحًا.
إذا كان الأطفال أشبه بشمس مشرقة، فالآباء كانوا كعاصفة جليدية باردة.
حسنًا… هذا أشبه بساحة معركة.
في الحقيقة، اختيار الأدوار في مسرحية روضة لويندل كان يشبه الحرب كل عام.
ابتسمت إيفينا مجددًا بلطف، بينما اتجهت أنظار الجميع نحوها.
“كما تعلمون جميعًا، لدينا طريقة خاصة في اختيار الأدوار. يقوم الأطفال بتقديم عروض حول موضوع معين، ثم يصوتون لاختيار الشخص الذي قدم العرض الأفضل ليصبح البطل.”
بمعنى آخر… كان الأمر يعتمد على التصويت.
ثم أعلنت بصوت واضح:
“أما موضوع هذا العام فهو…”
بدأت تكتب على السبورة بدقة وثبات، إلى أن وضعت النقطة الأخيرة وأكملت:
“أشيائه المفضلة! خلال خمسة أيام، سيقدم كل طفل عرضًا عن أكثر شيء يحبه.”
وفور انتهاء كلامها، نهض بعض أولياء الأمور واقفين دفعة واحدة!
إحدى السيدات، التي كانت ترتدي قبعة أنيقة، وضعت يدها على فمها وهتفت بصوت خافت:
“يا إلهي! هذا كان أحد المواضيع المتوقعة في منتدى الأمهات! لهذا السبب يجب أن ننضم إليه!”
تساءل أحد النبلاء بقلق:
“انتظري، هل تتوقعون مثل هذه الأشياء هناك؟!”
“بالطبع، السير بيرتز. إنها شبكة قوية جدًا من المعلومات.”
“كيف يمكنني الانضمام؟ أريد ذلك بشدة!”
السير بيرتز، الذي يُعرف في الأوساط السياسية باسم “النسر الأسود” بسبب قوته ودهائه، كان الآن يتوسل مثل طفل صغير.
لكن السيدة نظرت إليه بأسف وقالت:
“أنا آسفة، السير بيرتز. منتدى الأمهات مخصص للسيدات فقط.”
“آه…!”
انكمش الرجل في مكانه وكأنه تلقى ضربة قاضية.
“حسنًا، سأسأل إن كانوا يفكرون في إنشاء منتدى للآباء.”
“هل هذا ممكن حقًا؟ رجاءً، افعلي ذلك!”
لكن لماذا كان الجميع مهووسًا بهذا الأمر؟
ببساطة، الطفل الذي يتم اختياره كبطل للمسرحية السنوية في روضة لويندل كان يصبح لاحقًا رئيس مجلس طلاب الأكاديمية… دائمًا.
يا لها من مصادفة غريبة، لكنها تكررت عامًا بعد عام، حتى أصبحت حقيقة مؤكدة بالنسبة للآباء!
“في البداية، عارض النبلاء هذا التقليد بشدة. كيف يمكن لأبناء الطبقة الراقية أن يرقصوا ويغنوا؟ لكن انظر إليهم الآن… يوظفون مدربين خصوصيين لتعليم أطفالهم التمثيل!”
أخيرًا، حاولت إيفينا تهدئة الأجواء الصاخبة.
“هذا كل شيء بالنسبة للإعلان عن الموضوع. أرجو من أولياء الأمور المغادرة عبر الباب الخلفي.”
الانتظار لمدة 30 دقيقة… لسماع إعلان لم يستغرق سوى 3 دقائق.
لكن لم يكن هناك أي شخص يشتكي، لأن الجميع كان مشغولًا بالتفكير في كيفية إعداد أطفالهم لهذا العرض!
“يجب أن أسأل مربية طفلي عن دميته المفضلة.”
“عزيزتي، لا ترهقي نفسك. على أي حال، ابنتي هي من ستحصل على الدور الرئيسي!”
“لا تبدأي معي، ليس لدي وقت لهذا.”
غادر أولياء الأمور واحدًا تلو الآخر، وكأنهم موجة تنسحب.
لكن… ثلاثة رجال فقط لم يتحركوا من أماكنهم.
“أصبحت معتادة على هذا المنظر لدرجة أنني لم أعد أتعجب بعد الآن.”
اقتربت إيفينا منهم بابتسامة شكلية.
كايدن، الذي كان يجلس إلى جوار أخيهِ، تحدث أولًا:
“لماذا يجب عليه فعل ذلك إن لم يكن يريد؟”
“البطل… مخيف…”
هز بانتايد رأسه ببراءة، لكن كايدن رفع حاجبه.
“ماذا لو أعطيتك 10 قطع شوكولاتة؟”
“شوكو…! لكنه لا يزال مخيفًا…”
“20 قطعة.”
“ع-عشرون…!”
هل يحاول رشوة الطفل بالحلوى؟!
حولت إيفينا نظرتها إلى يوهان، الذي كان يربت على رأس مايرين بلطف.
“مبرين ستكون كالأميرة إن أصبحت البطلة. لكن إن لم تريدي، فلا بأس.”
لكن قبل أن ترد ميرين، جاء صوت متعجرف من جانب الإمبراطور:
“كلامك غير دقيق. أختك ليست من العائلة المالكة، لذا لا يمكنها أن تكون أميرة. يمكنها أن تصبح زوجة ولي العهد على الأكثر.”
تبادل يوهان معه نظرات حادة وردّ بابتسامة هادئة:
“إن كانت بهذه العظمة، فربما يجب أن تصبح الإمبراطورة، أليس كذلك؟”
“الإمبراطورة؟ في هذه الحالة، لن تستطيع رؤيتها كثيرًا بعد الآن.”
“يا إلهي، هل بدأ الشجار مجددًا؟”
أدركت إيفينا أنها لن تستطيع البدء بالدرس طالما استمر هذا الوضع.
تنهدت بعمق، ثم قالت بحزم:
“آسفة، لكن الدرس سيبدأ الآن. أرجو منكم المغادرة فورًا.”
“…ماذا؟”
“قلت… غادروا.”
“حاضر، معلمة.”
“يؤسفني ذلك.”
“لكنني وعدته بعشرين قطعة شوكولا…”
وهكذا، خرجوا جميعًا بصمت، تاركين إيفينا أخيرًا لتبتسم للأطفال قائلة:
“حسنًا، يا صغاري! لنفتح كتب الأرقام الآن!”
التعليقات لهذا الفصل " 23"