“نعم، جلالتك. بدت الإمبراطورة وسمو الأمير راضيين تمامًا.”
أومأ كازان برأسه لتقرير رئيسة الخادمات.
يبدو أنّ تجديد الحديقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أذواقهما بعد أن بدأت الزهور تذبل، لم يذهب سدى.
“هذا جيّد. جهّزي لتجديد زهور الدفيئة قريبًا.”
“هل تريد نفس الأنواع الموجودة في الحديقة؟”
“بما أنّ الحديقة مليئة بالنباتات الشتويّة، أريد أن تكون الدفيئة مقسّمة إلى مناطق تحتوي على نباتات من فصول مختلفة. إذا لزم الأمر، اشتري المزيد من أدوات التحكّم بالحرارة السحريّة.”
“حسنًا، جلالتك. سنبدأ العمل على الدفيئة حالما يتمّ التحضير.”
انحنت المرأة بأدب وغادرت مكتب الإمبراطور.
لم يكن هذا العمل من اختصاص رئيسة الخادمات عادة، لكن بما أنّ يساريس لم تتولّ مهام الإمبراطورة، تقاسم العديد من الأشخاص أجزاء من واجباتها.
في الحقيقة، كان من الأفضل ليساريس أن تُمنح كامل حقوق وواجبات الإمبراطورة، لكن كازان لم يفعل ذلك. إذا امتلكت الكثير من السلطة، سيصبح التحكّم بالمعلومات مستحيلاً.
لذا، كان هذا إجراءً لصالحه هو، وليس لها.
يمكن القول إنّه خيار أناني لإبقائها إلى جانبه إلى الأبد.
“على أيّ حال، هذا لن يضرّ يساريس.”
بعد أن برّر كازان الأمر لنفسه، استأنف العمل الذي توقّف عنه للحظات. بعد أشهر من الجهد، لم يبقَ سوى القليل من المهام العاجلة، لكنّه واصل أداء واجباته كإمبراطور بجديّة.
أمضى وقتًا طويلاً في إصلاح إدارة الإمبراطوريّة التي كانت في حالة فوضى خلال غياب يساريس ، وأعاد توزيع الأشخاص.
وجد الأفراد الذين عملوا بإخلاص حتّى عندما كان النظام فاسدًا، وكافأهم، وصادر أراضي بعض النبلاء واستخدمها في الأماكن المناسبة، بطريقة تشبه أسلوب يساريس.
لم يكن ذلك مقصودًا بالضرورة، بل كان تأثير يساريس عليه واضحًا.
كازان، الذي نشأ كنبيل دون تعلّم فنون الحكم ، استمدّ معتقداته و توجّهاته من المحادثات اليوميّة معها. لذا، بالنسبة لشخص يُطلق عليه لقب الطاغية ، كانت سياساته عادلة نسبيًا.
لكن الفترات التي كان فيها عاقلاً بما يكفي لتطبيق هذه السياسات كانت قليلة نسبيًا.
“هل هذا كل شيء؟”
وقّع كازان على الوثيقة الأخيرة لليوم، ثم حرّك رقبته لإرخاء عضلاته المتشنّجة. عندما ألقى نظرة خارج النافذة، رأى الشمس لا تزال مشرقة بقوّة.
بما أنّه أنهى عمله مبكرًا عن المعتاد، فكّر للحظة.
لو ذهب مباشرة إلى حديقة يساريس ، هل ستكون لا تزال هناك؟
هزّ رأسه.
بدلاً من التدخّل بين زوجته وابنه اللذين يقضيان وقتًا هادئًا معًا…
“يجب أن أحضّر هديّة.”
يساريس امرأة تتأثّر وتُقدّر حتّى الأشياء البسيطة.
تجديد الحديقة في الوقت المناسب ليس سيئًا، لكن إضافة هديّة صغيرة سيجعلها أكثر سعادة، كما توقّع.
“ما الذي سيكون مناسبًا؟”
يفضّل أن تكون هديّة تحمل لمسة شخصيّة بدلاً من شيء يُشترى بالمال. بما أنّها ذكرت ذلك بنفسها، كان مصممًا على اتباع رغبتها.
لكن عندما حاول التفكير في شيء، لم يجد الكثير مما يمكن تحضيره بسرعة.
كإمبراطور، لا يمكنه الطهي، وصنع باقة زهور لن يكون منطقيًا بما أنّ يساريس في الحديقة.
بينما كان يفكّر في قطف زهور الدفيئة أو البحث عن شيء آخر، لفت انتباهه فجأة غصن شجرة جاف.
“هذا سيكون جيّدًا.”
غادر كازان المكتب دون تردّد.
لم يعد شعر يساريس طويلاً كما كان، لكنّه نما بما يكفي، فخطر له شيء قد يكون مفيدًا لها.
* * *
“…أصعب ممّا توقّعت.”
عبس كازان ثم هدأ، ورمى قطعة الخشب التي كان يمسكها دون تردّد. كان لديه الكثير من المواد، فلا داعي للتمسّك بقطعة فاشلة.
المشكلة الوحيدة هي أنّ الوقت المتاح له كان ينفد تدريجيًا.
“همم.”
نظر كازان إلى السماء ومرّر يده على شعره بعشوائيّة.
حاول نحت غصن باستخدام خنجر بدلاً من أدوات مخصّصة، لكن النسيج الخشبي كان يتشقّق في المنتصف، مما جعله يفشل في صنع سطح أملس.
ربّما كانت المشكلة في المادّة.
الأخشاب الجافة في الشتاء ليست مثاليّة للنحت.
قد يبدو من الغريب أنّ رجلاً لم ينحت في حياته لا يشكّك في مهارته، لكن كازان كان جادًا.
هو، الذي أمضى حياته يتعامل مع السيف، لم يكن ليقبل أن يفشل في نحت دبوس بسيط، لكنّه كان يواجه صعوبات متكرّرة.
“لن يكون هناك وقت للتزيين أيضًا.”
تخلّى كازان عن خطته لعمل ثقب في نهاية القطعة لتعليق جوهرة. السماء بدأت تتحوّل إلى اللون البرتقالي، وكان عليه الآن أن يقلق بشأن إتمام القطعة نفسها.
ما كان يحاول صنعه هو دبوس شعر، وهو زينة تقليديّة.
تذكّر بوضوح لحظة شاهدت فيها يساريس، متنكّرة كعامّية، هذه الأداة مع تاجر من القارّة الشرقيّة.
<ما هذا؟>
<إنّه دبوس شعر، سيدتي. يُستخدم في قارّتنا الشرقيّة لتثبيت الشعر المرفوع.>
شرح التاجر بحماس بلغة مشتركة ذات لكنة غريبة ، مؤكّدًا أنّ النساء في القصور يفضّلنه وأنّ قيمته عالية.
تذكّر كازان كيف كان التاجر يرفع السعر بشكل مبالغ فيه لقطعة خشب مزيّنة بجوهرة واحدة، مما جعله يهزّ رأسه.
كان هناك شعور بالخداع، لكن حديث التاجر كان ممتعًا و مثيرًا للاهتمام.
من بين ما قاله، كان تفصيل أنّ النساء المتزوّجات في القارّة الشرقيّة يرفعن شعرهنّ هو الأكثر إثارة للإعجاب.
كان ذلك سبب تخلّي يساريس عن فكرة شراء الدبوس يومها، وسبب اهتمام كازْهان المتأخّر به.
“هل هذا فاشل أيضًا؟”
تنهّد كازان ورمى الغصن المنحوت.
كان يتشقّق بسهولة عند أيّ خطأ، حتّى بدأ يتساءل إن كان هناك خشب مخصّص للدبابيس.
بصراحة، لم يكن عليه أن يصنع هذا بالضرورة. لكن بما أنّه بدأ، وكان هذا هديّة ليساريس، فقد أراد إتمامه.
من المرجّح أن يساريس، التي فقدت ذكرياتها المتعلّقة به، لا تعرف الدبوس. ربّما يكون هذا عملاً بلا معنى.
كرّر كازان في ذهنه الكلمات التي لم يستطع قولها ليساريس يومها.
«كنت أفكّر أن أرفع شعركِ بنفسي يومًا ما»
بشكل غير مستحق.
نظر كازان إلى يده الملطّخة بالدماء بهدوء. كانت جروح أصابعه، التي جرحها أثناء النحت بالخنجر، تؤلمه الآن.
“…لكن مهما كان المسار، أنتِ الآن زوجتي.”
تحقيق الأحلام التي طالما تخيّلها، واحدًا تلو الآخر، لم يكن مؤلمًا. لذلك، مسح كازان الدم على الجزء الأحمر من زيّه، و قطع غصنًا سميكًا آخر وبدأ بتشذيبه.
أضاءت الشمس الغاربة، المتماوجة كالسحب، عمله.
كان ينوي تقديم الهديّة أثناء العشاء، لكن يبدو أنّ ذلك لن يحدث.
تخطّى كازان العشاء.
عندما نهض من مكانه ممسكًا بنتيجة مُرضِية، كان الليل قد حلّ بالفعل.
* * *
طق- ، طق-
سارع كازان بخطواته نحو قصر الإمبراطورة.
بما أنّ الليل قد حلّ، وتأخّر أكثر بسبب إضافة جوهرة كبيرة، لم يكن لديه ما يقوله إذا كانت يساريس نائمة.
لو كان يعلم، لكان أجّل العمل إلى الغد لتحسين النتيجة بهدوء.
لكن عندما وصل إلى غرفتها، كانت الأنوار مضاءة.
دخل بحذر، فرأى يساريس جالسة على السرير تقرأ كتابًا. لم يكن مايكل موجودًا، مما يعني أنّها انتظرته عمدًا بمفردها.
“يساريس.”
شعر كازان بشفتيه ترتفعان رغمًا عنه. لم يكن هناك تفسير سوى أنّ يساريس تنتظره لقضاء وقت خاص معًا.
هل أعجبتها الحديقة الجديدة إلى هذا الحد؟
اقترب منها بنبرة حلوة، لكنّها ردّت بهدوء دون رفع عينيها.
“كاين.”
ارتفعت عيناها الزرقاوين ببطء من الكتاب. كان وجهها خاليًا من التعبير، بعيدًا عن التوقّعات التي كان يحملها كازان.
“ما الخطب؟”
أدرك كازان على الفور أنّ هناك شيئًا غير طبيعي، فجلس إلى جانبها وراقبها بحذر.
هل هي مريضة؟ هل هي منزعجة؟ تفحّصها بعناية، لكن يساريس، التي لم تتحرّك، فتحت فمها أخيرًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 77"