ما إن دخل حتّى وقعت عيناه على صناديق المجوهرات التي تحيط بالسرير. ثمّ قال بنظرة حادّة موجّهة إلى نانييل:
“يبدو أنَّ هذه الأشياء طلبتها زوجتي.”
كان يملك قدرةً تُلقي الرّهبة في النفوس لمجرّد وجوده. فانحنى نانييل برأسه وهو يرتجف من الخوف وأجاب:
“ن، نَعَم…….”
“الكمّيّة قليلة. اشترِ كلّ هذا، وابحث عن كمّيّةٍ مماثلة، واصنع منها حُلِيًّا.”
“نعم، سأقوم بترتيبها فورًا…… عفوًا؟”
أجاب نانييل آليًّا وهو ينحني، لكنّه ما لبث أن أدرك معنى الكلام، فعاد يسأل وهو على وشك الإغماء. عندها، عبس بنجامين قليلًا.
“هل كلامي صعبُ الفهم؟”
كلمته القصيرة كانت أشدّ وقعًا من نصل السّيف.
أخيرًا أدرك نانييل الجوّ السّائد، فانحنى أكثر وهو يجيب بصوتٍ عالٍ:
“نعم! نعم! سأجلب قطعًا تُرضي سموّ الدّوق وسموّ الدّوقة بكلّ تأكيد! ه، هل تريدني أن أرتّب هذه الصّناديق إذًا؟”
“لا. سيقوم الخدم بترتيبها. يمكنك الانصراف.”
“نعم! شكرًا لك…… أعني، شكرًا على طلبك الكريم!”
ثمّ انحنى نانييل بانفعال وركض هاربًا من الغرفة.
نظرت ساي حولها إلى الصّناديق المكدّسة بتعجّب. لم يكن هذا مجرّد فشل في التّراجع عن المجوهرات، بل انتهى بها الأمر إلى الحصول على كمّيّةٍ أكبر منها.
زفرت ساي بهدوء.
اقترب بنجامين منها بجوّ باردٍ كالرياح القارصة. بدا على وجهه تعبيرٌ معقّد أشبه بالغضب.
حاول أن يقول شيئًا، لكنّه تردّد وأغلق فمه مجدّدًا.
ساد الصّمت بينهما لبرهة.
الغريب أنَّ ساي لم تجد في ذلك الصّمت أيَّ حرج.
حين همّت بالكلام، بادر بنجامين بالسّؤال بصوتٍ جافّ وهو يتجنّب النّظر إليها:
“……هل اشتريتِ القليل فقط؟”
نظرًا لنبرته الجامدة وتعبيره المتصلّب، ظنّت ساي أنّه يوبّخها على شراء كمّيّةٍ كبيرة من المجوهرات.
أجابت ساي بهدوء.
“بل على العكس. لقد اشتريتُ الكثير.”
عندها عبس بنجامين بانزعاج. وأسدل ظلًّا على وجهه المنحوت تحت شعره الأسود الكثيف.
“بناءً على ما رأيتُه سابقًا، فإنَّ الكمّيّة الّتي اشتريتِها اليوم تُعدّ قليلة. لذا اشتريتُ المزيد.”
“يبدو أنّك نسيت، يا سموّ الدّوق، لكنّني رأيتُ هذا الرّجل لأوّل مرّة اليوم. للأسف، لا أذكر أنّني طلبتُ منه مجوهرات من قبل. لا أعلم كيف كنتُ سابقًا، لكنّني على الأقلّ اليوم حاولتُ أن أرفض حفاظًا على أموال الدّوق.”
“هل كنتِ حقًّا تنوين الرّفض؟”
سأل بنجامين مجدّدًا، فأومأت ساي برأسها.
“إذا كانت لديكَ تحفّظاتٌ حول ما اشتريتُه من مجوهرات في الماضي، فسأبدأ بالتّقليل من اليوم.”
“هل تقولين إنّكِ ستتوقّفين عن شراء المجوهرات؟”
بدت الحيرة واضحة على وجه بنجامين.
عند ذلك، تيقّنت ساي.
‘يبدو أنّني كنتُ مبذّرةً في هذا الجانب على الأقلّ. وربّما لم يستطع الدّوق التّدخّل بسبب مركزه كنَبيل. خصوصًا إن كان هذا زواجًا سياسيًّا، فقد فضّل السّكوت حفاظًا على المظاهر.’
“نعم. أفكّر في التّقليل من الآن فصاعدًا. أشكركَ على تسامحكَ في الماضي، لكنّي أرى أنَّ من واجبي كدوقة أن أتحلّى بالتّواضع. لذا، فلنجعل هذا آخر يومٍ أستدعي فيه ذلك التّاجر.”
‘لو أصريتُ على إعادة المجوهرات الّتي اشتراها اليوم، فقد يُنظر إلى ذلك على أنّه ازدراءٌ للدّوق. عليّ الحذر.’
عندما قالت ساي ذلك، زادت تجاعيد العبوس في جبين الدّوق. بدا عليه أنّه غير راضٍ.
“ظننتُ فقط أنّكِ تحبّين المجوهرات، لذا رغبتُ في أن أسمح لكِ ببعضها. وإن كان السّبب ضيق الميزانيّة، فسأزيدها لكِ. عائلة ريفرستا ليست فقيرةً لدرجة ألا تستطيع أن ترفع من مقام الدّوقة.”
‘أوه لا. هل اعتقد أنّني أُهينه؟’
لم تكن ساي تقصد ذلك أبدًا. الآن وقد تزوّجت، كلّ ما تريده هو العيش بسِلمٍ مع زوجها.
لطالما كانت تحلم بالسّلام حين كانت آنسةً في منزل ألانترا.
أسرعت ساي في رسم ابتسامةٍ على وجهها وقالت.
“لم أكن أقصد التّقليل من شأن الدّوق. أرجو ألا تسئ فهمي.”
عندها قبض بنجامين قبضته ثمّ بسطها مرّة أخرى. كان ذلك سيبدو مجرّد توتّر لو فعله شخصٌ عادي، لكنّ بنجامين جعله يبدو تهديدًا.
سارعت ساي إلى إضافة.
“إن كنتَ قد شعرتَ بالإساءة، فأنا أعتذر. لم أكن أنوي أبدًا جرح مشاعرك، سموّ الدّوق. كلّ ما أردته هو أن أكون زوجةً تليق بك، وإن تسبّب ذلك في أيِّ إزعاجٍ لكَ…….”
“ليس كذلك.”
قاطعها بنجامين بحدّة. بدا عليه شيءٌ من القلق. تنهد ناظرًا بعيدًا، ثمّ مرّر يده في شعره، فتدلّت خصلات سوداء بين أصابعه.
“ما كنتِ تفعلينه لم يُزعجني قطّ.”
كان ذلك جوابًا رسميًّا للغاية.
‘هل يعني هذا أنَّ علاقتنا كانت جيّدة لأنّنا لم نتواصل عاطفيًّا من الأصل؟ أحيانًا يكون البُعد نفسه سببًا لغياب المشاكل.’
“نعم. تمّ التّرتيب للزّواج بناءً على طلبٍ من كونت ألانترا، وبعد نصف عام تزوّجنا. ألَا تذكرين لقائنا الأوّل أيضًا؟”
“للأسف، لا أذكر أيَّ شيء.”
هي لا تتذكّر، لكنّ قدومها إلى منزل الدّوق لم يكن خيارًا سيّئًا.
منزل الدّوق يملك المال والسّلطة، والدّوق يُعاملها باحترامٍ كزوجة.
وهي لطالما تمنت أن يتغيّر حالها بالزّواج.
لكنّها لا تريد أن تكون دوقةً لا تُحترم، ولهذا فهي تريد أن تعرف كيف كانت تعيش هنا من قبل. خاصّة بعد ما لاحظته من تصرّف الخادمة.
‘أريد أن أعرف كيف كنتُ أعيش هنا بمزيد من التّفصيل……’
من الواضح أنّها لن تحصل على الكثير من المعلومات من شخصٍ متحفّظٍ كالدّوق.
رغم عبوسه، لا يزال يطلب لها المجوهرات من باب حفظ ماء الوجه على الأرجح.
ساي بحاجة إلى شخصٍ صريح. ليس مثل بنجامين بوجهه الغامض وكلماته الرّسميّة.
من يعرف كلّ شيء عمّا يجري في القصر دون أن يتكلّم غالبًا هو…….
‘الخَدَم. لا أحد غيرهم.’
لكن لا ينبغي أن يكون خادمًا مخضرمًا. من يملك منصبًا رفيعًا قد لا يجرؤ على الكلام.
فكّرت ساي في الخادمة الّتي رتّبت الزّهور وغادرت أخيرًا من غرفتها.
فتاة شابّة، قليلة الخبرة. لو تقرّبت منها، قد تبوح ببعض الأمور.
كانت غارقةً في التّفكير، حين تحدّث بنجامين مجدّدًا بجفاء:
“أنتِ دوقة، ويمكنكِ فعل ما تشائين. سواء في المجوهرات أو غيرها.”
أيُّ شيء؟ حسنًا، فرصةٌ مناسبة.
أجابت ساي بسرعة.
“فهمتُ، يا سموّ الدّوق. إن كانت هذه مشاعرك، فلي طلبٌ صغير.”
ابتسمت ابتسامةً خفيفة، ترجو بها قبول طلبها.
ظنّت أنّه سيسأل فورًا عن طلبها. لكنّه ظلّ ينظر إليها بدهشة، كما لو أنّه يرى ابتسامتها لأوّل مرّة.
لكنّ هذا مستحيل. فبعد أكثر من عام من الزّواج، لا يُعقل أنّه لم يرَها تبتسم.
وحين لم يسأل عن الطّلب، اضطُرّت ساي إلى البوح به بنفسها.
“بعد الإصابة، شعرتُ بالحاجة إلى خادمةٍ خاصّة ترافقني وتساعدني في كلّ شيء. وقد راقت لي الخادمة الّتي رتّبت الزّهور في غرفتي قبل قليل. أرغب في جعلها خادمتي الخاصّة، فهل تأذن لي بذلك؟”
لعلّ لها الحقّ في اختيار خادمتها الخاصّة، لكنّها لا تريد أن تُستبدل أثناء تحقيقها، لذا فضّلت أن تحصل على إذن مباشر من الدّوق.
فهو شخصٌ يشتري لها مجوهراتٍ باهظة، لذا ظنّت أنّه سيوافق بسهولة.
لكن بنجامين رفض بشكلٍ قاطع.
“تلك الخادمة… لا يمكن.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"