لن أخدع مرتين [ الفصل 14 ]
في ذلك اليوم، كان هناك أربعة رجال ساعدوا ليكاردو في تهريب إيزابيلا من السجن.
لكن باستثناء كاساندرا التي لم تكن من رفاق الحرب، تبقى ثلاثة فقط.
‘ من المؤكد أن شقيق كاساندرا، دايفيس باتوكا، ليس من بينهم…’
فلو كانت لدى دايفيد مشكلة واقعية دفعته للخيانة، لكانت كاساندرا أول من تضرر.
ومن غير المعقول أن يتآمرا معاً؛ فذلك كان كفيلاً بنسف خطة الهروب من أساسها.
وفوق كل شيء، إيزابيلا تعرف جيداً مقدار كراهيتهما المشتركة لـفايتشه.
‘ إذًا، لم يبقَ سوى اثنين…’
حاولت إيزابيلا أن تسترجع صورتهما في ذهنها، لكن الأمر لم يكن سهلاً.
في حياتها السابقة، لم تكن حتى تعرف اسميهما، ولم تقترب منهما قط، لذلك لم تكن تتذكر ملامحهما جيداً.
لمحَت فقط خصلات شعر أخضر داكن وآخر وردي، لكنها هزّت رأسها لتطرد تلك الصور الغائمة.
‘ على أي حال، الأهم الآن هو أن أقترب منهما.’
أن تكتسب ثقتهما لدرجة تجعلهما يفتحان لها قلوبهما.
‘ حتى كاساندرا لم تتمكن من معرفة الخائن، وهذا يعني أن قواها الاستخباراتية وحدها لا تكفي.’
ورغم الغموض، لم تستسلم إيزابيلا أو تشعر بالتوتر.
فالوقت ما زال في صالحها.
ومع هدوء وثقة، تجولت في السوق.
لكن بعد ساعات من التجوال دون جدوى، رفعت الراية البيضاء:
‘ لا شيء يناسبهم هنا.’
كان من الصعب اختيار هدية تليق بمن عادوا من ساحة المعركة.
الزهور؟ خيار مستهلك، وسرعان ما تذبل. فاستبعدته.
الطعام؟ غير مجدٍ أيضاً. فهناك ولائم بانتظارهم.
خنجر شخصي؟ فكرة لطيفة… لكن مكلفة جداً.
وبعد طول تفكير، وصلت إلى قرار:
‘ سأصنعها بنفسي… ربما شارات تحوي لمسة من قوة الأرواح.’
فالأشياء التي تحمل قوة الأرواح باهظة جداً في السوق.
لأن تصنيعها متعب، والنتيجة غالباً لا ترقى لحجم الجهد المبذول، لذلك نادراً ما يصنعها المستدعون.
ومعظمهم يعتبرون أن قيمة ندرتهم تكمن في كونهم لا يفرّطون بهذه الطاقة.
لكن إيزابيلا قررت أن تستغل هذه الصورة العامة لصالحها.
فبذلها هذا الجهد، سيبدو في نظر الآخرين كأنها تعبت من أجلهم بإخلاص.
‘ عليّ أن أعيد قراءة رسالة ثيو بدقة حين أعود.’
فإن صمّمت الشارات بناءً على طباع كل فرد، سيكون لها أثر أعمق.
لكن الوقت يداهمها؛ يجب أن تنهيها قبل وصولهم إلى العاصمة.
‘ إذاً، عليّ العودة بسرعة… آي!’
وبينما كانت تهمّ بالاستدارة، اصطدمت بشخصٍ بدا وكأنه جدار.
ارتدت إلى الخلف من قوة الاصطدام، لكن الرجل أمسك بذراعها قبل أن تسقط.
“…!”
وحين رأت ملامحه، سحبت ذراعها بسرعة، وكأن شيئاً ساخناً قد لامسها.
“ أوه، آنستي… هل أنتِ بخير؟“
قالها بنبرة ناعمة تشبه نسمة عابرة تُسكر السامع.
خفق قلب إيزابيلا بقوة.
‘ عزيزتي بيلا… إن لم تريدي أن تتأذي، من الأفضل أن تتبعيني.’
صوت قديم ومشؤوم، خرج من غياهب الذاكرة.
‘ مقاومتك عبث. كفي عن إتعابي واستسلمي فحسب.’
صور من ماضيها تساقطت أمام عينيها كوميض الموت.
تعويذة التلاعب التي أفقدتها إنسانيتها، وغسيل دماغها البطيء، وعجزها حين كانت مجرد دمية في يديه…
‘ آه، بيلا الطاهرة…’
ذكرى مقززة.
الغضب والكراهية اشتعلا في قلبها دفعة واحدة.
‘ كنت أعلم أننا سنتقاطع بعد دخوله العاصمة… لكن ليس بهذه السرعة.’
لا بد أنه بدأ يتعقبها منذ البداية.
‘ لابد أنه راجع سجل دخول المدينة.’
‘ كم هو مقزز.’
“ هل تأذيتِ؟ عذرًا، كان يجدر بي أن أنتبه.”
قالها وهو يتظاهر بالأسى.
لكن إيزابيلا التي تعرف وجهه الحقيقي، كادت لا تتحمل النظر إليه.
“ لا، أنا بخير.”
أجابت ببرود، تخفي شعورها بالاشمئزاز خلف نبرة هادئة.
بل ورسمت ابتسامة خفيفة.
ابتسامة لم تكن لتستطيع إظهارها لولا ما عايشته في حياتها السابقة.
“ أشكرك على إنقاذي، وعذرًا على الإرباك.”
استدارت لتغادر، لكن صوته أوقفها:
“ ألم نلتقِ من قبل؟“
جملة مستهلكة وساذجة.
وقد كادت تضحك؛ كانت قد سمعتها منه في حياتها السابقة.
‘ ألم نلتقِ من قبل؟‘
نفس الأسلوب، حتى بعد كل شيء.
“ لا أظن… لستُ أذكر.”
لكن بخلاف ماضيها، هذه المرة أنكرت تماماً.
“ غريب، متأكد أنني رأيتك في كومّ…”
“ كنتَ تعيش في كومّ؟“
سألت وهي تتظاهر بالاستغراب.
“ ظننت أنني أعرف كل من عاش هناك… في أي حي كنتَ؟“
رغم علمها بأنه يكذب، إلا أنها واصلت التمثيل.
“ هاها، لم أكن أعيش هناك فعلاً. زرتُ البلدة فقط، وكنتِ لطيفة وأرشدتِني للطريق.”
“ حقاً؟ لا أذكر ذلك.”
بما أن كومّ نادراً ما يزورها الغرباء، فالمقيمون يتذكرون الزوار عادة.
لكنها أصرت على الإنكار.
“ عادة ما أتذكر الوجوه جيداً…”
تمتمت وكأن ملامحه لم تترك فيها أي أثر.
ارتجف فم فايتشي قليلاً.
كان يعتقد أن مظهره لا يُنسى، خصوصاً بين النساء.
أن يُنسى بهذه الطريقة… مسّ كبرياءه.
لكنه كتم غضبه. فالوقت ليس مناسباً للغضب.
“ لا بأس… قد يحدث ذلك.”
قالها رغم أنها لم تعتذر حتى، ثم تابع بابتسامة:
“ بالمناسبة، هل يمكنكِ مساعدتي في العثور على مكان ما؟“
حاول استدراجها من جديد.
“ أبحث عن متجر للزهور، لكن هذه المنطقة مربكة قليلاً.”
“ متجر للزهور، تقول؟“
في الحقيقة، رأت واحداً أثناء تجوالها، لكنها لم تكن تنوي أخذه إليه.
لأنها كانت تعرف تماماً أن فايتشي لا يبحث عن الزهور.
“ غريب… في كل مرة أضيع فيها الطريق، أصادفك.”
قالها وهو يبتسم، ثم أضاف:
“ في كومّ، والآن في العاصمة… أليس هذا قدَرًا؟“
لكن إيزابيلا تجاهلت كلامه، وأخذت تدور ببصرها، وكأنها تبحث عن متجر زهور.
لكنها كانت تبحث عن شيء آخر تمامًا.
‘ ها هو… قريب جدًا.’
كان المبنى على بُعد أقل من مئة متر.
ابتسمت، ثم استدارت إليه:
“ سأدلك على المتجر، اتبعني.”
قادته إلى مكان ما.
“ أحقًا من هناك؟ السوق في الجهة الأخرى، كما أظن…”
قالها بتردد، لأنه كان يعرف موقع المتجر أصلاً.
لكنها لم تجبه، ومضت في طريقها.
وحين توقفت أمام أحد المباني، تردد فايتشس في الدخول.
“ ألن تدخل؟“
سألته بابتسامة وهي تفتح الباب.
ابتسم بتصنّع وقال:
“ أعتقد أن هذا ليس متجر زهور…”
ارتعشت شفته قليلاً، كمن يحاول كبت ضيقه.
كان الأمر واضحًا… لقد انزعج.
“ أنا جديدة في العاصمة، لذا لم أتمكن من مساعدتك بنفسي.”
قالتها ثم أشارت إلى اللوحة:
“ لكن أوصي أن تطلب المساعدة من هنا.”
لقد جاءت به إلى مقر نقابة باتوكا.
كاد وجه فايتشي أن يتجعد من الغضب.
‘ هل تعرف… ؟ لا، مستحيل.’
من غير المعقول أنها تعرف أنه أمير، أو أنه على عداء حاد مع قائد هذه النقابة.
ومع ذلك، شعوره بالانزعاج كان يتزايد.
فوجهها المبتسم البريء كان يزيد من إحساسه بالمرارة.
لكنه تمالك نفسه وأعاد رسم الابتسامة:
“ لمَ لا نتجوّل معاً؟ التجوّل في السوق ممتع أيضاً، وقد يكون نزهة لطيفة.”
قالها بنغمة عذبة.
“ نتوه معًا، إذًا؟“
“ بل نعتبره استكشافاً. قلتِ إنك جديدة في العاصمة؟ سيكون الأمر فرصة لاكتشافها.”
لو سمع أحدهم هذا الحديث، لظنه غاية في الرومانسية.
لكن إيزابيلا فقط كانت تتساءل:
‘ إلى هذا الحد مهووس؟‘
لم يكن ينوي تركها بسهولة.
نظرت إلى كارتر الحارس الذي تبعه بهدوء.
‘ لن يكون التخلص منه سهلاً.’
ولأنه لا يعلم بعد أنها أصبحت مستدعِية أرواح، فلا يمكنها استخدام نووم للهرب.
بل إن أي محاولة للهروب ستبدو مريبة.
فكرت حتى في طلب المساعدة من ذلك الذي يراقبها بأمر من داليان…
لكن المساعدة جاءت من حيث لا تتوقع:
“ ما بكِ؟ لمَ عدتِ مجددًا؟“
ــــــــــــــــ
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل : https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات