قالَ الدوق الأكبر وهو يقرأ المستندات: “أشعرُ بالملل. هل يُمكنكِ أن تقولي أيَّ شيء يا ليلي؟”
إذًا، هذا هو دور اليوم.
يطلبُ منّي أن أقولَ أيَّ شيء على الرغم من أنّه يعرفُ جيّدًا أنّني لستُ بارعة في الكلام. هذا مُحرج بالفعل.
لكنْ لحسن الحظّ، لم يكنْ خطيرًا (؟) مثل الأمس.
“على سبيل المثال، تحدّثي عن طفولتكِ.”
…هل الأمر ليس كذلك؟ هل هو خطير؟
ارتجفَ جسدي غريزيًّا. لم أكنْ أتوقّعُ أن يأتيني سؤال عن ماضي ليليان بهذه الطريقة المُفاجئة.
في غضون ذلك، تابعَ الدوق الأكبر الكلام وهو يُسند ذقنه بيده اليسرى: “أنا مُهتمّ. كيف كانتْ الطفولة التي تتذكّرينها يا ليلي؟”
تبعَتْني نظراته المُلحّة. كان ينتظرني لأفتحَ فمي.
تجنّبتُ نظره بخفّة وتركتُ الكلمات مبهمة.
“أوه، أم، أنا فقط …”
لقد بدأتُ الكلام، لكنْ لم يكنْ لديَّ ما أقوله.
لأنّني لا أعرفُ الكثير عن هذا الجزء!
لقد كان كلُّ ما أعرفه هو قصّة حياة ليليان التي سمعتُها باختصار من الدوق الأكبر في اليوم الأوّل من عملي كخادمة خاصّة، وبعض الأشياء التي التقطتُها من هنا وهناك.
‘ماذا أفعل؟ هل أخترعُ شيئًا تقريبيًّا؟’
آه، لا.
سيكون الأمر كارثيًّا إذا ظهرَ أيُّ شيء مُختلف عمّا يملكه الدوق الأكبر من معلومات.
“فقط؟”
سألَ الدوق الأكبر مُستعجلاً.
عندئذ، نطقتُ بكلمة واحدة على مضض.
“كنتُ صغيرة…”
صفرة-
سادَ جوّ بارد داخل المكتب.
حتّى الدوق الأكبر، الذي كان يضحكُ بشكل سخيف بغضِّ النظر عمّا أفعله مُؤخّرًا، بدا وكأنّه يقول: “ألن يكفي هذا؟”
فجأةً، بدأَ العرق ينسابُ من جبهتي. لم أكنْ واثقة من أنّني أستطيع إصلاح هذا الجوّ بمهاراتي في الكلام.
“أيُّها الدوق الأكبر، أنا نويل. هل يُمكنني الدخول للحظة؟”
أُنقذتُ!
بفضل ظهور نويل في الوقت المُناسب، تنفّستُ الصعداء.
عبسَ الدوق الأكبر وأمرهُ بالدخول.
‘هاه.’
آنا، و أخ آنا أيضًا. إنّهما يُساعدانني كثيرًا في كلِّ مرّة.
إنّهما حقًّا أناس طيبون.
“ليسَ الأمر كذلك، ولكنَّ الإشاعات التي تتردّد في العاصمة مُؤخّرًا غريبة بعض الشيء. هذا مُجرّد تخمين منّي، لكنْ…”
بدأَ نويل، الذي حيّا بتحيّة رسميّة، في تقديم تقريره بينما كان يُراقبني. يبدو أنَّها قصّة لا ينبغي لي أن أسمعها.
‘هذا أفضل!’
انتهزتُ هذه الفرصة للتسلّل إلى الخارج بهدوء.
تجاهلتُ نظرة الدوق الأكبر التي التقتْ بي من خلال الباب الذي كان يُغلقُ بهدوء.
***
بصرف النظر عن خروجي من المكتب بأمان، إلّا أنَّ الشعور بالخطر ظلَّ قائمًا.
فكّرتُ للحظة ثمَّ ذهبتُ فورًا لرؤية شخص واحد.
“هل تسألين عمّا أعرفه عن ماضيكِ؟”
نظرتْ إليَّ آيفي بعينين مُندهشتين. عندئذ، أومأتُ برأسي وأضفتُ شرحًا: “سواء كنتِ تعرفين أم لا، فقد أصبحتْ ذاكرتي مُتقطّعة بعد ذلك الحادث. لذا، أُريدُ أن أُقارن ما أتذكّره لأتأكّد من صحّته.”
رمشتْ آيفي بعينيها ثمَّ ضحكتْ ضحكة خافتة.
“أعتقدُ أنّني قلتُ لكِ هذا في المرّة الأخيرة …”
“نعم؟”
“لماذا تسألينني أنا؟”
كان وجهها مُنزعجًا وغاضبًا.
حسنًا، نحن لسنا مُقرّبين بما يكفي لإجراء محادثات ودّيّة. لكنْ كان لديَّ سبب هذه المرّة أيضًا.
“هل كان عمركِ تسع سنوات، أو عشر سنوات؟ قيلَ إنَّ عائلتكِ أُفلستْ بسبب الديون.”
“أجل.”
“توفّي والداكِ بسبب ذلك، وغادرَ أخوكِ الأكبر، الذي كان يُحاول كسب المال لوحده، واختفى، ممّا جعلكِ يتيمة تمامًا-“
“ماذا؟”
هل لدى ليليان أخ؟
سألتُ دون قصد، فنظرتْ إليَّ آيفي وكأنّها تتساءل عن السبب. استأنفتْ كلامها فقط بعد أن لوّحتُ بيدي وقلتُ إنّه لا شيء.
“على أيِّ حال، لقد عشتِ مع قريب بعيد لوحدكِ، والآن أتيتِ إلى قصر الدوق الأكبر للعيش باستقلاليّة، وهذا كلُّ شيء.”
“…”
“لا، لكنْ ألم تكوني تعيشين مُتطفّلة هنا ولم تفعلي شيئًا؟ على الرغم من أنَّها فترة تدريب، إلّا أنّني لم أرَ شخصًا غير كُفء مثلكِ في العمل. من المُدهش أنّكِ لم تُطرَدي.”
تذمّرتْ آيفي، قائلة إنَّ هذا هو السبب في أنَّ النبلاء لا يصلحون لشيء.
لكنْ لم أعدْ أسمعُ أيَّ شيء. كنتُ مُنشغلة بالتفكير في المعلومات الجديدة التي اكتشفتُها.
لقد سمعتُ للتوّ عن مسقط رأس ليليان وموقع منزل الأقارب الذي عاشتْ فيه بعد إفلاس عائلتها.
‘ذاكرة آيفي جيّدة بشكل مُدهش.’
لقد تذكّرتْ تقريبًا جميع تفاصيل المُستند الذي رأته مرّة أو مرّتين فقط.
كان هناك سبب حقًّا لكونها تُوصف بأنّها جيّدة في العمل. لأنَّ هذا ليسَ شيئًا يُمكن أن تسمعه لمُجرّد كونها ابنة أخت رئيسة الخادمات.
‘هل هذا يكفي في الوقت الحالي؟’
فكّرتُ مرّة أخرى في ماضي ليليان الذي شرحتْه آيفي.
على الرغم من أنَّه من المُحتمل أن تكون هذه معلومات كاذبة تمَّ اختلاقها للتظاهر بأنّها خادمة، إلّا أنَّ المعلومات التي يملكها الدوق الأكبر لن تكون مُختلفة جدًّا.
‘لو كان الأمر كذلك، لكانتْ قد طُردتُ مُنذ فترة طويلة.’
بتُهمة الاحتيال الوظيفيّ.
على أيِّ حال، لقد عرفتُ الآن سيرة العمل الرسميّة، وهذا يكفي. إذا سألَ الدوق الأكبر عن طفولة ليليان مرّة أخرى، فسأُجيبُ بشكل مُبهم بناءً على هذه المعلومات.
وإذا سألَ أكثر تفصيلاً، يمكنني ببساطة أن أقولَ إنَّني أشعرُ بحزن شديد لدرجة أنّني لا أستطيع الكلام عندما أتذكّرُ عائلتي.
‘بالنسبة للأخ الذي قيلَ إنّه مفقود … يجب أن أبحثَ عنه أكثر لاحقًا.’
بصراحة، حتّى لو لم يكنْ منزل الأقارب صحيحًا، فمن المُحتمل أن تكون العلاقات العائليّة حقيقيّة.
سيكون من الطبيعيّ خلطُ الأكاذيب ببعض الحقائق بدلاً من تغيير هويّتها بالكامل.
‘على الأقلِّ، سيكون من الجيّد معرفة ما إذا كان على قيد الحياة.’
هذا ما استنتجتُه.
لقد حصلتُ على نظرة من آيفي تقولُ: “ما الذي تتذكّرينه على الإطلاق؟” لكنَّها كانتْ مكاسب قيّمة جدًّا.
التعليقات لهذا الفصل " 40"