“لكن ماذا لو حصل لك مكروه وأنتِ وحدك؟ فتاة تخرج من غير خوف؟”
“ألا ترى أولئك الأطفال؟ ثم إن الوقت الآن وضح النهار.”
كنتُ منزعجة أنا أيضًا.
فليونيل، الذي لم يُبدِ أي اهتمام بمراسم الشكر—ذروة احتفالات يوم التأسيس—وأمضى الصباح يتسكع، بدأ في الجدال معي حين أخبرته أنني سأذهب وحدي.
وفي النهاية، بعد أن صرخت في وجهه بأنني سأذهب بمفردي، لحق بي متذمرًا.
لو كنت أعلم أنه سيستمر بالتذمر حتى بعد أن خرج، لكنت تركته حقًا.
-واو! ووووه!
في تلك اللحظة، هزّ هتاف الجماهير الأجواء.
توقفت عن الجدال السخيف ومددت عنقي لأتطلع إلى المبنى الضخم الذي يحتل طرف الساحة.
بدأ الكهنة، المرتدون لثيابهم المقدسة، يظهرون عند قمة الدرجات الرخامية العالية.
ثم تبعهم أفراد العائلة الإمبراطورية بملابسهم الفاخرة.
نعم.
السبب في شعبية مراسم الشكر، هو أنه يمكن للناس رؤية أفراد العائلة الإمبراطورية جميعًا في مكان واحد.
وأنا أيضًا أتيتُ لأرى وجه كارسيون، لعلّي ألمحه.
كان الانتظار حتى يوم 26 طويلاً جداً.
“غريب… لماذا يوجد ثلاثة من الأمراء؟”
“يا للروعة، أليس ذلك صاحب السمو كارسيون؟”
“يا إلهي، أليست هذه أول مرة يظهر فيها في احتفال الشكر؟”
“يشبه التمثال تماماً.”
كانت الهمسات تتسلل إلى أذني من كل مكان. بدأ الناس ينظرون تباعاً إلى تمثال البطل المقام في الساحة احتفالاً بهزيمة التنين الأسود، ثم إلى الظلال الواقفة على المنصة.
ابتلعت ريقي بهدوء.
يبدو أنني محظوظة… في العادة لا يظهر، أليس كذلك؟
شعرت براحة داخلياً، وفي تلك اللحظة بدأ كبير الكهنة في إلقاء خطبته المهيبة. رفع يده إلى السماء شاكراً النعمة الإله التي سمحت بتأسيس الإمبراطورية وازدهارها. كانت خطبة تجمع بين شيء من الطقوس الرسمية والهيبة التي تهيمن على الحشود.
بعدها خرج الأمراء وأشعلوا المشاعل من النار الموضوعة في المركز ورفعوها عالياً. الأمير الوريث في المنتصف، وعلى جانبيه سيدريك وكارسيون.
“يا له من استعراض…”
كنت أركز بكل انتباه على كل حركة لكارسيون الذي لم أره منذ مدة، فسمعت بجانبي صوتاً غاضباً.
آه، ليونيل مجددًا… لماذا جاء أساسًا؟
نظرت إليه بنصف عين فتصرف وكأنه لم يقل شيئاً، لكني كنت واثقة أن كلماته الساخطة كانت موجهة إلى كارسيون من بين الأمراء الثلاثة.
عدت بتركيزي إلى المنصة وهمست كمن تتحدث إلى نفسها:
“إنه حقاً رائع. تشعر بوقار الأمير فيه. لا عجب أنه بطل.”
فرد ليونيل هو الآخر وكأنه يحدث نفسه:
“يتظاهر بالروعة فقط… هو في الحقيقة شخص ضيق الأفق ومليء بالغيرة.”
“أنا واثقة أن قلبه رحب كالمحيط. ثم إنني مدينة له بالكثير.”
“لم أعد أحتمل. كأنه طفل مدلل يحاول التصرف كالبالغين.”
“وأنا أتفق معك تماماً.”
…هاه؟
لم تكن الجملة الأخيرة من قولي.
هل هناك من كان يتنصت على حوارنا؟ ارتجفت بدهشة والتفت إلى الخلف. وكذلك فعل ليونيل.
ثم…
“لقد كبر الطفل المدلل كثيراً.”
رجل في منتصف العمر، بشعر داكن مائل للبني ولحية بلون مماثل، وقف هناك ينظر إلينا، وخاصة إليّ، بنظرة يملؤها الفضول. ثم أدار رأسه نحو ليونيل.
“وأنت، لماذا بدوت مندهشاً لرؤيتي؟”
“…!”
“أظنها أول مرة نلتقي فيها.”
“ظننتكَ شخصاً أعرفه، لكن يبدو أنني كنت مخطئاً. بعدما نظرت جيداً، أنت مختلف تماماً.”
“أهكذا؟”
مرر الرجل يده الخشنة التي لطالما عركتها الأيام على لحيته، ثم عاد لينظر إليّ.
“مصادفة غريبة. لقد شدني الشبه بينكِ وبين شخص أعرفه. والآن بعد أن دققت النظر… الشبه أكبر.”
“… رينيه إيفلين، أليس كذلك؟”
“…!”
تجمدت ملامح الرجل عند كلامي. يبدو أن وجهه العفوي السابق لم يكن سوى قناع، وهذه هي ملامحه الحقيقية.
لم أستطع أن أنزع عينيّ عنه، وشعور غريب بدأ يتسلل إليّ.
من هذا؟
وجهه ليس مألوفاً، لكن لا يبدو من الجيد أن أدعه يرحل هكذا. صرت معتادة على أن يخطئني الناس ويخلطوا بيني وبين رينيه إيفلين، لكن هذا الرجل… شعرت أنه مختلف.
كيف أقول هذا…
كأنه الشخص الوحيد القادر على سدّ جزء من الفراغ الذي ظلّ يؤرقني مؤخراً…
“لينا، هيا بنا. لم أكن أتوقع أن نلتقي بشخص يخلط بينك وبين تلك المرأة هنا في الساحة.”
“لينا؟”
سأل الرجل بدهشة.
فنظر إليه ليونيل بنظرة حذرة.
“يبدو أنكَ مجرد سياف متجول، لذا من الأفضل أن تتابع طريقك. فنحن سئمنا تماماً من كل ما يخص تلك المرأة.”
ثم أمسك بذراعي ليجرني معه. وعندما مدّ الرجل يده نحونا، وكأنه لا يريد تركنا نرحل…
“…معلمي!”
هاه؟
صوت مألوف…
التفتُّ سريعاً نحو مصدر الصرخة المتحمسة.
كان كارسيون، الذي من المفترض أن يكون على المنصة، يقتحم الحشود مرتدياً قلنسوة بنية اللون.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 47"