نزلنا إلى غرفة الركاب.
شعرتُ بالصدمة عندما رأيتُ حالة الغرفة المزرية في الدرجة الثالثة.
‘هذا مبالغٌ فيه…’
ممر ضيق بالكاد يتسع لشخص واحد،
وعلى جانبيه سريرٌ بطابقين. فقط هذا، ولا شيء آخر.
حتى رايان بدا مصدومًا من حال الغرفة تمامًا مثلي.
“أليس لديك المال لتستأجر غرفة في الدرجة الأولى؟
نحن سنبقى في هذا القفص أسبوعًا كاملًا، وهذه الغرفة بالكاد تصلح للحياة!”
ريڤان، الذي كان ينظم أغراضه على السرير السفلي، رد بينما ينقر بلسانه.
“كم هو حجم قفصك إذن؟ هذا كله لأجل ماذا؟ لأن لديك طفلة؟!”
“نعم، لدي طفلة!”
“أوه؟ وهل وجود طفلة يعني أن تبدأ بالتبذير؟ هذا ليس سجنًا! وأنت،
بعد 12 عامًا من العيش في زنزانة ضيقة، الآن تريد رفاهية؟
كم هي نفقة الطفلة؟ هل تخطط لصرف كل شيء!؟
أتعلم أن غرفة الدرجة الأولى في هذا القارب تُكلِّف ألف قطعة ذهبية للأسبوع.
وقد خرجت بلا فلس واحد، فهل ستبدأ بالتصرف مثل النبلاء؟”
“أنت… هل قلتَ كل ما عندك؟!”
“لا بأس، لا تقلقا بسبب وجودي هنا!”
صرختُ بسرعة وأنا أبحث عن أي طريقة لتهدئة الوضع،
ثم جلستُ على السرير المقابل لريڤان.
“إنه مريح… إلى حدٍ ما.”
ولكن سرعان ما انبعث صوت صرير مزعج من السرير المهترئ.
“يا إلهي.”
تنهد رايان بعمق وهو يجلس بجانب ريڤان.
أو بالأحرى، ينحشر بجانبه على السرير الضيق.
قال ريڤان بينما ينظم أغراضه بعناية:”على أيِّ حالٍ، فور وصولنا إلى اليابسة،
سنتجه مباشرة إلى روتشيلد!”
“لماذا نذهب إلى ذلك المكان الريفي؟”
“بعد خروجي من السجن، قضيتُ عامًا هناك بانتظارك.
أعرف شخصًا موثوقًا هناك يدير مطعمًا كبيرًا.”
“وما علاقتنا بذلك؟هل سنذهب جنوبًا فقط لتناول الطعام؟”
“لا، يا عبقري. نحن بحاجة لشخصٍ يعتني بالطفلة.”
“وأين هي الطفلة؟”
حينها أشار ريڤان نحوي دون تردد.
“هناك.”
شعرتُ بالذعر من كلامه،
وبدأت أشك في نواياه. هل يمكن أن يخطط لتسليمي كعينة لإحدى تجاربه؟
كانت تهمة ريڤان الرئيسية هي إجراء تجارب غير قانونية.
وعلى الرغم من أن الناس يعرفونها بتلك العبارة المبهمة،
إلا أنني أعرف المزيد عن تلك الجرائم.
في الحقيقة، كانت تجاربه “غير إنسانية” بامتياز.
“هذا مثير للاشمئزاز. كيف تقرر لوحدك تركها هناك؟ سأعتني بها بنفسي.”
“يا رجل، إنها مجرد طفلة، كيف سنعتني بها بينما نحن نسعى لتحقيق أهدافنا؟
ماذا لو أصابها مكروه!؟”
“ستتعلم الاعتماد على نفسها، وإذا تعرضت للأذى، فهذا قدرها.”
“هل جننتَ؟ إنها طفلة صغيرة!”
قال ريڤان بغضب، وبدأت ملامح وجهه تصبح جدية ومرعبة.
“كلامك هذا هراء! بعد قضاء نصف حياتك وأنت تختلط بالمجرمين في السجن،
هل خسرتَ كلَّ ذرةِ فطرةٍ سليمة لديك؟”
‘ما هذا…؟’ لقد شعرتُ بالارتباك. بدا أن ريڤان قلق عليَّ بصدق.
كنت أعتقد دائمًا أن ريڤان شخصٌ منزوع الأخلاق والضمير.
ربما حتى شخصٌ لا يملك أيَّ مشاعرٍ على الإطلاق.
‘لأنها لم تكن مجرد تجارب عادية…’
كانت التجارب البشرية غير القانونية التي أجراها ريڤان غير إنسانية.
وكان جميع ضحاياها أطفالًا لم تتجاوز أعمارهم ست سنوات.
“حسنًا، حسنًا. سأتحمل المسؤولية.
سأعتني بها جيدًا ولن أسمح أن يصيبها أيُّ أذى.”
قال رايان بحزم بينما استمرت مشاحناتهما.
“أنت لا تقدر على الإعتناء بنفسك، ومع ذلك تتحدث عن تحمل المسؤولية؟
حتى بعيدًا عن الخطر، هذا ليس في مصلحة الطفلة أو مستقبلها!”
ثم عمَّ الصمتُ للحظة….
“لنواجه الواقع. أليس كذلك؟
انتَ لم تعد نبيلًا من عائلة مرموقة بعد الآن، أنت مجرد مجرم، مجرم….”
رأيتُ كيف تجمدت ملامح رايان فجأة.
“الطفلة ليست مثلنا. هي فقط طُردت من منزل عائلتها.
أما نحن، فقد حُكم علينا بحياة ملطخة بوصمنا كمجرمين للأبد.”
“وماذا تريدني أن أفعل بها إذًا؟”
“يجب أن نعطيها فرصة للعيش كابنةٍ متبناةٍ لدى عائلةٍ عادية.
هكذا ستتمكن من تكوين صداقات، والحصول على تعليم جيد،
وفي يوم من الأيام ستتزوج وتعيش حياة طبيعية.
أما إذا ارتبط اسمها باسمك، فلن تكون سوى ابنة مجرم، أهذا ما تريده لحياتها؟”
بينما كنت أستمع إلى ريڤان وهو يتحدث عن مستقبلي بهذه الطريقة، ازداد ارتباكي أكثر.
“ثم هناك مسألةٌ أخرى. هل تعلم الطفلة عن جرائمك؟
إذا عرفت الحقيقة، كيف ستتأثر بذلك هل تعرف عن صدمات الطفولة حتى؟”
“إنها تعرف كل شيء.”
“ماذا؟”
“نعم، أنا أعرف كل شيء.”
أخيرًا، كان الوقت مناسبًا لي للتدخل.
“أعرف أن والدي ذهب إلى السجن قبل 12 عامًا بسبب مذبحة كونراد.”
“هل رأيت؟ إنها تعرف، ومع ذلك لا تزال بخير!”
“بخير؟ كيف يكون ذلك بخير؟”
رد ريڤان بصدمة، ولم تُفارق ملامحه الجدية.
“نعم. أعلم أن أبي كان مظلومًا.”
صمتَ للحظة، ثم تنهد وهز رأسه نافيًا.
“لكن هذا غير ممكن. لا يمكنكِ البقاء معنا. هذا طريقٌ سيدمر حياتكِ.
نحن، سواء كنا مظلومين أم لا، مجرد مجرمين.”
‘هل قال “نحن”…؟’
بدا وكأنه يشير إلى نفسه كأحد هؤلاء المجرمين،
الذين يملكون قصصًا مؤثرة خلف جرائمهم.
“لماذا دخلتَ السجن يا أخي؟”
“أنا؟ آه… حسنًا، دعيني أفكر.”
خيمت ظلالٌ ثقيلة على ملامح ريڤان،
ثم بدأ في طي ملابسه بهدوء.
“يُمكن القول إنني ما زلت لا أعرف
لماذا كان عليَّ أن أتعفن في السجن لمدة 11 عامًا؟”
“ماذا؟”
بينما كنت في حالة ارتباك، سأل رايان ببرود.
“إلى أيِّ مدى تعرفين عن الحادثة التي دخلتُ أنا بسببها السجن؟”
“آه، ذلك الأمر؟… لقد قرأت حكم المحكمة.”
قبل 12 عامًا، وقعت مجزرة مروعة…
مجزرة كونراد.
***
في الخامس من أغسطس عام 922، الساعة 2:40 فجرًا،
قام المتهم، رايان فاسنبيرغ،
بمجزرة جماعية استهدفت جميع المدنيين في منطقة كونراد الوسطى،
ثم أشعل النار في الإقطاعية لإتلاف الأدلة.
كان سبب زيارة المتهم إلى منطقة كونراد هو تلقيه معلوماتٍ سرية
تفيد بأن هناك تجارب غير قانونية تُجرى في تلك المنطقة.
بناءً على ذلك، بدأت عائلته تحقيقًا شخصيًا.
خلال التحقيق، ظهرت فجأةً القوى الخاصة لدى المتهم،
مما أدى إلى فقدانه السيطرة وارتكابه المجزرة.
وقد تبين لاحقًا أن المسؤولين عن التجارب غير القانونية،
كانوا 10 أساتذة من أكاديمية الإمبراطورية لقسم الهندسة السحرية.
ونظرًا لحساسية الأمر وخوفًا من تكراره،
تم الإبقاء على تفاصيل التجارب سرية….
***
“إذًا، أنتِ تعرفين كل شيء.”
قال رايان بنبرة باردة بينما كان يتأمل الماضي.
“أتذكر أن والدي عاد ذات يوم بعد أن دمَّر إقطاعيةً بأكملها.
كانت كونراد. إلى اليوم لا أعرف لماذا فعل ذلك.”
شعرت بالدهشة.
“كيف لا تعرف السبب؟”
“مهما يكن، كانت أفعال والدي المجنونة أمرًا معتادًا.
ومع ذلك، حتى عائلتنا القوية كانت بحاجة إلى ذريعة عندما دمرت إقطاعية بأكملها.”
“لذلك اختلق أبي القصة بأكملها.
قال إن أساتذة الأكاديمية أجروا تجارب غير قانونية هناك.
وأن عائلتنا كانت هناك للتحقيق.
و بالصدفة، فقدتُ السيطرة على قواي ودمرت الإقطاعية بأكملها.”
“وفي الوقت نفسه،
تخلص أبي من أساتذة لم يعجبوه بادعاء أنهم مسؤولون عن التجارب غير القانونية.
والأفضل من ذلك، استغل تلك الحادثة لإخفاء حقيقة أنه أنجب ابنًا عديم القدرة،
ووجد مبررًا لنبذ ابنه كقاتل. خطة عبقرية، أليس كذلك؟”
ثم وجه كلامه إلى ريڤان،
وربَّت على كتفه بابتسامة ساخرة.
“يا له من مخطط محكم. لا بد من الاعتراف بمهارته.
انظر كم استفاد والدي من قضية كونراد؟”
“هل تجد هذا مضحكًا؟ بسبب والدك مات الكثير من الناس!”
تجمدت ابتسامة رايان وتحولت إلى وجه جاد.
“لا، لا أجد ذلك مضحكًا.”
“أتعرفين يا صغيرة؟
كنت أحد هؤلاء المتهمين بإجراء التجارب غير القانونية.”
“أعلم ذلك.”
“لكنني لم أعرف أبدًا ما كانت تلك التجارب. ولم أزر كونراد قط.
ومع ذلك، أُعدم جميع الأساتذة بتهمة التجارب غير القانونية.”
“و…كان والداي بالتبني من بين هؤلاء الأساتذة.”
لم أكن أعلم ذلك…
“وأنا الوحيد الذي نجوت. كنتُ قاصرًا حينها، لذا حكموا عليَّ بالسجن فقط.”
نهض ريڤان من مكانه وقال بنبرة حاسمة.
“على أيِّ حالٍ، هذا الكلام لن يجلب لي سوى السخرية إن تحدثت به،
لذا لا داعي لإخفائه. سأقولها ببساطة.”
اقترب مني ووقف أمامي مباشرة.
“اسمعي جيدًا. أخطط لإحراق كلِّ فردٍ من عائلتك في نيران الجحيم. حتى لو اضطررت للسقوط معهم في تلك النيران.”
صمت للحظة، ثم أكمل.
“لذلك، لا يمكنني ترككِ تأتين معنا في طريق الموت هذا.”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات