"لعنة الدم" - 1
—
الظلام كان كثيفًا. لا نجوم في السماء، لا ضوء يتسلل، مجرد ليلة بلا نهاية. الهواء كان خانقًا، ممتلئًا برائحة العفن والدماء القديمة التي اختلطت برائحة العرق البارد والخوف. تحت قدميه، كانت الأرض موحلة، وكأنها تتغذى على معاناة من مروا بها من قبله.
الجدران كانت من الحجر القاسي، متآكلة من الرطوبة، محفور عليها خدوش وكلمات قديمة لطفل ما حاول ترك أثر قبل أن يُسحب إلى المجهول. في الزوايا، كانت هناك سلاسل حديدية، بعضها لا يزال يحمل بقايا دماء جافة، تشهد على العذاب الذي عاناه من سبقوه.
في الظلام، كان هناك عيون تراقب. لم يكن يرى أصحابها، لكنه شعر بهم. كأن الزنزانة كانت تمتلك وعيًا خاصًا، تتنفس ببطء، تهمس بصوت ضعيف، “لن يرحل أحد من هنا.”
فجأة، دوّى صوت قاسٍ مزّق الصمت، صوت فتح باب حديدي ضخم، تصاحبه خطوات ثقيلة.
“انهضوا، أيها القذارة!” صرخ الحارس، وبدأ يسحب الأطفال واحدًا تلو الآخر.
الركل، الصراخ، البكاء. لم يكن هناك وقت للاستيعاب. كانوا يُجرّون كما تُجرّ الجثث، كأنهم ليسوا أكثر من بضائع، مجرد قطع لحم بانتظار البيع.
لكن لم يكن هناك دموع في عينيه. لا خوف، لا ارتعاش. كان يعلم أنه ميت بالفعل.
المسرح الدموي
بعد نفق طويل، انفتح المكان أمامه. ساحة ضخمة، محاطة بجدران عالية، والمئات يقفون في دوائر، يراقبون بصمت.
كل شخص في هذا المكان كان يرتدي قناعًا داكنًا. بعضها كان أقنعة خشبية بنقوش غريبة، بعضها معدنياً لامعاً يعكس الأضواء الخافتة، وبعضها كان مصنوعًا من العظام، محفور عليه رموز لا معنى لها.
في وسط الساحة، كان هناك مسرح مرتفع، تحته أقفاص معدنية تتزاحم بداخلها أجساد ضعيفة، عيون واسعة، وجوه منهكة. كانوا الأطفال الذين لم يُباعوا بعد.
على المسرح، كان يقف رجل ممتلئ، يرتدي معطفًا أحمر داكنًا، وجهه مخفي خلف قناع ذهبي مزين بريش أسود.
رفع يده، فتوقف الهمس. ثم بصوت عالٍ، قال:
“أيها السادة والسيدات، مرحبًا بكم في مزاد هذه الليلة! كما ترون، لدينا مجموعة جديدة تمامًا من البضاعة… خام، لم تُستخدم بعد!”
ضحك الجمهور.
“وكما تعلمون، لا نبيع أي شيء دون إثبات جودته. فلتبدأ العروض!”
طفل صغير دُفع إلى المسرح. كان جسده نحيفًا، مغطى بالكدمات.
“رقم 14!” قال الرجل بصوت عالٍ. “ثماني سنوات، قوي بالنسبة لسنه، قد يتحمل بعض العمل الشاق!”
رفع أحد الحراس سوطًا وضرب الطفل على ظهره، فصرخ بصوت مرتعش. الجمهور ضحك مجددًا.
“نبدأ المزايدة من خمسين قطعة ذهبية!”
“خمسون!”
“خمسة وسبعون!”
“مئة!”
“مئة وخمسون!”
في غضون لحظات، ارتفع السعر، حتى تمت الصفقة بسعر مئتين وخمسين قطعة ذهبية.
تم جرّ الطفل بعيدًا، ليحل محله آخر، ثم آخر.
رقم 23
حين جاء دوره، دفعه أحد الحراس إلى المسرح بقوة، فسقط على ركبتيه. لكن حتى وهو في هذا الوضع، كان مختلفًا عن البقية.
كان نظيفًا نسبيًا مقارنة بالآخرين، رغم الأوساخ التي غطت جسده. شعره الأسود الطويل كان لا يزال ناعمًا رغم الإهمال، عيناه بلون الليل الحالك، تشع منهما جمرة خافتة من الغضب المكتوم.
كان جميلاً.
حتى وسط هذا السوق المليء بالقذارة، كان يملك شيئًا غريبًا… هيبة صامتة، خطرة.
حتى الرجل ذو القناع الذهبي لاحظ ذلك، فابتسم ابتسامة متوحشة.
“حسنًا، حسنًا… انظروا من لدينا هنا.”
اقترب، وأمسك ذقنه، رافعًا رأسه ليرى وجهه بوضوح.
“هذا الطفل مختلف.”
تحرك الجمهور، بدا واضحًا أنهم لاحظوا ذلك أيضًا.
رفع الرجل يده، وقال بصوت واضح:
“هذا هنا ليس مجرد عبد عادي… هذا فن. هذه قطعة نادرة. نبدأ المزايدة من خمسمائة قطعة ذهبية!”
صمت قصير، ثم بدأ الجنون.
“ستمائة!”
“سبعمائة!”
“ألف!”
“ألف وخمسمائة!”
صوت المقاعد يتحرك، همسات حادة، الجميع يريد هذه “الجوهرة”.
لكن بينما كان يقف هناك، وسط هذا المزاد الدموي، لم يكن يسمع شيئًا.
لم يكن يهتم لمن سيأخذه، لمن سيدفع أكثر.
كان هناك شيء واحد فقط يتردد في عقله، كلمة واحدة، كأنها تعويذة تهمس في داخله، شيء كان يقوله لنفسه كل ليلة، حتى أصبح جزءًا من كيانه.
“لا تستسلم.”
أخيرًا، عندما كاد السعر يصل إلى ثلاثة آلاف قطعة ذهبية، ارتفع صوت جديد.
“خمسة آلاف.”
صمت الجميع.
التفتت الأنظار إلى صاحب الصوت. كان رجلاً طويل القامة، يرتدي عباءة سوداء طويلة، ووجهه مخفي بالكامل خلف قناع من الفضة الداكنة، بدون أي ملامح.
كانت هالته مختلفة. لا يشبه المشترين العاديين.
“خمسة آلاف؟!” قال الرجل ذو القناع الذهبي بدهشة.
رفع الرجل الملثم يده مجددًا، وقال ببرود:
“سآخذه.”
دوى صوت المطرقة:
“تم البيع!”
يتبع…..
—
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ من هو الرجل الغامض؟ هل سيكون مصيره أسوأ مما توقع؟
اعطوني ارائكم ☺️♥♥♥
“أنا كاتبة رواية، أكتب لأعبر عن مشاعري وألهم الآخرين بالأمل. كل قصة أرويها هي من خيالي وليست من واقع، وأتمنى أن تعجبكم. شكراً لكل من قرأ، ومن لديه أي استفسار فأنا جاهزة. واعذروني إذا في أخطاء.”
—