وكانت عيناه تتجهان نحو شيءٍ ضخم يغطي جانبًا كاملًا من القاعة البيضاء، يكاد يلامس سقف المعبد.
و ذلك ما جعل القديس يحتاج إلى صنّاع الأدوات.
فمنذ أن تولى سيريل منصب الكاهن الأعظم، والقديس لا ينفك يصنع آلةً غامضة طيلة عشرين عامًا، دون أن يشيخ أو يتغير مظهره قيد أنملة.
حتى أقوى أصحاب القوى الروحية ما بلغوا تلك الدرجة، ولذا آمن سيريل بلا شك أنه قادر على إنزال النعيم إليهم. لكنه الآن، وقد شابت مفارقه، بدأ يستثقل الأمر.
تراقصت أنوار الشموع على وجه القديس، فعكست عينيه العميقتين مثل مستنقع بلا قاع.
وأثناء طرفة عين، عاد بوجهه الوادع المعتاد، و تحدّث بصوت رخيم،
“أرى أن الشك بدأ يتسرب إليكَ.”
ارتبك سيريل وأسرع ينفي.
“لم يكن إلا تساؤلًا عن المدة المتبقية.”
“ذلك يعتمد على عودة الصنّاع.”
“سأتخذ ما يلزم ليعودوا بأسرع وقت.”
رغم أنه حاول ضبط نفسه، ارتعش صوته. فهو يعرف أنه لن يستطيع خداعه طويلًا.
“لا، دعهم يستريحون. فالاكتمال بات قريبًا، ولسنا في عجلة.”
كأنه قرأ اضطرابه ومنحه مهلةً إضافية.
“انصرف الآن.”
وما إن غادر الغرفة حتى كان عنقه مبللًا بالعرق البارد.
غدًا سيصبح صناع الأدوات مجرمين في أعين الناس، وبعدها يمكن احتجازهم وإجبارهم على العمل. هكذا تنتهي كل المشاكل.
كانت خطةً معقولة، بلا شك. ومع ذلك ظل القلق يتعاظم في صدره.
راح يدور حول تمثال المعبد جيئةً وذهابًا.
كان السبب هو القديس نفسه. وجوده يخيفه. لا يعرف ما الذي سيفعله إن اكتشف مخالفته لإرادته.
أيمكن أن يستحضر النعيم فعلًا؟ أم أن مئات السنين ستمضي وهو عالقٌ في باطن المعبد، يذوي بلا طائل؟
‘إذاً، أليس إنهاء الأمر هنا هو السبيل الذي يخدم المعبد؟’
حتى لو كان قديساً فلن يكون خالداً.
وإن أصيب غداً شخصان آخران بداء التحول السحري، ألن أكون أنا المالك الفعلي للمعبد؟
“ماذا تفعل هنا؟”
انبعث صوتٌ بغتة. فخاف سيريل واستدار برأسه. وقد كان أونيون واقفاً أمام تمثال المعيد يحدق به بوجهٍ مرتبك.
“لا شيء.”
“آه، نعم. فلتكن بركة النور مع سيدي.”
تمتم أونيون بالتحية المأثورة ثم انسحب متراجعاً، لكن الكاهن الأكبر لم يطل التفكير فيه وأدار خطاه مبتعداً.
لقد كان بحاجةٍ إلى قارورة أخرى من الماء المقدس المميز.
***
أشرقت شمس صباح اليوم الثالث من مهرجان التأسيس.
وقد أُقيمت المباراة النهائية لمسابقة القتال في الساحة الكبرى أمام القصر الإمبراطوري. و كان الناس مزدحمين حتى غصت بهم الساحة بأكملها.
سارت ميلودي مع آنا نحو المقاعد المحجوزة التي خصصها لهما رايون.
وقد ارتدت ميلودي فستاناً عاجياً، أما آنا فكانت في ذات الفستان الأحمر الذي لبسته بالأمس. وكان شعرها مضفوراً بعناية إلى جانب واحد يتدلى ويدغدغ عنقها بين حين وآخر.
‘هل ما زال غاضباً؟’
فمنذ أن علم ديونيس الليلة الماضية بأن ميلودي أعلنت رغبتها في شرب الماء المقدس بنفسها، وهو يزداد توتراً وغضباً.
“إذاً في النهاية لا بد أن تدخليه الى فمكِ؟”
“سأكون بخير.”
“أتظنين أن بإمكاني الاطمئنان وأنتِ تقولين أنكِ ستشربين سماً لمجرد وجود ترياق؟”
كان قد هب غاضباً وهمَّ بمغادرة معملها، لكنه ما لبث أن خطا بضع خطوات حتى عاد إليها ثانيةً.
“لا أحتمل أن تمرضي.”
قال ذلك ثم أخذ يدها ووضعها على ساعده.
“لو بدا لي أنكِ في خطر فسوف آخُذكِ من هناك، حتى لو سقطت سمعة صنّاع الأدوات السحرية في الحضيض فلن يهمني.”
“لن أدع الأمر يصل إلى ذلك. أعدكَ.”
“….…”
ومع ذلك ظل ديونيس بجانبها وقتاً طويلاً يراقبها بعين غير راضية وهي تصنع أداتها السحرية.
لم تكن تفهم ما الذي يدور في رأسه. فإن هو حقاً أنقذها وأخرجها من هناك، فليس فقط سمعة صنّاع الأدوات السحرية هي التي ستنهار، بل حتى مكانته كدوقٍ ستصبح في خطر.
لكن بطبيعة الحال، ذلك لن يحدث.
لقد اعتقدت أنه يراها مميزةً فقط لأنها أول من لمس روحه عن غير قصد. وأن رغبته في حمايتها هكذا إنما هي لأنها الوحيدة في هذا العالم القادرة على صنع آلة تبطِل السحر.
‘لا أظنه يحبني حقاً.’
__________________________
وين ميلودي الذكيه الي تفهم الطاير ؟ غباء البطلات مايرحم
يعني ناطل سمعته على جنب وماهمه الا أنتِ ومطنز الامبراطور بكبره عشانس ومايحبس؟ 😃
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات