“هل سأتمكن يومًا من أن أصبح إمبراطورًا عظيمًا مثل أمي؟”
تذكّر ديونيس ذلك اليوم البعيد حين طرح ذلك السؤال وهو طفل.
و أدار قواه السحرية بين كفيه. و كانت تلك القوة التي كرهها يومًا من أعماق قلبه.
“أتمنى أن تحيا الحياة التي تتمناها.”
في المكان الذي غادره الألم والحرمان القديمان، استقر الدفء أخيرًا. و كان يظن أنه لن يرغب في شيءٍ بعد أن عادت ميلودي إليه.
“حماية هذه الأرض هي واجب فالكاراس.”
الأرض التي سعى فالكاراس إلى حمايتها…..وكانت أيضًا الأرض التي أحبتها أمه.
حين رأى الوحوش التي غطّت سماء العاصمة، تدفق السحر من جسده بلا وعي. و اندفعت القوة السوداء المتجمعة كالسهم نحوهم، فشقّت الوحوش التي كانت تهاجم الفرسان المقدّسين إلى أشلاء في لحظةٍ واحدة.
وفي الوقت نفسه، أدرك أن استخدام السحر أمام أولئك الذين اعتادوا مناداته بالدوق مسألةٌ أخرى تمامًا.
ثم تحدّث إليه أحدهم،
“لم يسبق لكَ أن استخدمت قواك السحرية بحق، فلا تُجهد نفسكَ كثيرًا. فحين تستنزف طاقتكَ السحرية وتضعف، ستجد حتى الحركة صعبة.”
لكنه لم يشعر بالقلق، ربما لأن من بجانبه كان يشبه ميلودي حد التطابق. فالنظرة القلقة في عينيه ذكّرته بها.
وبينما كان إدوين يحدّق مذهولًا بكُرات السحر السوداء التي تملأ السماء بلا نهاية، سأل متعجبًا،
“نعم، هكذا تمامًا. أنتَ تتعلم بسرعةٍ مذهلة. حسنًا، علينا أولًا القضاء على غربان الأكنوك في السماء. فتلك الغربان تستجيب بشدة للأصوات الحادّة، لذا سأعمل على استدراجها إلى هنا. هل أنتَ مستعد؟”
“في أي وقت.”
انتشرت طاقة ديونيس كالأمواج من أطراف أصابعه، وتصاعدت دوامةٌ عاتية، ثم بدأت أسراب الغربان السوداء تهوي من السماء واحدًا تلو الآخر.
“واو……”
انطلقت صيحات الدهشة من أفواه السحرة الواقفين حوله، أولئك الذين عادوا إلى العاصمة لمساعدتهما.
حتى من كانوا يحافظون على الحاجز السحري كتموا أنفاسهم أمام هذا المشهد المهيب.
أما الجنود الذين يقاتلون الوحوش خارج الحاجز، فقد تجمدوا في أماكنهم، ينظرون مذهولين.
فرسان الدوقية، وفرسان القصر الإمبراطوري، وفرسان الهيكل المقدس…..جميعهم، وهم في خضم المعركة، رفعوا رؤوسهم إلى السماء، و شاهدوا آثار السحر المضيئة تشق الهواء، فانكمشوا غريزيًا من شدة الرهبة.
“هذا..…!”
“س، سحر؟!”
تعالت صيحات الخوف في الأرجاء.
رغم أنهم سمعوا بالحقيقة حول السحرة، إلا أن الخوف منهم لم يتلاشَ بعد.
و لم يعرف أحدٌ وجهة تلك القوة الهائلة، فانتشر الذعر بينهم أكثر فأكثر.
“هل…..هل يجب أن نهرب؟!”
لكن الطاقة السحرية انغرست بدقةٍ في قلوب الوحوش. و تناثرت الدماء السوداء وملأ صراخها الفضاء.
وفي اللحظة التي خمد فيها الرعب وسط آثار السحر الهائلة، بدأ الاضطراب يسري بين صفوف الجنود خارج الحاجز.
“ساحر! لقد ظهر ساحر!”
ترددت الصيحات المذعورة في كل مكان، وفي تلك اللحظة أمسك أحدهم بيد ديونيس — كان إدوين.
وتحدّث مبتسمًا بخجل،
“آه، بدا لي أنكَ متوترٌ قليلًا.”
“…….”
“لقد قضيتَ وقتًا طويلًا مع فرسان الدوقية، لكنكَ لم تواجههم أبدًا بصفتكَ ساحرًا، أليس كذلك؟”
ارتسمت على وجهه مسحةٌ من الحرج، وشعر ديونيس أن حنان ميلودي كان منه، فهو الآخر. لم يبعد يده عن قبضته.
“هل يمكنني أن أستند إليكَ للحظةٍ فقط؟”
كان يظن أنه لا يستطيع لمس سوى شخصٍ واحد في هذا العالم، لكن عندما أدرك أن نصف دمها يجري في عروقه، شعر أن بإمكانه الاحتمال قليلًا.
ثم اقترب منهم أحد السحرة،
“إن كان الأمر بسبب حملٍ سحري زائد، أيمكنني أن أساعد؟”
“لا حاجة.”
رفض ديونيس بصرامة، وأبعد يده عن يد الساحر.
وما إن أُبيدت الوحوش الزاحفة، حتى ظهر فرسان الهيكل المقدس لاستقبال السحرة القادمين من خارج الحاجز.
كان أهفين واقفًا في مقدمتهم. وتحدّث بانحناءةٍ خفيفة،
“لقد أنقذتمونا، نشكركم.”
وما إن رأى الناس فارسًا مقدسًا ينحني لساحرٍ حتى تعالت الهمسات من كل صوب.
“لقد أنقذونا من الوحوش، لولاهم لانهار الخط الدفاعي.”
“ومع ذلك…..إنهم سحرة! ماذا لو انقلبوا علينا بعد ذلك؟!”
فراح بعض المتطرفين يشيرون إلى السحرة ويصرخون بغضب،
“يجب القبض عليهم فورًا!”
“لكن الآن علينا أولًا القضاء على ما تبقّى من الوحوش!”
بدا القلق على وجه أهفين واضحًا، بينما ظل ديونيس هادئًا كمن رأى هذا المشهد في مخيلته منذ زمن بعيد. ثم تحدّث بهدوء،
“أظن أن وقت الشكر لم يحن بعد.”
تجاوز أهفين وتقدم نحو الجنود المتجمعين. وما إن تعرّف فرسان الدوقية على هويته الحقيقية حتى أصيبوا بالذهول.
“الد…..سيدي الدوق؟!”
“إذًا من استخدم السحر منذ قليلٍ كان..…!”
“هل يعني هذا أن سيدي الدوق أصبح ساحرًا؟!”
ألقى ديونيس نظرةً على وجوه الذين رافقوه طويلاً، ثم ردّ بصوتٍ ثابت،
“أنا ساحر. ولن أخفي حقيقتي بعد الآن.”
حبس الفرسان أنفاسهم من الصدمة.
“لكم أن تخافوني إن شئتم، لكن تذكّروا أنني لست عدوكم — على الأقل ليس الآن. فبهذه القوة، سأحمي الإمبراطورية وشعبها.”
بمجرد أن نطق ديونيس بكلماته، تجمّدت شفاه الذين اضطربت قلوبهم عند سماعها.
“أ…..أنا، سأتبِعُ الدوق!”
بصرخةٍ من أحدهم، رفع فرسان الدوقية سيوفهم إلى صدورهم علامة الولاء. و لم يفعلها الجميع، لكن واحدًا فقط كان كافيًا.
“المعبد تأكّد من خلال التوقّع القديم أن السحرة ليسوا أعداءً للإمبراطورية!”
في تلك اللحظة صرخ أهفين.
“انظروا إلى الحقيقة أمام أعينكم! انظروا الى من يحاولون إنقاذنا!”
“كيف نصدق كلام من طُرد من المعبد!”
تعالت أصواتٌ ترفض التصديق. و أراد أهفين أن يردّ، لكنه خشي أن يزداد الاضطراب ويضعف العزم، فصمت.
عندها تحدّث ديونيس موجّهًا حديثه إلى أهفين الذي عاد بخطواتٍ مثقلة،
“دعنا نتولى نحن ما بداخل الحاجز أولًا.”
“سننضم إليكم.”
قال ديرين ذلك وقد تقدّم في صفوف الفرسان المقدّسين ظانًّا أن وقتهم قد حان.
و لم يدم الحديث طويلًا، إذ في لحظةٍ دوّى صوتٌ حادّ، وتحطّم الحاجز، وانقضّت جموع الوحوش من خلفه. و ارتجّت الأرض وشدّت الأجواء تراخيها في ومضةٍ واحدة. فرفعوا سيوفهم من جديد.
“إلى مواقعكم! حافظوا على تشكيل الدفاع!”
وانطلق الجنود يركضون نحو سيل الوحوش المتدفقة.
***
“آآااه!”
قبض رايون على سيفه بقوةٍ حتى كادت يداه تنزف. و سقط عند قدميه مخلوقٌ قُطع رأسه بفعل السحر، يهوي بثقلٍ على الأرض.
كان في المؤخرة، لكن لم يكن مكاناً آمناً، إذ إن عدد الوحوش كان كبيرًا.
لقد أغراه كلام مساعده حين قال أن التجربة الثانية ستكون أسهل من الأولى، فكانت تلك غلطةً منه.
كواااااااغ!
ضربت صاعقةٌ سوداء وحشًا فتهاوى كقطع البَرَد عند قدميه.
“بهذا الشكل سأُقتل بجثة وحشٍ قبل أن أموت في القتال!”
‘تباً على ديونيس، ذاك الأحمق كان في مقدمة ساحة المعركة. بشعره الفضي الذي يتطاير وسيفه الذي يشق الوحوش بلا تردد، ياله من منظرٍ يثير الغيظ حقًا.’
حتى ظهوره كان دراميًا، فقد أطلّ كمنقذ حين بدأ الجميع ييأس من طوفان الوحوش.
“تبًا.”
قضى رايون يومين كاملين يأكل و ينام في الوحل هنا، لكن الإعجاب كلّه يصبّ عليه.
‘كم هو شعورٌ كريه بالفعل.’
“يبدو أن الهجوم قد هدأ قليلًا!”
حتى أولئك الذين كانوا يخافون السحرة، لم يعودوا يظهرون الآن.
فرسانٌ بليدو العقول، انجذبوا سريعًا إلى قوّته. و صاروا، كالأطفال، يقلّدون حركات السحر كلما أتيح لهم وقتٌ للراحة، مردّدين “بيوونغ، بيوونغ”.
“منذ متى تمتلك هذه القوة السحرية يا سيدي؟”
“منذ أن كنتُ في التاسعة من عمري.”
“إذاً كنتَ تخفي هويتكَ داخل الحاجز كل تلك السنوات؟”
لم تعجبه إجابات ديونيس الهادئة. فذاك الرجل المتعجرف، الذي لا يردّ عادةً على أحد، صار يجيبهم بانتظام. والفرسان مجتمعون حوله بأعينٍ متلألئة وإعجابٍ صادق.
“حين تغيّر هدف الحاجز، لم نستطع نحن الصمود أمام الألم ولو ثانيةً واحدة، حقًّا أنتَ مذهل.”
قال أحد الفرسان ذلك، وهو أكثرهم بلاهة، مادحًا ديونيس. عندها ابتسم بوجهٍ وسيمٍ ناعم،
“بفضل تدريب جلالته تمكنتُ من الاحتمال.”
تدريب؟ يا للسخرية. ما فعله الإمبراطور به لم يكن تدريبًا، بل كان تعذيبًا.
ما زال رايون يقشعرّ حين يتذكر كيف جمع أولئك الغرباء وقيد ديونيس بينهم ليمارس عليه أقسى ما يمكن تخيّله.
لقد تمنّى يومًا أن يموت ديونيس هناك وينتهي كل شيء. لكنّه نجا. نجا وأصرّ على استعادة مكانه مهما كلّف الأمر.
و لم يعد رايون يحتمل وجوده في ظلّ ذلك الرجل.
“يبدو أن جلالته كان يعلم الحقيقة عن السحرة منذ البداية.”
_________________________
ديونيس مهدد الامبراطور لا يلاحق السحره ولا بيفضحه
ديونيس نفسه عند الفرسان:
الظاهر انه قال خربانه خربانه دامني صرت خاين خل نقلب 😂
المهم يجنن وهو ماسك يد ابو ميلودي 😭 ليته قال ابي مره ثانيه
ميلودي طيب ليه ماجت معهم؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 131"