ديونيس الذي كان يحدّق في آلة تعطيل القوى السحرية المربوطة على معصمه، فتح الخزنة.
وكما توقع، اختفى ختم العقد من الوثيقة. فقد انتهى مفعول العقد. وكان من المؤكد أن ميلودي علمت بذلك أيضًا.
طرق بأصابعه طرف الورقة، وعيناه تغوران في عمق مظلم. و اجتاح صدره شعورٌ بالانكسار، كأن قلبه يتحطم ببطء.
لو فكر في ما حدث للمربية التي عادت إليه، لكان يعلم أن ترك ميلودي تذهب هو الخيار الصحيح. لكنه رغم ذلك…..لم يستطع تقبّله.
“هل نطاردها؟”
عند سؤال روهان، تغيّر بريق عيني ديونيس.
يبدو أنه منذ ولادته كان أقرب إلى الوحش منه إلى الإنسان. فالغريزة التي تدفعه إلى ملاحقة فريسته حتى النهاية لم تزل فيه.
“سأذهب بنفسي.”
خرج صوته عميقًا مظلمًا.
هذه المرة، إن وجدها، فسيحبسها ولن يتركها أبدًا. كان هذا القرار نتيجةً طبيعية لكل ما حدث.
“وماذا عن المعبد؟ إنهم يطاردون السحرة الآن.”
“لا بأس أن تعاملهم بخشونة. اجعلهم غير قادرين على الملاحقة.”
فشهق روهان بدهشة من جرأة تلك الكلمات.
“لكن يا سيدي، إن واجهنا المعبد مباشرة، فقد يُفسّر ذلك على أنه تحدٍّ لسمو ولي العهد. وربما يرى جلالة الإمبراطور نيتكَ تهديدًا لعرشه.”
فابتسم ديونيس ابتسامةً ساخرة ملتوية.
ذلك الإمبراطور الذي حاول أن يقيده بالعذاب طوال حياته ويجعل منه كلبًا مطيعًا، قد انتهى مصيره بفضل الأداة السحرية التي صنعتها ميلودي. و لم يعد يمتلك لا السلطة ولا الخوف الذي كان يفرضه عليه.
أما الآن، فهو مجرد شيخٍ مريض، مهووس بقوة ملعونة لا فائدة منها.
“أبلغ جلالته هذا: إن لم يتوقف المعبد عن ملاحقتهم، فسيعرف الجميع ما الذي ظلّت العائلة الإمبراطورية تخفيه طوال هذه السنين.”
“سيدي..…هل تقصد..…؟”
“إن كان قلقًا على العرش، فليُعلن الأمر بنفسه. على أي حال، كنتُ أنوي الكشف عنه قريبًا.”
إذا انكشف أمر الدوق ديونيس على أنه ساحر، فلن يجرؤ أحدٌ بعد ذلك على التفكير بتوليه العرش. وسيتسبب ذلك بشقّ خطير بين المعبد والعائلة الإمبراطورية.
وربما عليه أن يتخلى عن لقبه كدوق قبل الموعد الذي خطط له، لكنه لم يرَ في ذلك خسارة. فأن يعيش إلى جانبها كساحر، أجدر من أن يعيش عمره كله كدوق بدونها و بلا روح.
ثم ألقى بوثيقة العقد داخل الموقد، وغادر الغرفة دون تردد.
***
ركضت ميلودي طوال الليل حتى أشرقت الشمس وغربت مجددًا.
“إلى أين الآن؟ حسنًا، اذهب حيثما تشاء.”
كان الحصان يسير متجاوزًا الطريق الذي أرادت أن تسلكه، لكنها لم تهتم. فالمهم أن تبتعد أكثر عن العاصمة.
كانت شبه مستلقيةٍ فوق السرج، تتمسك باللجام بشق الأنفس. و بعد الركض المتواصل ليلاً ونهارًا، بات جسدها كله يؤلمها. فلم تكن معتادةً على الحركة المرهقة أبدًا.
“هل وصلتُ إلى أراضي ميلتيو؟”
عندما تفقدت الخريطة، أدركت أنها ابتعدت أكثر مما توقعت. فتركت العربة قرب الحاجز وبدأت تسير وهي تقود الحصان.
“حتى الحاجز هنا متشقق؟”
قالوا أن الحواجز تتكسر عندما يختل توازنها، ولإعادته لا بد أن تزول الحواجز المصنوعة من الضوء. لكن حينها ستندفع الوحوش إلى الداخل.
“حتى هذا أمرٌ صعب.”
مع بزوغ الفجر، وصلت ميلودي إلى قرية كٍ نائية منهكة الجسد. و أرادت أن ترتاح بأي طريقة، فاتجهت نحو نُزلٍ قريب دون تردد.
كانت تدرك أن خصومها يظنون أن السحرة ما زالوا يسافرون معًا، لذا لن يكون من السهل العثور عليها وحدها. ومع ذلك، قررت النزول إلى أطراف الإمبراطورية ثم التوجه إلى المكان المتفق عليه.
و عندما تمددت على السرير، خطر ببالها ديونيس.
“هل ينتظرني الآن؟”
وفقًا للتوقّع، سيموت وهو يساعدها على إنقاذ السحرة.
هذا حدثٌ لم يقع بعد. لذلك رأت أنه من الأفضل أن تتواصل معه بعد انتهاء كل شيء.
لكنه لم يكن أمرًا سيُحلّ في لحظة مثل قضايا صناعة الأدوات السحرية، لذا لم تكن تعلم كم سيستغرق من الوقت.
‘لو طلبتُ منه أن ينتظرني، هل سيفعل؟’
وبينما تفكر بذلك، توجهت إلى حانةٍ صغيرة. فقد شعرت أنها بحاجة إلى كأسٍ من الشراب لتنسى مؤقتًا ما تركته وراءها.
لكن حين همّت بشرب ما طلبته، ظهر خلف صاحب الحانة رجلٌ يرتدي درعًا أبيض ناصعًا.
“الآنسة ميلودي.”
بشَعرٍ ذهبي، وعيون بنفسجية، ووجه يشبه منحوتةً مقدسة، لكن التعب كان واضحًا عليه.
“السيد أهفين…..كيف وصلتَ إلى هنا؟”
هل جاء ليقبض عليها؟
أمسكت ميلودي غريزيًا بأداتها السحرية للدفاع عن النفس.
“اقترب أكثر، وستُصاب.”
اقترب منها أهفين بهدوء، ثم جثا على ركبتيه أمامها وملامحه مملوءةٌ بالألم، وقدم لها سوطًا أبيض لامعًا.
في تلك اللحظة، تركزت أنظار الجميع في الحانة عليهما.
“نعم، أرجوكِ. اضربيني به إن شئتِ. إلى أن يزول غضبكِ.”
عند سماع تلك الكلمات، أدركت ميلودي أنه يعرف الحقيقة الآن.
“لقد رأيتَ التوقّع، أليس كذلك؟”
“نعم، أرجوكِ، خذيني معكِ في طريقكِ، ودعيني أبقى إلى جانبكِ لأعالجكِ إن أصبتِ بأذى. سأقضي ما تبقى من حياتي في استعادة مجدهم الضائع.”
استطاعت ميلودي أن تشعر بصدق مشاعره في اعترافه هذا.
“لقد عشتُ طويلًا في الجهل.”
فانتزعت ميلودي السوط من يده، إذ لم تستطع احتمال رؤيته يجلد نفسه بالندم أكثر.
“هلّا تجلس؟ كنتُ على وشك تناول العشاء للتو.”
تردد أهفين قليلًا، ثم جلس في المقعد المقابل مجبرًا بضغطٍ من نظرتها. و توقفت عيناه على زجاجة الخمر الموضوعة فوق الطاولة.
“كنت أظن أنني بحاجة إلى كأس…..لأتمكن من نسيان من تركتهم خلفي.”
لكنها لم تستطع أن ترفعها إلى فمها وهي في حال الهرب، فاكتفت بالتحديق فيها.
“سأبقى إلى جانبكِ لأحرسكِ.”
“إذاً، لعلنا نشرب كأسًا واحدة فقط؟”
كان شراب الفاكهة حلو المذاق. ومع كأسٍ بعد أخرى، كانت لحظة الهدوء قصيرة، إذ فُتح باب الحانة وظهر ظلٌ مألوف.
“كيف تجرؤون على النظر إلى من أمامكم؟”
دخل الرجل مع مساعده وطرد الزبائن المساكين من المكان، ولم يكن ذلك الرجل سوى رايون.
كان يرتدي زيًّا فخمًا لا يليق أبدًا بحانةٍ بالية كهذه، وكأنه أتى مباشرةً من حفلة تتويج.
و حين وقعت عيناه الزرقاوان على ميلودي انحنتا بسعادةٍ خافتة، لكن كلماته خرجت ببرودٍ لاذع.
“ما هذا المكان البائس؟ أتركتِ العاصمة لتأتي الى هنا؟”
سحب مساعده الكرسي القريب من ميلودي قليلًا، فجلس رايون كما لو كان ينتظر تلك الدعوة. ثم أدار رأسه قليلًا مشيرًا إلى أهفين.
“ظننت أنكَ خرجتَ لمطاردة السحرة، فإذا بكَ، يا خادم المعبد، تتبع امرأة؟ مشهدٌ رائعٌ حقًا.”
“أنا لم-”
“يكفي.”
تحولت نظرته من أهفين إلى ميلودي، وكانت عيناه ممتلئتين بتوترٍ لم يظهر عليه من قبل.
“إلى أين كنتِ ذاهبة؟”
بدت ملامحه في تلك اللحظة مشتعلةً بالقلق. ثم أشار إلى خدمه الذين تبعوه فوضعوا أمامها صندوقًا مملوءًا بفساتين فاخرة وحُليٍّ مرصعة بالجواهر.
“عثرتُ عليها في القصر.”
“ولماذا…..أحضرتها إليّ؟”
“ألا تحبين مثل هذه الأشياء؟ خذيها إن شئتِ.”
بل وناولها قطعةً من الذهب و وضعها في راحة يدها. فعبست ميلودي متعجبةً من تصرفه الغريب.
“صاحب السمو، أيمكنني أن أعرف ما الذي جاء بكَ إلى هنا؟”
“أريد أن أجعلكِ من خاصتي.”
في تلك اللحظة ظنت ميلودي أن الخمر قد أفسد عقلها، لكنها ما لبثت أن رأت أن الزجاجة ما زال نصفها ممتلئًا.
“أقدر كلماتكَ يا سمو الأمير، لكنني لا أستحق ذلك. لم أعد قادرةً على مساعدة القصر بعد الآن.”
“لا يهم. سأكون أنا الشخص الذي تتمنين أن يكون إلى جانبكِ. لذا…..هل ستتبعينني؟”
نظر إليها بعينين مضطربتين تكاد تنكسران، وكانت كلماته التالية أكثر رجاءً من أي وقتٍ مضى.
“أعلم أنكِ تنوين الهرب. وأنا، كأميرٍ من إمبراطورية فالكاراس، سأساعدكِ. يكفي أن تقولي أنكِ ستكونين من خاصتي.”
________________________
يععع يع يعععععععووووووه انقلعوا خلااااااااعص
ميلودي ليتها ترجف ثنينهم وتهج تكفين يع
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 125"