“قصة مختلفة تمامًا، تقول؟ هذا مستحيل. التوقّع لا يتغير، وإن تغيّر فلن يُسمّى توقعاً بعد الآن.”
انعكس في عيني بيندكت بريق شكٍ لم يستطع إخفاءه.
“إذاً، ماذا كان مكتوبًا في ذلك التوقّع؟”
“يقول أن السحرة سيموتون جميعًا، وحينها سيفقد العالم توازنه، ويهوي إلى الفناء.”
تماسك بيندكت بعد أن كانت ملامحه متصدعة، وزفر بارتياحٍ خافت.
“طالما أننا لن نقتل السحرة، فلن يأتي مثل ذلك المستقبل. لم يكن ذلك توقعاً حقًا، كما توقعت.”
“لكنكَ لم تنكروا مسألة التوازن.”
رأى أهفين وجه بيندكت يتقلص شيئًا فشيئًا تحت وطأة الارتباك، فتابع بهدوء،
“إذاً هذا هو السبب في أنكم لم تقتلوهم بل احتجزتموهم؟ من أجل الحفاظ على توازن العالم؟”
“…….”
صمت…..لكن الحقيقة كانت كامنةً في أعماق ذلك الصمت.
“يبدو أن الأمر كذلك.”
اقترب بيندكت خطوة، تتبعها نبرةٌ متوترة في صوته.
“الحقيقة أن السحرة ليسوا بشرًا يمكن الوثوق بهم، إنهم وحوشٌ لا يمكن السيطرة عليها! وأنت، أكثر من أي أحد، تعلم ماهيتهم الحقيقية!”
“كنت أظن أنني أعلم…..ولمدة طويلة جدًا.”
غشّى الظل وجه أهفين، وقد أثقلته طبقاتٌ من الذنب والحزن والندم.
“لكن ربما، الآن…..سيأتي من يسمينا نحن الوحوش.”
وحين تُكشف الحقيقة، سيتحوّل المعبد في نظر الجميع إلى جماعة ظالمة حَبست الأبرياء وعذبتهم باسم العدالة.
أدرك بيندكت من نبرة أهفين الحازمة أنه لن يستطيع ثنيه بعد الآن، فتنهد،
“يا لكَ من أحمق. أن تتخلى عن المعبد بسبب توقّعٍ واحد!”
“أنا أصلح ما فسد لأنني أؤمن بإرادتي.”
رفع أهفين رأسه ونظر إليه مباشرة، وفي عينيه البنفسجيتين اشتعل بريق العزم.
“سأبدأ أولًا بإظهار الحقيقة لكل من في المعبد.”
“ماذا تقول…..!”
“أتساءل إن كان بقية الكهنة يعلمون ما يعلمه قداستك.”
رمق بيندكت الجدارية بنظرة مضطربة ووجه متشنج.
“سيغرق المعبد في الفوضى! لا يمكنني السماح لكَ بذلك!”
“الفوضى بدأت منذ زمن، منذ اليوم الذي قررتم فيه إخفاء الحقيقة.”
ارتجف بصر بيندكت الحادّ، بينما دار أهفين ليغادر القاعة، لكن صوته ارتفع خلفه صارخًا،
“توقف! آمركَ كزعيمٍ للمعبد! هذه آخر فرصةٍ لكَ قبل أن أُجردكَ من منصبكَ كقائدٍ للفرسان المقدسين، وأوسمكَ بالخيانة، لتُطارَد باسم المعبد حتى نهاية عمرك!”
توقف أهفين لحظة، ثم استدار نحوه. و حين ابتسم بيندكت بثقة، وضع أهفين خوذته البيضاء أمام قدميه.
رمق بيندكت بنظرة قاسية حادة كالنصل، و تحدّث ببرود،
“القوة التي أُعطيت لي لم تأتِ من المعبد، بل منّي. ما دامت لديّ، فلن أتراجع عن طريقي.”
خلع الفرسان المقدّسون خوذاتهم بدورهم ووضعوها أمام أقدامهم. فتجمد وجه بيندكت ذهولًا.
“المعبد لن يغفر لكم هذا!”
صرخ، لكن أهفين لم يلتفت إليه. و خرج بخطواتٍ ثابتة من القاعة، وتبعه الفرسان عبر الممرات.
ثم سأله ديرين وهو يسير بجانبه،
“ما الذي تنوي فعله الآن؟”
“سنعين السحرة على الهرب. سننقسم إلى مجموعتين، نمحو آثارنا ونضلل المطاردين.”
“أمرك.”
وما إن همّوا بالخروج حتى اعترض طريقهم شخصٌ تبعهم في صمت — كان الأمير رايون. وقد سأل بحدة،
“إذاً…..تقصد أن أولئك السحرة الملعونين ليسوا لُعَناء حقًا؟”
كانت على وجهه علامات الاضطراب. فنظر إليه أهفين بتردد، ثم أجاب في النهاية،
“نعم، ليسوا كذلك.”
“هذا غير معقول! كيف يمكن لمن يحملون قوى السحر أن يكونوا بشرًا عاديين؟”
“إنهم فقط من حَمَلة قوة الظلام، كما نحمل نحن قوة النور. لا أكثر.”
“هاه….أتريدني أن أصدق هذا؟”
مسح رايون وجهه الشاحب، وهمس بمرارة،
“يا له من هراء..…”
“قد يصعب تصديقها…..لكنها الحقيقة.”
تنفس رايون بعمق، ثم رفع نظره إلى أهفين، يحدّق فيه طويلًا وكأنه يبحث عن دليلٍ للحقيقة في عينيه.
طال الصمت حتى بدأ أهفين يشعر بالتوتر، ثم تحدّث رايون بصوتٍ مبحوح،
“إن لم يكونوا ملعونين…..فكل شيءٍ سيعود لذاك الطفل. إذًا أنا..…”
“عفوًا؟”
“إذًا أنا…..ماذا أكون؟ ماذا يتبقى لي؟”
عبث بشعره بانفعال، بينما وقف مساعده أمامه بخطواتٍ حذرة و تحدّث موجّهًا كلامه إلى أهفين،
“يبدو أن سموه في حالة اضطراب. فمنذ أن عقد اتفاقه مع المعبد، لم تتوقف الأمور عن التدهور. وإذا انكشف أمر المعبد، فسهام اللوم ستطال الأمير أيضًا.”
فضحك رايون ضحكةً قصيرة متعبة، لم يُعرف أهي سخرية أم يأس.
“أجل…..ستبقى الوصمة إذاً.”
ضغط على صدغيه بأصابعه وجلس على مقعدٍ قريب وهو يتنفس ببطء.
إن لم يكن السحرة ملعونين…..فالعهد الملكي الحقيقي سيعود إلى دِيونيس. فهو الوريث الشرعي، والمستحقّ الوحيد للعرش، كما أراد الجميع.
لكن في تلك الحالة، كل ما عاشه رايون كوليٍّ للعهد، كل ما كافح لأجله من أجل رضا أبيه ومجاراة النبلاء…..سيتحوّل إلى لا شيء، ويظلّ مجرد ظلٍّ باهتٍ في نهاية الطريق. (احسن✨)
كان يشعر في كل يومٍ وكأنه يقف على حافة هاوية، يكفي نسيم واحد ليسقطه في الهاوية السحيقة.
وقد ظلّ متماسكًا بالكاد، لكن في النهاية انهار كل شيء في لحظة واحدة. شعر بأن أنفاسه تختنق، وأن صدره يغلي غليانًا.
“على الأقل اكتشفنا الأمر مبكرًا، وهذا يمنحنا وقتًا للاستعداد، أليس كذلك؟ صحيحٌ أنه لا يوجد ما يُسمّى بالحظ هنا، لكن بما أن شعبيتكَ ضعيفةٌ أصلًا، فلن يكون الضرر كبيرًا. لذا لا داعي لأن تحبط نفسكَ كثيرًا—”
“حقًا…..يا لها من كلماتٍ مواسية.”
قال رايون ذلك بسخرية وهو يرمق مساعده الذي ابتسم بفخر، ثم نهض واقفًا بغضب. و بحث بنظره عن أهفين ليُحاسبه أو يسأله، لكنه كان قد ابتعد كثيرًا.
اقترب رايون بخطوات سريعة، فسمع صوته يتحدث مع أحد الفرسان.
“لنتجه نحو الغابة.”
“نعم، لقد تأكدنا أن العربة التي كانت السيدة ميلودي تستقلها توجهت إلى هناك. من الأفضل أن نبدأ بمحو الآثار على الطريق المؤدي إلى ما بعد الحاجز.”
“تلك الفتاة…..لماذا؟”
عند سماعه الاسم، قاطع رايون الحديث فجأة. فتردد أهفين قليلًا، ثم أجاب موجهًا كلامه إليه،
“يبدو أنها تورطت في هروب السحرة. والآن، استأذن سموك.”
ثم رحل دون أن يضيف كلمةً واحدة، تاركًا رايون يحدّق في الفراغ الذي خلفه. و بعد لحظة، استدار بحدة نحو مساعده و تحدّث بنبرة حاسمة،
“سأذهب أنا أيضًا. أما أنتَ، فاذهب إلى القصر الإمبراطوري، وخذ كل ما تقع عليه يدكَ من الحلي الثمينة.”
“إلى أين تقول أنكَ ذاهب في مثل هذا الوضع؟”
“إلى ميلودي، بالطبع.”
“تقصد…..أنكَ ستذهب إليها الآن؟!”
تبدلت ملامح المساعد، كأنه يشكّ في أن سيده فقد عقله.
“بالطبع. لا يمكنني أن أدع ذلك الرجل يستحوذ على كل شيء. إن لم يعد لي شيء في هذا العالم…..فعلى الأقل، سأجعلها هي من نصيبي.”
قال رايون ذلك وهو يشدّ قبضتيه بعنف، وعيناه تضطرمان بعزيمة يائسة بين الغضب والرغبة و الأنانية.
على طاري ديونيس شكل المؤلفه نسته مافيه الا ذا التفسير😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 123"