المكان الذي ركض نحوه إدوين كان مملوءًا عن آخره بالفرسان المقدسين الذين سدّوا الممر بأجسادهم.
وللوصول إلى طفلته، كان عليه أن يشق طريقه بينهم.
استجمع إدوين قواه السحرية، وسرعان ما استشعر الفرسان نية القتل المنبعثة منه فالتفتوا نحوه.
“إنه ساحر!”
وفي اللحظة نفسها، انهمر وابلٌ من السهام السوداء التي استحضرها إدوين فوق رؤوسهم. فهرع الفرسان للاحتماء، ونسجوا دروعًا من الطاقة المقدسة لصدّ الهجوم.
و تدفقت إليه موجةٌ من الألم بسبب تلك الطاقة، لكنه رغم ذلك، لم يفكر إلا بسلامة ميلودي.
تطايرت الشرارات عندما اصطدمت شفرات السيوف. بينما واصل التقدم، يطيح بالفرسان الذين اندفعوا نحوه واحدًا تلو الآخر.
و لحسن الحظ كان الممر ضيقًا، مما حدّ من عدد خصومه في آنٍ واحد.
‘ميلودي…..’
لم يكن في ذهنه سوى التحقق من أن طفلته بخير. و لم يشعر حتى بالدماء التي انفجرت من خصره بينما يفرغ ما تبقى من سحره.
كانت طاقته ضعيفة، لكن تحكمه كان بارعًا؛ قادرًا على استغلال أضيق الثغرات.
نسج خيوطًا دقيقة من السحر كمجموعةٍ من الخيوط الحريرية التي قيدت حركة الفرسان، ثم أهوى بسيفه ليسقطهم واحدًا تلو الآخر.
وبعد أن أطاح بأكثر من عشرةٍ منهم، تمكن أخيرًا من رؤية وجه طفلته.
كانت هناك، بملامحها الصغيرة البريئة التي ما زالت كما يتذكرها.
“أبي؟”
صرخت ميلودي فور أن تعرفت عليه. حتى الفارس الذي كان يمسك بها نظر نحوه مرتبكًا.
“ميلودي!”
دوّى صوت انفجار. و اندفعت موجةٌ من الطاقة نحو الأرض فأفقدت الفرسان توازنهم.
فاستغل إدوين الفرصة وانطلق نحو الطفلة.
“يا إلهي، ما الذي تفعلينه هنا؟ هل أنتِ بخير؟ هل أصابكِ مكروه؟”
هزت ميلودي رأسها نفيًا، وقد كان وجهها مغطى بالسخام لكن بلا جروح.
عانقها بشدة وطبع قبلةً على قمة رأسها. وحين أبعدها قليلًا ليتفقدها، تجمد وجهه عندما رأى الدم على يديها.
“ما هذا؟ ما الذي أصاب يدكِ؟”
ثم أطلق تعويذةً فجائية.
“آخ!”
فسقط الفارس الذي حاول مجددًا الإمساك بميلودي.
“بسبب المطرقة…..أبي، لحظةً واحدة فقط!”
دفعت ميلودي جسد والدها وأسرعت نحو الداخل، و التقطت المطرقة الملقاة على الأرض وتعلقت عند حجر الحاجز السحري.
“ميل! الوقت..…”
“سيدي إدوين، عليكَ المغادرة الآن!”
صرخ الساحر الذي تبعه. فقد كانت خطوط الدفاع الخارجية تنهار أمام تدفق الفرسان المقدسين.
“لن نصمد أكثر!”
وقبل أن ينهي كلماته، انطلقت صرخة.
“آاااه!”
بدأ السحرة يسقطون واحدًا تلو الآخر، من ألمٍ مروع اجتاحهم جميعًا.
“هاه.…!”
كتم إدوين أنينه بصعوبة.
كان هناك ضغطٌ هائل من طاقةٍ مقدسة طغى على المكان، وداخل رؤيته المشوشة لمح نواة آلة إبطال السحر وهي تتحول إلى رماد.
الفرسان المقدسون تقدموا، يقيدون السحرة واحدًا تلو الآخر بينما كانوا يقتربون منه. فبذل جهدًا أخيرًا لرفع سيفه، ثم نظر إلى ميلودي التي ما زالت تنقش الرمز على الحاجز.
“ميل….اهربي بسرعة..…”
“لا، أبي!”
ترنح جسده بقوة قبل أن يسقط على ركبتيه، وامتلأت عينا ميلودي بالدموع.
وفي اللحظة التي انهار فيها تمامًا…..
• “أنقذوا أبي.”
انفجر حجر الحاجز بضوءٍ ساطع، واختفى الألم فجأة. وفي الوقت نفسه، بدأ الفرسان يسقطون، و تهاوت سيوفهم من أيديهم.
“آااه!”
“أووخ!”
شاهد إدوين ما يحدث بعينين مذهولتين، محاولًا كتم أنفاسه. لقد كان الفرسان يتلوّون من الألم على الأرض، بينما وقف السحرة من بين الركام.
ثم رفعت ميلودي رأسها نحوه، وفي عينيها بريق نصر.
“ماذا…..ماذا فعلتِ؟”
سألها إدوين مذهولًا، فمسحت دموعها وأجابت.
“لقد بدّلت رموز الرون في حجر الحاجز، فجعلت الألم يصيب من يملك النور…..لا من يملك الظلام.”
ثم أمسكت بيده بقوة.
“لنغادر هذا المكان الآن.”
رفع إدوين نظره نحو ميلودي بذهول، يغمره طوفانٌ من المشاعر التي تعجز الكلمات عن وصفها.
“ميرنا، ابنتنا…..إنها حقًا فتاةٌ مذهلة.”
“دع المديح لاحقًا، من فضلكَ.”
“حسنًا..…”
شدّ قبضته على يدها، ثم ركضا سويًا نحو النور المتدفق من خلف الجدار المنهار.
***
أمسك رايون بحامل الشموع، ثم أنزله على الطاولة بصوت طَرقٍ حاد. و من خلف الباب، كانت الضوضاء ما تزال تعلو بلا توقف.
بعد انقطاع الكهرباء، هرع الكهنة مذعورين قائلين أن حادثًا قد وقع، واصطحبوه إلى هذه القاعة، حيث مكث فيها منذ بضع دقائق.
كان يسمع بين الحين والآخر تقارير من الكهنة عن الوضع في الخارج، لكنها لم تكن سوى أخبارٍ مضطربة غارقة في الفوضى.
“عندما تشتعل النار، ألا يجب أن نُخلي المكان إلى الخارج عادة؟”
قال رايون ذلك بنفاذ صبر وهو يحدق في الباب، ثم التفت إلى كبير الكهنة الجديد الذي تم تنصيبه حديثًا — بينديكت.
“هذه الغرفة هي أكثر مكان آمن داخل المعبد، يا سموك.”
“ألن يكون من الأفضل العودة إلى القصر الامبراطوري؟”
“نخشى أن يظهر السحرة في أي مكان، لذا أرجو منكَ الانتظار قليلًا. كل هذا من أجل سلامتكَ، يا سموك.”
“سُحرةٌ ملعونون يهربون من العدالة…..بدايةٌ غير موفقة لكبير كهنة جديد، على ما يبدو.”
تشنج وجه بينديكت عند سماع ذلك، ورفع نظرةً حادة نحوه جعلت رايون يتراجع خطوةً إلى الوراء.
“هاه!”
وفجأة، ارتعش جسد بينديكت، و قبض على يده بعنف، ثم انهار أرضًا. فتساقطت الزخارف التي اصطدمت بجسده بصوتٍ مرتفع ملأ القاعة.
“ماذا…..ما هذا؟ ما الذي يحدث لك؟ أيعاني كبير الكهنة من مرضٍ ما؟”
“آآه…!”
“آااااااه!”
لم يكن وحده من سقط، بل بدأ الكهنة الآخرون يتهاوون واحدًا تلو الآخر. فتراجع رايون مذهولًا، و اقترب منه مساعده متشبثًا به بخوف.
“ما الذي يحدث بحق؟!”
“ا…..اذهب وتفقدهم!”
“أنا؟!”
“وهل يوجد غيركَ هنا؟!”
في تلك اللحظة، اندفع فرسان الحراسة من الخارج إلى الغرفة، و سيوفهم مسلولة.
“سموك، هل أنتم بخير؟”
تفقد أحدهم المكان بنظراته ثم،
“الوضع في الخارج مماثل، يا سموك. الكهنة….جميعهم..…”
“ابدأوا بكبير الكهنة، افحصوا حاله.”
انحنى الفارس وأمسك بينديكت ليسنده، لكنه رفع يده المرتجفة مشيرًا إلى المصباح فوق الطاولة.
“استدعوا….القديس….هاه..…”
ثم أغمض عينيه وسقط مغشيًا عليه.
“لقد فقد وعيه.”
لتأمل رايون المصباح بشرودٍ وهمس،
“القديس..…؟”
أشعل المصباح ثم أطفأه، لكن لم يحدث شيء. لابد أنه كان يهذي من شدة الألم.
“من الأفضل أن نغادر الآن ونتفقد الوضع بأنفسنا.”
قال الفارس ذلك، بينما نظر المساعد حوله بقلق.
“ألا يمكن أن يكون هذا من فعل السحرة؟ ربما البقاء هنا أكثر أمانًا./…”
“ربما نشروا سمًّا لا يؤثر إلا على الكهنة. علينا مغادرة المعبد فورًا، هذا هو الأضمن.”
“سـ…..سم؟!”
قفز رايون واقفًا، وانطلق إلى الخارج مذعورًا، والمساعد يركض خلفه متعثرًا.
“هاه..…”
لكن ما إن خرجا حتى تجمّدا في مكانهما.
كان الممر مليئًا بجثث الكهنة الملقاة أرضًا، بعضهم يتلوى من الألم، وآخرون بلا حراك.
“يا للفظاعة…..يبدو أن السحرة قد انتصروا في النهاية.”
“سموك، علينا الخروج فورًا.”
وفي أثناء مرورهما قرب تمثال المعبد، خرج رجلٌ من خلفه.
كان يرتدي ثوبًا أبيض يغطيه من عنقه حتى قدميه، لا يُرى من جلده شيء، وهيئته تشي بغموض غريب.
تلفت حوله بهدوء، ثم انحنى أمام رايون احترامًا.
“من أنت؟ أظهر هويتكَ.”
كان لون عينيه الذهبيّ يلمع بوهجٍ غريب، وارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ وادعة لا تليق بالموقف.
“يشرفني لقاء دماء فالكاراس. أنا القديس، الذي سيعيد النور إلى هذا العالم.”
فتقدم المساعد خطوةً للأمام.
“القديس؟! لكن القديسين انقرضوا منذ زمنٍ بعيد!”
“لم يُعلن عني، هذا كل شيء.”
تبادل رايون والمساعد نظراتٍ صامتة؛ فقد بدا أن ما يُخفيه المعبد أكثر بكثير مما يُظهره.
ثم تحدّث رايون ببرود وهو يعض على شفتيه،
“مهما كانت الحقيقة…..أيها القديس، لماذا لم تتأثر مثلهم؟”
“لأنني لستُ مثلهم.”
“أفهم…..إذًا، هل تعلم سبب ما يعانون منه؟”
“نعم، يبدو أن أحدهم عبث بحجر الحاجز السحري.”
“وهل يمكنكَ عكس ما حدث؟”
“بالطبع.”
قال ذلك وتوجه نحو الجهة الخلفية من تمثال المعبد. و تردد رايون في مكانه، فشد المساعد على كمّه وهمس بقلق،
“سموك، فلنلحق به.”
“ألا يمكن أن نتركه ونعود إلى القصر؟”
“ربما…..لكن أليس اتباعه أكثر أمانًا من مواجهة السحرة في الخارج؟”
“ربما تكون محقًا.”
اقتنع رايون في النهاية، وسار خلف القديس في الممر الطويل الممتد إلى أعماق المعبد.
_________________________
رايون رخمه
وديونيس مصّر للحين ماتطلع؟ الو البنت مع ابوها يمكن ماعاد تشوفها
بس المهم ان ميلودي وابوها اجتمعوا اخيراااا😭🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 121"