الفصل 10
“حقًا، أطفالي مطيعون جدًا.”
“ههه، هل هما قريبان من بعضهما حقًا؟ حسنًا، لا يهم إن لم يكونا.”
ما الذي يتحدّث عنه؟
نظرتُ إلى صاحب متجر الأعشاب وهو يبتسم، متسائلة لمَ يضحك هكذا، وضيّقتُ عينيّ.
“سيدي، ضحكتكَ غريبة.”
فأصدر صوتًا بلسانه وهزّ رأسه.
“أنتِ الغريبة، يا آيليت.”
“لمَ؟”
“لأنّكِ تفتقرين إلى الحدس.”
“حدس؟”
“نعم، لكن هذا جزء من سحركِ، يا آيليت.”
ترك صاحب المتجر كلامًا مقلقًا ودخل إلى المتجر.
شعرتُ بالقلق. أليست بطلات الروايات الرومانسية عادةً تفتقر إلى الحدس؟ أنا لستُ كذلك.
أنا مجرّد شخصيّة ثانويّة.
اعتقدتُ أنّه يسخر منّي، فأوقفتُ الكلب والثعلب اللذين كانا يتجادلان على حقيبتي.
“كفى!”
“أفف.”
“كيي.”
“سأحمل حقيبتي بنفسي.”
تجاهلتُ تعبيسهما وحملتُ الحقيبة، ثمّ أخذتُ سييت وآين إلى متجر ملابس رجاليّة جاهزة.
سأل آين أوّلًا:
“لمَ نحن هنا، يا آيليت؟”
“لأشتري لكما بعض الملابس. ملابسكما الحاليّة لا تليق بوجهيكما.”
“ملابسي الحاليّة تعجبني.”
ميل سييت رأسه ونظر إلى ملابسه.
“يا لكَ من رجل لا يعرف الموضة.”
أصدرتُ صوتًا بلساني. يمكن تبرير آين لأنّه سوين، لكن هذا الرجل بالتأكيد نبيل…
إذا تذكّر يومًا أنّه كان يرتدي مثل هذه الملابس “الطبيعيّة”، سيلومني بالتأكيد.
يجب أن أشتري له ملابس لتجنّب ذلك.
دخلتُ متجر الملابس الجاهزة واشتريتُ قميصين وبنطالين من الكتّان لكلّ من سييت وآين، وهي ملابس يرتديها العامّة عادةً.
بما أنّهما مختلفان في الحجم، كان عليّ شراء مقاسات مختلفة، لكن الملابس، كما يقال، هي الأجنحة، فبديا مبهرين مقارنةً بالملابس القديمة لوالدي.
“مبهرٌ!”
كلاهما وسيم بطريقة مختلفة، فشعرتُ برغبة قويّة في جعلهما آيدولز.
‘لا، هذا ليس صحيحًا… اهدئي. عندما نذهب إلى العاصمة وأبدأ بجني المال، سأشتري لهما ملابس أجمل.’
“هل ابدو جيّدًا؟”
دار آين بحرج. أعجب صاحب المتجر بهما كثيرًا، فأعطى آين قميصًا إضافيًا وسييت جاكيتًا كهديّة.
“يا إلهي، أرى شبابًا وسيمين كهؤلاء في قرية ريفيّة! إنّه لمن دواعي سروري تنسيق ملابسهم!”
كان صاحب المتجر متحمّسًا جدًا. حسنًا، يبدو أنّ الوسامة هي الأفضل.
فكّرتُ أنّني يجب أن أحصل على منشور المفقودين الذي رآه صاحب متجر الأعشاب في العاصمة.
ربّما عائلة سييت تبحث عنه بشدّةٍ.
‘في المرّة القادمة، سأطلب من تاجر القوافل إحضار المنشور.’
اشترينا مكوّنات طعام ومستلزمات يوميّة بسرعة وعدنا إلى الجبل.
“آيليت، العشاء جاهز!”
“حسنًا!”
اليوم، شوينا اللحم في الهواء الطلق وفتحنا خمر التفّاح المخمّر مسبقًا، فشعرتُ بالسكر قليلًا.
لذا قرّرتُ قول ما أريد.
أشرتُ إلى سييت وآين، وضيّقتُ عينيّ ورفعتُ صوتي:
“أنتما الاثنان، توقّفا عن الشجار وكونا لطيفين مع بعضكما!”
“لا أريد…”
“أنا أيضًا، هذا صعب بعض الشيء.”
“لمَ؟”
صرختُ وضربتُ الأرض بعصا النار، فضحك آين، وضيّق عينيه وقال:
“حسنًا، يا آيليت، إذا كنتُ لطيفًا، هل ستحبّينني أكثر؟”
“بالطبع، أنا أحبّ الثعالب اللطيفةَ أكثر.”
“حقًا؟ إذن سأكون ثعلبًا لطيفًا من الآن فصاعدًا. أليس كذلك؟”
“نعم، نعم.”
فجأة، أضاء جسد آين وتحوّل إلى ثعلب فضيّ، ثمّ قفز إلى حضني.
آين كثعلب ناعم ولطيف جدًا، فلا أستطيع إلّا أن أعانقه وأداعبه.
اليوم، وبسبب السُكر، شعرتُ بذلك أكثر.
“آين لديه ذيل لطيف أيضًا.”
بينما كنتُ أداعب آين وأفرك خدّي به، قبض سييت قبضته.
لمَ يقبض قبضته؟
“أيتها الطبيبة، أنتِ سكرانةٌ.”
“هل أنا كذلك؟ ههه، وما المشكلة؟”
تحدّث سييت بصوت متصلب قليلًا. لم أرَ تعبيره بوضوح، لكنّه بدا جامدًا حقًا.
وضعتُ آين على الأرض، ووضعتُ ذقني على يدي، وضيّقتُ عينيّ وقُلتُ:
“سييت… ربّما لو كنتَ حيوانًا، لكنتَ كلبًا كبيرًا، مثل بوردر كولي.”
بوردر كولي :

“لو كنتُ كلبً، هل كنتِ ستحبّينني هكذا؟”
سأل سييت بجديّة، فكشّر آين الثعلب عن أسنانه عند قدميّ.
“غرر.”
“هيي.”
ضربتُ فم آين الذي كان ينبح دون سبب، ثمّ نظرتُ إلى سييت الذي اقترب وجلس بجانبي.
بسبب وميض النار، ألقت الظلال على وجهه، فبدت ملامحه أكثر وسامةً.
وضعتُ يدي على خدّه، وداعبته، وابتسمتُ.
“ربّما؟ على الأرجح.”
“أيتها المعلّمة.”
عضّ شفته السفلى، وأمسك يدي على خدّه، وأنزلها ببطء.
“أنتِ لا تفضلينني لأني لستُ سوين، أليس كذلك؟”
“…لا، ليس كذلك.”
“أوه، آين نائم.”
بصراحة، كان آين، الذي يتحمّل الخمر أقلّ منّي، قد شرب ثلاثة أكواب من خمر التفّاح متظاهرًا بالقوّة، وكان الآن نائمًا عند قدميّ.
نظرتُ بحذر إلى آين النائم، ثمّ نظرتُ إلى سييت، ووضعتُ ذقني على يدي وسألتُ:
“اسمع، يا سييت.”
“نعم.”
“قالوا إنّ وجهكَ كان على منشور مفقودين في العاصمة. سمعتَ ذلك، أليس كذلك؟”
“نعم.”
ألقى ظلٌ على وجه سييت.
“يبدو أنّ عائلتكَ تبحث عنكَ. يجب أن نذهب إلى العاصمة قريبًا.”
“…نعم، هذا سيساعَدنا أكثر، أليس كذلك؟ يبدو أنّني من طبقة عليا.”
“ليس لهذا السبب. لا حاجة لمساعدتي. لم أطلب منكَ شيئًا.”
فوجئتُ ولوّحتُ بيديّ.
“أريد أن أكون مفيدًا.”
أطرق وجهه محمرًا وتمتم.
‘هل هو سكران؟’
همم، يبدو أنّ سييت شرب الكثير من خمر التفّاح أيضًا. لمَ الرجال هنا ضعفاء جدًا مع الخمر؟
“تحبّ الخمر؟ لمَ شربتَ هكذا؟ وجهكَ أحمر تمامًا.”
ضحكتُ وسخرتُ منه، فرفع سييت رأسه وناداني.
“الطبيبة آيليت.”
“نعم؟”
تردّد، ثمّ قبض قبضته كأنّه اتّخذ قرارًا وقال:
“هل تذهبين معي إلى مكان ما الآن؟”
“إلى أين؟”
“ليس مكانًا خطرًا.”
ابتسم سييت. كانت ابتسامتهُ رائعة جدًا، فأومأتُ دون وعي.
مال رأسه قليلًا، ونظر إليّ، ثمّ بدأ بتنظيف المكان.
يتحرّك بسهولة. لا يبدو سكرانًا.
بينما كنتُ أداعب فراء آين النائم، أنهى سييت غسل الأطباق، وألبسني كارديجان خفيفًا، ثمّ تقدّم متردّدًا ومدّ يده.
“أيتها الطبيبة، هل يمكنني أن أمسك يدكِ؟ الطريق صعب قليلًا.”
فوجئتُ بيده الكبيرة أمامي، وتلعثمتُ.
“يدي؟ نعم، نعم.”
“اعتبريهِ مرافقةً لي.”
تحدّث بجديّة، وشعرتُ بالجوّ الجادّ، فأومأتُ بجديّة ووضعتُ يدي على يده الكبيرة.
نظر سييت إلى يدي، ثمّ أمسكها بقوّة.
“يدكِ صغيرة جدًا.”
“ههه.”
“كـ يد طفلةٍ.”
ضحكتُ بصوت عالٍ على كلامه.
“همم، بالنسبة لطفلة، أنا ذكيّة جدًا. أنا ربّة هذا البيت، إذا لم تَكن. تعلمُ.”
“ههه.”
تبدّد الجوّ المتوتّر بيننا، وتحدّثنا عن أشياء مختلفة ونحن نصعد الجبل.
كام الظلام دامسًا ، لكن بفضل سييت، الذي أصبح أكثر اعتيادًا منّي على طرق الليل، تمكّنتُ من صعود الجبل بسهولة.
بينما كنتُ أصعد قليلًا، سألتُ سييت:
“هل يمكنني أن أسأل إلى أين نحن ذاهبون؟”
“ربّما مكان لم تذهبي إليه من قبل، أيتها الطبيبة.”
“حقًا؟ كيف تأكدتَ من ذلكَ؟”
“لأنّه مكان لا تستطيع طفلة الذهاب إليه.”
عبستُ متظاهرة بالغضب من معاملته لي كطفلة، ورفعتُ حاجبيّ.
“يا إلهي، هل تسخر منّي؟”
“لا، أنا أجدكِ لطيفةً.”
ابتسم سييت. شعرتُ كأنّ العسل يتساقط من عينيه.
‘أوه، يا إلهي.’
همم، ربّما أنا سكرانة جدًا. كح.
على أيّ حال، وصلنا إلى المكان الذي أراد سييت الذهاب إليه، وكان حقًا على حافة جرف صخريّ لم أجرؤ على الذهاب إليه.
عندما صعدتُ، فتحتُ فمي مذهولة من المنظر الرائع للقرية والنجوم البعيدة التي تظهر جميعها دفعة واحدة.
“واو…”
كان منظرًا مذهلًا. أوّل مرّة أرى سماء الليل المرصّعة بالنجوم بهذا الشكل منذ أن عشتُ في هذا الجبل.
“جميل، أليس كذلك؟ أردتُ أن أريكِ إيّاه، أيتها الطبيبة.”
“رائع.”
أمسكتُ يده بقوّة دون وعي وقلتُ، فنظر إليّ سييت وقال:
“أنتِ أجمل منهُ، أيتها الطبيبة.”
“آه.”
رفعتُ رأسي مندهشة. كان سييت ينظر إليّ بعيونٍ دافئةٍ.
التعليقات