ضحية هذه الحادثة، كلوديل.
لو لم تتوسّط كلوديل بحكمة، لكانت عائلة فيكونت دوتريش على وشك الإفلاس.
‘إنها مجرد فتاةٍ تلاعب بها الرجال عدّة مرّات، فما الشيء الثمين فيها؟’
لماذا يتصرّف بهذا الحساسية المفرطة؟
لا يبدو أنهم أيضًا يعتبرونها دوقةً حقًا.
تسك! في اللحظة التي نقر فيها الفيكونت بلسانه ووضع سيجارةً على شفتيه بتوتر،
طق طق.
سمع طرقًا على الباب.
“ادخل!”
نزع الماركيز السيجارة من فمه بعجلةٍ ورفع صوته.
دخل الخادم وسلّمه رسالةً بأدب.
“سيدي الفيكونت، وصلت رسالةٌ من دوقة فالديمار…”
“هاتِها!”
انتزع الفيكونت الرسالة بسرعة.
حتى بدون سكينٍ لفتح الظرف، مزّقها بيدٍ مرتعشةٍ بفعل شدّة الاستعجال.
أجل، كلوديل ستحلّ هذه المشكلة.
رغم أنها ليست بارعةً جدًا، لكنها مطيعة أليس كذلك؟
من المستحيل أن تتجاهل والدها هكذا…!
ثم…
“……”
اتسعت عينا الفيكونت.
لمعت عيناه الزرقاوتان من الصدمة والغضب.
[أبي العزيز،
لطالما علّمتني أن أطيع زوجي.
بسبب هذا الزواج، أصبحتُ من عائلة فالديمار، ويجب أن أضع مصلحتهم فوق كلّ اعتبار.
أرجو أن تفهم أنني له سيكون من الصعب علي رعاية شؤون عائلة دوتريش بعد الآن.]
بدأت يد الفيكونت دوتريش التي تمسك بالرسالة بالارتجاف.
‘هل هذه الصغيرة تتلاعب بكلماتي الآن؟!’
كان المقصود من ‘طاعة الزوج’ عدم إثارة المشاكل مع الأزواج السابقين.
بل والأكثر من ذلك، كانت تعني طاعة الملك أيضًا.
لكنها استخدمت نصيحته ضدّه بهذه الطريقة!
[بعد قراءة رسالت والدتي، شعرتُ بالحزن لرؤية أنكَ غضبتَ بشدّة.
لكن شخصيًا، أعتقد أنه لحسن ابحظ أن الأمر انتهى بهذه الطريقة.
لقد تم تصنيف الأمر كخطأٍ شخصيٍّ من الخادمة جريت مسائلين إياك بتولّي المسؤولية عن إخفاقكَ في الإشراف على الخادمة بشكلٍ صحيح.
لو كنتُ قد مِتُّ حقًا، كيف كان فالديمار سيتصرف؟
ربما كان جلالته سيثور غضبًا أيضًا.
أنتَ شخصٌ ذكيٌّ يا أبي، وأعتقد أنكَ تفهم ما أحاول قوله.
اعتنِ بصحتك.
مع حبّي، كلوديل.]
انتهت الرسالة، بمثل هذه التحية الرسمية.
تحوّل وجه الفيكونت إلى اللون الأحمر من الغضب.
“كلوديل، كيف تجرئين على فعل هذا بي …!”
هدر الفيكونت، الذي لم يتمالك الفيكونت نفسه، غاضبًا.
إذن هل يجب عليه حقًا دفع كلّ هذه التعويضات الباهظة؟
100 ألف مارك كتعويضاتٍ وخطاب اعتذارٍ بخط اليد ليس كافيًا!
حتى أنهم سيسجّلون هذه التهمة في سجلّات النبلاء!
لكن الجزء الأكثر إثارة للرعب كان…
‘… كلوديل عارضت مطالبي.’
لطالما كانت ابنةً مطيعة.
لكنها، للمرّة الأولى، طعنت والدها في الظهر.
كأن يدًا باردةً مرّت على ظهره، شعر بقشعريرةٍ تسري في عموده الفقري.
“فتاةٌ لعينة!”
ظلّ فيكونت دوتريش يلعن ويبصق كلماتٍ بذيئةٍ في فمه. كما لو كان يحاول تجاهل الشعور الغريب بالخوف الذي انتابه من كلوديل.
2. ما حدث في مأدبة القَسَم
انتشر خبر أن عائلة فيكونت دوتريش دفعت تعويضاتٍ باهظة.
بالإضافة إلى ذلك، بدأ الناس حولها يراقبون مزاج كلوديل بخفّة.
«أتسائل إن كانت السيدة بخير؟»
«بعد ما عانت عائلتها من هذا الإذلال …»
لكن كلوديل ظلّت هادئة. بل بدا أنها ترد بلا تعابير.
«إذا ارتكبتَجريمة، فمن الطبيعي أن تُعاقَب.»
ظهرت ابتسامةٌ خفيفةٌ على وجه كلوديل الجميل.
«بل أنا سعيدةٌ حقًا. لأن فالديمار اهتمّ بأمري وتصرّف بهذه الطريقة.»
مع ردّ الدوقة المتحفّظ، شعر أهل الدوقية أخيرًا بقليلٍ من الارتياح.
وهكذت، بعد بضعة أيام …
أمام عشاءٍ خاصٍّ مع راينهاردت، كانت كلوديل في حيرةٍ من أمرها.
‘ماذا أفعل؟ قلبي يخفق بقوّة!’
عضّت كلوديل شفتها السفلى برفق.
أخيرًا وجد راينهاردت وقتًا بعد انشغاله بمتابعة قضيّة جريت.
«إذا كان لديكِ وقت، هل ترغبين بتناول العشاء معي؟»
لم تستطع وصف مدى سعادتها عندما تلقّت هذه الرسالة.
لذا كانت كلوديل الآن منهمكةً في تجهيز نفسها.
“……”
من خلال مرآة الزينة، رأت وجهها ينعكس بتعبيرٍ متوترٍ غريب.
من الناحية الموضوعية، كانت تبدو جميلةً ومرتديةً ملابس أنيقة.
أقراط لؤلؤٍ صغيرٍ ملتصقةٍ بأذنيها.
ووشاحٌ ناعمٌ ملفوفٌ حول ذراعيها.
حتى فستانها الداخلي الفاخر.
كان مظهرًا أنيقًا، دون أن يكون مبهرجًا بشكلٍ مبالغٍ فيه.
لكن بطريقةٍ ما… لم تكن راضية.
بعد تردّدٍ قصير، نادت كلوديل على بينيلوبي.
“بينيلوبي.”
“نعم؟”
رفعت بينيلوبي التي كانت تمشّط شعرها باجتهادٍ عينيها المستديرتين ونظرت إليها.
أحمرّت خدود كلوديل قليلاً دون أن تدرك ذلك.
“هل لا بأس بي؟”
“لا بأس بكِ؟ ماذا تعنين؟”
“أعني…”
توقّفت كلوديل للحظة، ثم سألت مجددًا بصوتٍ خافت كزحف النمل.
“هل أبدو غريبةً أو قبيحة؟”
لم تكن تهتم بكيف يبدو مظهرها للآخرين عادةً.
لكن أمام راينهاردت، أرادت أن تكون مثالية، بلا عيوب.
أدركت بينيلوبي ما يدور في قلبها، وابتسمت على الفور ابتسامةً مشرقة.
“بالتأكيد! بصراحة، من بين كلّ سيدات الشمال، سيدتي هي الأجمل!”
بطريقةٍ ما، شعرت وكأنها انتزعت إطراءً من بينيلوبي.
ازداد وجه كلوديل احمرارًا.
“لـ لا. لم أقصد أن أسمع مجاملات. أنا فقط…”
“أعلم. تتساءلين إذا كان الدوق سيجدكِ جميلة، أليس كذلك؟”
لقد فهمت الفكرة.
شدّدت كلوديل، وهي صامتة، فكّها.
“حسنًا، أعتقد أنكِ تقلقين دون سبب، سيدتي.”
هزت بينيلوبي كتفيها وأضافت مازحة.
“أيّ شخصٍ لديه عيونٌ وحِسٌّ جماليٌّ طبيعيٌّ سيجدكِ جميلةً دون شك.”
“هذا…”
“لا داعي للخجل. من الطبيعي أن ترغبي أن تبدي جميلةً أمام مَن تحبّين.”
مَن تحبّ.
علقت الكلمة في صدرها لفترةٍ طويلة.
بعد أن استمتعت كلوديل بالرنين العذب للحظة، أومأت برأسها قليلاً.
“حسنًا، شكرًا لكِ.”
“لا داعي لشكري. أتمنى أن تفكّري فقط في الأشياء السعيدة، سيدتي.”
ثم ربطت بينيلوبي شعر كلوديل بأناقةٍ في كعكة.
بينما وضعت مشطًا مزخرفًا من العاج في شعرها، تابعت بصوتٍ حنون.
“ظننتُ أنكِ مررتِ بوقتٍ عصيبٍ مؤخرًا، سيدتي.”
“……”
عند هذه الكلمات، رفعت كلوديل بصرها.
حدّقت في وجه بينيلوبي القلق المنعكس في المرآة.
بالتفكير في الأمر، على عكس حياتها السابقة، عامل أهل فالديمار كلوديل بلطف.
والسبب على الأرجح هو…
‘لابدّ أن ذلك بسبب عقاب جريت.’
يبدو أنهم كانوا يحملزن انطباعًا إيجابيًا عن طرد جريت القاسي.
في تلك اللحظة، فتحت بينيلوبي فمها بحذر.
“لكن هل أنتِ بخير؟ بعد كلّ ما حدث مع خادمتكِ التي أتيتِ بها من عائلتكِ انتهى بها المطاف هكذا …”
لو كان هذا القصر الملكي، أو لو كانت لا تزال في خضمّ زواجيها السابقين، لكانت كلوديل قد توترت من هذا السؤال.
ربما كانوا يحاولون اختبارها عمدًا، ملقيين عليها بعض الكلمات اللطيفة.
لكن كلوديل كانت تعلم.
كانت بينيلوبي الحالية قلقةً عليها بصدق.
“نعم، أنا بخير. فأنا من فالديمار الآن، أليس كذلك؟”
رسمت كلوديل خطًا واضحًا بينها وبين دوتريش.
“وأريد أن أكون دوقةً مخلصةً لفالديمار من الآن فصاعدًا.”
“سيدتي…”
دمعت عينا بينيلوب. فكّرت كلوديل بابتسامةٍ خفيفة.
‘ياللراحة.’
حقيقة أن أهل فالديمار على الأقل لم يكونوا يكرهونها كانت مصدر ارتياحٍ كبير.
كان راينهاردت يحبّ فالديمار كثيرًا.
لذا، أرادت كلوديل أيضًا أن تعيش بشكلٍ جيدٍ مع أُناسه قدر الإمكان قبل المغادرة.
“بالمناسبة سيدتي، متى ستُقيمين حفل القَسَم؟”
في تلك الأثناء،
سألت بينيلوبي، وهي تمشّط وترتّب حُليّها، سؤالاً.
أمالت كلوديل رأسها.
“حفل القسم؟”
“نعم. الآن، أصبح لدينا سيدةٌ جديدةٌ لفالديمار، أليس كذلك؟”
أجابت بينيلوبي بثقة.
“بالطبع، يجب عقد حفل القسم وأخذ قسم الولاء من نبلاء الشمال. وبينما نحن بصدد ذلك، عليهم أيضًا تقديم احترامهم وتحيّاتهم لكِ، سيدتي.”
…حفل القسم.
استرجعت كلوديل ذاكرتها للحظة.
كان تقليدًا قديمًت في المملكة.
عندما يكون لحاكم المنطقة وريث، أو يتولّى حاكمٌ جديد، أو عندما تأتي سيدةٌ جديدة، يجتمع نبلاء المنطقة لتأكيد تحالفهم وتجديد قَسَم الولاء.
ومع ذلك، في حياتها السابقة، لم يُسمَح لكلوديل حتى بالظهور في حفل القسم.
لأنه…
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"