━━━●┉◯⊰┉ الفصل 6 ┉⊱◯┉●━━━
كانَ قصرُ الإمبراطورِ، الذي رأتْه لأوّلِ مرّةٍ، فخمًا وعظيمًا بشكلٍ مبهرٍ.
في حياتِها السابقةِ، لمْ تُشاهدْه بعينيْها المجردتينِ قطّ، فغلبَها الخوفُ منْ هذا المشهدِ الغريبِ عليها.
كانتِ الرؤيةُ الواضحةُ الآنَ، حيثُ كلُّ شيءٍ مضيءٌ، تُقيّدُها أكثرَ مما كانتْ عليهِ عندما لمْ ترَ شيئًا.
ضمّت رينا يديْها معًا وهي تشجعُ نفسها داعيةً:
‘بإمكاني النجاحُ. إنْ أثبتُّ جدارتي للدوقِ، سأتمكّنُ منْ الإفلاتِ منَ الإمبراطورِ.’
عندَ وصولِها إلى قاعةِ الوليمةِ، حدّقَ ثلاثةٌ منْ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ، الجالسينَ بالفعلِ، إليْها بنظراتٍ حادّةٍ.
لمْ يبدو أنَّ أحدًا منهم متعاطفٌ معَها.
حسنًا، كانتْ هذهِ القاعةُ ساحةَ معركةٍ مصغّرةٍ للتنافسِ على العرشِ.
ظهورُ رينا المفاجئُ، وهي التي كانَ وجودُها بالكادِ ملحوظًا، جعلَ الجميعَ يحتاطونَ منْها، وهو أمرٌ متوقّعٌ.
تحدّثَ رجلٌ ذو شعرٍ أحمرَ ووجهٍ شرسٍ بنبرةٍ متجهّمةٍ:
“ما هذا؟ هلْ كانَ مِن بينِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ فتاةٌ كهذهِ؟”
لمْ تُظهرْ نبرتُه المتعجرفةُ أيَّ أناقةٍ إمبراطوريّةٍ، لكنَّ هالتَه كانتْ استثنائيّةً.
تعرّفتْ رينا عليهِ غريزيًا:
「سكال فينسنت ميرنييه.」
رجلٌ كانَ قائدَ فرقةِ الحراسةِ المباشرةِ للإمبراطورِ في الماضي، وساهمَ إلى جانبِ وليِّ العهدِ في حروبِ الغزوِ.
حينها، تحدّثَ رجلٌ يرتدي نظّارةً، شعرُه البنفسجيُّ الطويل مُعقودٌ ومُرتبٌ على كتفِه:
“رينا إيف ميرنييه، والدتُها ابنةُ عائلةِ الكونت إيف. وأخوها، على الأرجحِ، ماتَ أثناءَ حملةٍ تطهيريةٍ.”
كانَ صوتُه جافًا وباردًا كمنْ يقرأُ كتابًا.
معرفتُه الدقيقةَ بمعلوماتِ رينا، التي كانتْ وجودُها ضئيلًا، تؤكّدُ أنّه مايكل منْ عائلةِ فرومْ.
حينها صاحَ سكال، مائلًا بجذعِه إلى الأمامِ:
“ماذا؟ لمَ دعاها جلالتُه إذًا؟ إنّها مجرّدُ حمقاءٍ بلا فائدةٍ!”
“سنعرفُ ذلكَ عندَ وصولِ جلالتِه. لكنْ، اجلسْ بشكلٍ لائقٍ، سكال. أنتَ تُهزُّ الطاولةَ الآن.”
“تقضي وقتَكَ محبوسًا في مكتبتِكَ تقرأُ الكتبَ، فأصبحتَ حساسًا تجاه سلوكيات الآخرين.”
“وأنتَ، هلْ أصبحتَ أحمقَ لأنّكَ تلوّحُ بسيفِكَ طوالَ الوقتِ؟”
“ماذا قلتَ؟ هلْ تتحدّاني؟ هل تريدُ أن نتبارز؟”
“الأغبياءُ دائمًا هم من يلجؤونَ إلى القوّةِ أولًا.”
“هل انتهيتَ منْ الكلامِ الآن؟!”
خبط-!
نهضَ سكال فجأةً، مُثبتًا قدمِيه بقوّةٍ في الأرض.
في تلكَ اللحظةِ، وضعَ وليُّ العهدِ، كأسَ الماءِ التي يحملُها بعنفٍ على الطاولةِ بعدما كانَ صامتًا طوالَ الوقت.
“اجلسْ، سكال.”
بإنذارٍ هادئٍ، جلسَ سكال بصمتٍ، بينما يسحبُ شعرَه إلى الخلف بأصابعهِ.
لمْ يُثرْ مايكل المزيدَ منَ الجدلِ معَ سكال.
تأمّلتْ رينا وليَّ العهدِ، الذي أخمدَ الضجيجَ بلحظةٍ.
كانَ، كما يُقالُ، أكثرَ مَنْ يشبهُ الإمبراطورَ، كورقةٍ بيضاءَ نقيّةٍ.
شعرُه الفضّيُّ الخافتُ كالقمرِ، وعيناهُ الفضيّتانِ كعينيْ أفعى، تُضفيانِ جوًا مخيفًا حولهُ.
قالَ، محدّقًا إلى رينا ومبتسمًا:
“رينا، تعالي واجلسي.”
لمْ تتمكّنْ منْ استشفافِ نواياهُ خلفَ لطفِه الظاهريِّ.
كانَ الإمبراطورُ يقتربُ بنفسِ الطريقةِ في البدايةِ أيضًا.
بدا هدوءُ ردِّ فعلهِ على ظهورِها دليلًا على أنَّ الإمبراطورَ قد أخبرَه مسبقًا.
“رينا إيف ميرنييه تُحيّي سموَّ وليِّ العهدِ وإخوتَها.”
أكملتْ آدابَ التحيّةِ المُحضّرةَ مُسبقًا وجلستْ في آخرِ المقاعدِ.
استمرَّ صمتٌ ثقيلٌ، يُؤلمُ الرأس، حتّى سُمعَ صوتٌ:
“جلالةُ الإمبراطورِ يدخلُ القاعةَ!”
نهضَ الأربعةُ الجالسونَ فورًا.
أطرقتْ رينا رأسَها، منتظرةً جلوسَ الإمبراطورِ.
ولكن توقّفَ الإمبراطورُ أمامَ رينا وقالَ:
“لمَ تجلسينَ هنا؟”
“ماذا؟”
هلْ يستجوبُها الآنَ عنْ حضورِها للعشاءِ؟ ارتجفتْ رينا، عاجزةً عنْ فهمِ نواياهُ.
في تلك اللحظة سخرَ سكال منْ جانبِها:
“كما توقّعتُ، لمْ يدعُها جلالتُه. كنتُ أتساءلُ لمَ هي هنا. إنْ أذنتَ، سأطردُها بنفسي!”
كانَ سكال مستعدًا لسحبِ ذراعِ رينا
وإخراجِها على الفور.
منعَ هذا الموقفَ وليِّ العهدِ سيغفريد:
“لمْ نرشدْها إلى مقعدِها بسببِ إرتباكنا قليلًا.”
أضافَ الإمبراطورُ، ضاحكًا بخفّةٍ:
“صحيحٌ، يبدو أنكم مرتبكونَ، فقد حدثَ الأمرُ فجأةً.”
أشارَ برأسِه إلى مقعدٍ فارغٍ وقالَ لرينا:
“اجلسي مقابلَ سيغفريد.”
“!”
اتّسعتْ عينا رينا منْ هذا الاختيارِ الاستثنائيِّ.
مقعدٌ مقابلُ وليِّ العهدِ يعني أنّها ثاني أكثرِ المفضّلينَ للأمبراطور.
حتّى سكال ومايكل لمْ يجلسا فيهِ قطّ، فتصلّبتْ وجوهُهما. لذلك حاولتْ رينا الرفضَ بقولها:
“أنا مرتاحةٌ هنا…”
ولكن قاطعَها الإمبراطورُ بحدّةٍ:
“هلْ تعصينَ أمري؟ كيفَ تجرؤينَ؟”
“لقد أخطأتُ، أعتذرُ. أنا ممتنّةٌ حقًا للطفِ جلالتكَ العظيمِ.”
سارعتْ رينا بتصحيحِ كلامِها وانتقلتْ إلى المقعدِ بسرعةٍ.
لمْ تُردْ هذا المقعدَ القريبَ منهُ. بل حتّى آخرُ المقاعدِ كانَ قريبًا منَ الإمبراطورِ بشكلٍ مزعجٍ.
على عكسِ سكال، الذي أدارَ وجهَه بأنزعاجٍ، تأمّلَها مايكل بفضولٍ.
قالَ الإمبراطورُ، جالسًا في المقعدِ الرئيسيِّ، مبتسمًا برضا:
“الآنَ، جلسَ الجميعُ في أماكنِهم.”
جلسَ الإمبراطورُ، فبدأتِ الخادماتُ بصبِّ النبيذ قبلَ الطعامِ.
مالَ الإمبراطورُ بكأسِه نحوَ رينا وقالَ:
“هلْ تعلمينَ لمَ دعوتُكِ إلى هنا؟”
ابتلعتْ رينا لعابها بصعوبةٍ عندَ هذا السؤالِ الاختباريِّ، ثمّ أجابتْ بهدوءٍ، مخفيةً توتّرَها:
“على الأرجحِ بسببِ أمرِ زواجي.”
“هوه، هلْ أخبرَكِ الدوقُ بالفعلِ؟ يبدو أنّني تأخّرتُ في نقلِ الخبر إليكِ.”
لمعَتْ عينا الإمبراطورِ بدهشةٍ.
عندما ذكرتْ رينا الزواجَ، دفعَ مايكل نظّارتَه نحو وجههِ بخفةٍ وسألَ:
“زواجٌ؟”
بدتْ تعابيرُه فضوليّةً إزاءَ معلومةٍ لمْ يسمعْ بها.
أجابَ الإمبراطورُ برضا:
“بالأمسِ، زارَني دوقُ كرينسيا وقالَ إنّه يريدُ الزواجَ منْ رينا.”
سادَ الصمتُ قاعةَ الوليمةِ.
بعدَ لحظةٍ، تمتمَ مايكل، ممسكًا ذقنَه:
“إذًا، العربةُ الإمبراطوريّةُ التي دخلتْ قلعةَ كرينسيا مؤخّرًا كانتْ لها. لمْ أتمكّنْ منْ معرفةِ ذلكَ.”
تنهّدَ مايكل بأسفٍ.
لمْ يكنْ لرينا ودوقِ كرينسيا أيُّ صلةٍ سابقةٍ.
حتّى عائلةُ فرومْ، المعروفةُ بمعلوماتِها، لمْ تعرفْ مَنْ كانَ في العربةِ.
كانتْ عائلةُ كرينسيا صلبةَ الحراسةِ، وخدمُها منْ الشمالِ لا يتركونَ ثغرةً لأيَّ خيانةٍ تسربُ المعلوماتِ بينهم.
حينها تمتمَ سكال، مائلًا رأسَه:
“ماذا؟ دوقُ كرينسيا؟ لمَ ظهرَ هذا الرجلُ فجأةً؟ هل أنا الوحيدُ الذي لا يفهمُ الوضعَ هنا؟”
تجاهلَ مايكل سكال وسألَ الإمبراطورَ:
“لكنْ، حتّى وقتٍ قريبٍ، رفضَ الدوقُ توسطَ جلالتِكَ في زواجهِ، أليسَ كذلكَ؟ لا أفهمُ سببَ هذا الاقتراحِ المفاجئِ.”
“حسنًا، قالَ إنّه سيتبعُ رغبتي إنْ كانتِ الزوجةُ هي رينا.”
بدتْ ملامحُه كمنْ لا يهتمُّ بمنْ سيتزوّجُ دوقُ كرينسيا منْ العائلةِ الإمبراطوريّةِ طالما تحقّقتْ رغبتُه فلا فائدةَ من باقي المعلومات.
حينها نظرَ مايكل إلى سيغفريد وقالَ:
“هلْ كنتَ تعلمُ، يا أخي؟”
“سمعتُ بالأمرِ قبلَ وصولي إلى هنا.”
“ومعَ ذلكَ، الأمرُ غريبٌ حقًا. أليسَ منَ المحتملِ أنْ يكونَ لهُ نوايا أخرى؟”
“نوايا أخرى؟ معَ هذهِ الفتاةِ؟”
سخرَ سكال واستهزأَ بفكرةِ أنْ يقترحَ أحدٌ الزواجَ بنوايا خفيّةٍ منْ أميرةٍ بالكادِ لها وجودٌ.
لا شيءَ يُمكنُ اكتسابُه منْها، بلْ قدْ تكونُ عبئًا على الشمالِ. وبدا أنَّ الجميعَ يوافقونَه الرأي في داخلهم.
لذلك تمتمَ مايكل بشكٍ:
“على أيِّ حالٍ، الأمرُ مفاجئٌ جدًا.”
في تلك اللحظة، ضحكَ سكال بصوتٍ عالٍ وهو يقول:
“مهما كانَ دوقُ كرينسيا عظيمًا، لا يمكنُه عصيانُ أوامرِ جلالتِه للأبد! لعلّه صمدَ حتّى الآنَ حفاظًا على كبريائِه!”
“تفكيرُكَ الغبي يجعلُ الأمورَ مريحةً لكَ حقًا.”
احمرَّ وجهُ سكال من ردِّ مايكل، لكنّه لمْ يُثرْ الفوضى كما فعلَ سابقًا، ربما لأنَّ الإمبراطورَ حاضرٌ، فسيطرَ على انفعالاتِه.
مدَّ الإمبراطورُ، الذي ظلَّ صامتًا، يدَه إلى رينا، محدّقًا إليْها.
وعندما أمسكتْ يدَه بطاعةٍ، سألَ:
“منذُ متى وأنتِما تعرفانِ بعضَكما؟”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات