━━━●┉◯⊰┉ الفصل 23 ┉⊱◯┉●━━━
نظرت رينا إلى السيدة ماري بعينين باردتين.
عندما التقت عيناها بعيني رينا الزرقاوين الهادئتين، شعرت ماري بضغط غريب.
كانت هي من تنظر من الأعلى دومًا، لكنها شعرت كأن رينا هي من تنظر إليها من علوٍ الآن.
عكس جرأتها السابقة، أغلقت ماري فمها.
أحست أن الوضع ليس عاديًا.
نظرت رينا إلى ماري، التي تغير موقفها بوضوح، ثم قالت لليلي:
“ليلي، أحضري ذلك.”
“نعم، سيدتي.”
أحضرت ليلي الصينية بسرعةٍ
كأنها كانت تنتظر أمر رينا فقط.
كانت رينا تفضل عدم استخدامها، لكن بدا أن التأديب ضروريٌّ الآن.
رأت ماري الشيء الذي على الصينية فأصابها الذهول.
كان سوطًا. حينها رأت رينا ارتعاش عيني ماري وقالت:
“هذه هديتي لك، بمعنى أن تعتني بداليا جيدًا في المستقبل.”
كادت ماري تقول: ‘أليس هذا تحذيرًا بدل كونهِ هديةً؟’ لكنها عضت شفتها السفلى وأغلقت فمها.
كان تقديم السوط من النبلاء للأدنى منهم مكانةً تحذيرًا يعني: إن كررتِ الخطأ، ستُعاقبينَ بهذا السوط.
رجفت ماري من الإهانة ولم تستطع الرد.
عندما احترمتها رينا في البداية، ظنت ماري أنها ضعيفة.
كانت تدعوها بــ ‘الأميرة’ بدل ‘السيدة’ لفرض هيمنتها عليها.
ظنت أن رينا زهرةُ دفيئةٍ غافلةٍ لا تعرف شيئًا، لكنها وقعت في فخها.
نظرت ماري إلى السوط بغضبٍ، فقالت رينا:
“خذيه.”
“شكرًا.”
بإلحاح رينا، أخذت ماري الصندوق الذي يحتوي على السوط على مضض.
“آمل ألا أضطر لاستخدامه.”
“هل يمكنني الرحيل الآن؟”
بسؤال أكثر احترامًا، ابتسمت رينا على هذا
وهزت رأسها موافقةً.
كانت ماري ترغب في المغادرة فورًا، لكن لم ينته الأمر بعد.
نظرت رينا إلى الكرسي وقالت:
“لا، لا داعي للذهاب بعيدًا. أنا معلمة آداب داليا الجديدة.”
“…”
“قد يطول الحديث، فهل تجلسين؟ أو يمكنك البقاء واقفة إن أردت.”
“سأجلس.”
جلست ماري بوجه متجمد، وبطاعة واضحة، حينها أسترخت تعابيرُ رينا قليلا.
وفي جانبٍ آخر، راقبت ليلي العملية بعينين براقتين.
***
بعد لقاء رينا، ذهبت ماري إلى إيدن لتشكو:
“يبدو أنها جادة. إن بقي الحال هكذا، قد تتزعزع مكانة داليا، فكن حذرًا.”
استمع إيدن بهدوء وسأل:
“هل حقًا عاملتك بلا سبب بهذا الشكل؟”
بموقف يبدو عدم تصديق، زادت ماري حدة وهزت السوط:
“أجل! ألا ترى هذا؟”
كانت ماري قد روت القصة لصالحها، متجاهلة سبب دعوة رينا وذاكِرةً السوط فقط.
فكر إيدن بجدية:
‘لم أظنها تُعامِلُ الأدنى منها مكانةً، بقسوةٍ هكذا…’
تفاجأ بطباعها القوية.
كانت ماري تعتني بداليا منذ زمن، فلم يستطع تجاهل كلامها.
هدأها قائلًا:
“اهدئي، سيدتي. سأتحدث مع الأميرة.”
“لا حاجة للحديث! يجب إبعادها عن داليا فورًا.”
“لكن قد طلبت منها تعليم الآداب لداليا. تغيير الكلام الآن سيحرجني.”
رفض إيدن بلطف، فنظرت ماري إليه بغضب.
لم تتوقع إبعاد رينا فورًا، لكن لم تستطع تركها تؤثر على داليا.
كيف تترك مكانتها التي بنتها بجهد؟
كانت قد بدأت تسيطر على داليا، فجاءت رينا كعائقٍ أمامها.
استعادت ماري هدوءها وسألت:
“إذًا، إن وجدت سببًا، هل ستتدخل؟”
“إن لزم الأمر.”
رد إيدن بغموض، فتوعدت ماري قائلةً:
“سترى. سأثبت أن الأميرة غير مناسبة لتعليم داليا.”
***
كانت داليا تعتنق دميتها المفضلة ‘توسوني’ وتنتظر بصمت.
كان قلبها يخفق بلا سبب، لأن اليوم هو أول درس مع رينا.
عَلِمتْ داليا قبل أيام أن رينا زوجة الدوق.
شخصٌ لطيفٌ مثل رينا سيكون فردًا جديدًا في عائلتها!
كأنها هدية من أمها، فأرادت التقرب منها.
لكن المربية كانت ترى خلاف ذلك.
‘لا تظهري ضعفًا أمام زوجة الدوق أبدًا. ستستغل لطفها لتبحث عن عيوبكِ.’
‘لكن رينا وعدت أن تكون صديقتي…’
‘الصداقة تكون بين من تتطابق مصالحهم. زوجة الدوق تراك عائقًا، فكوني رسمية معها دائمًا.’
لم تفهم داليا كلام المربية تمامًا.
ظنت أنها مسألة تتعلق بالكبار.
كانت ماري معها منذ ولادتها، وخاصة عندما مرضت أمها، فكانت دائمًا إلى جانبها.
لذلك، حاولت داليا كبت مشاعرها نحو رينا.
كانت تشعر بالقلق منذ عرفت أن رينا ستكون معلمة آدابها.
تحت إشراف مربية صارمة، كان مجرد كلمة ‘درس’ يثير توترها.
لذلك فكرت: ‘ماذا لو كرهتني رينا كما قالت المربية؟’
فاحمرت عيناها بدموعٍ لم تُذرف بعد.
بينما كانت تعبث بـــ دميتها توسوني، دخلت رينا الغرفة:
“مرحبًا، داليا~♡.”
اقتربت رينا بابتسامة لطيفة ولوحت بيدها.
نهضت داليا متوترة من الكرسي وانحنت بقولها:
“مرحبًا، سيدتي الدوقة.”
“هممم؟”
تعجبت رينا من أسلوبها الرسمي، فقد وافق كلاهما على استخدام الأسماء قبل أيام.
“أشعر بالخيبة.”
“ل-لماذا؟”
“ألم نتفق على استخدام الأسماء؟”
انحنت رينا لتلاقي عيني داليا.
نظرت داليا إلى عينيها الصافيتين وحركت شفتيها:
“قالت المربية ألا أدعوك باسمك…”
تجنبت نظرتها وترددت، فابتسمت رينا بخفة وقالت:
“حقًا؟ لكن أفضلُ أن تدعيني باسمي.”
“لكن…”
“ماذا عن هذا الحل؟ ‘سيدتي الدوقة’ تبدو صعبة وغير جميلة، فماذا عن ‘الأستاذة رينا’؟ ما رأيكِ، داليا؟”
“جيد!”
صرخت داليا بفرح، كأن ترددها زال.
نظرت رينا إليها بعطف ومسحت رأسها بحنانٍ.
“بما أنه أول درس، هل نتعلم آداب وقت الشاي؟”
ما إن انتهت كلمات رينا، حتى أحضرت ليلي عربة محمولة بالكعك والشاي.
برقت عينا داليا عند رؤية الحلوى المرتبة، لكنها بقيت ساكنة.
كانت ماري تمنعها من الحلوى لخوفها من السمنة.
بينما كانت تنظر إلى الحلوى، مدّت رينا شوكة وقالت:
“عادةً، يفضلُ بدء التذوق من الطبقة التي تحتوي الكعك غير الحلو. إذا بدأت بالحلوى شديدة الحلاوة، قد تضطرين لشرب الشاي مرارًا، فتكثر زياراتك للحمام.”
ظنت رينا أن داليا تتردد لأنها لا تعرف ماذا تختار.
لكن داليا أظهرت رد فعل غير متوقع.
أمسكت الشوكة ولم تختر شيئًا، ثم سألت بهدوء:
“هل يمكنني حقًا أكل هذا؟”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
التعليقات لهذا الفصل " 23"