منذ لقائي الأول بإيميلي، كنت أعلم تمامًا، وبقلب يعتصره الألم، أنّه لا يمكن لنَبيلٍ مثلي، يحمل لقب الكونت، أن يرتبط حقًا بامرأة من عامة الشعب مثلها.
ومع ذلك، أحببت إيميلي بكل جوارحي.
لم أستطع أن أضع عائلة ستانلي النبيلة، ولا زوجتي، ولا حتى ابنتي الوحيدة روز، في مكانة أسمى من مكانة إيميلي في قلبي.
كنت أؤمن أن هذا الشعور،
هذا الحب الذي يفوق كل اعتبار، هو الحب الحقيقي بعينه.
“ميرور…”
منذ أن غادرت سوفيلا القصر، منهية الأمر بمهارة أطلقتها،
بدأ منزل كونت ستانلي في الانحدار بسرعة مريعة.
كانت البداية حين اكتُشف أن كبير الخدم، الذي أوكلتُ إليه إدارة الإقطاعية، كان يجمع الضرائب بطريقة غير مشروعة.
ثم سرعان ما انتشرت في المجتمع الراقي أخبار ما فعلته زوجتي بسوفيلا من قسوة وإذلال. لم يكن هذا بتأثير المهارة،
بل ربما كان انتقامًا مباشرًا من سوفيلا نفسها.
لكن، مهما كانت الأسباب، يبدو أن منزل كونت ستانلي كان مكتوبًا عليه الزوال. فقد بلغت أحوالنا المالية حدًّا اضطر فيه كبير الخدم للجوء إلى الاحتيال الضريبي.
وقد ساهم في تدهور الوضع المالي إنفاق زوجتي الطائش على الخردة التي كانت تشتريها بأسعار باهظة من تجارٍ أجانب، وكذلك دعمي المتكرر لإيميلي.
“كيف لك أن تتنازل عن لقب العائلة بهذه السرعة لجاريت؟! لم الآن؟! المسكين لن يتحمل! على الأقل حاول أن تعيد للعائلة استقرارها المالي أولًا!”
هكذا صاحت زوجتي بصوتها العالي المزعج،
عندما أعلنت نيّتي في التقاعد.
“ألم يكن حلمك أن يُمحى دم عائلة ستانلي من الوجود؟
لقد تحقق. فلتفرحي إذًا.”
عند سماع كلماتي، اتسعت عيناها دهشةً وذعرًا.
“أتظنين أنني لم أكن أعلم؟ لا تستهيني بي. منذ سقوط والدتي لم أقترب منك، فكيف لَك أن تحملي بعد ذلك؟!”
نظرتُ إلى وجهها الشاحب الخائف دون أن أشعر بشيء.
كل ما كنت أتمناه حينها أن أرى إيميلي.
“… لا… ولكن… إن كان الأمر كذلك… لماذا لم تقل شيئًا طوال هذه المدة…؟“
“لأن الأمر لم يكن يعنيني.”
“… لميكنيعنيك…؟“
“كنت أعلم تمامًا ما تخططين له. كنت تكرهين والدتي المتسلطة، أليس كذلك؟ ولهذا سعيتِ إلى محو دم عائلة ستانلي الذي حاولت والدتي حمايته. وأظن أن والد التوأم هو ذاك التاجر الأجنبي الذي كنتِ تستدعينه كثيرًا بعد مرض والدتي.”
كانت إجابتي صحيحة، فقد بدأ جسدها يرتجف.
“لقد كنتِ تسيئين إلى سوفيلا لأن عينيها كانتا حمراوين.”
“… آه…”
“الخدم فسروا ذلك بأنها تحمل نفس عيون حماتك،
لكن الحقيقة أعمق من ذلك، أليس كذلك؟“
“…”
“في الحقيقة، كنتِ تعلمين أن عينيها لا ينبغي أن تكونا حمراوين، لأن والدتي فقط هي من كانت تحمل هذه السمة في هذا البلد، وسوفيلا لا تمت لها بصلة دم.”
“توقّـف…”
“لقد خفتِ، أليس كذلك؟ ظننتِ أن عيونها الحمراء لعنة من والدتي التي ماتت بسببك، فوجهتِ خوفك نحو سوفيلا، وأصبحتِ تكرهينها وتعذبينها لإخفاء ذعرك.”
كانت ترتجف كمن طُعن في أعماق روحه، تحدّق بي بخوف.
“دعيني أخبرك بالحقيقة أخيرًا. عيون سوفيلا الحمراء ليست أمرًا عجيبًا. في بلدان أخرى، العيون الحمراء ليست نادرة.
يبدو أن قريبًا لذلك التاجر كان يمتلكها.”
اتسعت عيناها ذهولًا.
“لا يعقل… إذًا… سوفيلا هي…”
“سوفيلا هي ابنتكِ فقط، ذات عيون حمراء. لقد أسأتِ لطفلتكِ بناءً على اعتقاد سخيف بأن لا أحد يحمل تلك العيون سوى والدتي، وأن هذا مستحيل في أي مكان آخر.”
“لا… ولكن… إن كنت تعرف كل ذلك… لماذا لم تخبرني من قبل؟!”
“كما قلت لكِ… لأن الأمر لم يكن يهمني.”
بالنسبة لي، لم يكن أحد يهم سوى إيميلي.
التقيت بإيميلي حين كانت زوجتي حاملًا بروز.
منذ اللحظة الأولى، أصبحت حياتي كلها تدور حول إيميلي.
لهذا، مهما فعلت والدتي أو قالت،
ومهما فعلت زوجتي، كنت أتغافل.
حتى خيانة زوجتي لم تكن تعنيني، ولا إدارة الأراضي.
أما التوأمان، فلم يكونا يختلفان بالنسبة لي عن كلب تائه على جانب الطريق.
كنت أود لو أترك كل شيء وأعيش مع إيميلي منذ البداية.
لكن روز… روز ابنتي التي يجري دمي في عروقها…
رغم أنني لم أحبها أكثر من إيميلي، فقد تمنيت لها السعادة.
لذلك قررت أن أبقي على لقبي حتى تتزوج روز من رجل لائق.
لم يكن في نيتي أن أترك اللقب لمن هو غريب عن دمي.
لكن روز، خيبت ظني.
قررت الزواج من وريث عائلة الفيكونت،
الذي كان في الأصل خطيب سوفيلا.
أحبطتني روز بشدة.
فلتذهب وتسعى وراء سعادتها وحدها. لم أعد أعبأ بها.
ولهذا، جاء ما حدث كأنه هدية من السماء.
أنا الآن حرّ. يمكنني أن أعيش أخيرًا مع من أحببتها بصدق.
“سآخذ ما أحتاجه من المال،
وسأغادر هذا المنزل. لكِ أن تفعلي ما تشائين بعد ذلك.”
“لا يمكنك فعل ذلك! أنت أناني! ولم يبقَ الكثير من ثروة عائلة ستانلي، إذا أخذتَ ما تبقى فلن نتمكن من النهوض مجددًا!”
“في المقابل، سأبقي سرّ جاريت،
الذي لا يحمل من دمي قطرة واحدة. أليس هذا ثمنًا بخسًا؟“
صرخت زوجتي وعيناها محمرتان من الغضب.
“لا… لا يوجد دليل! لا يمكنك إثبات أن جاريت ليس ابنك!
سيصدق الجميع أنه ورث عيون حماتك!”
“أنت لا تعرفين شيئًا، أليس كذلك؟“
“… ماذا؟…”
“يمكن التأكد من النسب بدقة تامة.
هناك من يملك مهارات خاصة لذلك.”
“… لا… لايمكن…”
تركتها كآلة معطّلة، تحدق بي ولا تتحرك،
وغادرت قصر عائلة ستانلي إلى غير رجعة.
★☆★
“إيميلي!”
“غلين؟! ما الذي جاء بك فجأة؟
لم نكن على موعد اليوم، أليس كذلك؟“
ذهبت إليها فرِحًا، إلى ذلك المنزل الفخم الذي منحته لها،
والذي يفوق بكثير ما يناسب امرأة من العامة.
“تركت كل شيء خلفي. تعالي نعيش معًا من الآن فصاعدًا.”
كنت أظن أنها ستقفز من الفرح عند سماع كلماتي،
لكنها كانت هادئة على نحو غير متوقع.
“غلين… هل تظن أن بإمكانك الاستمرار في العيش بعد أن تركت كل شيء خلفك؟“
“لقد كنتُ كونتًا. بإمكاني إيجاد عمل بسهولة.”
“أشك في ذلك. ولكن على الأقل الآن أفهم أنك تمرّ بمرحلة صعبة. هل تريد أن أعيد لك هذا المنزل؟“
“ماذا تقولين؟ سنعيش هنا معًا، أليس كذلك؟
المال الذي لدي يكفي لفترة، وأنتِ لا داعي لأن تقلقي على شيء.”
“لكن ذلك المال هو كل ما تملك لتستمر في حياتك.
لا أستطيع السماح لك بإنفاقه عليّ.”
“إيميلي… إلى هذا الحد كنتِ تفكرين بي؟ أشعر أنني كنت على حق حين اخترتُك وتخليت عن كل شيء لأجلك.”
مددت يدي لأعانقها.
“لكن غلين… لقد كنتَ تدعمني حتى الآن كراعٍ لأحلامي،
أليس كذلك؟ وإذا لم تكن راعيًا بعد اليوم، فلن أقبل مالك.”
توقفتُ عن الحركة بسبب كلماتها.
“راعٍ؟… ألسنا عاشقين؟“
“عشيقي الحقيقي هو الرقص. أحلم أن أصبح راقصة محترفة.
أنا أحب الرقص أكثر من الرجال، أكثر من الطعام،
أكثر من أي شيء آخر. وأنت تعرف ذلك يا غلين، أليس كذلك؟“
“نعم، كنتِ تقولين دائمًا أنكِ تريدين احتراف الرقص… لكنني ظننت أن هذا كان تعبيرًا عن اليأس لأن فرق المكانة الاجتماعية منعنا من الزواج.”
“هل كنتَ تظن أن حلمي مجرد تعويض؟!
هل كنتَ تحتقره إلى هذا الحد؟“
“أنا أحبكِ وأحب رؤيتك ترقصين.
لكنكِ لستِ مضطرة للرقص الآن لتملئي الفراغ. نحن معًا.”
كنتُ واثقًا أنها ستفرح.
“تزوجيني، إيميلي. أنا سعيد لأنني سأمنحكِ السعادة التي تستحقينها.”
لكنها نظرت إليّ، بذلك الوجه الجميل الذي أحببته، وقد تلوّى من الغضب.
“لا يحق لك أن تحدد ما هي سعادتي! من قال إن الزواج هو السعادة؟! أنا من أقرر سعادتي! وسعادتي ليست الزواج!”
صدمتني كلماتها، وعجز لساني.
“أنا أعشق الرقص! اللحظة التي أرقص فيها هي أعظم سعادتي! لدي ما هو أهم من الزواج بكثير!”
لقد تخليت عن كل شيء من أجل إيميلي، من أجل الحب الحقيقي.
لكنني لم أكن من اختارته.
بل، بالنسبة لها، كنت مجرد… راعٍ؟!
هل كان حبّي الصادق، ذلك الذي وهبته من أعماقي، لا يعني لها سوى… مجرد شيء عابر؟
لم يبقَ لي سوى أن أحدق بذهولٍ في أنقاض الحب الحقيقي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"