لم أكن أقصد سوى استخدامه كوسيلة للهروب من زواجٍ سياسيّ.
“الأسرة الإمبراطوريّة تُقيم حفلة تنكّريّة بحثًا عن الحبّ الحقيقيّ والرومانسيّة!”
“تصريح سيّد السيف، بيرن!”
“قرأته مئة مرّة، وبكيتُ مئة مرّة، وفكّرتُ فيه مئة مرّة.”
.
لماذا أصبح اسمي المستعار واحدًا من أشهر الأسماء في الإمبراطوريّة؟
في كلّ مرّة أنشر فيها عملًا جديدًا، أتلقّى اهتمامًا هائلًا، وأصبح محورًا للرأي العام، بل إنّني أصبحت ضيفة دائمة تقريبًا على الصحف.
في ظلّ هذا الازدهار الهائل، أصبحت موضة الأسواق تدور كلّها حول روايات كارما، ولم تَعد هناك مكتبةٌ أو متجر لا يعرض كتب كارما.
“أرجوكم! صوّتوا لإدوين بصوتكم الثّمين!”
“يا رفتق! صوّتوا لجيرار وخذوا بسكويتًا لذيذًا!”
حتى عند إقامة فعاليات بسيطة، كانت المنافسة تشتدّ حتّى تكاد تقلب العاصمة رأسًا على عقب.
أربكني هذا التأثير الكبير أكثر ممّا توقّعت، لكنّني بدأتُ بالتأقلم تدريجيًّا وقرّرت استغلاله.
“يُقال إنَّ أحد أعضاء فرسان الكونت ستاين قد فضح أمرًا.”
“لا شكّ أنَّ هناك مَن يتألّمون حاليًّا بسبب اختلال المانا.”
بدأتُ ببيع التّذكارات والنُّسخ الموقَّعة إلى جانب الكتب، فصرتُ أجني المال أيضًا.
“متى يصدر الجزء التالي من فرسان السّماء؟”
“اللعنة، لماذا قتلتَه هذه المرّة؟ منذ مات يوليسيس، وعدد القتلى يتزايد!”
وتلك الأصوات المليئة بالامتعاض التي كانت تتسرّب أحيانًا، تجاهلتُها عمدًا.
كنتُ أختبئ خلف الاسم المستعار كارما حين التقيتُ فجأة بشخصٍ قلَب حياتي رأسًا على عقب.
رفرَف الثوب—
تألّقت أمامي خصلات شعرٍ ذهبيّةٌ مُشرقة وعينان بنفس اللون، ووجهٌ كأنّه نُحت نحتًا، حدّ أنَّ خيالي اضطرّ أن يستسلم.
“……مستحيل.”
إنّه الشخص الّذي غيّر مجرى حياتي بالكامل.
وحين بدأتُ أُواجه ما كنتُ أتجاهله عن عمد، اجتاحت حياتي عاصفة جديدة مرّةً أخرى.
***
أليس من المفترض أن يحصل المُتجسد على قدرةٍ خارقة واحدة على الأقل؟
قبل حوالي عامٍ من الآن، استعدتُ ذكريات حياتي السّابقة بسبب حادثٍ غير متوقّع. ولم أعد آنذاك سيّدةً نبيلة عاديّة.
“هل عليّ حقًّا قراءة هذا الكتاب حتّى النّهاية؟”
كنتُ أستلقي على السرير وأقرأ كتابًا مملًّا عن الآداب، فلم أستطع التحمّل أكثر، وسقط الكتاب على وجهي، وفي تلك اللّحظة مرّت ذكريات امرأةٍ في الثلاثين من عمرها أمام عينيّ مثل شريط بانوراميّ.
بعد ذلك، تساءلتُ: هل أنا عبقريّةٌ قد تُصبح سيّدة سيف أو ساحرةً عظيمة؟
فجرّبتُ أشياء كثيرة، لكن لم يكن لديّ أيُّ موهبةٍ تُذكَر.
لحُسن الحظّ، على الأقل ورثتُ مظهرًا جيّدًا بفضل جيناتي.
ومع صعوبة الواقع أكثر ممّا توقّعت، تحوّلتُ خلال هذا العام إلى سيّدةٍ عاديّة في منزل الكونت بلاين، وبدأت أستمتع بالحياة النّبيلة البسيطة.
“يبدو أنَّ عائلة الكونت ليونارد مهتمّةٌ بكاترينا.”
“أظنّ أنَّ الابن الثّالث قريب في العمر منها… حان وقت البحث عن خطيب، أليس كذلك؟”
كلّ شيء كان على ما يُرام… حتّى بدأتُ أسمع هذا الحديث المشؤوم.
رَنّ صوت ارتطام الشوكة بالصّحن حين أفلتُّها.
“الابن الثّالث لعائلة ليونارد؟ هذا يعني… لوشيان ليونارد!”
سألتني الخادمة بجانبي: “هل أنتِ بخير، كاترينا؟”، وأحضرتْ لي أدوات طعامٍ جديدة، لكنّني لم أستطع استيعاب الموقف.
من هو لوشيان ليونارد؟
هو ذاك الرّجل الّذي التقيتُ به لأوّل مرّة في مناسبة أُجبِرتُ على حضورها.
سيطر على المكان بغطرسته وتفاخره المبالغ فيه.
“آه، ربّما لم ترَ آنسة بلاين شيئًا كهذا من قبل؟”
عرض عليّ خاتمه الضّخم بطريقةٍ كادت أزرار قميصه أن تنفجر، وتباهى بعنقود عنب من إنتاج إقطاعيّتهم.
“إنّه يُنتَج فقط في أراضينا… وأنتِ لم تذوقيه من قبل، أليس كذلك؟ سأمنحكِ فرصة تذوّقه، تفضّلي.”
وجهه الدّهني وهو يتحدّث عن منتجات إقطاعيته… كان كلّ شيء فيه مزعجًا.
ورغم أنَّ مكانته الاجتماعيّة كانت الأعلى في ذلك التجمّع، ما اضطرّ الجميع لتحمّل هرائه، إلّا أنّه ظلّ يُوجّه الحديث إليّ تحديدًا.
“لا بدّ من أن تكون الزّوجة الرّئيسيّة مطيعةً حتّى أتمكّن من الحصول على عشيقاتٍ عدّة، أليس كذلك؟”
“من بين الأماكن الّتي زرتها مؤخرًا، هذا هو الأفضل.”
آه، ما كان يجب عليّ الذهاب إلى هناك أصلًا.
لم أنسَ ملامحه الجشعة ونظرته الدنيئة.
“ما رأيكِ في الخطبة، كاترينا؟”
هكذا وجدتُ نفسي في أكبر أزمة في حياتي.
ابتلعتُ ريقي حين سمعتُ صوت والدتي مارسيلا الّذي بدا ألطف من المعتاد.
لا شكّ أنّها لم تسأل بدافع الفضول البريء.
“أنا… لا أريد أن أتورّط معه على الإطلاق.”
حين أجبتها بوجهٍ متجمّد، لم تطلب منّي تفسيرًا وتجاوزت الأمر ببساطة.
“من الأفضل أن نؤجّل القرار إلى ما بعد الدّبيوتان.”
تنفّستُ الصّعداء حين قال والدي أليكسيس هذا الكلام، رغم أنَّ صوته لم يكن متحمّسًا.
لكنّ والدتي مارسيلا، الّتي كانت صامتةً حتّى ذلك الحين، واصلت الحديث بصوتٍ هادئ:
“بما أنّنا جئنا إلى العاصمة، أليس من الأفضل أن نبحث لكِ عن شريكٍ جيّد غير عائلة ليونارد؟ سمعتُ أنَّ هيسيتيا وجدت شخصًا مناسبًا أيضًا.”
بمجرّد أن جاء اسم هيسيتيا، تلك الفتاة المثاليّة، شعرتُ بالخطر الحقيقيّ يقترب.
ذلك يعني أنّهم ينوون تزويجي حتمًا، حتى إن لم يكن لوشيان تحديدًا.
فكّرتُ: إن لم أفعل شيئًا، سأفقد حريّتي بالكامل.
بعد ما رأيتُه في هذا العالم، أدركتُ أنَّ النّبلاء العاقلين قلّة، وأبناء جيلي كلّهم ينقصهم شيءٌ ما دائمًا.
الزّواج السياسيّ من شخصٍ لا أعرفه؟
إنّه طريق مختصر نحو دمار الحياة.
لذا، وبكلّ وضوح:
“لا أُريد.”
خرجت هذه الكلمة من أعماق قلبي، فركّز الجميع أنظارهم عليّ.
منذ ذِكر اسم لوشيان، فقدتُ شهيّتي.
تنفّستُ بعمق، وقرّرتُ إنقاذ الموقف بأيِّ طريقة.
“أنا لا أُريد الارتباط بأيِّ أحد. لذلك… أُفضّل أن أعمل وأكسب المال، حتّى أُساعد عائلتي.”
كانت هذه الخطة المخرج الوحيد الّذي استطعتُ التوصّل إليه في تلك اللحظة القصيرة.
ساد الصّمت المائدة، وبدت مشاعر والديّ متضاربة.
أوّل مَن تفاعل كانت والدتي مارسيلا:
“كاترينا، هل تعين ما تقولين؟”
قالت ذلك بوجهٍ صُدِم قليلًا، فهي تعلم أنَّ سيّدة نبيلة تسعى لجني المال تعني أنّها تتخلّى عن أسمى قيم النّبلاء وتُلقي بنفسها في طريقٍ شاقّ.
كنتُ أعلم أنّهم لن يوافقوا بسهولة.
لذلك أمسكتُ بورقة رابحة.
“أرجوكم، اسمحوا لي بفرصة كما فعلتم مع كالاد.”
“لكن كالاد أكبر منكِ بسنتين.”
أومأتُ برأسي لتخطّي هذا التّفصيل.
بما أنّ عائلة بلاين ذات تقاليد فروسية صارمة، فقد عرفتُ أنّهم يتساهلون قليلًا في موضوع التّحدّي.
فقد سُمح لأخي الأكبر والوريث الوحيد، كالاد، أن يُؤجّل تدريبه كوريث ويخوض اختبار الانضمام لفرسان القصر لأنّه أراد تحقيق حلمه.
ولهذا، كانت الأسرة بكاملها مقيمةً في العاصمة حاليًّا.
“لم أكن أتوقّع أنّكِ تُفكّرين بهذه الطّريقة، كاترينا. لكنّكِ تعلمين أنَّ كسب المال ليس بالأمر السّهل، أليس كذلك؟”
دخل صوت والدي المنخفض إلى أذني، فأفقتُ وهدأتُ قليلًا.
“أعتذر إن كنتُ قد صدمتكم. لا يمكنني أن أُقدّم نتائج فوريّة، لكن… إن منحتموني بعض الوقت، فسوف أُثبت لكم أنّني أستطيع تغيير قدري.”
“وكيف ستكسبين المال؟”
سألني كالاد فجأة، بصوتٍ جاد.
أنا لا أملك قوّة، ولا أُجيد استخدام الهالة.
لكن في حياتي السّابقة، كنتُ كاتبة رواياتٍ محترفة، وحقّقتُ نجاحاتٍ عديدة في مختلف الأنواع، بل تُرجمت أعمالي ونُشرت عالميًّا.
“سأحاول كتابة كتاب.”
“……كتاب؟ ألستِ تقصدين أن تُصبحي شاعرةً جوّالة؟”
أمال رأسه باستغراب، فعبستُ.
صحيح أنَّ مهنة الكاتب في هذا العالم ليست ذات شأن، لكن لا داعي لتلك المقارنة.
“ولماذا أفعل شيئًا كهذا؟”
الغناء أمام النّاس؟ مجرّد تخيّله يُرعبني.
تجاهلتُ كالاد الّذي سعل وأشاح ببصره.
حينها قال أليكسيس، والدي، بصوتٍ مليء بالمعنى:
“التحدّي ليس سوى ثمرةٍ لا تُقطف إلّا بعد كثيرٍ من الفشل.”
“نعم، أنا أعلم.”
صحيح أنَّ لديّ بعض الثّقة، لكنّني لستُ واثقةً تمامًا.
فنجاح العمل الأدبيّ ليس مضمونًا أبدًا، خاصّةً في هذه الإمبراطوريّة.
معظم الكتب الّتي تُطبع هنا كتبٌ علميّة، أمّا الأشهر بينها فهي السير الذاتيّة الّتي تُباع لأنَّ أصحابها نبلاء.
لهذا، لم أكن أتوقّع إلّا الرّفض.
لكن أليكسيس، بنظرةٍ غامضة، رفع كأس النّبيذ وقال:
“لكِ الحريّة حتّى موعد الدّبيوتان، فافعلي ما تشائين.”
“عزيزي، ما هذا الكلام؟!”
اتّسعت عيناي بدهشة من الموافقة السّهلة، واعتقدتُ أنّني سمعتُ خطأ.
لكنّه، رغم نظرة مارسيلا الغاضبة، واصل دعمه لي.
“هي ليست من النّوع الّذي يتوقّف لمجرّد أن نقول (لا).”
بالفعل، إنّه يعرفني جيّدًا.
كنتُ سأجد طريقةً أخرى للاستقلال وكسب المال حتّى لو رُفض طلبي.
وهكذا حصلتُ على الموافقة الشّرعيّة.
تقرّر أن أُجَرِّب حتّى موعد الدّبيوتان، وأن أحظى ببعض الدّعم في حدود المعقول.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 1"