شاشات العرض تتابع تحركات جان على المسرح، تعرض لقطات مقربة له، فتصل صورته إلى كل زاوية في القاعة.
جان، بوجهه المغطى بالقناع والقبعة، يعانق الحماس، يرفع يده ليشجع الجمهور على المشاركة، والكل يرد عليه بالهتاف والصيحات.
يقترب من الحافة ليهتف بصوت عالي:
“هل أنتم مستعدون؟!”
والصدى يعيد الجملة آلاف المرات.
مع آخر أغنية، تتضاعف الأضواء، والدخان يملأ المسرح، تصعد موجة من التصفيق والصفير تعم المكان، والفرقة تعزف لحن النهاية بينما يحيي جان الجمهور بابتسامة خفية خلف القناع.
تتلاشى الأنوار تدريجياً، ويبقى صدى التصفيق في القاعة، معلناً نهاية عرض لا يُنسى.
يغادر “جان” المسرح بخطى سريعة، العرق يلمع على عنقه، والماسك لا يزال يخفي نصف وجهه.
يقترب منه “أوزان”، وابتسامة فخرٍ واضحة على وجهه.
أوزان (بابتسامة خفيفة):
“أحسنت… الجمهور كان مشتعلاً.”
جان (يلتقط أنفاسه، بنظرة شبه مذنبة):
“سيقتلني المدير… خرجت عن الجدول….”
كان صوت التصفيق لا يزال يتردد خلفهما، لكنه بات باهتاً مقارنة بصوت خطواتهما المتسارعة.
أوزان (يبتسم وهو يفتح باب غرفة الملابس):
“سيقتلك؟ لا أظنه سيفعل بعد هذا العرض، الناس جنّ جنونهم!”
جان (وهو ينزع الماسك عن وجهه، يتنفس بعمق):
“لم يكن هذا ما اتفقنا عليه… لقد ارتجلت كثيراً.”
أوزان (يسحب منشفة صغيرة ويناوله إياها):
“وهذا ما جعله رائعاً . كنتَ حيًّا فوق المسرح، مختلف… جريء.”
جان (يضحك وهو يجفف وجهه):
“جريء؟ أنا أرتجف من الداخل.”
أوزان (ينظر له بانتباه):
“لكن أحداً لم يرَ ذلك… رأينا نجماً.”
يدخل المدير الغرفة بخطى سريعة، وجهه مشدود، ونبرة صوته تحمل توبيخاً حادّاً مغلفاً بالقلق.
المدير (وهو يحدق في جان، ثم يرمي نظرة سريعة نحو أوزان):
“لا تشجّعه، أوزان… ما فعله كان مجازفة غير محسوبة.”
أوزان (بهدوء وجرأة):
“سأدفع الشرط الجزائي إن لزم الأمر.”
المدير (يقاطعه بسرعة، وقد رفع حاجبه بامتعاض):
“الأمر لا يتعلّق بالمال… نحن من كنا سندفعه على أيّ حال.”
يتقدم خطوتين نحو جان، يتوقف أمامه مباشرة، صوته هذه المرة أكثر هدوءاً… لكنه لا يزال حادّاً.
المدير:
“ما فعلته، جان، لم يكن بطولة… كان مخاطرة بمسيرتك، بمستقبلك ، بمجهود فريق بأكمله.
ماذا لو فشلت؟ ماذا لو ضاعت كل التحضيرات بسبب نزوة ارتجالية منك؟”
“لكنك نجحت… جمهورنا لم يهدأ بعد، والهواتف لا تتوقف. هل تدري؟ ربما كنتَ بحاجة إلى هذه الفوضى.”
جان يرفع عينيه نحو المدير بدهشة، بينما يضيف الأخير بنبرة مازحة لكنها جادة في الوقت نفسه:
“لكن لا تفرح كثيراً… سأعاقبك يا جان.
لن أغفر لك بهذه السهولة.”
غادر المدير الغرفة بعد أن حيّاهما بابتسامة رسمية، وأغلق الباب خلفه بهدوء.
ساد صمتٌ لثوانٍ، كأن الهواء نفسه حبس أنفاسه.
ثم… كسرته ضحكة مكتومة من جان، تبعها انفجار ضحكة عالية من أوزان، فاجتاحت الغرفة موجة من المرح الصافي.
خارج قاعة الحفل – بعد مغادرة أغلب الجمهور
الجو بات هادئاً، الأضواء الخافتة تنعكس على الأرض المبللة من تنظيف الساحة. بعض موظفي الطاقم ما زالوا يجمعون الكابلات ويغلقون الصناديق، بينما تمر اللحظات ببطء على وجوه قلقة تنتظر.
مراد (ينظر إلى هاتفه بقلق):
“اتصلت بجدي… قال إن جان لم يعد بعد إلى المنزل.”
مارت (بلهجة متوترة):
“إذاً سنبقى حتى يظهر… أو على الأقل يتصل جدي ويقول إنه عاد.”
ساردار (يحاول تهدئته):
“سيأتي، لا تقلق.”
إيليف (تشير فجأة بإصبعها):
“أليس ذلك أوزان هناك؟”
تتجه الأنظار كلها نحو الجهة المقابلة…
أوزان يظهر أولاً، يمشي للخلف وهو يضحك، ينظر إلى جان الذي يسير خلفه، يبتسمان بشدة.
أوزان (مازحاً ):
“أقسم أنه سيجعلك تنظف بناية الشركة خمس مرات!”
جان (يمسك بهاتفه ،ضاحكاً ):
“ذلك أهون من قتلي…”
أوزان (يسحب هاتفه فجأة ويبدأ بالركض):
“ستبيت عندي الليلة، لا تذهب إلى بيت جدك… أو سأتصل بليلى وأقول لها إن جان واقع في غرامها!”
بين الضحك والمطاردة، يفقدان التوازن ويسقطان أرضاً، يضحكان وهما يلتقطان أنفاسهما.
جان (يجلس منتصراً وهو يمسك الهاتف):
“متى ستتوقف عن سخافاتك؟”
أوزان (يضحك وهو يعدّل جلسته):
“عندما تتوقف عن عنادك.”
ثم… “انطفأت الضحكة في لحظة، اتسعت عيناهما بدهشة وهما يلتفتان نحو مصدر الصوت… نَحنَحة ساردار الثقيلة. لم يلتفتا إلا ليجدا الجميع واقفين هناك
مارت، ساردار، إيليف، جميلة، أركان، مراد…
كلّهم يحدقون بهما في صمت ثقيل.
ينهضان بهدوء، يربتان على ثيابهما، ويقتربان.
جان (بصوت خافت):
“مرحباً …”
أوزان (بصوت أخفض):
“مرحباً …”
ثم يهمس لجان دون أن ينظر له:
أوزان: “وداعاً .”
يتراجع خطوة… ثم يتركه ويغادر.
(لحظة صمت قصيرة. نظرات كثيرة لا تُقال بصوت.)
ساردار (ينظر إلى مارت، ثم إلى جان بهدوء):
“هيا بنا… لنعد إلى البيت.”
جان يبقى واقفاً في مكانه، لا يتحرك، فقط ينظر إليهم… ثم يومئ برأسه موافقاً دون أن ينبس بكلمة.
»»»»»»»»»»»»»»
المنزل – ساعة متأخرة من الليل
فتحت “إيليف” باب المنزل بهدوء، تبعتها “جميلة” و”مراد”، ثم “جان”، “أركان” و”مارت”، بينما كان “ساردار” يغلق الباب خلفهم بعناية.
دخلوا الصالة بخطوات هادئة، حيث كان الجد جالساً على كرسيه المعتاد، تتنقل نظراته بينهم بنبرة حانية وقلق خافت.
الجد (بابتسامة خفيفة):
“هل استمتعتم بالحفل؟”
إيليف (بحماس):
“جداً، كان رائعاً … التنظيم، الأضواء، وحتى الجمهور كان مذهلاً .”
مارت وهو يجلس على الأريكة :
“الحق يُقال، لم أتوقع أن يكون بهذا المستوى… من الذي نظّم كل هذا؟!”
أركان (وهو يخلع سترته):
“لم نتمكّن حتى من رؤية جان وسط الزحام…”
جميلة (تبتسم باستغراب):
“نعم، لم نلتقِ به إلا بعد انتهاء الحفل.”
ساردار :
“المهم أننا وجدناه في النهاية… أليس كذلك، جان؟”
لكن لا يأتيه رد.
يلتفت الجميع تلقائياً نحو الكنبة…
هناك، حيث غفا “جان” بصمت. رأسه مائل إلى الجانب، عيناه مغمضتان بعمق، وملامحه مرهقة لكن مسالمة.
مراد (بدهشة وهمس):
“إنه نائم! … نام في ثوانٍ.”
الجد (ينهض بهدوء):
“أحضِروا له غطاءً… دَعوه يسترح، يبدو أن هذا اليوم استنزف كل طاقته.”
إيليف( تدمع عينيها ،بصوت منخفض):
“لقد تغيّر كثيراً…”
تسود لحظة صمت خفيفة، تحمل شيئاً من التأمل.
يتحرك “ساردار” بهدوء نحو الغرفة المجاورة ليأتي بالغطاء، فيما بقي البقية يرمقون “جان” بنظرة مختلفة…
وكأنهم، ولأول مرة، يرون فيه شيئاً أكثر من مجرد قريبٍ صامت.
»»»»»»»»»»»»
صباح اليوم التالي الساعة العاشرة – الصالة في منزل عائلة آصلان
استفاق “جان” على نعاس خفيف، وهو يجد نفسه مستلقياً على الكنبة. أبعد الغطاء قليلاً و نظر حوله ثم قال بنبرة متأملة:
جان:
“يبدو أنني غفوت هنا…”
فجأة، دخل “ماهر” الصالة مسرعاً نحو جان، واحتضنه بحماس وهو ينادي:
ماهر:
“بابا!”
احتضن جان الصغير بابتسامة لطيفة، ثم نظر إليه بحنو :
“يبدو أنك لا تميز بيننا… أنا جان، شقيق والدك.”
وضع ماهر يديه الصغيرتين على وجه جان، يتفحصه بتركيز ونظرات بريئة:
ماهر (ببراءة):
“بابا…”
دخلت المربية إلى الغرفة، بابتسامة اعتذارية:
“آسفة يا سيدي، هل أيقظك؟ إنه سريع جداً في الجري.”
ابتسم جان بحرارة :
“لا بأس… سعدت برؤيتك أيها الصغير.”
أمسكت المربية بيد ماهر تنضر أليه بأبتسامة :
“هيا، حان وقت استحمامك.”
خرجت المربية مع ماهر من الغرفة، تاركة جان يتأمل بابتسامة هادئة.
نهض بعد قليل بخطى هادئة متجهاً نحو المطبخ، حيث كانت الخادمة العجوز منهمكة في ترتيب الأواني. انفرجت شفتاه
لها وهو يلقي التحية:
جان:
“صباح الخير.”
الخادمة (تلألأ وجهها بالسرور،ردت بدفء):
“أهلاً بعودتك، سيد جان. قهوتك المعتادة جاهزة.”
وضعت أمامه فنجان القهوة وفطوراً خفيفاً، قال لها شاكراً:
جان (بهدوء):
“شكراً… هل غادر الجميع؟”
الخادمة:
“نعم، لكن جدك والسيد مارت لا يزالان في المنزل.”
بعد دقائق دخلت الخادمة الأخرى، نادت عليه:
الخادمة الثانية:
“سيد جان، جدك يريد رؤيتك في مكتبه.”
جان وهو يعيد فنجان القهوة الى الطاولة بعد أن انهاه :
“حسناً، سأذهب فوراً.”
»»»»»»»»»»
مكتب الجد في المنزل – بعد قليل
دخل “مارت” المكتب بهدوء، حيّا جده بابتسامة خفيفة، وألقى التحية على المحامي الجالس إلى الطاولة المجاورة.
مارت:
“جدي، هل طلبتني؟”
الجد (بصوت هادئ):
“نعم… انتظر قليلاً حتى يصل جان.”
جلس “مارت” بجانب المحامي، يراقب الباب بترقّب.
وبعد لحظات، دخل “جان”، ألقى التحية بهدوء، وجلس مقابل “مارت”، يحدق إليه بنظرة مختلطة بين الحذر والحنين.
الجد (بصوت جامد، يخفي ارتجافة في نبرته):
“المحامي هنا من أجل توزيع تركة والدكما… جان، أعلم أنك عدت من أجلها.”
انحبست الكلمات في حلق “جان”، وارتسمت الصدمة في ملامحه، وابتلعت عيناه دمعة خائنة.
مارت (بسخرية مريرة):
“إذاً… عدت من أجل المال؟ بعد كل هذا الوقت؟”
رفع “جان” نظره، متألماً، ثم ضرب الطاولة بقبضته:
جان (بغضب موجوع):
“حقاً يا مارت؟ هذا ما تظنه بي؟
عدت لأجل المال؟
خذه كله… لا أريد شيئاً”
يضيق عينيه عاقداً حاجبيه بألم :
“ظننت أني سأعود لأجدك قد سامحتني… لكن يبدو أن ذنبي لا يُغتفر.
أعدك… لن تراني مجدداً .”
نهض بعنف، غادر المكتب في صمت ثقيل كالغصة.
الجد (بنبرة حازمة، يغلّفها الحنان):
“لم يأتِ من أجل المال يا مارت… أردت فقط اختباره. خفت أن يكون قد عاد لينتقم… منك، ومن إيليف.”
انكمشت ملامح “مارت”، وبدا القلق في عينيه. نهض فجأة، وكأن نيراناً اشتعلت في صدره.
مارت (بهمس مرتجف):
“جان…”
—
الصالة – بعد لحظات
كان “جان” يهمّ بأخذ هاتفه من الطاولة، يده ترتجف قليلاً، خطواته متوترة، وعيناه تتجنبان كل شيء كأنهما تهربان من وجع دفين. وبينما يتوجه نحو الباب، أوقفه مارت يسد الطريق عليه.
مارت (بلهفة، يتقدم نحوه بسرعة): “جان… انتظر! لا ترحل.”
جان (يرمقه بعينين تغليان، يرجع خطوتين للوراء واضعاً يده أمامه وكأنه يقول لا تقترب): “دعني! أنت صدقته مارت… صدّقت أني عدت لأجل المال!”
مارت (يتقدم أكثر، صوته حازم، عيناه لا ترفّان، يبعد كف جان بهدوء ): “لا… لم أصدقه.”
جان (يضحك بسخرية، ينظر إليه بعينين دامعتين): “لم تصدقه؟ لكنك تجاهلتني، مارت… تجاهلتني ….نظرت إلي وكأني غريب. وكأن وجودي لا يعني لك شيئاً.”
مارت يتقدم فجأة، نظراته تشتعل، يدفع كتف جان بقوة خفيفة، كأن الغضب طفا فوق جدار الألم.
مارت (منفجراً): “تجاهلتك؟!!!! هل آلمك ذلك؟ أنا تجاهلتك مرة واحدة، جان… لكن قل لي، كم مرة تجاهلتني أنت؟ كم مرة طعنتني بصمتك واختفائك؟”
(يرتجف فكّ مارت للحظة، يمرر يده على وجهه كأنه يحاول كتم الدمع، ثم يدفع جان بقوة أكبر. جسد جان يترنح، ويتراجع للخلف)
مارت (بصوت مختنق، يهتز صدره وكأن روحه تخرج من بين الضلوع): “أنت… تركتني أعاني دون أن يرفّ لك جفن… لم تشتق إليّ، جان, طوال هذه السنوات ،هل كنتُ بهذا الهوان في قلبك؟ هل كنت لا شيء؟”
(يتصلّب فكّ جان، تتشنج عضلات رقبته، كأنه يحبس إعصاراً داخله، ثم يتقدّم خطوة، كأن كل نفس يمر على جرح مفتوح
“أنا؟ أنا من لم يرفّ لي جفن؟ أنت تتكلم عن المعاناة وكأنك عشتها؟ لا، مارت… أنت لا تعرف شيئاً عنها!”
(يضرب صدره بقبضته مرتين)
“قضيت عمري كله وأنا أحميك… كنت تمشي في النور، وأنا ظلك! ظلك يا مارت… خلفك دائماً، أسبقك خطوة فقط لأحجب عنك الألم… لكنّك لم تلتفت لي يوماً!”
(عيناه تلمعان بدموع يحاول ألا تسقط، جسده يرتعش، لكنه يكمل مشيراً إلى مارت بأصبعه):
“”لم يطعنك أخوك في ظهرك… لم تُلقِ بنفسك من الهاوية، لتستيقظ عاجزاً … جسدك لا يتحرك، كله يئن. عظامك تصرخ، أنفاسك مؤلمة، كأن كل شهيق يمزق رئتيك من الداخل، وكأن الزفير يحمل معه قطعة منك. رأسك ثقيل، صوت نبضك يدوّي في أذنيك، لا تعرف إن كنت حيّاً … أم أن هذا هو العذاب قبل الموت، ولا أحد حولك
لكن ما يؤلم أكثر من كل ذلك… هو أنه لم يكن غريباً . … .”
(يضحك بسخرية، صوته مبحوح)
“كان… أخي.”
(يمرر أصابعه بين خصلات شعره بعنف، كأن رأسه سينفجر من التوتر، يتنفس بعمق محاولاً استجماع قوته، ثم ينظر لمارت بعينين يكسوهما الألم):
“لم تقطع ثماني ساعات طيران وأنت بالكاد قادر على التحرك، لتهرب من مجرد رؤيتهم… رؤية من تحبهم يتحولون إلى سكاكين في صدرك!”
(يشد أنفاسه، وكأنه يكتم صراخاً أبدياً)
“أردت أن أراك… أشتقت إليك رغم كل ما فعلته بي…أنا أشتقت أليك ، لكنني رأيتك معها! إيليف! وطفلكما بينكما! حتى هي… حتى هي أخذتها مني، لقد ….!”
(يصمت، صوته ينكسر.)
مارت (يصرخ فجأة، قاطعاً كلام جان): “كفى، جان! إنه ابنك! هل سمعت؟ ابنك!”
(يتجمد جسد جان فجأة، يتراجع خطوتين، كتفاه ينخفضان ببطء كأن الهواء تسرب من صدره، يسقط الهاتف من يده)
(كأن صدمة كهربية أصابته، عيناه تتسعان، وركبتاه توشكان على الانهيار)
جان (بهمس مشوش، يتراجع خطوة): “ماذا… ماذا قلت؟”
مارت (يغمض عينيه ،يتكلم بنبرة هادئة): “ماهر… ليس ابني. إنه ابنك، جان… ابنك.”
(يتنهد طويلاً، كأن حِملاً يسقط من صدره فجأة، ثم يهمس): “إيليف… كانت تحبك، لم تنسك يوماً. لكنك اختفيت… وأنا فقط… حاولت إنقاذها.”
جان (بصوت منكسر، يخطو خطوة للأمام، يكاد يسقط): “مارت… لا… لا تفعل…. لا تكذب علي…”
مارت (ينظر إليه مباشرة، الدموع تنهمر دون صوت، وجهه شاحب): “أنت اختفيت فجأة… دون أثر. بحثت عنك، طيلة أشهر… بلا جدوى. إيليف كانت في ورطة… واحتاجتني. زواجنا كان شكلياً، على الورق فقط.”
(يضع يده على صدره، يكاد ينهار من شدة الوجع)
“لكنني لم أتوقف عن البحث… حتى وجدت قلادتك في منزل والدي… وقتها فقط… انهارت الدنيا حولي.”
(صوته يخفت، نظراته زجاجية):
“ظننتك مت… عشت سنوات وأنا أحمل ذنب موتك… كنت أظن أنني قتلتك… أنا فقط أردت أن أرى قبرك، على الأقل… لكن حتى هذا حُرمت منه.”
(يتهاوى على الأريكة خلفه، يدفن وجهه بين كفيه، يتنفس بصعوبة) “أنا عشت ما عشته أنت، جان… لكنك كنت طفلاً … وأنا؟ كنت بالغاً … بلا عذر… أنا قتلت أخي…ولم أعرف كيف أعيش بعدك.…”
(صمت، لا شيء إلا أنفاس متقطعة وبكاء مكتوم)
(جان يقترب ببطء، نظراته منكسرة، جثى على ركبتيه أمامه، يضع يديه على كتفيه، ثم يضمه بشدة إلى صدره، صدره يرتجف، رأس مارت يستند إلى كتفه كأنّه وجد أخيراً ملاذه)
جان (يهمس وهو يغلق عينيه، صوته حنون مكسور): “ششش… مارت، أهدأ… أنا آسف، سامحني… أنا الغبي، لست أنت… أنت لم تخطئ بشيء… لم تخطئ بشيء…آسف يا أخي .”
مارت يضمه أكثر، ذ
راعيه ترتجفان حول جسد أخيه، صوته يخرج متقطعاً:
“لا تتركني، جان… لم يعد لديّ قوة لأكمل وحدي…”
جان (يشد عليه أكثر، يهمس وكأن قلبه هو الذي ينطق): “لن أتركك… أعدك، هذه المرة… لن أتركك أبداً.”
(ظلّا جالسين هكذا… كأن الزمن توقّف احتراماً لوجعهما. لا كلمات أخرى، فقط صمتٌ مليءٌ بكل ما قيل وما لم يُقال.
دموعٌ سالت على الأكتاف، وأذرعٌ اشتبكت لا لتُبقي، بل لتصلح كل ما تمزّق.)
»»»»»»»»»»»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 47"