لامستها خصلات مقدّمة شعر لوكيوس الناعمة حين انحنت على جبينها. رغم عزمها، إلّا أنّ قرب وجهه الشديد جعل قلبها مضطربًا.
‘ليته ابتعد قليلًا.’
اضطرّت إلى بذل جهدٍ كبير كي لا ينكشف وجهها المتورّد.
يدهـا كانت ترتجف وتنزلق مرارًا. وبعد محاولات عدّة، نجحت أخيرًا في فكّ المشبك، فسقط الرداء على البساط.
“استغرقتِ وقتًا طويلًا.”
اعتدل لوكيوس ببطء، وعندها فقط ابتعدت فريا عن صدره.
كان الأمر عاديًّا حين تخدم آرتشر، لكن الآن بدا مختلفًا تمامًا.
‘يا إلهي، يداي رطبتان.’
ظنّت أنّ توتّرها المفرط نابع من الخوف على حياتها أمام سموّه. وبينما كانت تلتقط الرداء عن الأرض، أشار إلى سترته الكحليّة.
‘آه، رأسي يؤلمني.’
لم يمضِ على دخولها سوى بضع دقائق، لكن فريا شعرت و كأنّها حُبست طويلًا هنا. وحين مدّت يدها إلى أزرار السترة الذهبية الصغيرة، تردّد صوته العميق والمهيب: “هل قلتُ ذلك من قبل؟”
“……?”
“أنا أدير شؤوني ومن حولي بدقّة.”
لم تفهم قصده فورًا، فاكتفت بالتركيز على فكّ الأزرار العصيّة.
تأوهت وهي تحاول جاهدًة فتحها، بينما تابع حديثه: “الثقة، هي الفضيلة الأهم.”
“… آه، نعم.”
‘ثقة ، رجاء ، محبّة’… كلمات لم تؤمن بها حتى في الميتم. بدا لها أنّها لا تليق بأمير ولي عهدٍ اشتهر بأنّه مهووس بالدماء.
“انتهيتُ.”
وما إن نزعت السترة أخيرًا، حتى سال عرق بارد على جبينها.
‘فقط خدمة بسيطة في الملابس جعلتني أُهضم كلّ ما أكلت صباحًا.’
همست مع نفسها وهي ترتّب الثياب بسرعة: ‘اذهب إلى غرفة النوم … اختفِ فحسب.’
شعرت أنّه لا يعمل بجدّ مثلها، وبمجرّد أن يغادر، سيتسنّى لها أن تلتقط أنفاسها. لكنّه لم يتحرّك، فاضطرّت إلى رفع بصرها إلى ظهره.
‘…….’
كان قميصه الفضفاض مشدودًا على عضلاته، وبنطاله الكحلي يُبرز فخذيه القويّين.
للحظة، ارتجف قلبها أمام وسامته الفريدة التي لم تُشبه أحدًا في هذا المعسكر. خصلاته الذهبية انسكبت كالحرير على جبينه، وأنفه الحادّ ارتفع بفخر.
‘ما هذا؟! طبعه حادّ وغريب، لكن … لماذا هو جميل هكذا؟’
أقنعت نفسها بأنّ السبب هو أنّها لم ترَ سوى رجالٍ قساة كثيفي اللحية مثل آرتشر. الإنسان بطبعه يضعف أمام الجمال ، وفريا تحديدًا كانت تهوى القطط والشقر.
“ما بال ذلك الوجه الشارد؟”
انتفضت مذعورة من صوته، وانحنت خجلًا.
“… سخيفة”
هزّ كتفيه بضجر، واتّجه نحو الطاولة. انتزع الخنجر المغروس في الخريطة ونصف عيناه مغلقتان بتوجّس.
كان وجود خادمته الجديدة يثير أعصابه بلا سبب.
‘حقًا، هل أرسلها هارت جاسوسة؟’
عينيها الخضراوان الموجّهتان إليه بدتا مألوفتين على نحوٍ مزعج. فجأة ضربه صداع حادّ ، فأطبق على رأسه وهو ما زال قابضًا الخنجر.
“آه…”
بدأ أثر العقاقير السحرية المؤلم يعاوده من جديد.
غامت رؤيته واضطربت معدته حتى كاد ينهار.
“سموك!”
صرخت فريا بفزع.
‘لو سقط الآن سيُصاب بأذى بالغ.’
أيّ حظّ عاثر هذا في أوّل يوم عمل؟!
“سموك، هذا خطر، دعني أُبعده.”
أمسكت قطعة قماش سميكة وانتزعت الخنجر من يده لتلفّه بها.
“سأستدعي أحدًا من الخارج.”
لكنّه قاطعها بعينين محمرّتين وصوتٍ خشن:
“لا حاجة للمساعدة.”
ورغم قوله، ترنّح فجأة وأطبق يده على عنقها.
“سـ … سموك!”
كانت هذه المرّة الثانية التي تقع بين ذراعيه، فارتاعت وهي تحدّق في جبينه المبلّل بالعرق البارد، وتذكّرت رعب الموقف السابق.
‘ليتني لا أُتّهم بسوء فهم.’
لكن لم يكن بوسعها تركه مطروحًا أرضًا. وبينما كانت تتحيّر، شدّ قبضته على عينيه وقال هامسًا: “إلى السرير…”
زمّت شفتيها ساخطًة، إذ لم يقتحم أحد الخيمة رغم الضوضاء.
‘أيّها الحرس، ألا تسمعون شيئًا؟!’
ساعدته قدر ما استطاعت، ومع فارق الحجم المذهل، جرّت جسده الضخم وألقت به أخيرًا على السرير. جسدها كلّه ابتلّ عرقًا.
“… كأنّه مريض فعلًا.”
لكنّه رفض بإصرار أن يُعرض على طبيب، وسرعان ما غفا بعمق. ما إن سمعَت أنفاسه الهادئة حتى انهارت على الأرض، تفرك عنقها المتألّم.
‘لا شكّ أنّ أثر يده سيبقى…’
ما زالت آثار القيود على معصميها، وها هو عنقها ينضمّ إلى القائمة.
“كسب المال ليس سهلًا أبدًا.”
تمتمت مُنهكة وهي تدلّك ذراعيها وساقيها. بدا أنّها تأذّت هي الأخرى من شدّة الجهد. حينها فقط أدركت عتمة المكان.
“أوه لا!”
استفاقت على أنّها ما زالت في مخدعه الخاصّ، فسارعت إلى الخروج. خارجًا، كانت الشمس في كبد السماء، فأطلقت تنهيدة طويلة.
“لم أعش يومًا طويلًا كهذا منذ زمن”
رغم التعب، لم تستطع تجاهل فوضى غرفة الاستقبال.
مدّت السجّادة، رتّبت الأشياء المتساقطة، ثم جمعت الأكواب والأواني المبعثرة على الطاولة، فبدا المكان مرتبًا.
“هكذا أفضل.”
ارتجفت عند تذكّر الموقف، لكنها أقنعت نفسها أنّ الحظّ العاثر لا يتكرّر كل يوم. ثم ابتسمت فجأة متذكّرة الأجر.
“خمس قطع ذهبية … خمس قطع ذهبية …”
ترنّمت بها بسعادة، وارتسمت بسمة على وجهها.
“فريا …؟”
كانت قد أخرجت قطعة قماش لتلميع الخنجر، حين أطلّ هيرو برأسه من فتحة الخيمة.
“ماذا تفعل؟”
“هل تخرجين قليلًا؟”
قادها بإشارة إلى قرب الإسطبل، ثم قدّم لها تفاحة.
“خذي، كُلي.”
“شكرًا.”
مسحتها بثوبها وقضمتها بشهية. عندها تردّد هيرو قليلًا قبل أن يسأل:
“هل سموّه يستريح الآن؟”
“في الواقع فجأة …”
“ششش.”
تفقّد المكان، ثم همس: “فريا، أعلم أنّ الأمر مفاجئ، لكن عليّ تنبيهك.”
شدّد على أنّه لا يُسمح بإخبار أحد بحالة الأمير.
“ولا يدخل أحد الخيمة دون إذنه أبدًا.”
“ولا استثناء؟”
“إلّا أنا و جيميني.”
أدركت فريا أنّ عملها قد لا يكون بالبساطة التي توقّعتها.
“لكن سموّه بدا غريبًا آنفًا.”
“لم ينم منذ أيّام، فضعُف جسده.”
“… أيّام؟!”
شهقت بذهول.
لم تستوعب كيف يمكن لإنسان أن يقاوم النوم كلّ هذه المدّة. و بعد أن ألقى تعليماته ، غاب هيرو سريعًا ، فعادت إلى الخيمة.
“إلى أين ذهبتِ؟”
بادرها لوكيوس بنظرة حادّة، وقد استيقظ فجأة.
“ذاك … أردتُ قضاء الحاجة.”
تذكّرت أنّ الخروج ممنوع، فاختلقت العذر الأوّل الذي خطر ببالها.
‘ما هذا العذر السخيف …’
قالته مرارًا لآرتشر بلا حرج، لكن أمامه بدا الأمر محرجًا للغاية.
أدار عينيه في الخيمة وهو يتذمّر: “… فوضى.”
لكن المكان كان مرتبًا تمامًا.
‘إنّها حجّة ليجادل فقط.’
غير أنّ فريا لم تكن ضعيفة أمام التذمّر. فقد صمدت سنين طويلة أمام صوفي القاسية. فرفعت ذقنها بثقة، عندها مدّ قدمه قليلًا.
“لمّعي حذائي.”
“نعم …”
جلست على الفور ورفعت حذاءه على المسند. لكنّه كان لامعًا بلا غبار.
“سموك، إنّه نظيف أصلًا.”
“قلتُ لمّعيه.”
قبضت على القماش وبدأت تمسحه بخبرة.
لطالما لمّعت أحذية صوفي و زوّار الميتم الأثرياء.
“لقد صرتِ ملازمة لي، فاعتبري ذلك فخرًا دائمًا.”
“… حسنًا.”
لم يخرج جوابها بسهولة. لم تشعر بالفخر، إنّما فكّرت فقط في المال.
‘أما آرتشر، فكان سيغدو باكيًا من شدّة الامتنان لو كان مكاني.’
“سنقوم بجولة تفقدية، استعدّي.”
تفاجأت بكلماته، فسارعت إلى جلب رداءه المعلّق. لكن هذه المرّة أجادَت إلباسه بعد أن تمرّست صباحًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات