الفصل 30: شهر العسل
شهر العسل هو فترة يبتعد فيها المتزوجون حديثاً عن الناس من أجل التعرف على بعضهما البعض بشكل أفضل
كان هذا الجزء الذي كنت أكثر تحمساً له بعد الزواج.
لم يعد بإمكان ثيودور استخدام العمل كذريعة لتجنبي، أو إبقاء مسافة.
عليه قضاء كل دقيقة من اليوم معي.
وما جعل الأمر أكثر إثارة هو أننا سنقضيه في جزيرة ماليا.
تتمتع الجزيرة بطبيعة جميلة جداً وقام الملك ببناء منزل صيفي هناك، وأعطانا الإذن لقضاء شهر العسل هناك.
حتى أنه سمح لنا باستخدام بلورات النقل للوصول إلى هناك، وإلا كان سيستغرق الأمر أسبوعاً كاملاً للوصول.
في بعض الأحيان أتساءل لماذا يفعل الملك كل هذا من أجل ثيودور، ثم أتذكر أن ثيودور هو السليل الوحيد لأقوى عائلة سحرية في القارة والتي حافظت على أمان بلادنا خلال الـ 100 عام الماضية.
لا عجب أنه حتى سامح ثيودور عندما لكم ولي العهد.
والآن بعد أن أصبحت زوجة أقوى ساحر في الإمبراطورية أستطيع الاستمتاع بأشياء مثل هذه.
الضوء القوي الصادر من بلورات النقل تلاشى أخيراً ووصلت عربتنا إلى الجزيرة في غضون دقائق.
قبل أن أنزل من العربة أخذت نفساً عميقاً وتمكنت من شم رائحة البحر بسهولة.
الهواء الرطب، الرائحة المعدنية الخفيفة للملح دغدغت أنفي.
كانت هذه أول مرة أرى البحر لذا فتحت باب العربة دون انتظار السائق وخرجت.
اتخذت بضع خطوات بعيداً عن العربة وكنت مفتونة بالمنظر الجميل أمامي.
بدا البحر الأزرق بلا نهاية، وتردد صدى صوت طيور النورس وكأنها ترحب بوصولنا.
“هل تريدين الاقتراب أكثر؟” قال ثيودور لأنه ادرك أنني كنت متحمسة.
أومأت برأسي موافقة، ومد ثيودور يده لي، وأمسكت بها دون تردد.
بينما ابتعدنا عن طريق العربة أصبحت الأرض تحتنا أنعم.
كنت مرتبكة ونظرت للأسفل لمحاولة فهم لماذا تغوص قدماي في كل مرة أخطو فيها خطوة نحو البحر.
“إنه الرمل، قوام الرمال مختلف عن طرق السفر الصلبة.” أجاب ثيودور بابتسامة.
“الرمل.” تمتمت لنفسي، لقد قرأت عنه في الكتب لكنهم لم يصفوا أبداً القوام الغريب.
“ماذا تفعلين؟” سأل ثيودور في حيرة تامة لأنني بدأت بخلع حذائي ثم جواربي لأشعر بالرمل.
“انه ساخن.” قلت لثيودور بابتسامة.
“للحظة نسيت كم أنت غريبة.” ضحك ثيودور ثم استمر في مسك يدي بينما مشيت وركلت الرمل من حولي.
لم يكن الرمل ناعماً، بل كان مثل ملايين حبيبات الملح الخشن والتصقت بقدمي.
لعبت بقدر ما استطعت به وأخيراً غسلت قدماي بأمواج البحر.
أردت اللعب أكثر لكن معدتي الفارغة أصدرت صوتاً عالياً لدرجة أن ثيودور سمعه حتى.
“هل نعود يا سيدتي؟” قال ثيودور ثم حملني.
حملني بين ذراعيه حتى لا تتسخ قدماي بالرمل مرة أخرى.
وسار بي عائداً إلى القلعة الكبيرة، حيث سنبقى لمدة شهر.
كان اليوم الأول رائعاً…
تناولنا عشاءً لذيذاً أعده الطاهي الملكي، الذي أعد الأطباق الشهيرة للجزيرة.
كانت القلعة نفسها جميلة جداً مع معرض خاص، وحديقة صغيرة أنيقة، ونافورة جميلة محاطة بتماثيل الملائكة.
احتاج الخادم ساعة كاملة ليرينا المكان بأكمله.
وأخيراً في نهاية اليوم ذهبنا إلى غرفة نومنا، التي كانت تطل على البحر.
“البحر لن يختفي، توقفي عن النظر إليه كل عشر دقائق.” قال ثيودور الذي كان يقرأ كتاباً تحت ضوء الشمعة.
“لكن البحر يبدو أروع في الليل، انعكاس القمر عليه يجعله يتلألأ.” قلت مشيرة خارج النافذة.
“هل تحبينه حقاً إلى هذا الحد؟”
“نعم.”
“إذن سأتأكد من إحضارك إلى هنا العام القادم أيضاً.” قال ثيودور بابتسامة وعاد للقراءة.
“العام القادم؟” تمتمت لنفسي مندهشة مما سمعت.
هذا الرجل يعرف كيف يجعل قلبي يرفرف، فكرت في نفسي ونظرت إلى البحر للمرة الأخيرة قبل النوم.
لكن في صباح اليوم التالي استيقظت حوالي الظهر، لأنني كنت متعبة من السفر ومن اللعب بجانب البحر لساعات في اليوم السابق.
“إلى متى ستعبسين؟” تنهد ثيودور.
“كان يجب أن توقظني!” صرخت من تحت البطانية. “لقد فاتني ثلث يوم بسبب النوم الزائد.”
“هيا لم تفوتي أي شيء.” قال ثيودور وحاول إزالة البطانية التي كنت أغطي رأسي بها، لكنني أمسكت البطانية بإحكام أكبر.
“أناستازيا، لنذهب لتناول الغداء، أنت جائعة على الأرجح أليس كذلك؟” قال ثيودور وهو يكافح بوضوح لسحب البطانية من قبضتي.
“لقد فاتني حتى أول إفطار لي في شهر عسلنا!” صرخت وسحبت البطانية بقوة أكبر.
“لم تتركي لي خياراً.” قال ثيودور واستخدم السحر لإزالة البطانية وأجبرني على الوقوف.
“الآن لنذهب، طلبت من الطاهي أن يصنع فطيرة التفاح المفضلة لك.” قال ثيودور وشد يدي.
تبعته بطاعة، وقبضت على يده بقوة أكبر.
على الرغم من أنني فاتني بضع ساعات من اليوم تمكنا من الذهاب لاستكشاف البلدة، ومقابلة الناس الذين يعيشون هناك.
كان الجميع مرحبين، لأنهم لا يحصلون على زوار كثيراً.
لسوء الحظ إلى جانب المنظر الجميل، لا تمتلك الجزيرة الكثير من الموارد لتقدمها، لذا كنا الغريبين الوحيدين بينهم.
أعطانا الناس طعاماً مجانياً، ومجوهرات مجانية، واستمتعنا كثيراً باستكشاف المنطقة.
أنا وثيودور أنهينا اليوم مبكراً بمشاهدة غروب الشمس الجميل على الشاطئ.
وهكذا انتهى اليوم الأول من شهر عسلنا.
في صباح اليوم التالي استيقظت على صوت ثيودور يهمس بالقرب من وجهي.
“أناستازيا! استيقظي!” ثم هز كتفي بلطف واستمر في نداء اسمي.
كان يتصرف بلطف شديد لدرجة أنني لم أرغب في الاستيقاظ.
“آنا! أعرف أنك لست نائمة، إذا لم تستيقظي سأغادر بدونك.” همس ثيودور في أذني.
“أنا مستيقظة!” قلت ونهضت على الفور وبدأ ثيودور بالضحك.
لكن اليوم حدث شيء مختلف، عندما وصلنا إلى البلدة، كانت معظم المتاجر مغلقة، وبدا الناس حزينين.
“ماذا يحدث؟” سأل ثيودور أحد السكان المحليين.
“إنه العجوز ريتشارد، لقد توفي هذا الصباح، والجميع ذاهب إلى دفنه.”
ثم سمعنا صوت طبل وصف من الناس يسيرون فوق تل.
“إلى أين هم ذاهبون؟” تمتمت لنفسي في حيرة.
“معظم مساحة الأرض في الجزيرة تربة رطبة مما يبطئ عملية التحلل، لذا المقبرة فوق التل.” أجاب شخص آخر بدأ يسير خلف الحشد.
“أخشى أن علينا العودة للمنزل اليوم أناستازيا.” قال ثيودور.
“لا، أريد أن أتبعهم.”
“لكنك لا تعرفين الشخص الذي توفي.”
“الآن أعرف، اسمه كان ريتشارد ألم تسمع؟” قلت وبدأت بمتابعة الحشد.
أنا الغبية، لم أكن أعرف أن الصعود تل سيكون بهذه الصعوبة، بعد عشر دقائق فقط بدأت ألهث من التعب.
مرة أخرى كانت صحتي الضعيفة تحاول منعي من فعل ما أريد، لكنني لم أستسلم.
أخذت فترات راحة قصيرة واستمريت في المشي، لكن الطريق للأعلى بدا لا نهاية له.
“دعيني أساعدك.” قال ثيودور وعرض أن يحملني على ظهره.
بما أن لا أحد في الجزيرة يستخدم السحر، لم يرد ثيودور إخافتهم باستخدامه للصعود فوق التل لذا كان عليه مساعدتي بالطريقة التقليدية.
“هيا أسرعي، أو سيتركوننا.” قال ثيودور.
كنت محرجة بوضوح من القبول على الفور لأنني كنت أنا من أصررت على الصعود إلى التل.
لكنني كنت بالفعل في منتصف الطريق والاستسلام لم يكن خيارا لذاك وافقت على طلبه.
حملني على ظهره دون أي مشكلة، وسرعان ما لحقنا بالحشد، لكن الجميع كانوا ينظرون إلينا نظرة غريبة.
“إنهم متزوجان حديثاً… يا لهما من لطيفين.” قالت سيدة عجوز بصوت عالٍ بما يكفي ليسمع الجميع.
أنا وثيودور شعرنا بالحرج حقاً من الطريقة التي ينظر بها الجميع إلينا، لكن كان علينا الاستمرار وبعد فترة وصلنا إلى قمة التل.
كانت أعلى نقطة في الجزيرة، ويمكنك رؤية كل شيء منها.
“يا له من مكان رائع ليُدفن فيه.” قلت لنفسي.
بعد ذلك حفر سكان البلدة القبر وواحداً تلو الآخر ألقوا زهرة على النعش بينما يقولون وداعهم الأخير.
وجاء دورنا…
“سيد ريتشارد، ربما لم أعرفك وأنت على قيد الحياة لكنني لن أنساك أبداً.” قلت ثم أنا وثيودور وضعنا الزهرة على قبره.
بعد ذلك شكرنا الناس على انضمامنا إليهم وعرضوا الطعام وطلبوا منا البقاء لفترة.
بحلول الوقت الذي عدنا فيه إلى القلعة كان الظلام قد حل بالفعل، لكن كان هناك شيء خاطئ.
وقف الخادم خارج القلعة مع أخبار سيئة، والتي أوصلها السفير الملكي منذ بضع ساعات يطلب فيها عودتنا الفورية.
****
Instagram:Cinna.mon2025
اسفة على التأخير في رقع الفصل.
هذا الفصل هدية ل(نرجس) الجميلة, شكرا لترك تعليق داعم و كلماتك الجميلة
و شكر خاص لDasai san (خولة) والتي كانت معي منذ اول رواية نشرتها
و في النهاية شكرا لكل من قراء القصة, انتم سبب استمراري
التعليقات لهذا الفصل " 30"