أحضرتها من المنزل لتوفير وسيلة نقل لأليكس، وثيودور، وأنا.
عربة مريحة مجهزة بمدفئات للقدمين.
الوسائد الناعمة على المقاعد كانت مصنوعة من صوف سميك ومليئة بشعر الخيل.
بما أن هذا لم يكن رحلة رسمية من قبل برج السحر وكان على أليكس الذهاب إلى القصر، قررت إحضار أفضل عربة لدينا.
أيضاً، لإعطاء ثيودور أفضل معاملة. بما أنه يملك قلبي، يمكنه أن يملك ثروتي أيضاً.
اعتقدت أن هذه الظروف ستجعل الرحلة سلسة، لكنني كنت مخطئة.
جلس أليكس بجانبي في العربة، يحدق في ثيودوربعبوس.
ساد صمت محرج، ولم أعرف ماذا أقول.
هل هناك صراع لا أعرف عنه؟
أم أنهم يتقاتلون من أجلي؟ لكنني رفضت مشاعر أليكس، وكان واضحاً أن ثيودور ليس لديه أي اهتمام بي بعد. لم أرد أن أفترض أي شيء دون أن أكون متأكدة بنسبة 100٪، لذا اعتقدت أنه سيكون من الأفضل أن أبقي فمي مغلقاً.
وبعد فترة، تحدث شخص ما أخيراً، ولدهشتي، كان ثيودور.
“إذن أليكس كان الصديق الذي أردت مساعدته بشدة؟” نظر إلي وتحدث بنبرته الهادئة المعتادة.
“هل هذه مشكلة؟” رد أليكس بغضب.
تصببت عرقاً بارداً عند استجواب ثيودور لي.
“لا ليست مشكلة أنا سعيد لأنها عادت الى رشدها أخيراً…” أضاف ثيودور، لكنني قاطعته في منتصف الجملة.
“لم أستسلم بعد!!!” أجبت بسرعة، محاولة منعه من الحصول على الفكرة الخاطئة.
نظر إلي أليكس بتعبير حزين، ثم نظر إلى ثيودور بنظرة غاضبة.
وضع ثيودور يده تحت ذقنه ونظر الى خارج العربة.
“هل ابتسم للتو؟” فكرت في نفسي، لكن لا. ربما كنت مخطئة.
لحسن الحظ، وصلنا إلى القصر، وانتهى التعذيب. خرجت أنا وثيودور من العربة، لكن أليكس وقف هناك، غير قادر على المغادرة.
كان على الأرجح خائفاً من رؤية قبر أمه.
ظهر تعبير حزين على وجه أليكس كلما تحدث عنها.
موت أمه ترك جرحاً عميقاً في قلبه، والآن سينفتح ذلك الجرح مرة أخرى.
سيتعين عليه رؤية جسدها ملفوفاً في قطن أبيض، وأن يتذكر أنه، رغم ذكرياته الحية عنها، فهي لم تعد على قيد الحياة.
و بعد تنفيذ امنيتها الأخيرة في دفنها في المقبرة الملكية، سيكون من الصعب على أليكس زيارتها كثيراً كما اعتاد في السابق.
“هل تفتقدها؟؟” قلت لأليكس من خارج العربة.
أومأ برأسه.
“إذن لنذهب لرؤيتها… أنا متأكدة أن والدتك تفتقدك أيضًا”، قلت، مادة يدي إليه.
لحسن الحظ، بدا أن كلماتي كان لها تأثير، وأخذ يدي بينما خرجنا من العربة.
“كانت هناك محاولة اغتيال لولي العهد، وأريدك أنت وفريقك أن تذهبوا وتبقوا في غرفة ولي العهد حتى يتم العثور على الجاني.”
بمجرد أن فتح الحارس باب غرفة ولي العهد، ضربتنا رائحة قوية، مزيج من عطر الورد النسائي والبخور.
كان علي أن أغطي أنفي لمنع نفسي من استنشاقها. لأنها جعلتني أشعر بالغثيان.
وقف ولي العهد في ملابس نومه، يصرخ على الحراس.
كانت السهام مرئية في جميع أنحاء الغرفة. بدا أن شخصاً ما أطلقها بشكل عشوائي، آملاً أن يصيب أحدها ولي العهد.
بالطبع، مثل هذه الخطة الفوضوية محكوم عليها بالفشل.
“الحمد لله أنك هنا”، قال ولي العهد بمجرد أن رأى ثيودور ومشى نحونا.
تصلب تعبير ولي العهد عندما رأى أليكس في الغرفة ايضاً.
“ماذا يفعل هنا؟” سأل و هو ينظر إلى القائد الحرس الملكي.
“اسمح أن يغادر مساعديّ، وسأتولى مهمة حمايتك”، قال ثيودور و هو ينظر إلى القائد الحراس.
“لا. لا يُسمح لأحد بمغادرة القصر، وستبقون جميعاً هنا لحراسة ولي العهد، كما أمرت.” رفض القائد الفرسان طلب ثيودور.
قائد الحراس الملكي يحمل سلطة أكبر داخل جدران القلعة، لذا اضطر ثيودور الى الاستماع الى طلبة.
حدق ثيودور في ناحيتي من بعيد بغضب، ثم استدار وبدأ في التحدث إلى ولي العهد، كما لو كان يقول، “لقد أخبرتك.”
لكن كيف كان بإمكاني معرفة أن زيارة خاصة إلى المقبرة الملكية ستتحول هكذا؟
وفقاً للخطة، لم يكن يفترض أن تتقاطع طرقنا أبداً، والآن وجدت نفسي في غرفة نوم ولي العهد، وكان الأمر غير مريح.
لكن الغرفة مزدحمة، على الأقل لن يفعل شيئاً أحمق…
أو ربما سيفعل؟
لأنه كان واضحا أننا سنقضي بضع ساعات هناك، بدأ ثيودور التحقيق.
مشى نحو النافذة متجاهلا نصيحة القائد الأكبر الذي حذره من حصول هجوم مماثل آخر.
لكن ثيودور تجاهل نصيحته وفحص الطرق المحتملة التي يمكن أن يدخل منها السهم إلى الغرفة. ثم بداء بفحص السهام.
لمس رؤوس السهام بيديه العاريتين وحاول شمها.
“السهام مسمومة… وهو سم نادر جداً وقوي”، قال بنبرة هادئة، وتعبيره متصلب.
بمجرد أن سمعت ذلك، ركضت إليه.
“أرمي السهم!” صرخت على ثيودور في حالة ذعر، قلقاً من أنه قد يؤذي نفسه.
“لا تقلقي. هذا النوع من السم يجف بسرعة وليس قوياً بعد الآن. إلى جانب ذلك، لا تعمل السموم علي”، قال ثيودور و هو يمسك السهم المسموم في يده.
كان بإمكانه معرفة نوع السم فقط من لونه ورائحته.
بعد ذلك، أخبر قائد الفرسان بأسم السم، وبدأوا في مناقشة المصادر المحتملة لمثل هذا السم الباهظ.
بدا ولي العهد منزعجاً بشكل واضح.
كان رجلاً فظيعاً، وقد قام العديد من الأشخاص بمحاولات متعددة لتهديده وإيذائه، لكن ليس على هذا النطاق أبداً.
كان القاتل الآن في القلعة الملكية، التي كان يجب أن تكون أكثر الأماكن أماناً، والسم جعل من الواضح أن هذا لم يكن تهديداً بسيطاً، بل محاولة اغتيال حقيقية. كان يمشي ذهاباً وإياباً، وعندما أحضرت له الخادمة ماءً، رفض ورماه على الأرض.لأنه كان في حالة صدمة.
ربما الآن يعتقد أن كل شيء مسموم وأن الجميع يحاولون إيذاءه.
بدأ في حك ذراعه بدون توقف.
واستمر في الصراخ على الحراس، يسألهم متى سيقبضون على الجاني.
وسط كل هذا، التقت أعيننا لثانية.
نظرت بعيداً، آملة ألا يلاحظني، لكن في غضون ثوان، ظهر ظل طويل أمامي.
نظرت إلى الأعلى ورأيت ولي العهد بتعبير مخيف.
“لم أكن أعرف أنك هنا أيضاً، الآنسة أناستازيا”، قال بابتسامة كبيرة، ثم واصل، “هل ترغبين في الجلوس على الأريكة والدردشة السريعة؟ أحب أن أريح عقلي المشغول بالتحدث إلى سيدة جميلة مثلك.”
شعرت كما لو أن الدم في جسدي قد جف، ووقفت متجمدة، غير قادرة على التراجع. لكنني شعرت بشخص ما يمسك يدي ويسحبني بعيداً عنه.
كان أليكس،الذي يحدق بغضب في ولي العهد.
كما لو أنه سيمزقه إلى قطع إذا قال كلمة أخرى.
أصبح الجو في الغرفة غريباً، واقترب ثيودور من ولي العهد وهمس بضع كلمات في أذنه.
بدا ولي العهد مرعوباً من الشيء الذي قاله ثيودور. ثم استدار وجلس على الأريكة، وعيناه مثبتتان على الأرض.
جلس هناك مثل طفل مطيع لبقية الوقت.
كانت الغرفة هادئة بشكل مخيف، رغم وجود أكثر من عشرة أشخاص.
لكن لم ينطق أحد بكلمة.
حتى أخيراً، جاء حارس وأخبرنا أنه يمكننا الذهاب. لأنهم امسكوا بالقاتل.
قادتنا إحدى الخادمات إلى غرفة أخرى للراحة حتى يجهزوا عربتنا.
غادر أليكس لأن الامبراطور طلب رؤيته ، وتُركنا أنا وثيودور فجأة وحدنا في الغرفة.
التعليقات لهذا الفصل " 16"