ارتجفت عينا الكونت شولين للحظة، كأن عاصفة صغيرة هزت بحيرة ساكنة. بصفته شخصًا يتعامل مع شبكة واسعة من المعلومات، كان يعرف جيدًا هوية البارون إلرود، والد آيلين البيولوجي. منذ أن أصبحت إيلين الدوقة الكبرى لإرزيت، كان البارون تحت مراقبته الدقيقة. لم يكن الكونت يعرف فقط تفاصيل وفاة إلرود، بل كان على دراية أيضًا بمن يقف وراءها. لكن هذا الطلب من إيلين وضعه في موقف حرج، فشعر بعرق بارد يتصبب من جبينه وهو يتردد، عاجزًا عن اتخاذ قرار.
لاحظت إيلين ارتباكه، فقررت تخفيف الضغط عنه قليلًا بنبرة هادئة: “في الحقيقة، لدي شكوكي الخاصة. أريد فقط التأكد من خلال شخص آخر.”
صمت الكونت للحظة، يزن كلماتها بعناية.
“يمكنك الرفض إذا أردت.”
هز الكونت رأسه بسرعة وقال: “لا، جلالتك.”
بعد تفكير عميق، اختار كلماته بعناية فائقة: “بمجرد عودتي إلى بلادي، سأرسل إليكِ رسالة.”
كان من الواضح أن هذا ليس موضوعًا يمكن مناقشته هنا والآن، وسط أسوار القصر الإمبراطوري المحاطة بالأعين المتلصصة. شعرت إيلين ببعض الذنب لتحميل الكونت عبءً ثقيلًا كهذا، لكنها لاحظت في عينيه لمحة من الامتنان. كأنه استشعر أسفها، أضاف الكونت بنبرة متواضعة: “إنه لشرف عظيم أن أكون ذا نفعٍ ولو قليل لجلالتكِ.”
انحنى الكونت بأدب، وقدم تحية وداع رسمية قبل أن يغادر القصر الإمبراطوري. وقفت إيلين تشيعه بنظرها، تراقب ظله وهو يبتعد تحت ضوء المشاعل المتوهجة في الممر.
في الماضي، كانت إيلين ستظل عالقة في دوامة من التخمينات والقلق، تحاول فهم الحقيقة بنفسها، تطرح الأسئلة مباشرة، لكنها كانت ستصطدم دائمًا بحائط من الإجابات الناقصة، مما يدفعها إلى مزيد من الحيرة. لكن الآن، تغيرت إيلين. اختارت طريقًا جديدًا، طريق البحث عن الحقيقة بنفسها، بثقة أكبر. السنوات الطويلة التي مرت، والتي انتزعت منها الكثير، منحتها أيضًا حكمة جديدة. لقد عبرت أعوام لم يكن سيزار فيها موجودًا، مما جعلها أقل سذاجة وأكثر وعيًا. لم تكن متأكدة إن كان هذا نموًا حقيقيًا أم مجرد تغيير، لكنها كانت على يقين من أنها لم تعد تلك الفتاة البريئة القديمة. ومع هذا الإدراك، توجهت إلى المختبر، حيث كانت تنتظرها أكوام من المهام.
***
بعد عودته إلى مملكة إيرث، أرسل الكونت شولين رسالة إلى إيلين في غضون أيام قليلة. كانت الرسالة تحمل أخبارًا عابرة عن أحواله، لكن السطر الأخير كان ما جذب انتباه آيلين. بدا كتحية عادية للوهلة الأولى، لكنه كان في الحقيقة الرد الذي وعد به على طلبها. حدقت إيلين في الكلمات المكتوبة بالحبر الأسود لوقت طويل، ثم أطلقت زفرة عميقة ووضعت الرسالة جانبًا.
“كما توقعت.”
كان الجناة فرسان سيزار. وبالطبع، لم يكونوا ليتخذوا مثل هذا القرار بمفردهم، بل كان ذلك بموافقة ضمنية من سيزار نفسه. لم تصدمها الحقيقة، ولم تشعر بالدهشة. كانت قد توقعت ذلك تقريبًا، وكل ما فعله الكونت هو تأكيد شكوكها. نهضت إيلين من كرسيها فجأة، وسارت في الغرفة ذهابًا وإيابًا، تحاول تهدئة العاصفة التي تجمعت في ذهنها. ثم خرجت إلى الحديقة، رافضة مرافقة الخادمات اللواتي حاولن متابعتها. تحت أشعة الشمس الساطعة، استنشقت عبير العشب، تحاول ترتيب أفكارها المتشابكة.
كانت تأمل ألا يخفي سيزار عنها شيئًا. عندما اكتشفت أنه أخفى حقيقة مقتل والدها بحجة حمايتها، شعرت بخيبة أمل عميقة. لكنها فكرت: لو أنه اعترف لها مباشرة بأنه أمر بقتل والدها، كيف كانت ستتفاعل؟ ربما كانت ستغرق في حيرة أكبر. ربما كان اكتشاف الحقيقة بهذه الطريقة التدريجية، بعد تفكير طويل، أقل قسوة. لكن “أقل قسوة” لا يعني أنها كانت بخير. شعرت بمزيج من المشاعر المعقدة، وارتجفت وهي تحاول طرد هذه الأفكار.
في النهاية، كان من غير الطبيعي أن يقتل زوج والد زوجته، مهما كانت العلاقة بينهما سيئة. هذا الجانب غير الطبيعي من سيزار جعلها تشعر بشيء لا تستطيع وصفه بدقة. تذكرت فجأة والدة سيزار، التي أنهت حياتها منتحرة. سمعت أن سيزار هو من اكتشف جثتها معلقة، لكنه لم يُظهر أي حزن. حتى في تلك اللحظة، ظل يبتسم لإيلين كما لو أن شيئًا لم يحدث، مما جعل إيلين الصغيرة تجهل الأمر تمامًا. في السابق، ظنت أنه فعل ذلك مراعاة لمشاعرها، لكنها أدركت لاحقًا أنه ببساطة لم يشعر بشيء تجاه موت والدته. حتى موتها المأساوي لم يترك أثرًا في روحه الهادئة.
كانا مختلفين جوهريًا. هذه الحقيقة، التي عرفتها منذ زمن طويل، عادت لتطفو على السطح بقوة. سمعت صوت خطوات تقترب، مصحوبة بصوت أحذية تلامس الأرضية الحجرية. كان سيزار. التفتت إيلين ببطء لتواجهه، عيناها تلتقيان بعينيه الحمراوين الغامضتين. لم تسأله لماذا جاء فجأة؛ كانت تعلم أنه يعرف عن رسالة الكونت، وجاء ليرى ما إذا كانت قد اكتشفت الحقيقة.
لم يحاول سيزار إنكار شيء أو تقديم أعذار، رغم أن بإمكانه إخفاء الحقيقة لفترة أطول، ربما إلى الأبد. لكنه اختار أن يكشف جزءًا من الحقيقة، لأن إيلين أخبرته ذات مرة أنها تكره أن تُحتجز داخل حدود الجهل. ناداها بنبرة دافئة وعميقة: “إيلين.”
ردت بهدوء: “نعم…”
أمسك بذقنها بلطف بيده المغطاة بقفاز جلدي، يجبرها على النظر إليه مباشرة، وقال: “ما الذي كنتِ فضولية بشأنه لدرجة أنكِ لم تسأليني مباشرة؟”.
كان صوته يحمل وعدًا بأنه سيجيب عن أي سؤال، لكن إيلين، التي أصبحت تعرفه جيدًا، ابتسمت ابتسامة خافتة. تذكرت لحظاتهما على ضفاف البحيرة، حيث كان يضحك وسط زنابق الماء البيضاء، وكلمات الحب التي تبادلاها مرات لا تحصى.
كل ما يفعله سيزار، سواء كان خيرًا أو شرًا، كان شببه إيلين. بالنسبة له، كل فعل يخدمها هو خير، حتى لو اقتضى ذلك إراقة الدماء. زراعة الزنابق لها، أو قتل والدها وإخفاء ذلك عنها، كلاهما كان خير سيزار. في تلك اللحظة، أدركت إيلين سبب ارتباكها العميق. في الماضي، كانت قادرة على تمييز الخير من الشر بوضوح، لكن الآن، أصبح سيزار هو معيارها للخير والعدالة. لم تخف من أفعاله الشريرة، ولم ينقص حبها له ولو قليلًا، بل قبلت حتى شروره.
شعرت بالحيرة إزاء هذا التغيير في نفسها، لكنها لم تستطع مقاومته. لقد أصبح سيزار عالمها. رغم شعورها بأنها ربما أصبحت “مكسورة”، إلا أنها تقبلت ذلك. نظرت إلى عينيه وقالت بنبرة صادقة: “سيزار.”
كان اسمه يحمل دائمًا إحساسًا خاصًا على لسانها. كما فعلت عند البحيرة، عبرت عن مشاعرها بصدق: “أحبك.”
فتح سيزار شفتيه قليلًا، صامتًا للحظات، ثم لمعت عيناه الحمراوان. رد بنعومة لا متناهية: “وأنا أحبك، إيلين.”
كانت كلماته كظلام عميق يلفها بحنان، لكن إيلين رحبت بهذا الظلام، بسيزار نفسه. لأنه، في النهاية، كان الشرير الذي اختار أن يكون كذلك من أجلها.
– أكتملت، قصة زوج شرير الجانبية الأولى.
~~~
القصة الجانبية الثانية مرة بعدين خلوني انساهم اول شي 🤣
وصراحة ذي القصة أفضل قصة من الثانية بس الثانية كان فيها اكشن شوي، المهم هنا الفصول يوم الخميس والحين نزل فصل جديد مانهوا
واتذكروا الملخص، لقد كان شريرًا من أجل إيلين، المؤلفة من بداية الرواية تورينا افعال سيزار الشريرة لأنه الزوج الشرير، بس الفكرة أنه مو يكون شرير اتجاهها لا هو النوع من يلي رح يضحى بالعالم عشانها.
يلي ما عجبني أن المؤلفة ما وضحت ليش إيلين مميزة خلت خلفيتها غامضة غير معروفة، مثلا دم الجنيات يلي فيها وعيونها المميزة وليش الآلهة يعطونها مكانة مميزة السلبية بالقصة أن إيلين ما دفعت ثمن خلودها مع سيزار بس يعتبر عقاب لهم، عدم الإنجاب والحياة لنهاية العالم يعتبر عقاب قاسي لهم
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات