الفصل 108
* * *
جاء ردّ الكونت فرديك فورًا بزيارة قصر هيليارد.
بعد يومين، جاء الكونت فرديك.
«سيّدتي.»
«سيد فرديك.»
تبادلت الدوقة والكونت التحيّات.
كان بطلًا رئيسيًّا في حرب الإمبراطوريّة المنتصرة، ورغم عمره الكبير الآن، يفوح منه هيبة.
نظر الكونت داخل القصر وقال:
«الطفلة……»
«في الغرفة.»
«في الواقع، كدتُ أيأس من العثور على حفيدتي. لو لم ترسلي الرسالة بخطّ يدكِ، لما جئتُ.»
فقد الكونت ابنه وزوجته في حادث.
اختفت حفيدته في الحادث نفسه.
علّق الكونت مكافأة هائلة لاستعادة حفيدته المفقودة.
لذا اقترب منه محتالون كثر يدّعون العثور عليها.
عبست الدوقة بشفقة.
«أتمنّى أن تكون هذه المرّة حفيدتك حقًّا.»
«هل يمكنني رؤيتها الآن؟»
«بالطبع. لكنها حذرة جدًّا. كانت مريضة عند اكتشافها. تحسّنت كثيرًا الآن، لكنها حساسة، فإذا لم تردّ بلطف، تحمّل.»
«سأرشدك.»
قاد ماتياس الكونت إلى غرفة آيفي.
طق طق.
طرق خفيفًا وفتح الباب.
عندما دخلت الجماعة، ارتجفت كتفا آيفي الوحيدة.
حدّق الكونت في آيفي.
همست الدوقة له بصوت خافت.
«أكّدنا وجود البقعة الحمراء على شكل كوكبة عند مرضها. لكن تحقّق أنت أيضًا.»
«يجب أن…… أقترب أكثر.»
تقدّم ببطء نحو آيفي وهو يحرّك شفتيه.
كان الكونت كبيرًا في السن، لكنه بطل حرب سابق، ضخم البنية.
خافت آيفي من اقتراب الغريب.
سأل الكونت بصوت مرتجف قليلًا:
«اسمك آيفي؟»
اهتزّت عينا آيفي.
أومأت بصعوبة.
«هل تتذكّرين والديك؟»
«……»
«نشأتِ صغيرة في قصر واسع مليء بكروم العنب. كنتِ أقصر من الكروم. إذا دخلتِ الكروم، ينشغل الخدم طوال اليوم ببحثك.»
«لا أعرف.»
هزّت آيفي رأسها.
انكمشت وشدّت الغطاء إلى أنفها.
«ليس لديّ والدان. نشأتُ في المعبد منذ الصغر. لم أذهب إلى كروم عنب.»
«مستحيل. كم كنتِ تحبّين العنب.»
«لا. لا آكل العنب. يجعل جسدي أحمر، فلم أشرب حتّى نبيذ المعبد.»
اهتزّت عينا الكونت أكثر.
مدّ يده بحذر شديد.
«أريني يدك مرّة واحدة؟»
تردّدت آيفي ونظرت.
عندما التقت عيناها بإلينور، أومأت إلينور أنّه بخير.
مدّت آيفي يدها للكونت.
«بقعة بين السبّابة والوسطى.»
«نعم…… منذ زمن.»
«منذ الولادة. اكتشفتُها عندما حملتُكِ حديثة الولادة.»
اختنق الكونت.
«آيفي. أنا جدّك.»
بكى العجوز المجعّد العينين.
«كنتِ حساسة للعنب، وبقعة بين أصابعك لا يعرفها الآخرون. حفيدتي. وجدتُكِ مجدّدًا……!»
«جدّي……؟»
«نعم. هل تعانقين جدّك؟»
تردّدت آيفي.
يبدو أن الحقيقة المفاجئة مربكة.
انتظر الكونت حتّى تقترب.
سرعان ما سلّمت آيفي نفسها بحذر.
بكى الكونت بدموع ساخنة.
«آيفي.»
«جَدّ……ي.»
«نعم. أنا جدّك. آسف لتأخّري في العثور عليكِ.»
كان لقاؤهما هادئًا.
لكن حارًّا ومليئًا بالدموع.
التفت الكونت إلى الآخرين وقال:
«يجب أن أسمع أين وجدتم آيفي، وما حدث حتّى الآن.»
«وجدناها في المعبد.»
تقدّمت إلينور.
كانت مخطّطة الأمر واكتشفت آيفي أوّلًا، فالآن دورها.
«وجدتُها ملقاة وحدها في مكان أطفال المعبد.»
«كيف أحضرتِها إلى هيليارد؟»
«كانت حالتها سيّئة عند الاكتشاف. أردتُ استدعاء كاهن للعلاج، لكن آيفي رفضت بشدّة.»
«لماذا؟»
«السبب…… لا أعرفه جيّدًا. لكن لم أستطع ترك طفلة مريضة، فأخرجتُها خفية.»
عند ذكر المعبد، انكمشت كتفا آيفي.
سأل الكونت آيفي:
«آيفي، هل حدث شيء في المعبد؟»
اهتزّت عينا آيفي.
طمأنها الكونت.
«لا بأس. أخبريني كلّ شيء. جدّك سيحميكِ.»
ظنّت إلينور أن آيفي ستتحدّث عن التنمّر في المعبد.
لكن ما قالته مختلف تمامًا.
«إذن، هل يمكنك منع إرسالي إلى القصر؟»
«القصر؟»
«سمعتُ الكهنة يقولون. إذا ذهبتُ، لن أعود أبدًا.»
تبادلت إلينور وماتياس النظرات.
لكن كلام آيفي الآن غامض حتّى لإلينور.
هزّت رأسها قليلًا.
سأل الكونت فرديك آيفي:
«ما هذا الكلام. تقصدين عندما أبلّغ جلالته بعثوري عليكِ؟»
«قال الكاهن إنني سأُرسل إلى القصر لخدمة جلالته.»
قالت آيفي بصوت مرتجف:
«منصب شرف كبير، يجب أن أفرح بالاختيار. لكن كلّه كذب. سمعتُ الكهنة.»
«أيّ كلام؟»
«في سجن تحت القصر وحش.»
ارتجفت آيفي.
«الأخت ليلي التي ذهبت إلى القصر العام الماضي لم تعد تردّ على رسائلي. الوحش أكلها.»
هل قال الكاهن قصّة وحش لتأديب طفلة غير مطيعة؟
أصدر الكونت صوتًا كأنّ الهواء يخرج منه بعد توتّره.
«هكذا. كان هناك وحش في سجن تحت القصر.»
«لستُ أكذب!»
ردّت آيفي بصوت حاد.
«حقًّا، حقًّا. قالوا الوحش يأكل الناس. مقابل ذلك، يتلقّى جلالته بركة .»
«……كاهن يقول كلامًا غير تقيّ كهذا؟»
«رأيتُ ما يخفونه كدليل على الوحش. كرات صغيرة-»
«كرات؟»
تمتمت إلينور.
سألها ماتياس:
«هل تخمّنين شيئًا؟»
«آيفي، هل كانت الكرة بحجم هذا، سطحها أسود محترق؟»
«نعم.»
أومأت آيفي بقوّة.
«كان شكلها كذلك.»
أصبح تعبير إلينور ذا معنى.
قالت للناظرين إليها.
«يبدو أنني رأيتُ الكرة التي تتحدّث عنها آيفي. عندما نقّيتُ الأرض الملوّثة عند الحدود، وجدتُ كرات كهذه.»
«ماذا؟»
ضيّق ماتياس حاجبيه.
«إذن نرسل أحدًا فورًا إلى الحدود للتحقّق-»
«لا. لا داعي.»
هزّت إلينور رأسها.
«أغاريس لديه. طلب منّي إحضار شيء للبحث مقابل مساعدة سحريّة. سلّمته إيّاها حينها.»
تصلّب وجه إلينور.
يبدو أنّها بحاجة للقاء سيد البرج السحريّ قريبًا جدًّا.
* * *
سجن تحت الأرض مظلم.
تأفّف الإمبراطور.
«يبدو أن الكفاءة تنخفض يومًا بعد يوم.»
التعليقات لهذا الفصل " 108"