“نعم، مثل احتفالات رأس السّنة أو مهرجان تأسيس المملكة. لقد شارك في العديد من مسابقات الصّيد التي نظّمتها العائلة الإمبراطوريّة، وحصل على جوائز عدّة. سجّادة جلد الدّبّ المفروشة في مكتب سعادة الدّوق، هي أيضًا من صيد الدّوق السّابق.”
“آه، أعرف ذلك.”
“لذلك لدينا أيضًا منزلٌ في العاصمة. صحيح أنَّ سعادته لم يذهب إليه منذ وقتٍ طويل لتجنّبه الأنشطة الخارجيّة…”
تنحنح كولين ليُصفّي حلقه، ثمّ رفع فنجان الشّاي مجدّدًا. عندها سألت غلوريا بحذر وهي تُنصت بانتباه.
“هل قطع علاقتَه مع العائلة الإمبراطوريّة؟ أم أنَّ الدّوق هو من يرفض التّواصل؟”
“القصر الإمبراطوريّ يُرسل له دعواتٍ بين الحين والآخر، لكنّ سعادته لا يُغادر الإقليم لأنّه يكره مغادرة الدّوقيّة.”
“بسبب اللّعنة، أليس كذلك؟”
“نعم، هذا صحيح.”
أقرّ كولين بهدوء.
من الطّبيعي ألّا يخرج من القصر دون حذرٍ شديد ما دام لا يعلم متى وأين قد يحدث أمرٌ ما…
“لديّ سؤال.”
“تفضّلي، سيّدتي.”
“عن لعنة الدّوق.”
“نعم.”
“ألا يوجد أيُّ سبيلٍ لكسرها تمامًا؟”
“ماذا تعنين…؟ ألم تُبطلي اللّعنة بنفسكِ، سيّدتي؟”
“ما فعلتُه كان مؤقّتًا. لم أُحرّرْه منها بشكلٍ نهائي. ألا توجد طريقةٌ تخلّصه من اللّعنة إلى الأبد؟”
“……”
اسودّ وجه كولين. ظلّ صامتًا لفترة، كأنّه غارقٌ في التّفكير، ثمّ فتح فمه بصعوبة.
“لقد بحثنا كثيرًا، وحاولنا بكلّ الطّرق الممكنة إيجاد حلّ، لكنّنا لم نعثر على وسيلةٍ ناجحة.”
“لكن، أليس من المحتمل أن توجد طريقةٌ ما تستحقّ المحاولة، ولو بنسبة 1%؟”
“على حدّ علمي، العائلة الإمبراطوريّة نفسها بحثت طويلًا عن وسيلةٍ لفكّ اللّعنة… ولكن بالنّظر إلى أنّها لم تُفكّ طوال هذا الوقت، فلا بدّ أنَّ الحلّ مستحيل أو غير معروف.”
ازدادت ملامح غلوريا كآبةً أمام إجابته المتشائمة.
من المؤكّد أنّهم كانوا ليُجرّبوا أيَّ طريقةٍ ممكنة لو كانت هناك وسيلة.
تماسكت غلوريا وهمست مجدّدًا.
“وماذا عن الأشخاص الذين أصابتهم اللّعنة قبل الدّوق؟ ماذا حدث لهم؟”
“لا نعلم.”
“لا تعلمون؟”
“من تلقّى اللّعنة لا يُعلَن عنه سوى للإمبراطور والشّخص المعنيّ. لذلك نادرًا ما تُكشف هويّاتهم. لا يتردّد سوى شائعات كثيرة.”
“ولِمَ يُخفون ذلك؟”
“لأنّ مجرّد انكشاف أمر الإصابة باللّعنة يُهدّد حياة المصاب.”
“آه…”
عضّت غلوريا شفتها، شاعرةً بأنَّ سؤالها كان ساذجًا.
لم يكن الوالدان وحدهم من ينبذون الطّفل الملعون.
الطّفل الملعون يُعدّ عارًا على العائلة، ونذير شؤم على الإقليم، لذلك كثيرون من الأطفال الملعونين فقدوا حياتهم على يد آخرين وهم صغار.
“ولهذا، في حالاتٍ نادرة، تتولّى العائلة الإمبراطوريّة حمايتهم حتّى يبلغوا سنّ الرّشد.”
“تحميهم العائلة الإمبراطوريّة؟ لماذا؟”
“لأنَّ لعنة سيكون تُصيب شخصًا واحدًا فقط في العصر ذاته.”
“آه…”
أي أنَّ بقاء الملعون حيًّا يعني أنَّ الآخرين سيكونون بمأمن.
أمام هذا الواقع القاسي، تغيّرت ملامح غلوريا إلى السّواد.
“ولهذا أيضًا…”
“نعم. فالدّوق السّابق لم يسعَ لإخفاء الأمر، لذا هناك مَن يعلم، لكنّ الأمر لم يُكشَف على نطاقٍ واسع.”
غرقت غلوريا في التّفكير، ومرّ أمام عينيها وجه أستان الذي كان يتألّم من الكوابيس حتّى أثناء فقدانه الوعي.
“لو فكّرنا في أنَّ معظم من أُصيبوا بلعنة سيكون قد فقدوا عقولهم… فإنَّمجرّد تحمّله حتّى الآن أمرٌ عظيم.”
“……”
“والآن وقد التقى بكِ… آمل فقط أن ينعم بالسّعادة من الآن فصاعدًا.”
ارتجف صوت كولين العجوز، فأومأت غلوريا برأسها بكلّ ما أوتيت من قوّة.
“سيحدث ذلك. بالتّأكيد.”
***
أشعّة الشّمس الدّافئة تسلّلت عبر النّوافذ. طَقطَق… تواليًا. ذاب الجليد المتراكم كأنّه قطرات مطرٍ بسبب الجوّ المعتدل.
أفاق أستان على زقزقة العصافير.
يبدو أنَّ أحدهم دخل وخرج، إذ وُضع وعاء الأدوية وإبريقٌ إلى جوار وسادته. جلس أستان ببطء.
“هوو…”
تألّم جسده من الجروح التي لم تلتئم بعد. ربّما لأنّه ظلّ مستلقيًا طويلًا. فكّر أنّه يحتاج للخروج واستنشاق الهواء، فنهض من السّرير.
حين أمسك معطفه ليقي نفسه برد الصّباح، لفت نظره السّوار.
<ستكون الأمور بخير.>
<لأنّي سأجعلها كذلك.>
هل كانت شجاعةً؟ أم تهوّرًا؟
هي لا تعرف مدى خطورة هذا السّوار.
تذكّر وجهها البريء وهي تبتسم دون أن تدري شيئًا، فزفر بعمق.
“سأُجنّ…”
لا يستطيع أن ينتزعه منها عنوة.
بقدر ما يقلق، بقدر ما يشعر بثقلٍ على قلبه لا يُوصَف.
فالسّوار المصنوع من الجمشت المُستخرج من موطن سيكون، هو أثرٌ مقدّس يتوارثه الملعونون في العائلة الإمبراطوريّة.
يتكوّن من زوجٍ متطابق، يُستخدم لضبط وعيّ الملعون، ويُشدّ تلقائيًّا عند اقتراب الخطر، حين تعجز قُدرة السّوار عن التحكّم باللّعنة.
لذلك غالبًا ما يُسلَّم السّوار الثاني إلى شخصٍ موثوق، أو إلى أحدٍ قويّ مثل لوغان، ليستطيع التّعامل مع الخطر عند الحاجة.
بمعنى آخر، مَن يرتدي السّوارين يصبحان متّصلَين بعضهما ببعض.
لهذا، لم يكن من الغريب أن يلمّح لوغان، بعد أكثر من عشر سنوات من ارتدائه للسّوار، إلى رغبته في التّحرّر من هذا القيد.
لكنّ المشكلة تكمن في أنَّ السّوار الآن مع غلوريا.
تلك الفتاة ضئيلة، ضعيفة، رقيقة… لا يُمكنها أن تحلّ محلّ لوغان.
قال لوغان إنّه بدلًا من حبس أستان في البرج في كلّ مرّة تُفجَّر فيها اللّعنة، فمن الأفضل أن يحاول التّخلّص منها عبر غلوريا.
نظريًّا، كلامه منطقيّ. لكنّ أستان لم يكن واثقًا ممّا إذا كان ما حدث مجرّد مصادفة.
وإن لم يكن كذلك… فهو لا يريد أن يُقحم غلوريا في هذا الأمر.
يبدو من تصرّفات القصر أنّهم ينوون إبقاء غلوريا فيه.
لوغان، بعد أن سلّمها السّوار، لم يعد يُخفي شيئًا.
والسّيدة ميري ويذر تستقبلها الآن كما لو كانت سيّدة القصر.
كولين أيضًا بدا أنّه يُحدّثها بصراحةٍ عن شؤون القصر.
‘مع أنّي أعلم أنّه لا ينبغي…’
أطبَق أستان على قبضته.
يعلم كم يعاني الجميع في القصر بسبب وجوده، لكن لا يمكنه القبول بما يحدث.
حتّى لو انقرض نسل عائلة شولتسمير… لا يمكن تكرار هذه المأساة المقيتة.
[تذكّر حتّى تموت، يا أستان. كم أنكَ كائنٌ مروّع.]
حين يُغمض عينيه، لا يزال يَرى ما حدث يومها بوضوح. جسد والده يتدلّى من النّافذة المفتوحة، يتأرجح مع السّتائر، وتحت قدميه تلك الورقة الوحيدة.
لطالما لعن والده الذي لم يُخاطبه يومًا بكلمةٍ طيّبة، لكن في النّهاية لم يسعه سوى تفهّمه.
ذلك الألم الذي جعله يكره الابن الذي وُلد من موت زوجته.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"