“في ذلك الحين… يبدو أنّها لم تكن العلاقة المقصودة.”
لكنه سرعان ما تمالك نفسه وتكلّم بمرح.
“لكن بفضله، التقيت بالشريكة الحقيقية، أليس هذا أمرًا جيّدًا؟”
“أيُّ شخصٍ يصبح قدَرًا الآن.”
“بالطبع. إنّه القَدَر، أليس كذلك؟ أن يرسل سيدي طلب الزواج من بين كلّ العائلات إلى عائلة ماكّين، وأن تأتي الآنسة إلى هنا… أليس هذا قَدَرًا؟”
“…..”
“لهذا، تخلَّ عن المقاومة وتقبّل الأمر.”
قال لوغان وهو يبتسم بمكر، ثمّ غادر الغرفة بسرعة. عبس أستان عند سماع صوت الباب يُغلق بعنف.
“تبا لهؤلاء الحمقى.”
كيف يكون كلّ الخدم بهذه الطريقة؟
حقًّا، إنّهم مجموعة من الحمقى.
**&
تك، توووق، تك.
كان صوت تساقط الثلج الذائب تحت حافة السقف مزعجًا.
أستان، الذي كان يتقلّب في سريره محاولًا النوم دون جدوى، نهض أخيرًا من مكانه.
لليوم الخامس على التوالي، وهو مستلقٍ طوال اليوم، بدأ يشعر بالضيق.
لو كان في حالته الطبيعيّة، لكان قد نهض وتدرّب مع لوغان منذ وقتٍ طويل.
قبل يومين، أثناء محاولته النهوض لأخذ الكأس، داس على طرف البطّانية وسقط أرضًا.
وفي أثناء تحمّله للألم، هرعت غلوريا إليه وهي تصيح بأنَّ الدوق قد سقط، ما أثار ضجّةً بين الخدم الذين هرعوا جميعًا إلى الغرفة، ومنذ ذلك الحين، أصبح النهوض من السرير أمرًا مقلقًا.
“فووو…”
مدّ أستان يده إلى موضع جرحه بحذر.
هذا الجرح لم يكن من النوع الذي يستمر طويلًا.
سابقًا، تعرّض لإصاباتٍ أشدّ من هذا بكثير، وكان يشفى بسرعة، لكن هذه المرّة، بدا الشفاء أبطأ من المعتاد.
…هل هو بسبب تقدّمه في السن؟
فهو على وشك بلوغ الثلاثين، لذا التغيّرات الجسديّة ليست غريبة.
لكن، أليس من المفترض أن يُشفى الجرح أسرع مع تقدّم العمر؟
غارقًا في التفكير، نظر أستان إلى وجهه المنعكس في النافذة.
رغم أنَّ آثار القتال مع سيكون لا تزال باقية، إلّا أنّه لا يزال بخير… حتى الآن.
“الحفاظ على العقل السليم ليس أمرًا سهلًا.”
تمتم بسخرية، وهو يدير معصمه. فدار السوار الفضفاض حوله بسهولة.
“سيدي الدوق.”
طق طق.
رافقت صوت الطرقات الخفيفة صوتٌ مرحٌ أيقظه من أفكاره. كانت غلوريا.
“لقد استيقظت، أليس كذلك؟ كيف حال جرحك؟”
“لا بأس.”
“ألا يؤلمك عند الحركة؟”
“إلى حدٍّ ما.”
رفعت غلوريا حاجبيها عند ردّه المتردّد، ثم قالت:
“انزعه، من فضلك.”
“ماذا؟”
“يجب أن تنزعه لأقوم بعلاجك.”
“سأفعل ذلك بنفسي، فقط اتركي الأشياء واذهبي.”
“وكيف ستلفّ الضمادات بنفسك؟”
ظهرت على وجهها تعابير الاستغراب البريء، ثمّ انفجرت ضاحكة بعد أن رمقته بنظرة.
“لا تقل إنك محرج لهذا السبب؟”
“….”
“لقد رأيتُ كلّ شيء أثناء نومك، فلا داعي للقلق، فقط انزع ملابسك.”
كانت تمسك الضمادات في يد، وزجاجة الدواء في الأخرى، وهي تقترب منه بإصرار.
“إن لم تنزعها، فسأنزعها بالقوّة.”
قالت غلوريا بلهجةٍ تحذيريّة، وكأنّها تطلب منه أن يمتثل قبل أن تستخدم القوة.
ما هذا النوع من النساء؟ لماذا لا تملك أيِّ حياء؟
تنهّد أستان بأنين خافت، ثمّ سأل:
“أين كولين؟”
“خرج. أوصاني أن أعتني بك جيّدًا.”
رغم أنَّ هناك الكثير مِمّن يمكنهم القيام بالعلاج، يبدو أنَّ كولين فعل ذلك عن قصد.
لكن، بعدما أدرك أستان استحالة تغيير قرار غلوريا، استسلم وخلع معطفه.
“افعلي ما تشائين.”
وعند إعلان استسلامه، بدأت غلوريا بفك الضماد بلُطف.
رغم لهجتها القويّة، إلّا أنَّ يديها كانتا ترتجفان.
وحين أزالت الضمادة، سال الدم مجدّدًا من الجرح الذي لم يلتئم بعد.
“سموّك، إنّه ينزف…”
“لا بأس.”
لكنّه لا يبدو بخير أبدًا.
تمتمت غلوريا بصوتٍ خافت وفتحت زجاجة الدواء. عندما لامس الدواء الجرح، ارتعش جسده من الوخز، فسحبت غلوريا يدها فجأة.
“هل يؤلم؟”
“…لا.”
هزّ رأسه نافيًا، ثمّ سحب الغطاء ليُغطي نفسه.
أنهت غلوريا وضع الدواء وأمسكت بالضمادة مجدّدًا. كان أستان يراقبها، ثم قال فجأة:
“أعيدي ذاك السوار إلى لوغان.”
“لماذا؟”
توقّفت يداها عن الحركة.
“ليس شيئًا يمكن لأيٍّكان أن يملكه.”
“ولِمَ أنا من ‘أيٍّ كان’؟ أنا خطيبتك، أليس كذلك؟”
“أنا لا أمزح.”
“ولا أنا كذلك.”
أجابت بحزم وهي تُواصل لفّ الضمادة.
حدّق أستان في السوار الأرجواني الفضفاض حول معصمها النحيل، ثم تحدّث مجددًا.
“ربّما لأنّكِ لا تعلمين كم هو خطير…”
“أعلم.”
قالت وهي تُحكم العقدة.
“أعرف كم هو خطير، وأعرف كم هو مُرعبٌ أيضًا.”
رفعت يدها بعد أن أنهت لفّ الضمادة.
“لكن، لوغان قال… إنّكَ لم تضعهُ في خطرٍ قطّ.”
“…..”
“قال إنّكَ لم تؤذه يومًا.”
تابعت حديثها بصوتٍ هادئ، وعيناها تحدّق فيه بثباتٍ لا يتزعزع.
تكلّم أستان بصوتٍ مبحوح.
“أترين نفسكِ مثل لوغان؟”
“وما الفرق؟”
“لوغان ارتدى السوار لأكثر من عشر سنوات.”
“وسوف أعتاد عليه بسرعةٍ أيضًا.”
“ذلك الرجل قويّ البنية، يملك قوّةً جسديّة هائلة.”
“صحيح.”
“إن فقدتُ السيطرة، يمكنه تقييدي، بل ويمكنه حملي والهرب.”
“أمّا أنا، فلن أستطيع فعل ذلك.”
أومأت غلوريا برأسها موافقة.
“تمامًا، ولهذا…”
“سأجتهد أكثر.”
…هاه. تنهد أستان وحرّك لسانه في امتعاض أمام عنادها الذي لا يُقهر.
“ما الذي يجعلكِ بهذه الجرأة؟”
“لأنّي أُؤمن بك. لم تؤذِني من قبل، أليس كذلك؟”
“لقد كنتِ محظوظةً هذه المرّة. من يدري ما سيحدث في المرّة القادمة؟”
“ستكون بخير في المرّة القادمة أيضًا.”
“كيف يُمكنك أن تجزمي بهذا؟”
“أستطيع، لأنّي سأجعل الأمر كذلك.”
أجابت غلوريا بابتسامةٍ واسعة.
ابتسامةٌ جعلته، دون إرادة، يُصدّق أنَّ الأمور ستكون على ما يُرام فعلًا.
***
“عائلة دوق شولتسمير هي من أعرق العائلات، وقد تأسّست فور قيام الإمبراطوريّة. وكان الدوق الأوّل من أبناء عمومة الإمبراطور ريها ريفلتز، الذي أسّس الإمبراطوريّة.”
“إذن كانت العلاقة وثيقةً جدًّا.”
“نعم. تُظهر السجلات أنَّ الدوق الأوّل كان أقرب الأقارب وأعزّ الأصدقاء للإمبراطور، وقد حاز على ثقتهِ الكبيرة.”
أجاب كولين بفخرٍ ظاهر على وجهه.
كان ذلك صباحًا، بعد أن أنهت غلوريا إفطارها، حين أمسك بها كبير خدم القصر، كولين، وجعلها تستمع إلى التاريخ المجيد لعائلة شولتسمير، والتي سيخدمها لاحقًا باعتبارها السيّدة القادمة.
“ويُقال إنَّ الإمبراطور صرّح بأنّه لو أصابه مكروه، فسيُسلّم العرش إلى دوق شولتسمير.”
“رائع، كان شخصًا عظيمًا فعلًا.”
قالت غلوريا بإعجاب وهي تُصغي بانتباه.
“لكن…”
لماذا اختار شخص بهذه العظمة أن يعيش في مكانٍ كهذا؟
نظرت بطرف عينها إلى الخارج حيث كانت الرياح الشتويّة تعصف بالثلوج.
إن كانت ثقته بالدوق كبيرة إلى هذه الدرجة، فلِمَ منحه أرضًا بهذه القسوة؟
حتى لو حاولت أن تُحسن الظنّ، فإنَّ هذه المعاملة تبقى غامضة وغير مفهومة.
أجاب كولين مباشرة، وكأنّه قرأ تساؤلها:
“لقد عرض عليه الإمبراطور أراضٍ خصبةً قُرب العاصمة، ومنصبًا قريبًا منه، ولكن الدوق رفض كلّ ذلك، واختار أن يأتي إلى هذا المكان ويقضي فيه حياته.”
“ولماذا؟”
“يُقال إنَّ لذلك سببيْن.”
قال كولين بعد أن شرب رشفةً من الشاي الساخن.
“أوّلًا، كان الدوق الأوّل يحبّ زوجته كثيرًا، وهي لم تكن من عائلةٍ نبيلة، ما جعلها تتعرّض لكثيرٍ من المضايقات. لذلك، أراد العيش بعيدًا قدر الإمكان عن العاصمة.”
“فهمت.”
“والسبب الثاني، هو أنَّ هذه المنطقة كانت موطنًا للوحش سيكون، فجاء الدوق إلى هنا بنفسه، وأقسم أنّه سيُخلّص المنطقة من سيكون، ويُساعد الإمبراطور في بناء الإمبراطوريّة.”
“يا له من شخصٍ مخلص.”
“نعم، وبفضل هذا، تأسّست إقطاعيّة دوقت شولتسمير.”
أومأت غلوريا برأسها بإعجاب، وهي تنظر إلى كبير الخدم المملوء بالفخر. ثم واصل كولين حديثه.
“رغم أنّنا في هذا المكان البعيد، لم نقطع علاقتنا بالعائلة المالكة. كما ذكرت، نحن من سلالة مؤسّسي الإمبراطوريّة، ومن سلالة العائلة الملكيّة من جهة الأب.”
“وهل شاركتم في فعاليات البلاط الملكي؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"