دوق ، هل تُحب الدمىَ المحبوكةَ؟ - 5
أكثر شخص لا أريد رؤيته الآن جاء إلى القصر ويناديني.
لكن لم يكن ذلك مفاجئًا.
لطالما كانت روزيان تزور قصر الكونت ما لا يقل عن نصف أيام الأسبوع.
“كلما جاءت، كنا نجتمع نحن الثلاثة دائمًا.”
أحيانًا كنا نتنزه في الحديقة، وأحيانًا أخرى نجلس ونتحدث في غرفة الاستقبال. لم تكن لقاءاتنا مميزة بحد ذاتها.
“لكنني كنت دائمًا آخر من ينضم إليهما. وعندما أصل، يكونان بالفعل غارقين في الحديث.”
من بين جميع الأيام التي التقينا فيها، لم يحدث ولو مرة واحدة أن كنتُ مع روزيان وحدنا، أو أنني وصلتُ قبلها.
“هل هذا طبيعي؟”
ربما لأنني رأيت لمحة من المستقبل، بدأت الشكوك تتسلل إلى قلبي كسائل داكن ينتشر بلا توقف.
“ماذا لو كانت تأتي في الحقيقة لرؤية إيميل ؟ وأنا مجرد شخص زائد في المشهد؟”
نظرية معقولة. لو كانت الكونتيسة تريدني بالفعل كزوجة لابنها، فلا بد أنها كانت تراقب ألا يكون إيميل وروزيان وحدهما معًا.
“إذن، عندما لا أكون موجودة، يتبادلان الحب، وعندما تخشى الكونتيسة أن تلاحظ شيئًا، يُبقونني كواجهة زائفة، وكأننا مجرد ثلاثة أصدقاء مقربين.”
لم أستبعد احتمال أن تكون مشاعر رومانسية قد نشأت بينهما.
لكن استخدامي كغطاء لعلاقتهما؟
هذا خداع.
لمجرد التفكير في أنني قد أكون ضحية لمخططهما، شعرتُ ببرودة تسري في عروقي. دون أن أدرك، خرج صوتي حاسمًا.
“لن أنزل اليوم.”
“ماذا؟”
بدت الخادمة مذهولة من رفضي القاطع.
أدركتُ أنني كنتُ غاضبة أكثر مما يجب، لذا هدأتُ نبرة صوتي وأضفتُ برفق:
“أشعر بصداع طفيف اليوم. سأرتاح في غرفتي.”
“هل أنتِ بخير؟ هل يؤلمكِ رأسكِ كثيرًا؟”
“لا، لا، مجرد إرهاق بسيط، وسأكون بخير بعد قليل. أخبري إيميل وروزيان بذلك.”
“حسنًا، كما تشائين.”
رغم أنها بدت متفاجئة، أومأت الخادمة برأسها قبل أن تغلق الباب. عندها، قبضتُ يدي بقوة.
“حتى لو أجبرتُ نفسي على مواجهتهما الآن، لن أستطيع الابتسام.”
صورة إيميل بوجهه الخالي من التعبير وروزيان وهي تضحك أمام موتي لم تفارق ذهني.
“كيف يمكن لأقرب الناس إليّ أن يسخروا مني هكذا؟”
في وسط صدمتي، ترددت في أذني كلمات فيبي مرة أخرى
“المستقبل يمكن تغييره.”
هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني التمسك به الآن.
“فيبي!”
تمسكتُ بها بشدة، ورفعتُ الدمية رأسها فجأة.
“إيفون!”
نعم، لا زلتُ أملكُ فيبي.
التنين الصغير الذي حماني منذ طفولتي.
عندما احتضنته ، شعرتُ بشيء من الشجاعة يعود إلى قلبي، كما لو أن الجمود الذي أصابني بدأ يتلاشى.
“لا داعي لأن أكون سلبية… إذا كان بإمكاني تغيير المستقبل، فقد تكون هذه فرصتي لتصحيح الأمور.”
نظرتُ إلى فيبي بعزم وقالت بثقة:
“لن أسمح لمستقبلي بأن ينتهي كما رأيته! ساعدني، فيبي!”
ابتسم فيبي ابتسامة واسعة.
“هذا ما توقعته منكِ، إيفون!”
“أيمكنني فعل ذلك؟ هل أستطيع تغييره؟”
“بالطبع! سأكون معكِ في كل خطوة.”
أومأتُ برأسي بعزم. لكن رغم أنني قررت تغيير المستقبل، كان هناك سؤال واحد لا يزال يحيرني
كيف أفعلُ ذلك؟
لذلك، أخبرتُ فيبي بكل ما كنتُ أفكر فيه. بعد أن استمعت إليّ بجدية، هزت رأسها وقالت:
“أول شيء عليكِ فعله هو التأكد مما إذا كان إيميل وروزيان حبيبن بالفعل.”
“صحيح… هذا منطقي.”
أومأتُ بحماس، فربت فيبي على كتفي برفق، ثم تغير تعبيره إلى مزيج من الاشمئزاز والغضب وهي تتمتم:
“التخلي عن فتاة جميلة وطيبة مثلكِ لخيانتكِ مع أخرى؟ هذه هي مشكلة البشر، لا يمكن الوثوق بهم.”
“فيبي، هذا ليس الوقت المناسب لذلكَ!”
رغم أنني شعرتُ بالأذى بسبب ما رأيته، إلا أنني لم أستطع إنكار احتمال وجود تفسير آخر.
ربما لم تكن الأمور كما تبدو.
ربما لم يكن لدى إيميل نوايا سيئة عندما تقدم لخطبتي.
ربما كانت الضغوط العائلية هي ما دفعه للصمت، وليس الخيانة.
“يجب أن أفهم الوضع أولًا، وبعدها سأقرر كيف أتصرف.”
“رُبما… فقط رُبما، كان كل شيء مجرد سوء فهم.”
عندما رأيت المستقبل قبل قليل، شعرتُ وكأن إيميل قد أدار ظهره لي بالفعل، مما جعل قلبي ينهار.
لكن لم يكن عليّ التسرع في استنتاج الأمور.
ما أظهره لي فيبي لم يكن سوى مستقبل محتمل، مستقبل قد يتغير.
“لا يوجد شيء مؤكد بعد، فلا داعي لأن أشعر بالخيانة مسبقًا.”
والآن، كانت لدي فرصة للتحقق من الحقيقة بنفسي. قبضتُ على حافة تنورتي بإحكام.
“لنتسلل ونلقي نظرة، فيبي.”
“ماذا؟! تريدين التجسس؟”
كانت هذه فرصتي. غرفة الاستقبال، حيث يجلس إيميل وروزيان وحدهما الآن.
“إذا كانا حبيبين بالفعل، فلن يفوتا فرصة كهذه ليكونا معًا. يجب أن أرى ذلك بنفسي.”
يمكنني التلصص عليهما من خلال نافذة الطابق الأول، فهي واسعة بما يكفي لرؤية الداخل.
“أحب هذا التفكير، إيفون!”
بتشجيع من فيبي، خرجتُ من غرفتي واتجهتُ إلى الحديقة.
مشيتُ بحذر نحو النافذة الواسعة، فيما كان قلبي ينبض بقوة.
“أتمنى أن يكون كل هذا مجرد سوء فهم.”
“أتمنى ألا يكونا قد خدعاني.”
“لا يمكن أن يكونا قد تبادلا الحب سراً بينما يضحكان عليّ من وراء ظهري. لا يمكن… أليس كذلك؟”
أو ربما كنتُ فقط أتمسك بوهم غير موجود.
“هل هذا هو المكان؟”
“نعم، ولكن…”
هل كانت النافذة دائمًا بهذه العلو؟
“ماذا لو التقت أعيننا؟”
التردد شلّ حركتي. لكن فيبي، الذي طار للأعلى وألق نظرة أولى، عادت مسرعة وضربت خديّ بقلق.
“إيفون، فلنعد أدراجنا. هذا ليس جيدًا!”
“ماذا؟ لكنني وصلتُ إلى هنا بالفعل!”
“سأخبركِ بما رأيته لاحقًا، لكن الآن علينا المغ…”
شعور مرعب اجتاحني. تجمدتُ في مكاني، ثم، بحركة سريعة، رفعتُ رأسي ونظرتُ إلى الداخل.
ورأيتُه.
إيميل و روزيان، يتبادلان قبلة شغوفة.
“يا إلهي…”
سقطتُ أرضًا دون أن أشعر.
“إذن، كانا عاشقين منذ البداية!”
لكن… إيميل تقدم لي بخطبة رسمية، أليس كذلك؟ كان سعيدًا عندما قبلتُ عرضه، أليس كذلك؟
“لقد خدعني…”
أخفيتُ وجهي بين يديّ.
لا أعرف كيف عدتُ إلى غرفتي. كنتُ خائفة من أن تتلاقى عيناي بعينيه، فسحبتُ قدميّ المتراخيتين بصعوبة وخرجتُ من الحديقة كما لو كنتُ أزحف.
عندما عدتُ إلى غرفتي، جلستُ على الأرض، ولم يكن في ذهني سوى فكرة واحدة
“لقد خدعاني طوال الوقت.”
كل هذا كان فقط لإرضاء رغبات عائلة كليين.
“إذا مضيتُ في زواجي من إيميل ، فسأنتهي كما رأيتُ في المستقبل، مسجونة في نعش بارد، فيما يضحكان عليّ.”
لقد كُتب لي هذا المصير بالفعل.
“إيفون…”
تحدث فيبي بنبرة مترددة، لكنني قاطعته.
“أرجوكَ ، فيبي، امنحيني بعض الوقت لأستوعب هذا.”
“…”
لم أكن مستعدة للحديث بعد. لم أكن أريد قول شيء قد يجعل فيبي تشعر بالألم بسبب حالتي.
“كل شيء بشع… لكن على الأقل، علمتُ الحقيقة قبل أن أتزوج فعلاً.”
“على الأقل، تأكدتُ من أن إيميل و روزيان يحبان بعضهما.”
مجرد التفكير في أنه تقدم لخطبتي بينما كان مع روزيان جعل جسدي يقشعر، لكن جزءًا مني حاول إيجاد مبرر.
ربما كان مضطرًا لذلك؟ ربما لم يكن لديه خيار؟
كان رأسي يعج بالفوضى، ورغبة قوية اجتاحتني.
“ماذا لو تجاهلتُ كل شيء؟”
بينما كنتُ جالسة هناك، وجهٌ شاحب وعينان فارغتان، دخلت الخادمة فجأة حاملة سلة غسيل، لكنها توقفت عند رؤيتي. شهقت، ثم صرخت بقلق
“يا آنستي! ماذا حدث لك؟!”
“هاها…”
ضحكتُ بضعف. لم يكن غريبًا أن تصاب بالصدمة.
لقد كنتُ مغطاة بالطين، وركبتاي متسختان، وجواربي الحريرية ممزقة.
“يبدو أنني جرحتُ ركبتي أيضًا.”
بدأتُ أشعر بالوخز المؤلم الآن فقط.
وضعت الخادمة الغسيل جانبًا، وأخذت منشفة وبدأت بمسح يديّ بلطف.
“هل كنتِ تجريين في الحديقة مرة أخرى؟”
“حصل ذلك دون قصد…”
“ماذا لو تركتِ ندبة؟ عليكِ أن تكوني أكثر حرصًا!”
ربما كانت محقة، لكن الندوب على ركبتي لم تكن مشكلتي الآن.