خفايا القصر المؤلم - 21
21
الفصل: تحت ضوء القمر
في فجر يوم هادئ، كان القمر لا يزال يضيء السماء الداكنة بنور فضي بارد، بينما كانت أولى خيوط الشمس على وشك الظهور.
كانت الساعة مبكرة للغاية، والعالم من حول إيلينا في صمت تام، كما لو أن الزمن نفسه قد توقف لحظة.
استفاقت إيلينا من نومها بهدوء، عينيها لازالت نصف مفتوحة، وقلبيها يملؤه شعور غريب من الإثارة.
كانت تتنفس بعمق، تتنسم هواء الصباح البارد الذي يبعث في جسدها النشاط.
نظرت إلى الساعة على الجدار ثم قفزت من سريرها بسرعة.
نظرت إلى مرآتها، كانت لا تزال ترتدي بيجامتها الحريرية بيضاء، ورغم بساطتها، شعرت بأنها بحاجة لإضافة لمسة من الأناقة لهذا اليوم.
ابتسمت ابتسامة صغيرة بينما أخرجت حلقًا فضيًا من الدرج بعناية، ووضعت الزينة في أذنها.
بعد ذلك، أمسكت بفيونكه البيضاء الصغيرة وزينت بها شعرها الوردي الفاتح كأزهار الكرز.
نظرت إلى نفسها في المرآة مرة أخرى، كان شعرها يلمع برقة تحت الضوء الخافت الذي يتسلل من النافذة.
لم يكن هناك وقت لتضيعه.
التقطت سلة صغيرة، وضعتها فيها بعض الخبز والفاكهة، ثم أخذت قطعة قماش ناعمة لفها حول الطعام وخرجت بخطوات سريعة.
كانت تعرف ما الذي تريده، وكانت مصممة على جعله يحدث.
عندما وصلت إلى باب القبو، وقفت لحظة قصيرة.
قلبها ينبض بسرعة، وعقلها مليء بالتساؤلات، لكنها كانت تعلم أن هذه اللحظة مهمة.
همست في نفسها: “أنا هنا من أجله.”
ثم فتحت الباب بحذر.
في داخل القبو، كان إيثان جالسًا في زاويته المعتادة، كما لو كان ينتظرها منذ فترة.
كانت عيناه تراقبها بترقب، لكن لم ينبس بكلمة.
عندما رآها تدخل، كان هناك لمحة من الاستفهام في عينيه.
إيثان: (بصوت منخفض، تعبيره مليء بالتساؤل) ما هذا؟
إيلينا: (ابتسمت بلطف، نظرها مليء بالثقة) اتبعني.
كان إيثان يحدق بها للحظة، تتطاير مشاعره بين القلق والدهشة، ولكن شيئًا ما في عينيها جعله يقرر أنه يجب أن يثق بها.
نهض ببطء، وحاول أن يبقى هادئًا على الرغم من قلقه المستمر.
إيثان: (بصوت خافت، عينيه تعبران عن القلق) لماذا نخرج؟ ألن يأتي ذلك الرجل؟
إيلينا: (تنظر إليه بتأكيد، عينيها مليئة بالطمأنينة) لا تخف، أنا معك. لا أحد سيؤذيك.
تلك الكلمات كانت كل ما يحتاجه ليشعر بالقوة والشجاعة.
مشى خلفها بهدوء، وعيناه تراقب كل حركة تقوم بها.
عندما خرجا إلى الفناء الخارجي، كان إيثان يتنفس بعمق. كانت الأضواء الناعمة من القمر تنير كل شيء حولهم.
شعر كأن العالم حوله قد تغير بين لحظة وأخرى.
إيثان: (بتعبير مذهول) جميل جدًا…
نظر إليها وهو يحاول استيعاب المنظر أمامه.
كانت إيلينا ممسكة يده بحذر، وكأنها تطمئنه على كل شيء من حوله.
ثم سارت به في الحديقة الصغيرة التي كانت مزينة بالورود الجميلة.
كان الهواء العليل يلفح وجوههم، ورائحة الزهور العطرة تملأ المكان.
توقفت إيلينا وأشارت إلى وردة كانت على مقربة.
إيلينا: (بابتسامة هادئة، وعينيها مليئة بالدفء) هل ترى تلك الوردة؟
أخذ إيثان وردة بين يديه، نظر إليها للحظة كما لو أنها شيء غريب عليه، ثم بدأ يشم رائحتها.
شعر بشيء غريب يملأ صدره، كأن هذه اللحظة تعني أكثر بكثير من مجرد زهرة.
إيثان: (ابتسامة عميقة تظهر على وجهه) إنها جميلة جدًا…
لكن بينما كان ينظر إلى الوردة، وجد نفسه يحدق فيها بطريقة مختلفة.
كانت بتلاتها وردية ناعمة، تحمل لونًا يشبه لون شعر إيلينا تمامًا، ورائحتها كانت نقية ومنعشة، تمامًا مثل الطريقة التي يشعر بها عندما تكون إيلينا بجواره.
كانت إيلينا تراقب إيثان للحظة، وعينيها مليئة بالتفكير. لم تستطع إلا أن تلاحظ كيف تغير منذ آخر مرة رأته فيها.
كان يبدو مختلفًا، أكثر نضجًا، وأكثر وضوحًا.
شعره الأسود الداكن كان ينسدل بتسريحة فوضوية قليلاً، لكن هذا ما جعله يبدو أكثر جاذبية.
عيناه البنفسجيتان اللتان كانت تشعان بلمعة غامضة، كانت تبرز بشكل لافت تحت ضوء القمر.
لم تكن تلك العيون المرهقة التي رأتها قبل شهرين، بل عيون مليئة بالحياة والأمل.
(تبتسم بخفوت، تفكر في نفسها) كيف تغير في هذه الفترة القصيرة؟ كان قد نما جسده، وزادت قوته، واكتسب هالة من الجاذبية لم تكن موجودة في الماضي.
شعرت بشيء غريب في قلبها، وكأنها كانت تراه للمرة الأولى، رغم أنها كانت تعرفه لوقت طويل.
كان الجمال الذي بدا عليه الآن بعيدًا عن الشكل المألوف الذي اعتادت عليه، بل كان جمالًا قويًا، وعميقًا، وغامضًا.
“إنه حقًا جميل، أكثر مما تخيلت.” همست إيلينا في نفسها، وهي تحاول إخفاء الدفء الذي بدأ يملأ قلبها.
كانت تلك اللحظة مليئة بالتجدد، وكانت تعبيراته تحمل شيئًا جديدًا، ربما كان تعبيرًا عن القوة أو العزيمة، أو ربما كان تعبيرًا عن شيء آخر.
كل ما كان مؤكدًا هو أنه أصبح أكثر وسامة وجاذبية، بطريقة لم تكن تتوقعها.
نظر إليها للحظة، ثم ابتسم بإشراق، وكأنه توصل إلى فكرة مفاجئة.
مد يده نحوها، وأعطاها الوردة برفق.
إيثان: (بابتسامة مشرقة، وعينيه تلمعان بإعجاب صادق) هذه الوردة تشبهكِ.
تفاجأت إيلينا قليلًا، نظرت إلى الوردة بين يديه ثم إليه. للحظة، لم تستطع أن تتحدث.
كان هناك شيء في تعبيره، في الطريقة التي نظر بها إليها، جعل قلبها ينبض بسرعة دون أن تدري السبب.
إيلينا: (تشعر بالدفء، تأخذ الوردة برقة) أنا… شكرًا لك، إيثان.
كان المشهد بأكمله مليئًا بالهدوء والدفء، وكأن شيئًا غير مرئي يربط بينهما.
كان إيثان لا يزال يحدق بها بابتسامته النقية، وهو يشعر بسعادة لم يعهدها من قبل.
ثم توجه نظره إلى السماء، حيث القمر كان يتألق في الأفق.
تحركت مشاعره بسرعة، وتساءل في نفسه كيف يمكن لشيء كهذا أن يكون حقيقيًا.
إيثان: (بعينين مندهشتين، همسات تعبر عن إعجاب شديد) ما هذا؟
إيلينا: (تنظر إليه بحنو، وعينيها مليئتان بالطمأنينة) هذا هو القمر. تذكر عندما تحدثنا عنه؟
إيثان: (وهو يراقب القمر، صوته مليء بالإعجاب) نعم… أتذكر، لكنه أجمل بكثير مما تخيلته.
كانت تعبيراته مليئة بالدهشة، وعينيه لا تفارقان القمر كما لو كان يجد نفسه في عالم جديد.
ولم يكن هذا فقط، بل أيضًا الورود، والأشجار، وكل شيء من حوله كان يبدو مختلفًا، وكأن الحياة قد بدأت للتو أمامه.
أخذت إيلينا بيده بلطف، و ذهبو مسرعاً، وجذبته برفق ليجلس بجانبها على العشب الناعم.
فتحت السلة وأخرجت منها الطعام.
كانت أيديها تتحرك برفق وهي تنظم الأشياء، وكل حركة كانت مليئة بالهدوء والطمأنينة.
إيلينا: (وهي تضع الطعام أمامه، عينيها مليئة بالتعاطف) هذه مجرد البداية، إيثان. ما تراه ليس سوى جزء صغير من هذا العالم. هناك المزيد مما يمكنك أن تكتشفه.
نظر إليها إيثان بتمعن، وعينيه تتسعان بتفكير عميق. ابتسم ابتسامة هادئة، وعينيه تلمعان بحب وأمل.
إيثان: (بشكر عميق) شكرًا لكِ… شكرًا لأنك جعلتني أرى كل هذا .
كانت تلك الكلمات البسيطة كفيلة بأن تجعل قلب إيلينا يرفرف بالسعادة.
شعرت بشيء عميق في قلبها، شعور بالراحة والاطمئنان، كما لو كانت قد حققت شيئًا مهمًا.
شيئًا لن ينساه أبدًا.
ضجت السماء بصمت القمر، بينما كان إيثان يكتشف هذا العالم الجديد تحت عينيها، عالمًا لم يكن يعرف أنه موجود، وكان يشعر أن قلبه بدأ ينبض بطريقة جديدة.
ومع إيلينا إلى جانبه، بدا وكأنهم يسيرون معًا إلى مستقبل جديد، مستقبل لا يحمل الخوف، بل الأمل والفرص.
يتبع…..