الفصل التاسع
كانت الغرفة التي أُخبر تيريان من هانز أنه يمكنه البقاء فيها أكبر من البيت الذي كان يعيش فيه مع ستة أفراد من عائلته. بل إن الحمام ومكان تناول الطعام كانا منفصلين.
حتى في الطابق الأرضي، كانت هناك مساحات متنوعة لا يعرف وظيفتها.
أكمل تيريان استكشافًا سريعًا وقف أمام السرير الأبيض. كانت هذه المرة الأولى التي ينام فيها على سرير.
أم أنها المرة الثانية؟ عندما استيقظ، كان بالفعل على سرير، لكنه لم يكن مدركًا تمامًا أنه على سرير في تلك اللحظة.
سحب الغطاء السميك وتسلل تحته. تلاشى التوتر فجأة، وغمرته الراحة.
أغمض تيريان عينيه. شعر أنه يمكن أن يغفو في أي لحظة.
“قلبي يؤلمني كثيرًا…”
لكن صوتًا يتردد كالصدى جعل عينيه تنفتحان مرارًا. كلما أغمض عينيه، ظل وجه باكٍ يظهر باستمرار.
لماذا بكت؟
وما معنى أن يؤلم القلب؟
لم يشعر تيريان بألم في قلبه من قبل. كان الألم يحدث فقط عندما كان والده يرفع قبضته نحوه.
كان البكاء مشابهًا. إذا بكى، كان البكاء نفسه يسبب الألم. لذلك، كان عليه كبح البكاء والدموع. لم يكن من المفترض أن يسقطا قطرة قطرة هكذا.
قطرة، قطرة.
بينما كان يراقب تلك القطرات تسقط على الأرض، كان يعدها. لم يستطع العد إلا إلى عشرة، فعندما يصل إلى اثني عشر، كان يبدأ من واحد مجددًا، واحد، اثنان…
واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة…
“تيريان، هل لا زلت نائمًا؟”
فتح تيريان عينيه فجأة عند سماع صوت مفعم بالحيوية. كانت الغرفة مشرقة. لم يعرف متى نام أو كم من الوقت نام.
طق طق.
سمع صوت طرق على الباب. نهض تيريان بسرعة. عندما فتح الباب، كان ذلك الوجه المليء بالفضول يقف هناك.
“استيقظت!”
اليوم، كانت تبتسم. لماذا؟ لماذا تبتسم لي؟
“هل أنت جائع؟ ستقوم بيني بإحضار الطعام. تناول طعامك. يمكنك النوم أكثر. لدي دروس من الصباح، لذا سأعود بعد انتهائها. وهذا، كعكات من متجر مشهور. جربها، إنها لذيذة جدًا.”
أمسك بعلبة صغيرة بشكل مفاجئ وراقبها وهي تلوح بيدها. هل يجب أن يلوح بيده أيضًا؟ بينما كان يفكر، أصبح بمفرده مرة أخرى.
وقف تيريان يتفحص العلبة. لم يكن لديه أدنى فكرة عما هي الكعكات. فتح الغطاء المغلق.
أثارت رائحة حلوة أنفه. لم يستطع منع نفسه من إصدار صوت إعجاب.
رفع العلبة قرب وجهه واستنشق بعمق. كانت الرائحة الممتعة تجعله يشعر بالرضا. كانت رائحة جديدة، لكنه كان متأكدًا أنها شيء لذيذ.
لم يستطع مقاومة الإغراء، فأدخل يده بحذر وسحب واحدة. تناثرت فتات تشبه الرمل.
كانت الكعكة دائرية وصفراء، مزينة بشيء أحمر شفاف في المنتصف. وبينما كان يفتح فمه بنبضات قلب متسارعة، سمع صوتًا.
“يا.”
اقترب صبي أطول من تيريان بحوالي شبر، يحمل صينية. بدا أنها تحتوي على حساء وخبز، لكن اليوم كان هناك وعاء عريض مليء بأوراق خضراء. أعاد تيريان الكعكة إلى العلبة.
“لا أعرف لماذا أقوم بهذا العمل الوضيع. أنا منزعج، لذا خذها بسرعة.”
دفع الصبي الصينية نحوه. تردد تيريان للحظة، لا يريد وضع العلبة على الأرض.
عندها، مد الصبي رقبته وتفحص ما يحمله تيريان.
“هل هذه كعكات مدام شيل؟”
لم يستطع الإجابة على السؤال الذي طرحه الصبي بعيون مفتوحة على وسعها، لأنه لم يعرف من تكون مدام شيل.
“لماذا تملك هذه؟ لا يعقل! لقد سرقتها، أليس كذلك؟”
لم يكن تيريان يعرف ما هي الكعكات، لكنه كان يعرف جيدًا هذا النوع من الاتهامات الخبيثة. هز رأسه نافيًا، فأصدر الصبي، كما توقع، صوت استهزاء.
“لا تكذب!”
وضع الصبي الصينية على الأرض بقوة كأنه يرميها. أمسك تيريان العلبة بغريزة.
“أعطني إياها!”
“لا.”
“سأخبر السيد ريد!”
“افعل ما تشاء.”
“أيها الوغد!”
طارت قبضة نحوه. انحنى تيريان بسرعة، شعر بنسيم خفيف فوق رأسه. كانت لحظة حاسمة. هرب إلى داخل الغرفة، لكنه لم يستطع إغلاق الباب بسبب العلبة التي يحملها.
“أعطني إياها وأنا أتكلم بلطف.”
“إنها لي.”
اقترب الصبي وهو يلهث. حاول تيريان الابتعاد إلى الجانب الآخر من السرير، لكن ذلك كان عبثًا. كان الصبي أطول وأكبر حجمًا.
انحنى تيريان وهو يحتضن العلبة.
باك.
أصابت قبضة لم يستطع تفاديها خده بقوة.
شعر وكأن فمه يتمزق من الداخل. لكنه لم يستطع التخلي عن الكعكات. تشوهت العلبة في حضنه.
“لن تعطيني إياها؟ هل تريد المزيد من الضرب؟”
باك، باك.
تكور تيريان على نفسه وسقط على الأرض.
بدأ الصبي بركله. في العادة، لم يكن هذا المستوى من الضرب ليؤلمه، لكن آثار السقوط في الماء كانت لا تزال قوية.
في لحظة، أفلت العلبة. انتزعها الصبي بسرعة.
“إذا تم القبض عليك وأنت تسرق مرة أخرى، لن ينتهي الأمر بهذه السهولة.”
هدد الصبي وهو يلوح بقبضته في الهواء. عرف تيريان أن الصراخ لن يجدي، لكنه صرخ نحوه.
“أعدها!”
لكن الصبي، كما لو أنه لم يسمع شيئًا، خرج بهدوء. مسح تيريان فمه بكمه. كره رؤية اللون الأحمر على ملابسه النظيفة.
نظر حوله. لاحظ الصينية في الممر. بجانب الوعاء، كان هناك شوكة صغيرة.
لن تقتل تلك الشوكة الصغيرة أحدًا، لكنها كافية لتخويف صبي مثله. نزل تيريان الدرج راكضًا. كان الصبي بالفعل عند باب المدخل في الطابق الأرضي.
“قف هناك.”
استدار الصبي وسخر.
“واو، أنا خائف جدًا! أأقف أم لا؟”
أمسك تيريان الشوكة بقوة.
“هل ستطعنني بهذا؟ هيا، جرب!”
خرج اللص الحقيقي من الجناح الملحق وهو يسخر من تيريان. داس تيريان بقدمه بكل قوته.
لم يكن بإمكانه أن يترك أول شيء أُعطي له يُسلب هكذا.
* * *
فوجئت كلوني. ركضت إلى الحديقة دون أن تطلب إذنًا من كيريل. نادت تيريان عدة مرات، لكن لم يكن هناك رد. بدلاً من ذلك، سمعت صوت لوسن، ابن هيلين، يتردد بشكل خافت. كان مصدر الصوت من الفناء الخلفي.
“تيريان! لوسن!”
كان الطفلان في مواجهة. كان تيريان يحمل شوكة صغيرة ويقترب من لوسن، الذي كان محاصرًا بأشجار الزينة الكثيفة، يحمل علبة الكعكات كدرع.
“تيريان! ما الذي تملكه في يدك…! ضعه على الأرض الآن! إنه خطير!”
لكن تيريان بدا وكأنه لا يسمع شيئًا، يحدق فقط في لوسن.
“إنه، إنه سرق هذا!”
شرح لوسن بعجلة. عندها فقط فهمت كلوني سبب هذه الفوضى. حاولت تهدئة تيريان بهدوء.
“تيريان، يبدو أن لوسن أساء الفهم. سأعتذر نيابة عنه. لدينا المزيد من الكعكات. سأعطيك ما تريد، لذا ضع الشوكة الآن، حسنًا؟”
لكن تيريان لم يتحرك على الإطلاق. بوجه مخيف لا يليق بطفل، وبنظرات ثابتة على هدفه، بدا كحيوان مفترس يواجه فريسته.
اقتربت كلوني من تيريان ببطء. كان عليها أولاً أن تأخذ الشوكة من يده الصغيرة.
“انـ، انسة ، كلوني…”
“تيريان، هنا. ضع الشوكة وتعال إليّ.”
“…”
نظر لوسن، الخائف، بين تيريان وكلوني. في تلك اللحظة، سمعت خطوات شخص ما.
شعرت بالعجلة فجأة. لم يكن من الجيد أن يرى أحد هذا الجانب العنيف من تيريان. كان عليها أن تأخذ الشوكة بسرعة.
عدت كلوني ثلاثة في ذهنها.
واحد، اثنان، ثلاثة―
“ضعها الآن!”
اندفعت نحو تيريان، تعانقه بقوة وتصرخ.
قاوم الطفل وهو يصر على أسنانه، يلوح بذراعيه كأن الشخص الذي يقيده لا يعنيه شيئًا. أصدرت الشوكة في يده صوتًا حادًا وهي تقطع الهواء.
“آه!”
حدث الحادث في لحظة. ظهر جرح طويل على ظهر يد كلوني اليمنى، من بداية السبابة إلى المعصم. بدأت قطرات حمراء تتشكل، ثم تدفقت على بشرتها البيضاء.
أسقط تيريان الشوكة مذهولاً برؤية الدم.
“آه، آه…”
“لا بأس، تيريان. اهدأ.”
همست كلوني بهدوء وهي تحتضن الطفل. لكنه، كما لو أنه لم يسمع شيئًا، قاوم بقوة أكبر.
أمسكت كلوني يديه بقوة لتثبته. اتسع الجرح، وتساقط الدم الأحمر على ذراعها قطرة قطرة.
أصبح وجه تيريان شاحبًا كما لو أنه رأى شبحًا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات