“لم يكن هناك وقتٌ لذلك. لو انتظرتكَ، ولو غيرت تلك المرأة رأيها، ستتعقد الأمور أكثر. وإذا لاحظ فيليون، فلا مجال للحديث. كان من الأفضل أن نسرع الأمر قدر الإمكان.”
“كان ينبغي أن تفعلها بشكلٍ صحيحٍ إذًا!”
“أنا قد فعلتها بشكلٍ صحيح! ألا تثقين بي الآن؟”
“لا أستطيع أن أثق بك! الطفل لم يستيقظ منذ خمسة أيام!”
حينها أغلق الرجل العجوز فمه.
حتى عندما كان الرجل في حالة ذهول كان يصرّ على الاعتراض بثبات، لكن يبدو أنه لم يعد لديه ما يقول.
أخيرًا هدأت الأجواء. شعر الرجل بالرضا. وفي تلكَ اللحظة، بينما كان يغمض ويرفع جفنيه قليلًا بلا وعيّ.
كان الرجل العجوز والمرأة قريبين منه بين الكثيرين، وكانا الأكثر توترًا في وجههما.
“هل استعدتَ وعيّك؟ كيف حال جسدك؟”
“هل تشعر بأيِّ ألم؟ ماذا عن رأسك؟ آه، ليس هذا فقط، ما عن قوتكَ السحرية…؟”
مد الرجل العجوز يده السميكة نحوه، ولكنه ردّ عليها ببرودٍ وصدّها.
كانت ردّة فعلٍّ تلقائية.
بصوتٍ حاد كصوت قَطع، حدّق الجميع في الغرفة به.
“آه، هذا…”
شعر بالحرج.
‘لماذا أنا هكذا؟’
وفي نفس الوقت خطر له تفكيرٌ آخر.
‘لماذا لا ينبغي أن أفعل ذلك؟ شخصٌ غريب يحاول لمسي، من الطبيعي أن أدفعه بعيدًا. لكني أشعر أنه لا بأس. لأن هذا الشخص هو…’
‘هو… من أنا؟’
“لا أعرف…”
شعر وكأن ذهنه أصبح أبيض ناصعًا.
وفي لحظةٍ وضع يده على جبينه بسبب صداعٍ غامض، تحركت يد الرجل العجوز مجددًا.
أمسك بمعصم الرجل العجوز، لكنه كان قد فات الأوان. وصلت يد الرجل العجوز الكبيرة والسميكة إلى منطقة القلب في النهاية.
“انتظر، ما هذا…!”
“لا شيء. نظيف.”
“والقوة السحرية؟”
“طبيعية. الآن بالكاد موجودة، لكنها ستتراكم تدريجيًا في المستقبل.”
اندلع هتافٌ في المحيط إثر كلام الرجل العجوز.
كان هناك من أمسكوا أيدي بعضهم البعض بقوة. يا لها من فرحة! بدأ الضجيج يعود من جديد.
سمع كلمةٍ تتكرر بشكل خاص وسط هذا الصخب.
“…فيليون؟”
“نعم، اسمك فيليون. فيليون إلفيرت.”
اقتربت المرأة التي كانت واقفةً بجانب الرجل العجوز وابتسمت.
“أنا أمك.”
كانت عيناها مبللتين بالدموع عندما قالت ذلك.
***
كانت حياة فيليون إلفيرت مستقرة.
كانت ملابسه دائمًا نظيفة، والطعام لم يكن ينقصه شيء. السكن الفاخر والجميل كان يبعث على الرضا بمجرد النظر إليه، وكان الخدم يرافقونه أينما ذهب.
وكانت العائلة دائمًا لطيفة.
الأم، الجد من جهة الأم، الخالة الكبرى وزوجها، الخال من جهة الأم، الخال الثاني، الخالو الصغرى، والأبناء، وجدّه الأصغر وأقاربه… باختصار، التقى بكلهم وتعرّف عليهم.
لكن لم يذكر في ذهنه شيء.
حاول حفظ أسماء العائلة على مدى أيام، لكنه لم يتذكر أحدًا منهم. لم يشعر حتى بشيءٍ مألوف.
‘هل هؤلاء حقًا عائلتي؟’
بدأ الشك في عقل فيليون إلفيرت فعليًا في اليوم الرابع بعد استيقاظه.
رغم أن العديد من أفراد العائلة كان لديهم نفس عينيه البنفسجيتين وكانوا يشبهونه، لكنه يمكن أن يشبه أحدهم حتى بدون أن يكونوا أقارب.
‘…لأصل إلى هذه الأفكار، يبدو أن فيليون إلفيرت شخصيةٌ معقدةٌ جدًا.’
بدأ يتجول وحيدًا في الليل بسبب ذلك.
تجنب أعين الخدم، وتنقل سرًا في أماكن مختلفة.
وفي أحد الأيام، شاهد شيئًا بالصدفة.
“إذًا، لم تجدها…؟”
رأى الكونت ديلاريك في مكتبه يتحدث وحده مع رجل بدون خدم.
“أعتذر، سيدي الكونت.”
عند التدقيق، كان شخصًا قابله من قبل. قدّمه له أحدهم كمساعدٍ للكونت.
اسمه كان هيميل.
“لقد مضى أسبوعٌ فقط على اختفائها. ليس من الممكن أن يكون الأمير غائبًا تمامًا من هذه المنطقة. لا يمكن أن تكون بعيدةً جدًا.”
“ليست موجودةً بالتأكيد في المدينة. ربما تختبئ في الجبال.”
“هل عدت إلى المكان الذي أخذتهم إليه في البداية؟ قد تكون فقط غادرت لفترةٍ قصيرة.”
“لقد زرتُ المكان سابقًا أيضًا، ولم أجد أيِّ أثر.”
بينما كان الكونت يداعب ذقنه في صمت، فتح هيميل فمه فجأة.
“لن تعود.”
“…..”
“من الواضح أنها غادر بمحض إرادتها. لأنها لم تترك لي أي رسالة، أظن أنها لا تريد دعمك، سيدي الكونت.”
“..…”
“أريد أن أحترم قرارها. أرجوك لا تبحث عنها.”
ثم أجاب الكونت:
“سنفعل ذلك.”
“شكرًا لك!”
“حسنًا، يجب أن نستعد للذهاب إلى هناك. هل أعطيته الموقع بدقة؟”
أومأ هيميل برأسه. كان يتساءل عن معنى ‘هناك’، وحاول التركيز، لكنه لم يسمع أي تفاصيل عن الموقع، فقط كيف سمع به.
بعد ذلك، أعطى الكونت له كومةً من المال وقال شكرًا على ما بذله من جهد، وأبلغه بأنه سيتلقى المزيد لاحقًا أثناء ذهابه إلى هناك.
راقب فيليون بصمت ظِل هيميل وهو يغادر مكتب الكونت في الظلام.
لم يكن يعرف ما يجري بالضبط.
‘يبدو أنه شيءٌ غير نظيف.’
كانت هناك أمورٌ مشبوهةٌ أخرى أيضًا.
حدث ذلك بعد أيامٍ قليلة من مشاهدته لتلك الصفقة المالية المريبة.
في ليلةٍ كان على وشك الدخول إلى مكان الخدم بعد أن أنهى كل شيء في القصر، رأى فيليون مجموعةً من الخدم مجتمعين.
كانوا يدردشون بخفة، ثم قال أحدهم:
“بالمناسبة جيس، لقد قال الخادم ألا تبقى بجانب السيد غدًا وأن تقوم بأعمالٍّ أخرى.”
“لماذا؟”
“لأنكَ تستمر في التحدث عن الماضي للسيد.”
“أنا… لم أقصد ذلك…”
“لا يجب أن تثير ذكريات السيد القديمة. إذا تذكّر ‘تلك المرأة’ فجأةً وقرر أن يغادر، فلن يكون جيدًا.”
خفض جيس رأسه محبطًا. بدا ذلك مثيرًا للشفقة، فربت عليه خادمٌ آخر على كتفه.
“أعتقد أن القلق مبالغٌ فيه. السيد لا يتذكر شيئًا الآن. كيف يمكن أن يتذكر إذا ذكرنا نحن المزيد؟ مستحيل.”
استمر الحديث، لكن لم يكن هناك شيءٌ مهم.
لكن فيليون ظل مرتبكًا طوال عودته إلى غرفته.
‘من تكون تلك المرأة التي لا يجب أن أتذكرها؟’
‘يبدو أنها نفس المرأة التي كان جدي يحاول العثور عليها.’
قرر فيليون جمع أدلة عن ‘تلك المرأة’.
لم يكن ذلك بناءً على إحساسٍ خاص. لم تكن ذاكرته قد عادت بعد.
لكن تصرف الخادم أثار اهتمامه. إذا قال إنه لا يستطيع، فلابد أن يذكرها. هكذا تقبل فيليون طبعه المعقد.
المشكلة أن بعد ذلك اليوم، لم يسمع شيئًا عن ‘تلك المرأة’ إطلاقًا.
زار سكن الخدم عدة مرات، وتجوّل في المكتبة، وحتى غرف الأقارب، لكنه لم يسمع أي شيء عنها.
لم يُكشف أمر تجوال فيليون الليلي.
يبدو أنهم تعاهدوا على عدم ذكر الموضوع مجددًا.
حتى عندما سألهم بشكل غير مباشر عدة مرات.
“كيف وجدتموني؟ عندما وجدتموني، كنتم تقولون إنني فقدت الذاكرة. ألم يكن هناك أحدٌ يصطحبني؟”
“…..”
“مثل زملاء أو شيءٌ من هذا القبيل…”
كان ردهم حاسمًا.
“عندما وجدناك، كنتَ وحيدًا. كنتَ محظوظًا.”
شعر فيليون بالإحباط.
ازدادت شكوكه: ‘هل هذه العائلة كلها متواطئةٌ لخداعي؟’
لذا قرر مغادرة القصر.
اخفى المال الذي حصل عليه بإقناع جيس، وارتدى معطفًا ثقيلاً.
وعندما وضع قدمه على إطار النافذة.
“هاه؟”
كان هناك حاجزٌ ضوئي غريب يغلق النافذة.
ركله بقدمه، وضربه بقبضته، لكنه لم يختفِ. لم يكن موجودًا حتى البارحة.
في اللحظة التي بدأ فيها يزداد الحقد تجاه العائلة.
“فيليون!”
فتح الكونت ديلاريك الباب ودخل مسرعًا.
حلت أجواءٌ محرجة في الغرفة على الفور. تبادل الرجلان نظراتٍ متوترة لفترة.
“ما الأمر؟”
“لقد دقّ سحر الحماية…”
قال الكونت وهو يزجر حاجبيه بشدة.
“هل كنت تحاول الهروب عبر النافذة؟”
ظن أن هناك دخيلًا دخل من الخارج وجاء مسرعًا إلى هنا.
كان قد ثبت سحر الحماية هذا الصباح بسبب تقارير عن تحركات سرية في الليل من قبل الخدم.
لكن حفيده الذي كان يحميه يُحاول القفز من النافذة؟
“افتح النافذة. سأغادر.”
“ماذا؟”
“لا أريد البقاء هنا.”
شرح فيليون برقةٍ سبب قراره.
“أنتم تخفون عني شيئًا.”
“انتظر، فيليون. اهدأ. لماذا فكرت بهذا؟”
“اتركني الآن. لا أريد شجارًا.”
على الرغم من امتنانه لمن اعتنى به لعدة أيام، أراد الرحيل بهدوء دون شجار.
لم يكن متأكدًا من قدرته على الفوز في شجار، لكن لديه ثقةٌ أنه يستطيع الفكاك والرحيل.
يبدو أن الكونت ديلاريك يشارك هذا الشعور. كانت عيناه ترتجفان من القلق.
لكن ذلك لم يدم طويلًا.
“فيليون، حتى لو غادرت، لن تسمع كل الحقيقة التي تريدها.”
رفع فيليون حاجبًا واحدًا استهزاءً بكلامه.
“لا، عليك أن تقول العكس. عليك أن تبقى هنا لتسمع كل الحقيقة التي تريدها. هل ستغادر رغم ذلك؟”
“لأنك لا تفكر في قولها.”
“سأقولها. سأخبرك الحقيقة فقط. أعدك.”
“إذن تحدث عن تلك المرأة.”
سأله بسرعة دون إعطائه فرصةً للتفكير، لكن الكونت لم يبدو متفاجئًا.
“أظن أنها زميلةٌ اخضرتني إلى هنا، أليس كذلك؟”
“…نعم.”
ازداد هدوء تعبيره تدريجيًا. كما لو كان يتوقع هذا الموقف.
كان مستعدًا للرد.
انتظر فيليون كرمًا الكلام التالي من الكونت.
وبعد لحظة.
“لكنها تركت هذا المكان بمحض إرادتها. وقالت إنها لم تعد تنوي أخذك معها.”
نظر إليه الكونت بجدية وقال:
“هي قد تخلت عنك. هذه هي الحقيقة.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 71"