كانت تلك هي الأداة التي كنت أنوي بيعها في العالم السفلي لجمع المال اللازم للعيش في القارة الشرقية.
كنت أخطط لتخزين سحري في مكان خارجي، ثم امتصاصه لاحقًا لتقليل الفارق في كمية السحر بيني وبين فيليون.
لكن أثناء عملية التخزين كان التسرب شديدًا، فلم أتمكن من إكمالها في النهاية.
“لكن في غيابي، فيليون أنهى هذا البحث.”
لم يكتفِ بتخزين السحر كما هو، بل استطاع امتصاصه بالكامل أيضًا. بل وجعلها قادرةً على تخزين الذكريات بدلًا مِن السحر.
وأنا شاهدتُ ذلك من خلال أوهام ذكرياته.
بفضل ذلك، أدركت ما كان ينقص بحثي. وأثناء مجيئي من الجنوب إلى هذا القصر الريفي برفقة العربة الملكية للأمير الثاني، كان لدي الوقتٌ لإعادة النظر فيها وإصلاحها.
كما أن الأمير الثاني، بعد أن سمع اقتراحي، أحضر لي جميع المواد اللازمة.
“بهذا يمكننا إنقاذ جلالة الإمبراطور.”
“وكيف ذلك؟”
قال ولي العهد بوجهٍ متجهم وكأنه لا يصدق.
بدأت أشرح له ببطء ما جرى في الكهف.
“… وحارس البوابة الذي التقيته هناك كان فيل. ذلك الطفل عاش أطول بكثيرٍ من أيّ هومونكولوس عادي.”
من المعروف أن العمر الأقصى للهومونكولوس هو شهرٌ واحد.
لكن في كتاب رأيته في قصر فيليون كان مكتوبًا أنه يمكنهم العيش حتى نصف عام إذا كانت هناك قيودٌ سحرية خاصة.
أما فيل فقد عاش أكثر من عام.
“ربما كان ذلك بفضل هذه الأداة السحرية.”
ثم التفتُّ إلى فيليون الواقف خارج غرفة النوم.
“أليس كذلك؟”
“… نعم.”
“وما معنى ذلك؟ ماذا في هذه الأداة السحرية؟”
شرحت لولي العهد ما أعرفه عن الهومونكولوس.
“بمعنى آخر، قدرة فيل على البقاء حيًّا كل هذه المدة كانت نتيجة التفاعل الجيد بين القيود السحرية وبين السحر المخزن في هذه الأداة.”
بعبارة بسيطة، هذه الأداة جعلت القيود السحرية تعمل بفعالية أكبر على جسد الهومونكولوس.
“على ما يبدو أن أداتي هذه مناسبةٌ جدًا للهومونكولوس. لم أتوقع عند صنعها أنها ستُستخدم بهذه الطريقة.”
“إذًا؟ ماذا تريدين أن تقولي…؟”
فجأةً اتسعت عينا ولي العهد وصرخ.
“أتقصدين أنكِ تريدين تحويل جلالة الإمبراطور إلى هومونكولوس؟!”
“سوف أستعير فقط طريقة الحفاظ على الحياة من هناك وأطبقها. أما كيف…”
“على أيّ حال، أنتِ تتحدثين عن أسلوبٍ يُستخدم على أجسادٍ وضيعة!”
آه، إذًا هذه مشكلته.
“أتجرئين على جلالته؟!”
“وهل ستتركه هَكذا ليموت إذًا؟”
عندها صمت ولي العهد.
وأكملتُ شرحي.
“جسد جلالة الإمبراطور الآن لا يختلف عن جثة.”
قبل قليل فحصتُ جسده، كان كجذع شجرة ميتة. أسود اللون، لا نبض فيه، متصلب لدرجة أنه لا يمكن قرصه.
حتى إنك لو وخزته فلن يخرج منه قطرة دمٍ، كما قال الأمير الثاني.
“لقد رأيتُ لعنةً مشابهةً من قبل.”
في كتاب تاريخٍ قديم وجدته صدفةً في أعماق مكتبة البرج السحري، قرأتُ عن لعنةٍ قديمة كانت تُستخدم لمعاقبة السحرة المجرمين.
“كان مفعولها إزالة السحر بالكامل من الجسد.”
بمعنى آخر، جسد الإمبراطور الآن خالٍ تمامًا مِن أيِّ أثرٍ للسحر، كدميةٍ لا حياة فيها.
لذلك يمكن لسحري أن يدخل ذلك الجسد.
ومن خلال الأداة السحرية، يُمكننا تطبيق تعويذة الحفاظ على الحياة نفسها التي تُستخدم للهومونكولوس.
“سنزرع الأداة في ظاهر يده فقط. وستكون الأداة بمثابة علامة إرشاد تتيح للقيود السحرية ‘الحفاظ على الحياة في هذه المنطقة’ أن تُطبَّق على جسده.”
“……”
“لن نمس الرأس أو القلب. ويمكنكم إحضار سحرة البلاط لمراقبتي إن أردتم، بل سأحتاج مساعدتهم.”
صحيح أن هذه الطريقة لم تُجرَّب من قبل أبدًا، لكن لدي إحساسٌ قوي بأنها ستنجح.
وعندما يتعلق الأمر بالبحث في السحر، لا يوجد ما هو أهم من الحدس.
“أنا لا أقول ذلك من أجل حياتي، لكن هذه الطريقة أسرع بكثيرٍ من ما يقترحه سحرة فولكس.”
“…..”
“هم أيضًا لم يكملوا بحثهم بعد، أليس كذلك؟ وإذا جربوا تجاربهم حتى أموت، فسيكون الأمر كارثيًا عليكم.”
عندها قطّب فيليون حاجبيه بغضبٍ وكأنه لا يريد سماع هذا الكلام.
حسنًا، فهمت، فأنا أيضًا لا أنوي أن أموت بهدوء.
“… وكم سيعيش جلالته أكثر بعد ذلك؟”
“علينا أن نراقب حالته. لكن على الأرجح سيصمد فترةً طويلة. لولا انهيار الكهف، لكان فيل عاش أكثر بكثير.”
ألقيت نظرةً على فيليون وكأنني أطلب تأكيدًا، فأومأ ببطء.
لكن ولي العهد ظل يحدق بريبة.
“حسنًا. سنجرب.”
تنهد طويل ثم وافق على الاقتراح.
“لكن، كما قلتِ، سحرة البلاط سيعملون معكِ. ستخبرينهم بكل شيء عن أداتك السحرية وعن القيود السحرية تلك.”
“حسنًا.”
“وإن فشلت محاولتكِ…”
“آه، بشأن هذا!”
تدخل الأمير الثاني في تلك اللحظة.
“سأكون أنا رهينةً لدى السيدة رايلي، أخي.”
“… ماذا؟”
“ألا تعتقد أنهم بحاجةٍ لشيءٍ يطمئنهم؟ بوجودي، يمكنهم التركيز على البحث بلا قلق.”
كان ولي العهد ينظر وكأنه لم يفهم ما سمعه، لكن راول واصل كلامه.
“وفكرت الآن أنه من الأفضل أيضًا أن نسلّم جميع رجالك كرهائن. في مثل هذه الأمور، الثقة مهمة، أليس كذلك؟”
وفي النهاية أخرج ظهر يده.
“لقد تركت إيريون للتو لعنةً هنا. لا أحد غيرها يستطيع فكها.”
“ماذا تقول؟! أيُّ لعنة؟!”
أجابت إيريون بهدوء.
“لن أقول.”
“أيُّها المجانين…!”
“إنه من أجل إنقاذ والدي، يا أخي.”
نظر راول إلى ولي العهد بوجه خالٍ من الابتسامة.
“أما زلت لا تدرك أننا في موقفٍ يجعلنا نرجو؟”
عضّ ولي العهد شفتيه عدة مرات، ثم أطلق تنهيدةً أخرى.
“… أيقظوا هاربر. واخبروه أن يحضر سحرة البلاط.”
“آه، هاربر لا.”
“إذًا أيقظوا إدوين!”
لم أكن أعرف من يقصد، فنظرت إلى راول، فتوجه إلى الخادم العجوز الملقى بجوار السرير وهزه حتى استيقظ.
كان إدوين رجلًا هادئًا جدًا، فلم يُبدِ أيّ اندهاش لرؤيتنا في غرفة نوم الإمبراطور، بل استمع إلى كلام راول بصمت.
“أحضِرهم سرًا دون أن تعلم عائلاتهم، ودون حرس أو فرسان.”
“أمرٌ مفهوم، سمو الأمير راول.”
تبِعنا إدوين خارج غرفة الإمبراطور.
ومن خلف الباب المغلق، كان صوت ولي العهد يصرخ على راول، غاضبًا من تصرفه.
“هل نساعده؟”
“لا بأس. على الأرجح هو يسمع مِن أذن ويخرج الكلام من الأخرى.”
“… لديه مهارةٌ مريحة.”
“ربما لأن جلالته كان كثير الثرثرة، فأصبحت عادة. المشكلة أنه أصبح يفعل ذلك في الدروس أيضًا.”
ابتسمت إيريون وهي تمسك بذراعي.
“لا تقلقي. لن يحدث شيءٌ سيئ. دعينا نذهب إلى الجناح ونستريح، أنتِ ومُعلمي أيضًا.”
فاتّبعتُ إيريون.
حتى قبل أن أنام تلك الليلة، لم ينطق فيليون بكلمة.
***
وصل خمسةٌ من سحرة البلاط إلى القصر بعد أن أنهوا تنظيف الحديقة.
ولحسن الحظ، لم يبدوا أيَّ شكوك أو انتقاداتٍ حادة على نظريتي، بل أبدوا الحماس فقط.
“أوه؟ كيف يمكن لأداةٍ كهذه…؟”
“في الحقيقة أنا من صنعتها.”
“أنتِ من صنعتِ هذا؟! كيف؟”
كان الأمر محرجًا جدًا أن أقولها، لكنني لم أستطع أن أفرح بصفاء، فقد خُدعت سابقًا بظاهر الود من رجال ولي العهد الأكبر وتعرضت لطعنة في الظهر.
‘لكن على الأقل لدي إيريون الآن.’
ويبدو أن إيريون كانت تعرف بعض سحرة البلاط، فبادلهم التحية بود.
هذا جعل النقاش أقل إحراجًا وسرع من الوقت. لكن…
“أين اختفى فيليون؟”
حتى البارحة، كان يبدو أنه لن يبتعد عني، لكنه منذ الصباح لم يظهر أبدًا.
‘ربما لأنه لا يريد أن يتعرف عليه سحرة البلاط.’
وبينما كنتُ أغادر قاعة الاجتماع، فوجئت به واقفًا عند النافذة يراقب الباب.
سألته بحذر:
“أين كنت؟”
“أحبستُ هاربر ورجاله.”
“… كان الأمر صعبًا، أليس كذلك؟”
“ليس كثيرًا. الأمير الثاني قال لهم إنه من أجل الإمبراطور، فدخلوا. أما باقي الفرسان فقد قبلوا بسهولة أن يبقى الحد الأدنى من الحراسة.”
“آه، فهمت…”
ساد الصمت.
وفجأة قال بلهجة جافة.
“إذا لم يفتح الإمبراطور عينيه، سيغيّر ولي العهد موقفه فورًا.”
ثم نظر إلي وكأنه يسأل: ماذا ستفعلين حينها؟
“… وقتها سأعتمد على مساعدتك.”
“ماذا؟”
اقتربت منه وابتسمتُ مازحة.
“خذني أنا وإيريون واهرب بنا. تستطيع، أليس كذلك؟”
“ظننت أنكِ بدأتِ كل هذا بثقة…”
“أثقُ بكَ أنتَ.”
لكن هذا لا يعني أني سأعتمد عليه كليًا، فأنا وإيريون قادرتان على حماية أنفسنا.
الخطة إن فشل كل شيء هي الهرب. ولا توجد خطةٌ أخرى، خاصة وأن ولي العهد ليس شخصًا يمكن التفاهم معه بسهولة.
“لكن، إذا كان بالإمكان حل الأمر دون أن يموت أحد، فيجب أن نحاول.”
تأملني فيليون بتعبيرٍ معقد، ثم قال:
“سأقتل الإمبراطور أيضًا.”
“… سنرى وقتها.”
ويبدو أنه اعتبر ذلك إذنًا، فارتخت ملامحه قليلًا.
ثم بدأ يجيب عن أسئلتي حول كيفية صنع فيل، وكيفية استخدام القيود السحرية.
وفي الليل، لم ينم بل بقي يحرس الممرات.
حتى أننا وضعنا جدولًا للتناوب، لكنه لم يوقظني أنا أو إيريون حتى الفجر.
خرجتُ مرةً في الصباح، فقال لي بصرامة
“اذهبي للنوم، غدًا لديكِ عمل.”
ذكّرني ذلك بأيام هروبنا معًا.
جربت أن آمره: “نم!”، لكنه لم يستجب، بل اكتفى بابتسامةٍ ساخرة.
“إذًا عليّ إنهاء هذا بأسرع وقت.”
بذلت كل جهدي في البحث، وصنعتُ أداةً جديدة تناسب الإمبراطور تمامًا.
كما دوّنت ما أخبرني به فيليون وأعطيتُه لسحرة البلاط، وفرضنا قيودًا سحرية على القصر.
وأخيرًا، حين وضعتُ الأداة في يد الإمبراطور…
“جلالتكَ؟”
انفتحت جفونه ببطء كما لو كان يستيقظ من النوم.
“كم مضى عليّ وأنا فاقدٌ الوعيّ؟”
“جلالتكَ!”
كانت حالة الإمبراطور أفضل بكثيرٍ مِما توقعت. ذاكرته سليمة، ولا صداع أو أعراض أخرى.
وفهم فورًا ما كان ينوي ولي العهد فعله بي.
“أيّها الأحمق!”
بوووم! صفع الإمبراطور ولي العهد على خده.
رائع…
لم يكن الصوت ‘صفعةً’ بل ‘ضربةً’، ربما لأن جسده صار صلبًا كالجسد غير الحي.
صرخ الإمبراطور غاضبًا.
“متى طلبتُ منك أن تمنحني الخلود؟!”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات