لكن يبدو أنَّ إجابتي لم تَرُق لها، إذ سرعان ما عادت زاويتا شفتيها إلى الاستقامة. أخذت تتأمّلني بنظراتها، من قمة رأسي حتّى يدي الموضوعة برفقٍ على أدوات المائدة.
لكن خاتمة رسائله كانت دائمًا واحدة. وكنتُ كلّما وصلتني رسالةٌ منه، أعيد قراءتها مرّتين، خشية أنْ يكون قد تغيّر شعوره أو أنّه أدرك شيئًا، ثمّ أضعها في درج مكتبي.
‘أودّ استدعاء إستيل قبل مغادرة جميع المصمّمين.’
لَمْ تتمكّن إستلمت من زيارة القصر طوال الفترة الماضية.
بسبب ازدياد عدد الزوّار الذين جاؤوا لترك بصمتهم بعد انتشار خبر الزواج، لم يكُن لدينا خيارٌ سوى حماية إستيل.
فبعض الزوّار كانوا يطمحون لاحتلال المكان بجانب ثيو.
ولم تكُن التهديدات الصادرة عن أولئكً الذين يظنون أنْ إستيل ستتزوّج ثيو أقلّ خطورةً أيضًا.
رغم أنّني كنتُ أرى شحوب ثيو يزداد يومًا بعد يوم، إلّا أنّه لم يكُن باليد حيلة.
في المقابل، كانت تصل رسائلٌ يوميّة مِن إستيل، وكانت رسائلها إليّ على الأغلب بهذا الشكل:
[أفتقدكِ كثيرًا يا أختي، لكنني سأتحمّل وأنتظر! مع ذَلك، أنتِ تعلمين كم أحبُّكِ، أليس كذلك؟]
بقية الرسائل كانت مفعمةً بالتهاني، ومليئةً بالذكريات الجميلة.
كنتُ أضحك لا إراديًا أثناء قراءتها، لدرجة أنْ البعض كان يظنّ أنّها رسائل مِن داميان.
كنتُ أكتفي بهزّ رأسي بهدوء وأسلّم الرسائل إلى ثيو.
وفي ليالي نادرة خالية مِن الزيارات، كنتُ أعود إلى قراءة دفتر المذكرات مرارًا وتكرارًا.
الغريب أنّه منذ إرسال البعثة، لم تُسجَّل فيه أيُّ كلمة، ولم تبقَ فيه سوى صفحاتٌ بيضاء.
لذا بدأتُ بتلخيص الأجزاء المفيدة مِن المذكرات، وحرصتُ على حفظها عن ظهر قلب، لدرجة أنني صرت أستطيع تذكّرها دوّن الحاجة للدفتر.
‘فقد أضطرّ للتخلّص منه في أيِّ لحظة.’
كان هناك ثلاثة اختلافات بين المذكرات والرواية:
ندبة إستيل، ترتيب حادثة التسميم، ومرحلة استيقاظ إستيل كقدّيسة.
الاختلافان الأخيران مِن الصعب التأكّد مِن صحّتهما حتى وقوعهما فعلًا.
حتى لو سارت الأمور حسب المذكرات أو الرواية، فقد تختلف الآن لأنني لستُ روزالين الحقيقية.
لكن موضوع الندبة مختلف.
لابدّ مِن استدعاء إستيل قبل الزفاف والتأكّد مِن الأمر.
وبينما كنتُ أفكّر في طريقة لفعل ذِلك، أتى الحظ مِن تلقاء نفسه: قبل الزفاف بأربعة أيام، أعلنت دوقية ريتيا عن إقامة حفلٍ راقص خيري.
كان مِن الأحداث الكبيرة التي سيحضرها والدي، وسيحضرها أيضًا جميع ضيوفنا.
أما أنا، فيُمكنني رفض الدعوة بحجّة التحضيرات للزفاف. إنها فرصةٌ لا تُفوَّت.
فورًا قرّرتُ كتابة رسالة إلى إستيل، لكن قبل أنْ أبدأ، طرق أحدهم باب غرفتي.
“وصلت رسالةٌ مِن القصر الإمبراطوري.”
وكان صاحب الرسالة هو داميان.
احتوت رسالته على اعتذارٍ لتأخّره في لقائنا، وسؤال عمّا إذا كنتُ أستطيع مقابلتهُ اليوم، رغم المفاجأة.
توتّرتُ لا إراديًا، لكن لم يكُن بإمكاني إظهار الانزعاج.
سأؤجّل كتابة الرسالة الآن. وكتبتُ ردّي بالموافقة وسلّمتُه للخادم الملكيّ الذي أرسله داميان.
“مِن فضلك، سلّم هَذهِ الرسالة ردًا عليه.”
انحنى الخادم وخرج.
وبمُجرّد إغلاق الباب، خيّم الصمت على المكان.
‘… لا أريد.’
كتبتُ في ردّي أنني لا أرغب بلقائه في القصر الإمبراطوريّ ولا في قصر عائلتي.
لا أرغب في مواجهة الإمبراطور والإمبراطورة، ولا أريدُ أنْ يلتقي داميان بثيو في قصرنا.
‘يُمكنني أنْ أقول إنني أريد التجوّل في المدينة قبل أنْ أصبح إمبراطورة.’
كان داميان مِن النوع الذي سيوافق على ذَلك دوّن اعتراض.
وبالفعل، لَمْ تمضِ فترةٌ طويلة حتى عاد الخادم برسالةٍ شفويّة:
“قال صاحب السمو إنّه سيأتي بعد ثلاث ساعات.”
بمعنى أنَّ ولي العهد نفسه سيأتي لمرافقتي.
وما إنْ أنهى كلامه حتى اقتحمت خادماتي الغرفة استعدادًا لخروجي.
“ثلاث ساعات فقط! هَذا وقتٌ ضيّق!”
“سيّدتي، إلى الحمّام أولًا!”
أُجبر الخادم على مغادرة الغرفة، وتمّ دفع جسدي بسلاسة إلى الحمّام.
وبينما كُنّ يسرّحنَ شعري بعد الاستحمام، كنّ يثرثرنَ كالعصافير:
“ماذا سنفعل عندما يحين وقت توديع سيّدتنا؟ لا نريد أنْ نُفارقها!”
“حتى لو كان وليّ العهد، فلَن نسكت إنْ تصرّف بوقاحة!”
لم يكُن مٍن المحتمل حدوث ذلك، لذا اكتفيتُ بالابتسام دوّن رد.
وقد اختارت الخادمات لي فستانًا أرجوانيًا يشبه لون عيني وليّ العهد.
بينما كنتُ أرتدي الفستان وأصفف شعري، دخلت رئيسة الخدم وأبلغتني بوصول داميان.
“حان وقت خروجكِ، آنستي.”
خرجتُ خلفها مِن الغرفة.
كانت نوافذ الممرّات كلها مفتوحة، وبدأ نسيم أواخر الصيف الباردة يتسلّل إلى الداخل.
نزلتُ الدرج بحذر، وسرتُ برفقة الخدم نحو العربة.
كان الهواء يحمل رائحة الأعشاب الجافّة، والسماء أصفى مِن المعتاد.
وفي البعيد، وقف رجلٌ يشبه الظلال أمام العربة.
ابتسم بصمتٍ ومدّ يده.
فأجبتُه بابتسامةٍ خفيفة ومددتُ يدي له.
ركبتُ العربة برفق بمساعدته، ثم تبعني وجلس إلى جانبي، وسأل:
“روزالين، هل ترغبين بالذهاب إلى مكانٍ معيّن؟”
حدّق فيّ بعينيه الأرجوانيّتين بثبات.
لَمْ أُجب، بل بدأتُ أعبث بأطراف يدي.
لستُ متأكّدة…
أيُّ مكانٍ هادئ يُمكنني فيه التجوّل أو الجلوس والاسترخاء سيكون مُناسبًا.
هل يوجد مكانٌ كهَذا؟
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 12"