“……..”
“يمكنني أخذه الآن، أليس كذلك؟ سيدة هيلين، أرجو المعذرة.”
قبل أن أتمكن من قول أي شيء، انتزعت ليليث العقد من رقبتي فجأة.
“سأحتفظ به جيدًا. أجد أن الأشياء التي تمتلكها السيدة هيلين تبدو دائمًا أجمل من غيرها.”
حملت ليليث العقد و ابتسمت ، ثم صعدت الدرج بخطوات مبتهجة.
“انا متعب.”
إيلارد عاد إلى غرفته دون أن يمنع تصرف ليليث المتجاوز للحدود.
بقيّتُ أنا وحيدة في قاعة المدخل بالقصر، بينما الخدم الذين شاهدوا الأمر من حولنا بدأوا ينسحبون بهدوء خوفًا من التورط.
“….”
إلى أي مدى يرونني شخصًا ضعيفًا؟
امتلأت بالغضب بسبب تجاوز ليليث للحد. لقد حافظت بصعوبة على مظهري الراقي و أنا أعض شفتي السفلى، لكن لم يكن بالإمكان منع قبضة يدي المرتعشة من الاهتزاز.
لقد منحت ليليث كل ما أعلنت عن رغبتها في الحصول عليه حتى الآن.
الفساتين و المجوهرات التي مُنحت لي، و حتى الغرفة الواسعة في الجانب الآخر.
لو طلبت هذا أيضًا بكلمات لطيفة، لكنت أعطيتها إياه بالطبع. فلم أعتبره ملكي في المقام الأول.
لكن أن تمد يدها لتأخذه من جسدي بالقوة، فهذا أمر لا يمكن التسامح معه أبدًا.
‘في المرة القادمة، يجب أن أخبرها أن تطلبه بالكلام فقط.’
صعدت الدرج بسرعة و وصلت إلى باب غرفة ليليث، ثم فتحت الباب دون طرق.
في الداخل، كانت ليليث تجلس على الأريكة، ممسكة بالعقد في يدها و هي تنظر إليّ.
لم أتفوه بكلمة إلا بعد أن طلبتُ من جميع مَنٔ حولها الابتعاد.
“في المرة القادمة، إذا كنتِ تريدين شيئًا، اطلبيه بالكلام. سأعطيكِ إياه مهما كان.”
“و لمَاذا يجب أن أفعل ذلك؟ لقد أردتُ ما كنتِ ترتدينه في تلكَ اللحظة بالذات.”
اتسعت عينا ليليث ثم ضحكت بسخرية و أجابت.
“لا يمكنني أن أضمن أنني لن أفعل ذلك في المستقبل. إذا كنتِ لا تريدين أن يُؤخذ منكِ شيء، فعلى السيدة هيلين أن تتجنب الظهور أمامي.”
شعرت بأن دمي يغلي من وقاحة ليليث التي كانت هادئة للغاية لدرجة أنها تجاهلتني بوضوح.
لقد طلبت منها فقط الحفاظ على لياقة التعامل كشخصين، و لكنها ترفض حتى ذلك. يبدو أن حملها لطفل إيلارد جعلها تعتبر نفسها شخصية مهمة.
كنت أرغب في توجيه أفظع الشتائم إليها على الفور، لكن لم أستطع فعل ذلك لامرأة حامل، لذا حبست غضبي قدر الإمكان و أجبت بكلمات منتقاة.
بالرغم من أن صوتي كان يرتجف بالفعل لأنه لم يستطع مقاومة الغضب المتصاعد.
“إنه ليس بالأمر الصعب. أنا أقول إنني سأعطيه لكِ بمجرد أن تطلبيه بالكلمات، فهل هذا صعب عليكِ إلى هذا الحد؟”
“و لماذا يجب أن أطلبه بالكلام بالذات؟ أليس من الأسهل علينا كلانا أن آخذه مباشرة؟”
هل هذا هو الشعور الذي ينتاب المرء عند التحدث مع جدار؟ لم يكن هناك أي تفاهم على الإطلاق.
“هل كنتِ تعلمين أن ما فعلتِه الآن هو عمل غير لائق؟”
“الدوق لم يقل شيئًا، أليس كذلك؟”
“لم يكن تصرفًا موجهًا لإيلارد.”
“أنا لا أرى أنه خطأ.”
“…..”
صمتّ و لم أجد ما أقوله أمام وقاحة ليليث. لقد شعرت بالصدمة لدرجة أنني بدأت أتساءل ماذا أفعل الآن، و شعرت بأن دمي المتصاعد بدأ يبرد.
و بفضل ذلك، نطقت بشيء لم أكن أنوي قوله في الأصل، و لكنه كان شيئًا أردت أن أسأل عنه منذ لحظة شعوري بالخيانة.
“هل كنـتِ هكذا دائمًا؟”
“نعم. لكن من المؤسف أنكِ يا سيدة هيلين لم تكوني تعرفين ذلك.”
“آه……”
لقد خُدِعتُ.
أنا و هيلين الأصلية أيضًا.
في القصة الأصلية، وُصفت ليليث بأنها خادمة كتومة و موثوق بها. هل كان صمتها بسبب إخفاء شيء ما؟
كانت هيلين الأصلية ساذجة و تثق بالناس بسهولة، و لذلك خُدعت من قبل العديد من الأشخاص. و كان هذا أحد أسباب كون القصة الأصلية مأساوية.
فقد كانت في معظمها تدور حول معاناتها من مؤامرات النبيلات اللاتي حسدنها على حب إيلارد.
كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟
بما أنها قالت إنها كانت كذلك دائمًا، لم أستطع التفكير في رد مناسب. لكن لم يكن بإمكاني التراجع بسهولة. إذا تراجعت الآن، فإن ليليث ستتصرف بوقاحة أكبر في المرة القادمة، و لن تتراجع أبدا.
إذًا، ألن يكون أكثر فعالية أن أوضح لها مكانتها الحقيقية؟
اقتربت ببطء من ليليث الجالسة. و لحسن الحظ، كان تنفسي أكثر هدوءًا مما كان عليه قبل قليل.
وقفت أمام ليليث التي كانت تراقب تحركاتي وهي تُدير رأسها بنظرة مائلة، ثم انحنيت و همست قرب أذنها.
“هل تعلمين هذا؟ مهما حملتِ بطفل إيلارد، فلن تصبحي دوقة أبداً ما لم أتنـحَّ أنا.”
“نعم، أعلم ذلك.”
للأسف، لم تتأثر ليليث بكلماتي قيد أنملة. بل ابتسمت بسخرية و ردّت.
“لم أتوقع مثل هذا المنصب الرفيع في البداية. لكن الوضع مختلف قليلاً الآن.”
“ماذا تقصدين؟”
“مَنٔ يدري؟ ربّما يتغير رأي الدوق عندما يحتضن طفلي؟ لديّ طفل، لكن أنـتِ يا السيدة هيلين، مصيركِ ينتهي بمجرد أن يقرر الدوق ذلك. أليس كذلك؟”
“ها! إذًا لِـمَ لا تتصرفين بطريقة أكثر تهذيبًا؟ إذا كنتِ تطمحين لتكوني دوقة المستقبل. و هل تظنين أن الطلاق يمكن أن يحدث بهذه السهولة؟ هل تعرفين ما قاله لي إيلارد؟ طفلكِ -“
في تلكَ اللحظة. فتح إيلارد الباب و دخل الغرفة.
يبدو أن أحد الخدم الذين طُلب منهم الابتعاد عن غرفة ليليث قد أخبر إيلارد بالأمر.
“دوق! آآه آه هيك!”
بمجرد رؤية إيلارد يدخل الغرفة، سارعت ليليث بالبكاء و ركضت لتحتضنه.
“ما الأمر؟”
“السيدة هيلين! السيدة هيلين قد…… آه.”
“ماذا فعلتِ بهذه الطفلة؟ أخبريني.”
استدار إيلارد نحوِي و وجه لي اللوم بينما كان يحتضن ليليث التي استمرت في البكاء فقط.
هل ستبدأ في التمثيل و توجيه الاتهامات لي الآن؟
حدّقتُ في ليليث التي كانت تذرف الدموع بصمت، بينما نظر إليّ إيلارد ببرود و قال:
“هل تشعرين بالغيرة لأن هذه الطفلة حملت بطفل لم تستطيعي أنـتِ حمايته؟”
“الغيرة؟ ما الذي يجعلني أغار من ليليث؟”
“أنـتِ تعرفين السّبب أفضل مني.”
“لم يعـد هناك سبب للبقاء في هذه الغرفة. لقد قلت ما يجب أن أقوله، سأذهب الآن.”
كنت على وشكِ مغادرة الغرفة، إذ بدا أنه لا جدوى من التحدث مع هذين الشخصين اللذين تآمرا عليّ.
قبض إيلارد على كتفي بيده الواحدة و شدّ عليها بقوة كأنه يريد سحقها بينما كنت أحاول المرور بجانبه، و قال:
“من الأفضل ألا تفكري في إيذاء هذه الطفلة. مجرد أنني أفعل لكِ كل هذا هو معاملة خاصة لامرأة عاجزة لم تستطع حماية طفلها.”
“……”
على الرغم من الألم الذي كاد يخترق كتفي، إلا أن كلماته كانت كالخناجر التي اخترقتني.
تدافعت كل أنواع الكلمات في حلقي، لكنني لم أردّ.
دفعت يد إيلارد و خرجت من غرفة ليليث. لحسن الحظ، لم يمسك بي أكثر.
أن يُقال إن إجهاضي كان بسبب عجز مني.
بينما أنا لا أعرف حتى سبب الإجهاض بعد.
‘ليت جهاز التسجيل الصوتي كان معي في مثل هذا الوقت.’
شعرت بألم في عينيّ، لكنني حافظت على تعابير وجهي الهادئة و سرت في الرواق. عندما وصلت إلى غرفتي بعد اجتياز الرواق الطويل، وجدت بيكا و ميـا بالداخل.
كانت بيكا تتنفس بعصبية و شعرها لا يزال فوضويًا رغم محاولتها ترتيبه، بينما كانت ميا تربت عليها بقلق.
“سيدتي! ليليث تلكَ…!”
بمجرد أن رأتني، ركضت إليّ بيكا مسرعة. سألتها بقلق عما إذا كانت بخير.
“هل أنـتِ بخير؟ ما الذي حدث؟ هل صحيح أنكِ تشاجرتِ مع ليليث؟”
“تلك الفتاة حاولت دخول غرفة سيدتي دون إذن! و عندما منعتها، قامت بشد شعري!”
“و هل كنتِ تتقبلين الضرب فقط؟”
“ماذا لو ضربت ليليث و تسبب ذلك في مشكلة لكِ يا سيدتي؟ و حتى لو لم يحدث ذلك، فالدوق لن يترك الأمر يمر مرور الكرام…”
“لقد أحسنتِ التصرف. شكرًا لتحمّلكِ.”
ابتسمت بيكا بفخر بعد أن أثنيت عليها. شعرت بالاطمئنان لرؤية بيكا، و في نفس الوقت شعرت بالذنب.
في المقابل، عدتُ أنا دون أي نتيجة تذكر.
ميا التي كانت صامتة بجانب بيكا، سألت بحذر:
“و لكن هل أنتِ بخير يا سيدتي؟”
“حسنًا… هل تجلسان كلاكما؟”
عندما جلست أنا أولاً على الأريكة، جلستا الاثنتان في الجهة المقابلة بتعبير محتار.
يجب أن أكون صادقة معهما.
نظمت أفكاري قليلاً، ثم ترددت و بدأت أتحدث ببطء.
“….في الحقيقة، لم أحصل على رد مناسب أو اعتذار من ليليث.”
“لماذا لم تمسكي بشعرها على الأقل! آه! لو كنت أعلم، لكنتُ أمسكت بشعرها أنا أيضًا!”
بيكا التي كانت غاضبة، أخذت تشدّ شعرها.
“كيف أفعل ذلك مع امرأة حامل. بالإضافة إلى ذلك، كما قلتِ يا بيكا سابقًا، فإن إيلارد لن يسكت عن ذلك.”
“إذًا، ماذا ستفعلين الآن؟ الاستمرار في العيش على هذا النحو أمر صعب جدًا…”
“صعب جدًّا ، و مؤلم.”
أكملتُ جملة ميا نيابة عنها. أعلم ذلك أيضًا. في إمبراطورية يصعب فيها الطلاق، سيكون من الصعب الفوز في قضية طلاق ببضعة أدلة فقط.
علاوةً على ذلك، فخصمي هو الدوق إيلارد الذي يتباهى بأعلى سلطة في الإمبراطورية. و ربّما يمتلك سلطة أقوى من الإمبراطور نفسه…
قد يبدو الأمر كضرب صخرة ببيضة.
لكن يجب أن أحاول كل شيء.
تبادلت النظرات مع الاثنتين تباعًا و بدأت أتحدث.
“سأحاول قلب الموازين داخل قصر الدوقية.”
“هل هناك طريقة؟ الجميع مخلصون جدًا للدوق…”
خدشت بيكا ذقنها عند كلامي.
“صحيح، لكن ليس لليليث. ميا، يجب عليكِ أن تتدخلي هذه المرة.”
“أنا؟ و ماذا عليّ أن أفعل؟”
شرحت ما فكرت فيه لميا التي سألت و عيناها متسعتان. استمعت إليّ بتركيز، ثم غادرت الغرفة على الفور لتنفيذ أوامري.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 14"