“أريد أن نمشي يدًا بيد، ثم نستريح تحت ظل شجرة ونغفو قليلًا… بسلام.”
“وماذا بعد ذلك؟”
“بعد ذلك…….”
ماذا عليّ أن أفعل؟ ما الذي يمكنني فعله؟
انغمست بريسيبي في أفكارها بجدية، ثم أدركت فجأة حقيقة جديدة.
الآن، صار وجود كلمة “التالي” أمرًا بديهيًا. حتى بالنسبة إلينا.
ربما أراد أن يلفت نظرها إلى ذلك، فمدّ فينريك يده وربت برفق على رأسها.
قال بصوت هادئ:
“هناك الكثير مما يمكننا فعله… لكنني أريد أن أسمع قصتك.”
رفعت بريسيبي نظرها بدهشة طفيفة.
“قصتي؟”
“أريد أن أعرف… من كانت يون جو-يون حقًا.”
توقفت بريسيبي لحظة عند كلمات فينريك غير المتوقعة.
“إن كانت وحيدة، فكم كان شعورها بالوحدة؟ وإن كانت حزينة، فكم غمرها الحزن؟”
“ولماذا تريد أن تعرف هذا؟”
لقد كان أمرًا مضى وانتهى، واقعًا لا يمكن العودة إليه أبدًا.
فلماذا يصر على سماع تلك الحكايات؟
ابتسم فينريك وأجاب وكأن الأمر بديهي تمامًا:
“لأني بهذا أستطيع أن أفهمك أكثر.”
“…….”
“وإذا عرفتك على نحو أعمق، فسأكون قادرًا على منحك ما ترغبين به، وما تتمنينه حقًا.”
الكثير قد تغيّر، لكن قلب فينريك ظل كما هو.
لم يكن في نيته أن يقيد بريسيبي بجانبه قسرًا بدافع مشاعره وحدها.
كان يريد فقط أن يمنحها ما تشتهيه، ما تتمناه.
سواء كان ذلك حبًا، أو أمانًا، أو متعة بسيطة، أو راحة وسلامًا.
“…….”
أطبقت بريسيبي شفتيها في صمت عند كلماته.
تذكرت يون جو-يون في العالم الواقعي.
كانت دائمًا وحيدة، غارقة في عزلة قاتمة.
تلك الرغبة الحارقة بالعودة إلى واقعها صارت الآن تبدو وكأنها كانت محض كذبة.
لم يبقَ في قلبها أي تعلق.
ولا حتى ذرة صغيرة من حنين.
قالت بصوت خافت:
“لم يكن الأمر مختلفًا كثيرًا عما هو الآن.”
ومع ذلك، ربما سيظل فينريك يرغب في أن يسمع عنها.
لكن هل هناك ما يستحق أن ترويه له؟
ابتسمت ابتسامة محرجة قليلًا، ثم تمتمت:
“كنت كفتاة بريسيبي المحبوسة في البرج… وحيدة وحزينة. عشت دومًا بلا والدين، بلا عائلة، بلا أصدقاء.”
“…….”
“هكذا عشت حياتي كلها.”
ترى، ماذا سيقول الدوق؟
هل سيقول: “حقًا؟ لا بد أنه كان صعبًا عليك”، ويواسيها بكلمات عطف؟
هل سيحتضنها قائلًا: “الآن لم يعد الأمر كذلك، فلا تقلقي بعد الآن”؟
لكن إجابته جاءت مختلفة تمامًا:
“كنت أنا أيضًا كذلك.”
“حتى التقيتُ بفتاة صغيرة ما… كنت هكذا طَوال حياتي.”
لم تحتج بريسيبي أن تسأل من تكون تلك الفتاة الصغيرة.
بدلًا من ذلك، أراحت رأسها على صدر فينريك، وأصغت إلى دقات قلبه المتسارعة.
وفكرت:
الآن لن يكون هناك بعد اليوم، لا فتاة ترهقها الوحدة والألم، ولا فتى ينهكه العذاب…
“ومع ذلك، فأنا لا أرى الأمر سيئًا.”
همس صوته المنخفض في أذنها:
“لقد عاهدت نفسي أن أعتبر كل ذلك الزمن المؤلم مجرد طريق يقودني للقائك.”
إلى الأبد.
ابتسم فينريك.
“نعم… هكذا إذن.”
إذا كان الأمر كذلك، فهو ليس سيئًا على الإطلاق.
فلو أن حياة يون جو-يون الوحيدة والشاقة تحملت معناها في النهاية هكذا…
ولو كان ختام الواقع وهذا العالم ينتهي على هذا النحو…
فإن كل شيء حسن وجميل.
“أغمضي عينيك قليلًا، بريسيبي.”
شدّ فينريك ذراعيه حول جسدها وقال:
“رحلتنا طويلة جدًا، وكلما طالت ستزداد بهجة وسعادة. فلا يجوز أن تنهكي مبكرًا.”
ابتسمت بريسيبي بخجل، وأومأت برأسها إيماءة قصيرة بدل الرد.
ثم أغمضت عينيها ببطء بين ذراعيه.
✦✦✦
وما إن وصل خبر اختفاء بريسيبي إلى القصر الإمبراطوري، حتى انتشر عدد كبير من فرسان الكتيبة والجنود في كل مكان.
بدأوا بتمشيط السوق الذي قصدته آخر مرة، والأراضي الخالية في العاصمة، ثم اتسع بحثهم ليشمل كل زاوية ممكنة.
لكن أثر بريسيبي كان غامضًا تمامًا.
كأنها لم تترك خلفها أي بصمة، واختفت ببساطة من الوجود.
إلى أين ذهبت؟ ولماذا رحلت بلا كلمة؟
غارقًا في التساؤلات، قصد ديتريش البرج الغربي في ساعة متأخرة من الليل.
وكان من الطبيعي أن يكون البرج خاليًا من أي أحد.
[كرهتكم، وعاتبتكم مرارًا… لكن الآن لم يعد في قلبي أي شعور.]
……لم يجد سوى رسالة قصيرة تركتها وراءها.
[أتمنى أن تنعموا جميعًا بالسعادة والفرح. فحين نشأ هذا العالم، لعل أمنية أحدهم لم تكن سوى ذلك.]
لمن كانت هذه الرسالة؟
من هم أولئك “الجميع” الذين قصدتهم بريسيبي؟
وهل أنا واحد منهم؟
مهما فكّر، لم يستطع ديتريش أن يعرف.
لكنه شعر في أعماقه أنها النهاية… نهاية علاقته ببريسيبي.
أصدر أوامره إلى الفرسان والجنود بوقف البحث عنها.
ثم بقي في البرج طويلًا، قابضًا على الرسالة بصمت.
وكان ذلك آخر العهد.
فلا أتاري هانان الذي كان يتهيأ لحضور حفل التتويج، ولا نواه دفيرن الذي كان يرهق رأسه في التفكير بكيفية التخلص من المومياوات، ولا إيفان الذي كان منهمكًا في أبحاثه في برج السحر، ولا حتى زيغفريد الذي تلقى أمر الانسحاب المفاجئ وأبلغه للفرسان…
لم يستمر أحد منهم بالبحث عن بريسيبي بعد ذلك.
ومنذ ذلك اليوم، اختفت سيدة البرج التعيس من أتالويا.
تلك الأميرة المخلوعة، المطرودة من البلاط، التي لاحقتها الشائعات بأنها تحمل دماء الوحوش.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات