بريسيبي لم تُبدِ أي رد فعل، لكن عينيها البنفسجيتين كانتا تهتزان بلا استقرار من شدة الارتباك، ويداها المتراختتان بدأتا ترتجفان بخفة.
حدّق فيدار بذلك المشهد ملياً.
“كاذب.”
لكن بريسيبي فتحت فمها مجدداً بعد مرور وقت ليس بالقصير:
“وكيف تعرف أنتَ ذلك؟”
“…”
“من دون أي دليل… لماذا عليّ أن أصدقك؟”
منذ أن وجدت نفسها داخل اللعبة، كان فينريك الشخص الذي حماها بلا شروط.
لم يكن مثل باقي الشخصيات الذكورية التي كانت تخنقها، وتقيدها، وفي النهاية تقتلها.
على العكس… كان يأسف على موتها ويحاول إنقاذها.
لقد أحبّت فينريك.
وكانت تلك، بالنسبة لبريسيبي، الأسباب المباشرة التي جعلتها تضعه في قلبها.
لكن… أن يقال لها إن الأمر لم يكن كذلك؟
بأي حق يُطلَب منها أن تصدّق ذلك؟
ومع ذلك… شعرت بخوفٍ عميق من كلمات فيدار.
خوفٌ من أن يكون فينريك، في أعماقه، ينظر إليها بالعين نفسها التي نظر بها إليها الآخرون من قبل.
وخوفٌ من أن ينتهي طريقهما معاً بنفس النهاية التي رأتها مع الشخصيات الأخرى سابقاً.
هذا الخوف لم يكن مجرد مسألة ثقة في فينريك…
بل لأن بريسيبي، خلال مئات المرات السابقة، قاومت حتى آخر أنفاسها وهي تتألم داخل ذلك الجحيم.
حين خرجت من القصر وانتقلت إلى منزل فينريك، وجدت فيه عزاءً وراحةً، وهدأت نفسها كثيراً.
لكن هناك جروحاً… مثل الندوب الغائرة التي لا تُمحى مهما مر الوقت.
تماماً كما هو الحال الآن…
“هل تريدينها؟”
مدّ فيدار يده وأمسك بخدّ بريسيبي وهو يسألها:
“الدليل. هل تريدينه لهذه الدرجة؟”
ليس من المستحيل أن أريكِ.
مدّ فيدار يده الأخرى إلى الأمام.
سرعان ما بدأ ضباب أسود يتكاثف عند أطراف أصابعه الكبيرة الشاحبة، وفي قلب ذلك الضباب، ظهر مشهد أشبه بصورة حيّة.
“شاهدي.”
قالها وهو يحدّق في بريسيبي مباشرة:
“قلتِ أنكِ تريدين دليلاً، أليس كذلك؟”
ما انعكس فوق عيني بريسيبي كان مكاناً تعرفه جيداً…
حديقة بالقرب من قاعة الاحتفالات.
المكان الذي عُثر فيه على جثة أتاري هانان.
[ما الذي تفعله! توقف!]
في ذلك اليوم، كانت بريسيبي تحاول الإفلات من قبضته وهي تصفعه على خده.
ثم هربت على الفور، تاركةً أتاري هانان وحده وهو يتمتم بشتيمة تحت أنفاسه، والقيود لا تزال في يده.
[تبا…]
وفجأة، خيّم ظل أسود فوق رأس أتاري هانان المتذمّر.
كان ذلك فينريك.
[ما هذا… ابتعد…]
لكن كلمته الأخيرة “ابتعد” لم تكتمل، لأن فينريك مدّ يده بسرعة خاطفة، وأمسك بعنقه بلا رحمة.
حاول أتاري هانان المقاومة بشدة، لكن لم يمض وقت طويل حتى خمدت حركته تماماً.
وبهدوء، التقط فينريك القيود التي سقطت على الأرض، ثم نظر ببرود إلى جسد أتاري هانان الذي أخذ يتلوى على الأرض كالحشرة.
“…”
غمرت عيني بريسيبي الفوضى، لكن هذه المرة بدأت صورة أخرى بالظهور.
كان نواه دوفيرن.
[لا إخوة لي. والداي يعيشان دائمًا في إقطاعيتنا في الشمال. لا أعلم ما الذي يعجبهم في ذلك المكان الهادئ والقاسي فقط.]
[……يعني هذا أنه حتى لو حدث لك أمر طارئ يا سيدي، فلن يكون هناك أحد يكتشف الأمر فورًا.]
سأل فنريك بطريقة مستفزة، فأبدى نواه دوفيرن ملامح استغراب، لكن فنريك تابع حديثه بوجه عادي.
[لديك في منزل البلدة مجموعة كبيرة من المقتنيات النادرة، أليس من الممكن أن يتسلل لصّ ما…….]
واصل نواه دوفيرن بدوره الحديث.
[لكن في الآونة الأخيرة بدأت أجد اهتمامًا آخر… الوحوش السحرية. سمعت أنهم بدأوا يصنعون منها عينات محنطة، وما إن علمت بالأمر حتى خفق قلبي بشدة. لكن الحصول عليها شديد الصعوبة.]
اهتزّت الصورة وأظهرت المشهد التالي. كان نواه دوفيرن ينظر بسرور إلى شيء محمول على عربة مؤقتة كبيرة.
[إنها عينة محنطة لوحش سحري؟ الغريفون…….]
حمل نواه دوفيرن الشيء بصعوبة حتى أدخله إلى غرفة مليئة بالعينات المحنطة، تلك التي تعرفها بريسيبي جيدًا.
[اللعنة، لو كنت أعلم لما منحته إجازة…….]
أشعل شمعة عطرية وجلس على الأريكة، يحدق في عينة الغريفون المحنطة برضا، حتى غلبه النعاس. بدا وكأنه مخمور بمخدر.
لم تمضِ فترة طويلة على نومه حتى تلألأت عينا الغريفون بلون غريب.
فتح الغريفون فمه على اتساعه، ثم مباشرة على عنق نواه دوفيرن……
“…….”
أمام المشهد البشع، أغمضت بريسيبي عينيها بشدة لا إراديًا، ثم أمسكت صدرها الأيسر وهي تلهث قصيرًا.
ما الذي رأيته للتو؟
هذا غير ممكن.
“كيف هو الأمر الآن؟”
سألها فيدار وهو ينظر إليها من الأعلى.
“هل بدأتِ تصدقين كلامي ولو قليلًا الآن؟”
لكن بريسيبي لم تستطع أن تجيب، فسندت جسدها المرتخي على رف الكتب، ثم انهارت جالسة في مكانها.
“كيف… كيف لك أن…… ترى شيئًا كهذا…….”
كان عقلها في فوضى عارمة.
لم تعد تعرف من أين يبدأ الصدق وأين ينتهي الكذب، وحتى كل ما قاله لها فنريك من قبل……
وفجأة، سقط كتاب كان موضوعًا بشكل مائل على الرف عند قدميها، وكأنه تعمد السقوط أمامها.
انجذبت عينا بريسيبي تلقائيًا إلى الكتاب.
[كتاب الذكريات]
وفجأة، رأت ما لم يخطر لها ببال.
“لماذا هذا…… هنا الآن…….”
[إشعار: هل تريدين تصفح كتاب الذكريات؟]
بدا أن النافذة المضيئة أمام عينيها لا تكترث بارتباكها. لم تكن قد ظهرت من قبل ولو مرة واحدة.
“لم أرها من قبل أبدًا…….”
خاصة أن بقية الأنظمة مثل “سجل الأحداث” أو “الألبوم” قد تعطلت منذ زمن طويل، وكانت قد رأت بنفسها النوافذ المليئة بعلامات الاستفهام. وفي النهاية، لم تعد تعرض أي شيء.
[إشعار: كلمة المرور هي اسم بطل القصة الحقيقي.]
“أنا… أنا…….”
تمتمت بريسيبي شاردة وقد استبد بها الذعر.
“بريسيبي المسكينة.”
“…….”
“أنا وحدي من يستطيع إنقاذك.”
قال فيدار وهو ينظر إليها بعطف.
“لذا توقفي عن الانخداع الآن.”
لكن كلمات فيدار لم تدخل أذنها أبدًا.
كل ما كان يملأ بصرها هو نافذة الإشعار المضيئة.
“في……”
تمتمت وهي تفتح شفتيها الجافتين بصعوبة.
“فيدار…….”
[إشعار: جارٍ استدعاء كتاب الذكريات.]
“أجل.”
[إشعار: فيدار، ملك الشياطين الذي عاش آلاف السنين في الغابة المحرمة غرب أتلويـا.]
“الشخص الوحيد القادر على إنقاذك.”
[إشعار: ……في السنة 999 من التقويم الإمبراطوري، بعد أن طُردت بريسيبي من القصر الإمبراطوري، استذكرت وصية فانيسا وذهبت إلى الغابة المحرمة، حيث التقت به…….]
“كنت أنا، لا فينريك أو أي شخص آخر.”
عندها فقط، ظهرت أمامها نافذة “مستوى الود”.
[ملك الشياطين فيدار / الود: ???]
لمع الإطار فوق عيني بريسيبي الشاحبتين الفاقدتين للبريق.
وفجأة، جاء صوت من خلف الباب المغلق:
“تنحى جانبًا. لدي أمر مهم جئت من أجله.”
ثم تلاه:
“السيدة بريسيبي، أعتذر، لكن سأدخل الآن.”
كان ذلك صوت زيغفريد.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 120"