الفصل 3 : التدريب العَسكري الأساسي الذي لَمْ يشهدهُ حتى النخبة مِن قَبل ³
حين تفادى الرَّجلُ الخطّافَ الحديديَّ الذي طار ناحيته برفع قدمه قليلًا، نهضَ زعيمُ اللّصوص مترنّحًا.
“دينٌ؟ نحن لم نَمسَسْ حقيبتك على الإطلاق، فعمَّ تتحدّث؟”
توقّفت نظرةُ الزعيم عند حقيبةِ الإمدادات المتدلّية من ذراع الرَّجل دون خدش، فيما ثبتت نظراتُ كلوي على وجه الرَّجل.
‘بالفعل… ملامحُه لا تشبه مَن يمكنه الاستسلام بسهولة لسرقة الإمدادات.’
كان الرَّجلُ وسيمًا بملامحٍ متوحّشة، إلى درجةٍ تجعلُ من السَّهل تصديقه إن قيل إنّه مجرمٌ جوَّال.
شعرٌ فوضويٌّ بلون الفِضَّةِ الرَّماديَّة كفراءِ ذئبٍ قائد، وعينان ذهبيَّتان كعيونِ المفترسات، وملامحُ حادّة وجسدٌ متينٌ يشيان معًا بوحشيَّته.
حتّى أولئك الضخام المؤلَّفون أمامه لو أرادوا نزع حقيبة إمداداته، لكان عليهم تحمّلُ بعض الإصابات.
يبدو أنّهم رأوا أنّ سرقة عشرِ حقائب من ضعفاء آخرين أكثرُ ربحًا من محاولة انتزاع حقيبةٍ واحدة من هذا الرَّجل.
وبينما استغلَّت صاحبةُ القصّة ذاتُ الشَّعر القصير الفرصة لتضغط إصبعَ الرَّجلِ الأحمرَ المتوتّر نحو الأسفل بعنف، كشفَ الرَّجلُ عن أنيابه بابتسامةٍ متوحّشة.
“دين ماذا؟ بسببكم أنتم الذين سرقتم إمداداتِ أولئك هناك، اضطررتُ لإعارتهم قِرْبَتي ولحمَ المُجفف—وهو طعامي الثمين.”
هل عبرَ هذه الصَّحراء بلا ماءٍ ولا طعام؟ فقط ليلحق بهم؟ لا شكّ أنّه ليس عاديًّا.
“ولهذا يجب أن تدفعوا مع الفائدة يا أصلَ المصيبة.”
وافق الزعيمُ على ما يبدو بأنَّ تسليم الماء والطعام ثمّ التخلّص من هذا الرَّجل أفضل، فسأل باستسلام:
“حسنًا… كم تريد؟”
“أريد كلَّ تلك الحقائب.”
أشار الرَّجلُ بذقنه إلى الحقائب المعلّقة على أذرع وأكتاف اللّصوص كالغنائم. عضَّ زعيمُهم أسنانَه وهو يردّ بابتسامةٍ مصطنعة.
“للأسف… هذا غيرُ ممكن.”
“أنا الذي سيأخذها. فلماذا يهمّ رأيُّكم؟”
مال الرَّجلُ برأسه قليلًا، فصدر صوتُ طقطقةٍ واضحة.
انفجر التوتّر في الهواء، كأنّه قد ينقطع في أيِّ لحظة.
مع إضافة الرَّجل الذي يبغضُ اللّصوص إلى صفّ كلوي، أصبح العدد 6 مقابل 5. لكن ظاهريًا فقط، إذ لم يكن أضعفُ اثنين من فريقها—الممسكُ بالفأس والجاروف بيدٍ مرتجفة، والشَّابُ النَّحيل بلا سلاح—يشكّلان أيَّ قوّة.
وفوق ذلك، كان اللّصوص جميعهم رجالًا ضخامًا. ليس غريبًا أن بقيّة المتدرّبين سرقوا منهم بسهولة.
في الحقيقة… كان العدد 3 مقابل 5 فقط.
وفي غمضة عين، التوى جسدُ الرَّجل وسدّد قبضته الثقيلة إلى فكّ أضخمِهم.
ارتطم العظمُ ودار رأسُ اللّص بعنف، فتجمّد الهواء من حولهم.
بلحظةٍ واحدة قلبت الضربةُ ميزان القوة وبخَّرت ثقة اللّصوص.
“تبًّا… كان ينقصها شعرة.”
“…ابن الـ…!”
وكانت تلك الشرارة التي فجّرت العراك بين الفريقين.
توجّه زعيمُ اللّصوص مباشرةً نحو كلوي باعتبارها الأضعف، لكن الشَّابَ النَّحيل وقف أمامها بوجهٍ شجاع.
“حمايةُ سيّدةٍ هي واجبُ الرِّجال—”
“ابتعد. أنت تُعِقني.”
دفعت كلوي الشَّابَّ جانبًا، أمسكت ياقةَ اللّص بقسوة، ولفَّت جسدها لتقلبه فوق كتفها.
هوى الرَّجلُ الأكبرُ منها حجمًا كالصَّخرة واصطدم بالأرض بعنف.
دووم!
وبينما كان يترنّح وتبحث قبضته عن السّكين العسكري، ركلته كلوي بعيدًا.
لمعت عينا الرَّجل الذهبيَّتان بفضولٍ وهو يراها تطيحُ برجلٍ يفوقها حجمًا خلال لحظة. أمّا اللّص الثاني فقد كان يتلوّى بالفعل عند قدميه.
وفي ثوانٍ، التفت ليُسقط اللّص الثالث الذي حاول مهاجمته من الخلف. صرخ الأخير متألّمًا وسقط سكينُه العسكري من يده.
وفي الخلف، ارتدّ الشَّابُ النحيل كدميةٍ ورقيّة حتى اصطدم بصاحبة الشَّعر الأحمر.
“توقف عن إزعاجي وارجع للوراء يا تافه!”
زمجرت المرأةُ ذاتُ الشَّعر الأحمر وجنونٌ يلمع في عينيها الخضراوين، بينما كانت تسحق وجهَ اللّص الرابع بقبضتها.
تجمّد الشَّابُ من شدّة الرعب، ووقف كحارسِ ميركات يرتجف أمام السيّدتين بلا أن يجرؤ على التدخّل.
“تبًا! الحرّ يشوينا، وأنتم تزيدون العراك بهَذهِ السخونة!”
ولم تنتبه الشَّعر الأحمر إلى اللّص الخامس وهو يقتربُ من خلفها حاملًا صخرةً.
“خلفكِ!”
طاااخ!
تعالى صوتُ الرصاصة مع صرخةِ أضعفِ الفريق.
انهار اللّص الخامس أرضًا.
“آآآااه!”
صرخ الجميعُ—اللّصوص وفريق كلوي—منشدّهين بالرعب. رصاصةٌ مجهولة، سقوطُ متدرّب… كافٍ لنشر الذعر.
وفوق ذلك، المكانُ صحراء مكشوفة بلا ساتر. أسوأ أرضٍ لتجنّب القنص.
دوّى إطلاقٌ آخر.
“اِن…بطحـ— أَخخ!!”
نثر زعيمُ اللّصوص حفنةَ رملٍ على وجه كلوي مصيحًا قبل أن ينهض ويُطلق ساقيه للريح.
أما ذات الشَّعر الأحمر فجعلت اللّص الرابع درعًا لها، وصرخت حين تدلّى جسده مغمًى عليه من يدها.
“انبطحوا! خذوا وضع الزحف!”
دفعت كلوي رأس ذات الشَّعر الأحمر للأسفل عنوة، ثمّ سارعت إلى اللّص الرابع تتحقّق منه.
نزعت من ظهره السهمَ المخدّر، وضعت أصابعها تحت أنفه.
“إنّه مخدِّر. لن يموت. قد ينام بضع ساعات أو يوم.”
وهذا يعني أنَّ الإصابة به قد تُقصيهم من التمرين.
“يا سلام… كلامٌ مطمئنٌ فعلًا!”
زمجرت ذات الشَّعر الأحمر وهي تحاول السيطرة على خفقان قلبها.
كان النقشُ على السهم يعود لـ نورثفورت. تدريبٌ عسكريٌّ تمهيدي، إذًا. والمخدّر كان يتساقط من اتجاهاتٍ مختلفة بلا نمط.
امتزجت صفوفُ اللّصوص بفريق كلوي وهم يتخبّطون هربًا من السهام حين—
“توقفوا! توقفووووا!”
صرخةُ الشَّاب النحيل جعلت الجميع ينظر باتجاه إصبعه.
[⚠ منطقةُ ألغام ⚠]
خلفَ اللوحة الحمراء المثلّثة امتدّ حقلُ ألغامٍ حقيقيّ، وظهرت بعض الألغام بارزةً من الأرض نصفها.
لم يكن هناك أسلاكُ شائكة… لكن عبورَه سيرًا على الأقدام جنون.
أمامهم سهامُ المخدّر، وخلفهم الألغام. طريقٌ مسدود.
أدركت كلوي أنَّ المدرّبين دفعوهم عمدًا إلى هذا المكان.
‘هذه ألغامٌ تدريبية.’
وبما أنّها خدمت في الجيش، فقد عرفت فورًا أنها غير قاتلة.
قد يقذفك اللغم في الهواء ويغمى عليك أو تُصاب، لكن لن يُقطّع أطرافك.
“جيّد! يمكننا استخدامها ساترًا!”
وبينما تسمع ذلك، التفت ذراعُ زعيم اللّصوص ليخنق رقبة كلوي من الخلف.
لم يفهم أنّها تعمّدت عدم التملّص.
“لستَ الوحيد الذي يفكّر في استخدام الآخرين، يا غبي.”
زمجرت وهي تخفض ذراعه بعنف، ثم أعادت إليه نفس حركة الرمي التي نفّذتها عليه قبل قليل.
ارتفع جسده في الهواء، ثمّ رمتْه مباشرة نحو حقل الألغام، فوق لغمٍ بارز تمامًا.
دووووم!
انفجرت الأرض حين ارتطم جسده.
ارتفع غبارٌ كثيف، وأوقف السهامَ القادمة من تلك الجهة.
‘ممتاز… شتّتُّ رؤيتهم أولًا.’
وبينما استغلّت الفرصة، رمت كلوي اثنين من اللّصوص المزعجين إلى داخل الحقل.
دووم! دووم!
تتابعت الانفجارات، فاشتد الغبار وتكدّس كـ ستارٍ كثيف.
لكن يبدو أن الرماة بدّلوا موقعهم، فالغبار لم يعد ساترًا كافيًا.
وبدأ ينقشع تدريجيًا.
كان الجميعُ يبحث بقلقٍ داخل حقائب الإمدادات:
“اللعنة! ليس معنا سوى ضمادات ومعقّم! أهذا ما سنوقف به نزيف رصاصة؟!”
“أمم… ألم يقولوا إنّ الجاروف والغطاء المقاوم للماء مفيدان؟ لكن… كيف؟”
“سيّدتي، ما رأيك بالولاعة؟ ربما نُشعِل حقل الألغام ونفجّرها مرّةً واحدة؟”
في تلك اللحظة، أخرجت ذاتُ الشَّعر القصير شيئًا من حقيبتها.
“ما هذا؟”
كان في يدها شيءٌ قد يكون الحلَّ المثاليَّ للخروج من هذا المأزق.
— الوقت المتبقّي حتى انتهاء المهلة :
42:28:11
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 3"