الفصل 27 : أكاديميّة الضُباط الكارثيّة التي حتى النُّخبة تراها لأول مرّة ²¹

“لا، أنا لم أطلب خدمةً بهذا المستوى! إذا أخذتِ نقطةً واحدة، فيجب أن تقدّمي خدمةً تليق بها! هل يعقل أن أستيقظ في هذا الفجر الملعون وأنا أشمّ رائحة كحولٍ مقزّزة؟”

“ألا يجب أن تكون خدمةً دقيقةً بإيقاظ كلّ واحدٍ على حدة؟ أن يستفيد حتّى من لم يشتركوا في الخدمة من خدمتنا أمرٌ مزعجٌ جدًّا.”

“هل يمكن استرداد النقاط؟”

منذ الصّباح، كان على كلوي أن تتلقّى شكاوى العملاء السّاخطين واحدًا تلو الآخر، فكان صباحها مرهقًا جدًّا.

يا للصّغار الّذين تعلّموا فقط كيف يتجبّرون!

بالطّبع، إيقاظ اليوم كان خطأ كلوي بالكامل، لكن صبرها بدأ ينفد أمام العملاء الّذين يحاولون التّجبّر بنقطةٍ واحدة.

“أوووه، كم مرّةٍ مرّت منذ آخر مرّةٍ شممتُ فيها رائحة خمر!”

والمسبّب الرّئيسيّ يلصق أنفه بالأرض الّتي انكسرت فيها الزّجاجة ويشمّ بشهيّة، فكيف لا تغضب أكثر؟

“يا رفاق، هل تريدون أن تستيقظوا غدًا معلّقين على الصّليب؟”

عند سؤال كلوي اللّطيف، تذكّر الجميع كابوس الصّليب، فتوقّفوا عن الكلام وتفرّقوا بسرعة.

‘هل هؤلاء جميعًا مسكونون بالشّيطان؟ لماذا يخافون الصّليب إلى هذا الحدّ؟’

لم يكن من حقّ من زرع فيهم رهاب الصّليب أن يفكّر هكذا.

“لكن لوسيان، لماذا لا تستيقظ؟”

“أريد الاستيقاظ بشدّة، لكن بسبب التّجهيز الكامل لا أستطيع رفع جسدي…”

بقي للوسيان خمس ساعاتٍ حتّى يخلع التّجهيز الكامل، فتخبّط طويلًا حتّى استطاع الوقوف بمساعدة كلوي.

فرزت البطاطس الفاسدة، غطّت الكيس ببطانيّة، وضعت فوقه ألواحًا خشبيّةً لإخفائه تمامًا، ثمّ ذهبت كلوي إلى الطابور الصّباحيّ في السّاحة بارتياح.

اليوم كان يومًا تاريخيًّا: دفعة 87 بأكملها حضرت الطابور في الوقت، بزيٍّ كاملٍ ومرتّب.

حتّى أثناء الرّكض الصّباحيّ، ومع صراخ الكبار من كلّ جانب “لماذا أنتم بطيئون جدًّا رغم أنّكم لم تُعاقبوا اليوم؟ اركضوا أسرع!”، لم تختفِ الابتسامة من وجوه دفعة 87.

حتّى الكبار توقّفوا عن التّوبيخ وتبادلوا النّظرات: “هل جنّ هؤلاء أخيرًا؟”

حتّى من يركضون بتجهيزٍ كامل كانوا يبتسمون. تجنّب العقوبة بالتّجهيز الكامل كان كافيًا لسعادتهم.

استمرّت الابتسامة حتّى وقت الفطور.

اختفت الابتسامة فقط عند من ذاقوا حساء الكلاب لقمةً واحدة. من جمعوا النقاط بعرق جبينهم استطاعوا أخيرًا أكل الخبز والحساء بدل حساء الكلاب.

كان هناك زميلٌ بكى مدرارًا وهو يأكل خبزًا وحساءً بـ1 نقطة لأوّل مرّة بعد حساء الكلاب بـ0 نقاط.

لو قُدّم هذا الطّعام في قصر عائلته لكان الطّباخ مطرودًا فورًا.

لكن الآن، هذا الخبز والحساء المبلّل بالدّموع كان ألذّ من أيّ وليمةٍ في قصره.

من جهةٍ أخرى، بفضل مشروع الإيقاظ الجديد والعمل الشّاقّ، جمعت كلوي نقاطًا كثيرةً وصار لديها رفاهيّة.

فاختارت لأوّل مرّةٍ منذ دخول نورثفورت وجبةً بـ2 نقاط: لحمٌ وخضار.

الخضار كانت جذورًا بالكامل تقريبًا، لا أوراق خضراء تقريبًا. المتوفر فقط ملفوفٌ مخلّل؟

ضيّقت كلوي عينيها وهي تقلب قطع الجذور والملفوف المقطّعة، كأنّها تقيس شيئًا.

“يا كلوي، هل أنتِ من يترك الخضار؟ إن كان كذلك أعطني بعضًا.”

“أنا لا أترك شيئًا.”

روزيلين التي فشلت في الحصول على نقاط سلبيّة لأنّها استعدّت مع الجميع، كانت تطمع في وجبة كلوي.

أنهت كلوي وجبتها بسرعة، وتفحّصت الوجبة الخاصّة اليوم بعناية. عندما تحول التّوقّع إلى يقين، انتشرت ابتسامة النّصر على شفتيها.

بعد الفطور، جاءت المحاضرات كعجلةٍ تدور.

بعد أن أعفى أربعةً في اليوم الأوّل، لم يعد أستاذ الأخلاقيّات العسكريّة يشير إلى الطّلاب للإعفاء، بل اكتفى بالمحاضرة النظريّة بهدوء.

“لماذا الطّاعة للرّؤساء مهمّةٌ خاصّةً في الحرب؟ انظروا إلى حرب ليبورغ بين مملكة ليرمين واتّحاد مارشيل عام 1732…”

لكن لا أحد يعلم متى سيعود لتوزيع الإعفاءات كاليوم الأوّل، فبقيت دفعة 87 متوتّرة.

لكن الأكثر رعبًا من الأخلاقيّات كان أستاذ التّكتيك.

كان يُرعب الطّلاب كلّ درسٍ بـ”تطبيق” لا يُعرف ما سيأمر به.

أستاذة الدّيناميكيّات الجماعيّة تعطي نقاطًا على الأقلّ، أمّا أستاذ التّكتيك فيمنح الإعفاء فقط.

“حسنًا، اليوم سنلعب لعبة البحث عن الجاسوس.”

تطبيقٌ آخر اليوم. شحبت وجوه دفعة 87. لكن الأستاذ ابتسم بودٍّ وتابع:

“تتساءلون ما علاقة هذا بالتّكتيك؟ سأشرح قبل البدء.”

كتب الأستاذ ثلاثة أسطر على السّبورة.

“الأوّل: حرب المعلومات. ليس من يملك معلوماتٍ أكثر يتفوّق، بل من يسيطر على تدفّق المعلومات. احفظوا هذا.”

ضرب السّطر الأوّل بالعصا التي بيديه مع التّشديد على كلمة “السّيطرة”.

هذا ما نفعله في قسم عمليّات المعلومات كلّ يوم. أومأت كلوي، الضّابطة في قسم المعلومات، داخليًّا.

“الثّاني: التّكتيك ليس فقط توزيع القوّات وحركتها. إظهار شيءٍ للعدوّ وإخفاء شيءٍ آخر جزءٌ مهمّ جدًّا من التّكتيك.”

رسم خطًّا في الهواء بالعصا ليفصل بين “المرئي” و”الخفيّ”.

“الثّالث: هذا التّطبيق نسخةٌ مبسّطةٌ من معضلةٍ تكتيكيّةٍ تتمثّل في كشف جاسوسٍ وسط معلوماتٍ غير مؤكّدة. في الميدان، أخطر عدوّ ليس البعيد، بل الجاسوس القريب الّذي يُفسد كلّ تكتيكٍ بتسريب المعلومات.”

لمعَت عينا الأستاذ عند نطقه “جاسوس”.

“احفظوا هذا وابدؤوا التّطبيق.”

رفع الأستاذ عشرين ورقةً صغيرة.

“تسع عشرة ورقة تحتوي على نفس المعلومة، وورقةٌ واحدة فقط تخبر صاحبها أنّه الجاسوس. مهمتكم كشف الجاسوس، ومهمّة الجاسوس البقاء مخفيًّا حتّى النّهاية. مفهوم؟”

ما العقوبة هذه المرّة؟ ابتلعت دفعة 87 ريقها وحدّقت في فم الأستاذ.

بعد أن خلط الأوراق خلطًا شكليًّا، فتح فمه أخيرًا:

“إن فشلتم في كشف الجاسوس، يُعفى الجميع ما عدا الجاسوس.”

المقياس أكبر من اليوم الأوّل. وقتها كان عشرة، الآن تسعة عشر. تقريبًا كلّ دفعة 87 الحاليّة.

حتّى يعود المعفيّون من التّدريب الأساسيّ، سيبقى شخصٌ واحد فقط يعيش حياةً مدرسيّة.

عند هذه العقوبة المجنونة، تجمّدت دفعة 87، فابتسم الأستاذ بودٍّ ورفع إصبعه المنتفخ:

“لكن إن كشفتم الجاسوس، يُعفى الجاسوس فقط.”

مع عشرين شخصًا، من الصّعب على الجاسوس الفوز إلّا إذا كان عبقريًّا.

صلّت كلوي داخليًّا لزميلها الّذي سيكون الجاسوس: ارقد في سلام. على الأقلّ ستنام في غرفة.

تلقّت كلوي الورقة بأدب، وفتحتها مخفيةً عن الآخرين.

ما إن فتحت الورقة حتّى ضيّقت عينيها.

[أنتَ الجاسوس.]

الإعفاء اقترب فجأة.

═════• •✠•❀•✠ •═════

الترجمة: فاطمة 

《 قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》

حسابي ✿ 《انستا: fofolata1 》