“الذي حدث للتو مع ولي العهد لا يبدو أنّه ترك أثرًا كبيرًا عليه”

“ليس هذا هو الأمر ، بل إنّني حلمتُ بكابوس غريب! يا له من حلم مشؤوم. في ذلك الحلم ، تحوّلتُ إلى طاهٍ! كنتُ أُعدّ الطعام لسيّدي بكلّ جدٍّ واجتهاد، ثمّ فجأة اقتحم أحدهم قصر السيّد، وقتل كلّ الموجودين”

ماكس لا يُجيد البقاء على قيد الحياة، وخصائصه المكتسبة لم تُفِده في شيء سوى الهرب. بسبب مشاعري السلبيّة تجاهه، كانت هناك دائمًا فرصة سانحة للسخرية منه.

لكن، إن كان له ميزة واحدة، فهي أنّه يتحدّث دون تفكير، ولذلك لا يكذب.

حين ذكر الطبخ، بدا أنّ الجميع تذكّر الوحش الذي ظهر في قاعة الوليمة.

“هل يوجد جزء آخر للحلم ، يا سير ماكس؟”

سألت إينيل كأنّها تتحقّق من أمرٍ ما، فأجاب ماكس ببساطة: “يوجد، ولكنّه مزعج! لماذا تستمعون لكوابيس مشؤومة؟”

“ماكس. تتذكّر الوحش الذي واجهناه في قاعة الوليمة، أليس كذلك؟ كان يرتدي زيّ طاهٍ. ألا تتذكّر؟”

اتّسعت عينا ماكس دهشةً.

“آه! صدقًا، نعم! نسيت أن أقول: ذلك اليوم كان عيد ميلاد السيّد، وأعددتُ له كعكة. كنت أنوي تقطيعها في الوليمة. أردتُ حقًا أن أبارك له لأنّه شخص طيّب. لكنّ الجميع قُتل فجأة، واختفت الكعكة. كنتُ حزينًا بشدّة، وشعرتُ أنّ سيفًا غُرز في صدري، حتى تمنّيت أن أنتزع قلب من فعلها و ألتهمه!”

ارتجف ماكس وهو يمسك بصدره.

كانت الوليمة التي توضع على طبق الوحش في الطابق الثالث تتغيّر في كلّ مرّة.

تذكّرتُ حديثه عن الكعكة و احتفظتُ به في ذهني.

“لكن ما علاقة هذا الآن؟”

“له علاقة.”

أجابه زيان: “كان أمام الوحش طبقان: واحد عادي، وآخر مغطّى بغطاء فضّي. لا بدّ أنّ الكعكة كانت في أحدهما.”

“وما الذي يجعلك متأكّدًا؟ لعلّك تخمّن فقط، دون دليل”

تنهد زيّان ونظر إلى ماكس ببرود.

“ألا تتذكّر ما حدث منذ قليل؟ ذلك الوحش بكى دمًا وهو ينطق اسم ‘أكيليوم’. إذا ربطنا الأحداث، فهذه ذكرياته هو”

“تشش!”

انزعج ماكس، لكن من الواضح أنّه لم يجد ما يُفنّد به كلام زيان.

“كفى! كلاكما.”

قاطعتهم إينيل وهي تشير إلى إحدى الغرف في الطابق الثاني من المطبخ.

“علينا أن نجد سائل التنظيف و نغسل الأطباق أولًا. أغلب الطابق الثاني فارغ، لكنّ هذه الغرفة تبدو كمخزن. لنجرّب الدخول.”

تمامًا كما قالت، كان الطابق الثاني شبه فارغ، باستثناء بعض الصناديق التي تحتوي على أواني احتياطيّة.

دخلنا الغرفة الوحيدة التي كانت بشكل مخزن. 

ظهرت رفوف كثيرة.

‘آه، أليس هنا حيث يظهر الوحش الذي خيطوا له عينيه؟’

أعددتُ رمحي الفأس للهجوم في أيّ لحظة.

كان المكان كئيبًا و هادئًا. بدا ماكس كمن يريد الهرب بسرعة ، فبدأ يُفتّش الرفوف بحماسٍ غير معتاد.

“ها هو سائل التنظيف! أين هو؟ هذا؟ لا، ربّما ذاك!”

لم يستطع تحديده بسهولة، وبدأ يلتقط أيّ زجاجة دون تمييز.

قال ولي العهد وهو يُحدّق في ماكس بدهشة:

“ماكس … الزجاجة التي بيدك …”

كانت مكتوبًا عليها: ‹سائل التنظيف›.

“احذر! سيد ماكس!”

صرخت إينيل فجأة.

فوق رأسه، ظهر خادمٌ وحشيّ، معلّقٌ من السقف رأسًا على عقب.

بدا أسوأ حالًا من الخادمة التي واجهناها عند المدخل. 

جلده كان أزرقَ بنفسجيًّا، وعيناه مخيطتان بخيط أسود غليظ. مظهره مُروّع.

[تلك العين … أريد عين أكيليوم.]

[لنُبدّل … العين.]

[أعطني العين. أعطني العين.]

ركّز الوحش على ولي العهد مجددًا. مدّ يده الهزيلة، التي بدت كغصنٍ يابس، نحو عينيه.

مخالبه الطويلة اقتربت من وجهه.

لكنّي لوّحتُ برمحي الفأس.

جرفتُ بعض الصناديق عن الرفوف أثناء الضربة، ومعها الوحش.

كووواااانغ! كااااااك!

ضربتي الثانية مزّقت جسده تمامًا.

لكنّي لم أُهمل حذري. أتذكّر تمامًا كيف انفجرت الخادمة في آخر لحظة. هذا الوحش سيفعل الشيء نفسه.

[العين!!]

لن أُخدع مرّتين … بل حتّى أوّل مرّة لم أُخدع.

تناثر الدم و سقط جسد الوحش. 

حتّى وجهي الأبيض نال حصّته من الدماء.

مررتُ بجانب الجثّة دون أن ألتفت، وتقدّمت نحو ولي العهد الذي اختلّ توازنه.

“هل أنت بخير، يا سموّ الأمير؟”

سألتُه بصوتٍ هادئ وأنا أمسح الدماء على ملابسي كأنّ لا شيء حدث.

إنّه تلميح مني.

إشارةٌ تقول: ‘أنا وحش يمكنه قتل الوحوش بسهولة’.

تحذيرٌ مبطّن: إذا كُشفت حقيقتكم بأنّكم تخلّيتم عنّي ، فستلقون هذا المصير.

بلع ولي العهد ريقه.

تذكّروا ذلك المشهد ، حين ظهرتُ أمامهم و أنا أحمل رأس الشيطان في الطابق الرابع.

الجوّ الذي كان دافئًا نسبيًّا تحطّم.

“…أنا بخير. بفضل الليدي إبريل”

“جيد!”

بدأتُ أُعدّ لحظة الانتقال إلى الخريطة السريّة.

الآن وقد وجدنا سائل التنظيف، سيعود الجميع لغسل الصحون.

وحين تبدأ الوليمة، ستنتهي فعاليّتها.

وقبل أن تبدأ لعبة الدفاع، يجب أن أُلقي لعنة على قدرة زيان.

الآن هو الوقت المناسب. إن تأخّرت ، قد لا أجد فرصة.

أخرجتُ “المفتاح الغامض” من الجرد.

بيدي المخفيّة تحت الكمّ ، قبضت عليه بإحكام.

إذا ضغطتُ على الجوهرة، سينتقل اللاعب وأقرب هدف إلى غرفة الخادم.

‘الآن …’

حين كان زيان و إينيل مبتعدَين قليلًا بسبب الدماء.

“إبريل تسعدُ حين تحمي أصدقاءها! أنا سعيدة لأنّكم بخير!”

ابتسمتُ كأنّي مخلوقة للنقاء، بينما لمستُ الجوهرة.

حينها-

“زيان! لا أستطيع الابتعاد عنك!”

صرخ ولي العهد.

“هممم؟”

أظهرتُ وجهًا بريئًا، كما لو أنّي لا أفهم ما يحدث.

الزنزانة السريّة تسحب من يُفعّلها و من كان قريبًا منه.

لكنّني كنتُ ملتصقة بولي العهد.

سيظنّ الجميع أنّ التعويذة استهدفته.